شدد جلالة الملك، خلال استقباله أول أمس الاربعاء بالقصر الملكي بالرباط لأحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، التأكيد على ضرورة الحفاظ على استقلالية المندوبية السامية للتخطيط، كمؤسسة رسمية للمعلومة الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى ضرورة الالتزام بالتعاون والتنسيق الوثيق بين جميع المؤسسات الحكومية والهيئات الوطنية المعنية بالمعطيات الإحصائية، بما يضمن الدقة والموضوعية في هذا المجال، ويعزز صورة ومصداقية المغرب لدى شركائه ومختلف المؤسسات الدولية. كما رفع لحليمي لجلالة الملك مقترحات حول سير الاستعدادات الجارية لإحصاء السكان، الذي تعتزم المندوبية تنظيمه سنة 2014، والذي يروم إعطاء صورة حول ظروف عيش السكان . وكانت أرقام ومعطيات المندوبية السامية للتخطيط بشأن نسب النمو وارتفاع نسبة البطالة، موضوع معركة للشد والجذب بين المندوبية وحكومة بنكيران التي شككت في مصداقيتها، بل وفي نزاهة وصدقية المندوب السامي احمد لحليمي، والذي انبرى بعض أعضاء حكومة بنكيران للتهجم على شخصه وعلى مؤسسته «الدستورية والرسمية»، وخصوصا تصريحات محمد الوفا، وزير الشؤون العامة والحكامة، الذي قال إن تلك المعطيات «خاطئة ولا تستند إلى الواقع»، واعتبر أن ما جاء في تقرير المندوبية «لا يضر بالحكومة أو رئيسها، وإنما يضر بمصلحة البلاد»، مضيفا» ليست هناك مؤسسة دستورية ولاهم يحزنون.. وخا يكون سامي ولا سامية«، وأن «لحليمي يخدم أجندة حزبه المعارض»، بالإضافة الى تصريح مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة، في لقاء صحفي على هامش انعقاد مجلس الحكومة، أن «معطيات المندوبية السامية للتخطيط «غير دقيقة». مصدر جد مطلع، أكد لنا أمس أن الاستقبال الملكي كان بمثابة صفعة على قفا وزير الشؤون العامة والحكامة محمد الوفا الذي ردد بثقة زائدة، بداية هذا الأسبوع وأمام عدد من المسؤولين، خبرا مفاده أن المندوب السامي في التخطيط أحمد الحليمي «غادي يطير ف هاذ يومين» قبل أن يتوجه الوفا الى البرلمان ليعلن أمام ممثلي الأمة أن الحكومة بصدد إعداد قانون يقضي بإنشاء «الوكالة المستقلة للتوقعات الاقتصادية والاحصائية»، وهي وكالة وإن كانت مستقلة، تريد الحكومة بواسطتها أن تسحب البساط من تحت أرجل المندوب السامي للتخطيط الذي باتت أرقامه «مزعجة» أكثر مما يطيقه بن كيران ووزراؤه. وقالت مصادرنا إن أصل الخلاف بين رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران والمندوب السامي للتخطيط أحمد لحليمي، يعود الى العام الماضي حين قررت الحكومة تطبيق قرار المقايسة الجزئية لأسعار المحروقات، حينها ومباشرة في اليوم الموالي، أخرج الحليمي دراسة حول انعكاس نظام المقايسة على الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ما أغضب بنكيران ووزيره في الشؤون العامة أنذاك نجيب بوليف الذي وصف هذه الخطوة ب»السياسية لأنه في الزيادة الاولى تم إصدار دراسة بعد أسبوع، واليوم تصدر دراسة بعد يوم واحد من قرار المقايسة». وزادت فجوة الخلاف حين أصدر الحليمي مؤخرا توقعاته بشأن العجز والمديونية اللذين تعتبرهما الحكومة شأنا خارجا عن النفوذ الترابي للحليمي، وإن صحت بعد ذلك توقعات هذا الأخير بتأكيد من الخازن العام للمملكة الذي أصدر أرقاما متطابقة مع تلك التي خرج بها المندوب السامي . مصادرنا أكدت أن قانون إنشاء الوكالة المستقلة للتوقعات يقضي بفصل مديرية الإحصاء عن المندوبية السامية للتخطيط، وإعطائها صفة الاستقلالية وتسميتها بالوكالة ، غير أن الاستقبال الملكي للحليمي كانت له دلالات قوية، من بينها مصداقية الإنتاج الذي يصدر عن المندوبية السامية للتخطيط، وضرورة إعلاء منطق التعاون والتنسيق المتبادل بين المؤسسات الحكومية، عوض شن حرب ضد المندوبية والتشكيك في عملها، وهي مقبلة على الاحصاء العام للسكان والسكنى، وهي عملية متعددة الأبعاد تكتسي أهمية قصوى في رسم السياسات التي ستتوجه على أساسها البلاد خلال السنوات العشر المقبلة2014، أي قبل الموعد التالي للإحصاء العام في 2024، مع ما يعنيه ذلك من خطورة التشكيك في المؤسسة التي ستصدر هذا الإحصاء.