الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    قلق متزايد بشأن مصير الكاتب بوعلام صنصال بعد توقيفه في الجزائر    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية        طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    غارات إسرائيلية تخلف 19 قتيلا في غزة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مديح النسيان

عادة ما يشيد الناس بالذاكرة، وقوتها، وطاقة هذا الفرد أو ذاك على الحفظ والاستظهار، وينظرون إلى النسيان نظرتهم إلى عيب، ولا يمتدحونه إلا في حالات قليلة لا تتعدّى في الغالب كونه مسكّنا للألم والحزن، حتى قيل إن النسيانَ رحمة، وقيل أيضا إنهُ بَلْسَمٌ للجراح.
ولكن ما النسيان؟ هل هو نقيض التذكر، أم اختلاله، أم هو مجرّد عملية لإفراغ الذاكرة من محتوياتها؟
في كتابه «النسيان وفضائله»، يتساءل عالم التحليل النفسي الفرنسي سيمون دانيال كيبمان عن معنى النسيان الذي ينتابنا في حياتنا اليومية. ماذا يُظهر وماذا يخفي؟ ماذا نكتشف إذا ألححنا في البحث عن كلمات تنفلت من الذاكرة انفلات الماء من بين فروج الأصابع؟ وماذا نحسّ إذا غامت ذكرى بعض الأوقات الجميلة؟
خلافا لفرويد الذي نظر إلى النسيان كحالة مرضية عزاها إلى ظواهر نفسانية تعكس صراعات داخلية مثل أعراض العُصاب وزلاّت اللسان، يتناول كيبمان النسيان في شتى تجلياته، مستعينا في مقاربته بالفلسفة والأدب والميثولوجيا والتاريخ وعلم النفس، ليستخلص أن النسيان أشبه بقطرة زئبق لا يمكن الإمساك بها، وأن ما نعلمه علم اليقين هو أننا يمكن أن ننسى كل شيء رغما عنا، ولا ننسى أيّ شيء ونحن نريد نسيانه. فالنسيان يغيظ المرء لأنه يحدث متى يعنّ له ذلك، دون سابق إنذار، فيقطع حبل التفكير، ويزعج المتكلم، ويربك لسانه، ويبلبل ذهنه. فهو في نظر الباحث مثل مارد أو شيطان أو إله قد يصيب الإنسان منه خيرٌ أو شرّ، وقد يكون فيه فلاحُه أو خيبتُه. وهو أيضا مثل جانّ يزيل عن الإنسان بلمسة سحرية أحمالا تنقض ظهره، ليس أقلها الفظائع التي ابتلي بها، والذنب الذي يحسّ به، وتبكيت الضمير الذي يؤرّق لياليه.
وبذلك يكون النسيان في رأيه ضروريا من أجل حياة طبيعية سليمة، فلو كان الإنسان قادرا على تذكر كل شيء في أية لحظة لصارت حياته جحيما لا يطاق. فليس أقسى على المرء من أن يكون كائن تذكُّر، عاجزا عن أن ينسى ما مضى من خيباته ومحنه. في تلك الحالة سوف تصبح حياته جامدة، رتيبة، مختنقة برَجْعِ ما كان، مشبعة حتى التخمة، عاجزة عن معالجة ما يطرأ من أحداث. أن ننسى معناه أن نبدأ إعادة بناء العالم، يقول دانيال كيبمان. يصحّ ذلك على الأفراد كما يصح على الجماعات. فالنسيان بهذا المعنى هو علامة صحة، ولكن لا يعني ذلك أن نلقي بالذاكرة في رديم مهمل، ونغفل عن الماضي فلا نفكر سوى في المستقبل، لأن المستقبل لا يعطينا أي شيء، بل نحن الذين ينبغي أن نعطيه من جهدنا وأفكارنا، وحتى حياتنا لبنائه. ولا بدّ في هذه الحالة من أن يكون لنا شيء نعطيه، شيء نستمدّه من الذاكرة، ومن الكنوز التي ورثناها، وهضمناها، وأعدنا صياغتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.