ابتُكرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لأهداف نبيلة، ومنذ تاريخ خروجها إلى الواقع وهي تعمل في هذا الاتجاه، حيث أحيت مناطق وأعادت الحياة لمرافق قضت عليها سنوات التهميش، إلى غير ذلك من المشاريع الناجحة، إلا أنه ومع توالي السنين، أصبحت في بعض المناطق وسيلة من الوسائل التي يستخدمها البعض في الاستقطاب أو الدعاية السياسوية، عمالة مقاطعة عين الشق نموذج لمثل هذه الانزلاقات ذات الأهداف المحسوبة والتي سبق التطرق إليها في الجريدة لكن يبدو أن المشرفين على المبادرة الوطنية بهذه المنطقة لا يهتمون سوى بنهجهم الاستثنائي جدا دون حسيب ولا رقيب!؟ ففي السابق كانت لجنة محلية بعين الشق ولجنة محلية بسيدي معروف، وتم توحيد اللجنتين وسُلمت الرئاسة بالتفويض لنائب رئيس المقاطعة الخامس، علما بأنه يتوفر على تفويض الشؤون الثقافية والاجتماعية والرياضية ، ويكاد يكون هذا التفويض الحالة الوحيدة، حيث كما هو معروف أن رئيس المقاطعة هو من المفروض أن يكون رئيس اللجنة المحلية! المشاريع التي صادقت عليها اللجنة المحلية لسنة 2013 يتطلب بعضها إعادة النظر ، بل تطرح عدة تساؤلات لماذا تم قبولها، أوحول الطريقة التي تم قبولها بها رغم أنها لا تحمل المواصفات الضرورية ولم تطرح وفق المساطر المعمول بها؟ لنبدأ بملعب سيدي معروف، الذي خصصت له المبادرة الوطنية مبلغ 200 مليون سنتيم بعد مرور الملف من اللجنة المحلية واللجنة الإقليمية التي يترأسها عامل مقاطعة عين الشق، ثم ستساهم الجمعية حاملة المشروع ب 100 مليون يجهل مصدرها. أيضا، مجلس الجهة ب 500 مليون ، ومجلس العمالة ب 400 مليون سنتيم، هذا المشروع الذي تم قبوله سنة 2013 وبعد مرور شهرين من سنة 2014 ، مازال ملف العقار الذي رصدت من أجله هذه المبالغ معروضا على القضاء، حيث أن أرضية هذا الملعب في ملكية خاصة تقدمت مجموعة من الورثة بدعوى قضائية من أجله، لم يحسم فيها القضاء بعد ، إلا أن هناك من يدعي أن التصميم الجديد للتهيئة لمقاطعة عين الشق أكد على وجود هذا الملعب! وحتى وإن كان هذا الإدعاء صحيحا فيجب تحريره من الملك الخاص عن طريق نزع الملكية، وصاحبة هذا الاختصاص هي وزارة الشباب والرياضة، هي التي يجب أن تقوم بهذه العملية و هي التي من الواجب عليها أداء ثمن نزع الملكية، والجميع يعرف حق المعرفة أن المساطر تأخذ من الوقت الشيء الكثير ، قد تصل المدة أو تفوق السنة. بمعنى أنه حتى في سنة 2014 لا يمكن تحرير هذا الملك ، أما المبادرة في شخص اللجنة المحلية والإقليمية، فقد قررت منحه مبلغ 200 مليون في سنة 2013، كما تؤكد محاضر اللجنة المحلية والتي تتوفر الجريدة على نسخ منها! وفي حديث مع رئيس الجهة التي خصص مجلسها 500 مليون، أكد للجريدة أن هذه المنحة مشروطة بحكم المحكمة لصالح مقاطعة عين الشق، « فإذا أصبح هذا الملعب في ملك المقاطعة ستمنح الجهة هذا المبلغ، وإذا كان العكس فطبيعي أننا لا نهب الأموال العمومية للأملاك الخصوصية». جواب الرئيس يؤكد تخصيص الجهة لمبلغ 500 مليون لكن بالشرط الذي سبق ذكره. أيضا جواب الرئيس يؤكد أن ملف هذا الملعب هو مطروح على القضاء وهو ما سبقت الإشارة إليه. في الدورة الأخيرة للحساب الإداري طرح نفس السؤال من طرف أحد أعضاء مجلس مقاطعة عين الشق حول منح هذه المبالغ في مشروع أرضيته متنازع عليها، بل هناك من طالب الرئيس أمام الملأ، بسحب التفويضات من نائبه الخامس للأسباب نفسها؟ لم يكن ملف أو مشروع الملعب الموجود بسيدي معروف أولاد حدو لوحده مثار التساؤلات، بل هناك مشاريع أخرى، نخص منها كمثال على العبث في تدبير اللجنة المحلية وتزكية اللجنة الإقليمية، مشروع إعادة تهيئة الملاعب الرياضية بالثانوية التأهيلية ابن زيدون بعين الشق والثانوية التأهيلية عثمان بن عفان بسيدي معروف. فالمعروف أن القانون يفرض على الجمعية الحاملة للمشروع أن تتقدم بطلب الاستفادة من التمويل المالي وتملأ مطبوعا يسلم من المصلحة المكلفة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالعمالة وتتقدم أمام اللجنة المحلية بكل الشروحات التي تقنع الأعضاء للموافقة والقبول ، مع تعهدات بالمتابعة والمراقبة المستمرة للمشروع، إلا أن ما حصل هو العكس تماماً، فلم تتقدم أي جمعية بمشروع الاصلاحات بهاتين المؤسستين، رغم أنه في تأهيلية ابن زيدون توجد 3 جمعيات لها كامل الصلاحية لحمل مشروع كهذا . هناك جمعية الآباء والأمهات والأولياء والجمعية الرياضية وجمعية دعم مدرسة النجاح التي يُخول لها قانونها الأساسي حمل مثل هذه المشاريع التي تمولها المبادرة الوطنية. وفي خطوة تثير الاستغراب، تم توفير مبلغ 100 مليون من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للمؤسستين التعليميتين قبل تقديم المشروع من أي جمعية من الجمعيات الثلاث ، بل تم التمادي في الأخطاء المقصودة وتسليم المشروعين لجمعية المكفوفين التي لا تربطها أية علاقة بالتأهيليتين ابن زيدون وعثمان بن عفان، فهي جمعية لها قانونها الخاص وأهداف مغايرة تخص مجالها ولا علاقة لها بالقيام بإصلاحات في المؤسسات التعليمية، ماعدا إذا كان هناك ارتباط إيديولوجي مع المسؤولين؟ يتساءل جمعويون، مضيفين : ألا يعتبر هذا خرقاً قانونياً وإخلالا كبيراً، بل عبثا منظماً ومحمياً؟ صحيح أن أي مؤسسة تعليمية هي محتاجة لمثل هذه الاصلاحات التي ستعزز بنيتها التحتية الهشة خصوصاً الملاعب الرياضية، لكن في المقابل، لا يمكن من أجل ذلك، خرق المساطر القانونية، وإلا سيصبح النجار طبيباً والطبيب لحاماً والأستاذ جزاراً والجزار مهندساً في عهد هذه العينة من المسؤولين عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باللجنتين المحلية والاقليمية. وتبعا لما سلف من معطيات ، يُطرح السؤال : ألا تستوجب مثل هذه التصرفات إيفاد لجنة مختصة من وزارة الداخلية للوقوف على هذا الاستهتار، خصوصاً وأن فوق مكتب عامل عمالة مقاطعة عين الشق عدة شكايات من جمعيات المجتمع المدني، تحمل تساؤلات بشأن ما تتخبط فيه اللجنتان المحلية والاقليمية، كانت آخرها ما تقدمت به أزيد من 17 جمعية ، طالبة لقاء مع العامل في نفس الموضوع؟!