تقام في الفترة الممتدة من 12 إلى 19 أبريل القادم فعاليات مهرجان الثقافة الصوفية بفاس التي اختارت لشخصية الصوفية العربية الكبيرة ابن عربي كتيمة للنقاش و التحليل، بالنظر للغني المعرفي و الفكري الذي تركه هذا الهرم العربي من خلال أزيد من 800 مخطوطة وكتاب، ألفها في مختلف المجالات الفلسفية الدينية - الصوفية والفكرية.. كما تقام بالتوازي مع ذلك أمسيات فنية في فني الإنشاد والطرب الصوفي.. وبالمناسبة كان ل «الاتحاد الاشتراكي» حوار قصير مع الدكتور فوزي الصقلي رئيس مهرجان الثقافة الصوفية ومدير مهرجان الموسيقى الروحية بفاس على هامش تنظيم الندوة الإعلانية عن المهرجان، تناول تشابة مكونات المهرجانين وقضايا أخى ندرجها كالتالي: } أنتم مدير مهرجان الموسيقي الروحية بفاس، وفي الوقت نفسه رئيس مهرجان الثقافة الصوفية بفاس أيضا. وكلا المهرجانين يقدمان تقريبا نفس الطبق، ندوات فكرية وبرامج موسيقية روحية وطنية ودولية . لماذا الازدواجية؟ نعم، هو نفس الطابق لكن بمواصفات مختلفة. فإذا كان الطابع المشترك بينهما هو الاهتمام بالجانب الروحي وربما بالثراث الثقافي فإن هناك أشياء مختلفة، مثل قبيل الموسيقى العريقة وندوات وحوارات ما بين الأديان و بين حضارات مختلفة. } ماذا يميز، إذن، مهرجان الثقافة الصوفية عن مهرجان الموسيقى روحية؟ بالنسبة للثقافة الصوفية هناك فقط حوار داخل الإطار الإسلامي وما بين الثقافات الإسلامية المختلفة، وحتى العمل والتعامل مع جهة من هاتين الجهتين بحيث أن الأهداف تحدد بشكل متميز، مثلا في الثقافة الصوفية الإشكالية هي كيف يمكن أن نفكر في تموضع جديد للثقافة الصوفية داخل المجتمع الإسلامي، وبشكل خاص داخل المجتمع المغربي بما أن هذه الثقافة لها عروق وجذور وإنتاجات وكتب وأشعار.. لكن كيف يمكن الفصل بين الجانب التراثي الروحي والحياة الاجتماعية المعاصرة والإحتياجات الروحية والأخلاقية المعاصرة .. أظن أن هذه إشكالية مهمة جدا مهما كانت الفكرة مشتركة، لكنها تأخذ أبعادا مختلفة. وفي كل حالة من الحالات فإننا لا نقيم مهرجانا فقط من أجل الترفيه، ولكن نعتبر ذلك وسيلة وليس غاية، فالوسيلة تستهدف إيصال بعض المعاني وبعض المفاهيم، وكذلك بعض التطورات و المعلومات حول ما يتعلق بالتراث والتاريخ والقيم والفكر. فإذا أخذنا مثالا بالدورة التي نهيئ لها ما بين 12 و19 من شهر أبريل القادم، فإننا سنركز على شخصية خاصة ، وهي ابن عربي الحاتيمي، الذي ترك تراثا هائلا من حيث الإنتاجات الكتابية، سواء الشعرية أو النثرية، تقدر بحوالي 800 كتاب ومخطوط.. تحفل بهم عشرات المجلدات .. هنا توجد قوة فكرية كبيرة جدا . لذلك يطرح السؤال كيف يمكن التعامل مع هذا التراث؟ علما بأن معاهد وجامعات العالم تقوم بأبحاث كثيرة حول هذه الشخصية، ومع تبقى مسألة كيف يجب التعامل مع هذا الإرث الكبير بشكل حي. إذا، هذه مسألة تتعلق بالتصوف ولا يمكن أن تتعلق فقط بإشكالية حوار الحضارات. لذا يوجد تكامل بين المشروعين. } في إطار المخاض الذي يعيشه العالم العربي، وبروز بعض الأفكار المتطرفة ، هل يمكن أن نقول إن هذه النوعية من المهرجانات الفكرية والموسيقية.. الروحية تستهدف ، أيضا، تغيير نظرة بعض الأطراف والآراء بإبراز قيم التسامح والسلم والحوار الحقيقي..؟ أقول إن هذه الأشياء (قيم التسامح والسلم والحوار..) ليست بالحديثة، هي أشياء متجذرة في مجتمعات، الشيء الوحيد هو: كيف يمكننا أن نتعامل معها بشكل متجدد، لأنه بطبيعتها كل التقاليد الروحية هي حية متجددة، ولا يمكن أن تبقى جامدة، إذ تأخذ أشكالا مختلفة عبر العصور وعبر الأوقات والأماكن.. وغياب هذه المسألة يملأ الفضاء بتيارات أحيانا متجمدة أو متطرفة أو بالأشياء غير الإيجابية بالنسبة للإبداع والفكر والأخلاق والروح، وأظن أن هذا هو الشيء المهم، فالنزوع الروحية شيء كبير وعظيم في الإنسان. ونحن الآن نبحث عن تجديد هذه الوسائل لتلقين وتدريس هذا التراث الموروث منذ قرون. } في السياق ذاته ستحتفي الدورة المقبلة من مهرجان الموسيقى الروحية بالراحل نيلسن مانديلا، لماذ ا الاختيار؟ بالنسبة لمهرجان الموسيقى الروحية نحاول دائما قراءة الأحداث أو المجتمع من خلال الثقافة ومن خلال بعض القيم، إذ كنا دائما نتساءل حول العلاقة بين القيم الروحية والسياسية، لذلك استحضرنا اسم نيلسن منديلا كنموذج للتأمل في هذه المسألة.