رئيس بعثة الاتحاد الأوربي بالمغرب ببلادنا منزعج من تأخر وثيرة إصلاح القضاء بالمغرب بالرغم من رصد الاتحاد الأوربي 100 مليون أورو لتمويل ومواكبة هذا الإصلاح، إلا أن لا شيء تحقق. جاء التصريح خلال مؤتمر صحفي عقد بداية الأسبوع بمدينة الدارالبيضاء لتقديم حصيلة الشراكة بين الاتحاد والمغرب خلال 2012 وآفاق برنامج 2013، أن مجيئه إلى المغرب على رأس بعثة الاتحاد سنة 2009 تزامن مع الخطاب الملكي الذي كان واضحا جدا في مسألة إصلاح القضاء. هكذا يعبر السيد السفير عن امتعاضه من تأخر إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، معتبرا أن هذا الملف تأخر كثيرا على الرغم من أن الاتحاد الاوربي ألح مرارا على ضرورة إيلائه عناية خاصة لما له من انعكاس على توطيد الديمقراطية بالبلد. شركاؤنا الأوربيين وضعوا على رأس الموضوعات في العلاقات الأوروبية المغربية على إثر نيل المغرب صفة الشريك المتقدم موضوع إصلاح القضاء ومكافحة انتشار الفساد في المجتمع المغربي، مما يعني أن ملفّ الفساد بات يوجد اليوم في قلْب العلاقات بين المغرب وشريكه الرئيسي الإتحاد الأوروبي حيث يرى المراقبون المتتبعون لتطور علاقات المغرب مع أوروبا أن إصلاح القضاء المغربي ومنحه ضمانات الاستقلال والنزاهة، يشكلان المدخَل الأفضل لمكافحة الفساد. ولأن البعض أدرك بأن القضاء في بلادنا تشوبه الشوائب ولأن التقارير الدولية تعتبر بعض المحاكم في المغرب بعيدة كل البعد عن النزاهة وعن العدالة فإنه تقرر إطلاق برنامج إصلاح القضاء والذي كان قاب قوسين أو أدنى من دخوله حيز التنفيذ لولا تحرك لوبيات مناهضة التغيير وسارت في اتجاه عرقلته أو على الأقل في اتجاه تأخيره في انتظار إفراغه من محتواه الحقيقي وبالتالي إخراجه مشوها ناقصا ضامنا لمصالح من استرزقوا بالملفات وتلاعبوا بالحقوق وأعدموا العدالة ببلادنا. بالأمس كانوا يشهرون سيف المتابعة بتحقير الأحكام القضائية والمس بهيبة القضاء في وجه كل من تعرض للقضاء ولبعض الأحكام القضائية بالتحليل والتعليق والنقذ مختبئين وراء هيبة القضاء؛ متناسين أن من يتلاعب بالأحكام ويبحث عن تخريجات عجيبة لتبرير حكم قضائي جانب الصواب لسبب أو لآخر لا هيبة له. واليوم، أيقنوا أن العدالة عليلة عندنا وأن المغرب ليس بخير بسبب ممارسات البعض على جميع مستويات التقاضي؛ أدركوا أن التقارير التي كانوا يطعنون فيها بالأمس القريب صحيحة وأن الكتابات الصحفية التي تناولت الموضوع غير مامرة لم تكن مجانبة للصواب وأن الوقت قد حان لإصلاح القضاء وهل يصلح إلا المعوج والفاسد؟ أتساءل -والسؤال حق مشروع- لو أن وزارة العدل استعانت بمجموعة من القضاة النزهاء للبحث في الملفات القضائية التي تتناولها الصحافة والتي تشتم من ورائها روائح الفساد؛ لو أن المفتشية العامة بوزارة العدل استمعت للمتقاضين المغلوبين على أمرهم عوض الاستماع لمن تثار حوله الشكوك؛ لو أن لجن بحث وترصد تعقبت أولئك السماسرة المنتشرين في مجموعة من المحاكم واقتفت أثرهم؛ لو أن الأمر أعطي للتنصت على المكالمات الهاتفية لمجموعة من الذين غلف السواد قلوبَهم؛ الأكيد أن المفاجأة ستكون كبيرة وسيتبين للجميع بأنه المغرب -بالفعل- ليس بخير، مادام القضاء عندنا ليس بخير. ماذا لو تم تدوين معاناة آلاف المتقاضين وحكاياتهم مع مجموعة من السماسرة أكيد أنه سيتم انجاز مسلسل ميكسيكي لانهاية لحلقاته. أتساءل لو أن العزل طال كل قاض ثبت تورطه في ملف ما لو أن التوقيف مدى الحياة طال من تلاعب بالحقوق واغتال العدالة ومنع من الالتجاء الى مهنة المحاماة بعد فصله من سلك القضاء، فالفاسد فاسد أكان قاضيا أو محاميا. لو أن التأديب طال المتلاعبين بالأحكام ولم يقتصر على التنقيل أو خفض الدرجة بل العزل وربما المتابعة الجنائية بالارتشاء ان توفرت الأدلة الدامغة ؛ وقتها ستجد وزارة العدل نفسها أمام خصاص كبير على مستوى القضاة بالنظر لكثرة من غاب ضميرهم واستتر... ذلك مالمح إليه سفير الاتحاد الأوربي والذي لم ينطق عن الهوى إن هو إلا حديث مدعوم بمعطيات وتقارير لابد أن السيد السفير اطلع عليها...