مازالت تداعيات التعديل الحكومي ترخي بستارها على القطب الوزاري الكبير الذي كان يدبره أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، أي وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة، ففي الدول الديمقراطية التعديل الحكومي يرمي بالأساس إلى تصحيح بعض الإكراهات التدبيرية التي تعرقل عمل الحكومة في نسختها الأولى، وبالتالي يبقى الهدف الاستراتيجي هو إعطاء دفعة وقوة جديدة لخلق ديناميكية في العمل الحكومي حتى يتمكن من تجاوز كل الإكراهات. ما حدث ببلادنا وبحكومة عبدالإله بن كيران في نسختها الثانية يترجم بأننا بعيدون كل البعد عن الأهداف الاستراتيجية التي سبق ذكرها، وبأن الجواب عن خروج حزب الاستقلال لم يتم عنه من خلال إخراج هندسة حكومية قادرة على رفع التحديات الكبرى التي تواجه البلاد، تحديات عناوينها الكبرى، أزمة متعددة الأبعاد اقتصادية واجتماعية، بل وسياسية، بحيث ضمت عودة التكنوقراط والاحتفاظ بوزير غلّب الكرسي على انضباطه الحزبي. إن الجواب عن أزمة الحكومة في نسختها الأولى، كان جوابا عدديا غلب منطق الترضيات على منطق الحكامة والمصلحة العامة للبلاد والعباد مما أثر سلبا على السير العادي لبعض مرافق الدولة، ونخص بالذكر وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة، التي تم تقسيمها إلى وزارتين تحت إشراف أمينين عامين لحزبين من الأغلبية وهما السيد نبيل بنعبدالله على رأس وزارة السكنى وسياسة المدينة والسيد العنصر القادم من وزارة الداخلية ليشرف على وزارة التعمير وإعداد التراب، هذا التقسيم الذي ضرب، وللحقيقة، مجهودات كبيرة كانت ترمي إلى خلق قطب قوي عبر إعداد نظام هيكلي جديد توافق عليه الجميع بحيث شكل موضوع ورشات استشارية متعددة مع كل مكونات الوزارة وبإشراك الفاعلين الاجتماعيين. اليوم، مازالت الانتظارية هي سيدة الموقف في وسط شغيلة القطاعين، فالموظفون حائرون يتساءلون وزيرهم من يكون، هناك ضبابية، خاصة في وزارة السيد العنصر بحيث غاب التواصل مع الموظفين الذين مازالوا مركزيا في نفس الوزارة وجهويا بنفس المقر، غياب خلقَ جوا غير صحي، ومن أجل الوقوف على هذا الوضع وعلى لأسباب الكامنة من ورائه، صرح عبد الفتاح البخاري الكاتب العام لفرع المصالح المركزية للوزارة -النقابة الوطنية للسكنى والتعمير وإعداد التراب والعمران(ف-د-ش) بما يلي:« النقابة تسجل بقلق شديد الإهمال الذي تتعرض له شغيلة إعداد التراب الوطني والتعمير، إذ لم يسبق لمسؤولي الوزارة الجديدة أن عقدوا أي اجتماع تواصلي مع هؤلاء الموظفين قصد طمأنتهم على مسارهم المهني والمهام التي ستوكل إليهم في ظل الوزارة الجديدة، مما دفع بجل موظفي القطاع إلى تحرير طلبات الالتحاق بوزارة السكنى وسياسة المدينة، ولم يبق إلا عدد محدود لا يتجاوز أصابع اليد، مما حول الإحساس بالنشوة والفرح لدى الموظفين عقب التعديل الحكومي إلى نكبة حقيقية أصابت هذا القطاع الوزاري الفتي. مما يجعلنا كنقابة نتوجه إلى مسؤولي الوزارتين من أجل معالجة هذه النكبة بنوع من الحكمة والتبصر وتغليب المصلحة العامة للقطاعين وعدم تعطيل المرفق العام بالوزارتين وجعل عملية التنقل بين الوزارتين لا تخضع للمصالح الشخصية، وإنما لضرورة استمرار المرفق العام، كما نطالب بضرورة توحيد نظام التعويضات، والحفاظ على المكتسبات بالوزارتين معا»، مضيفا «بأن اللجنة المؤقتة التي تشتغل إلى جانب الديوان قصد إرساء أسس الإدارة المركزية لوزارة التعمير وإعداد التراب وكذا إنجاز الملفات الآنية التي تهم القانون المالي، وتبادل المهام، وحصر لائحة الموظفين، وجرد الممتلكات، والبنيات التابعة لهذه الوزارة، فهاته اللجنة وبمبادرة انفرادية، تحول أعضاؤها إلى رؤساء أقسام بالنيابة، أو رؤساء مصالح بالنيابة، ووقعت لهم قرارات المسؤولية وسلمت لهم خواتم قصد التأشير على عدد من القرارات والمراسلات، وأمام طول المدة التي تم فيها هذا التكليف ولم يسجل أي تقدم، فإن النقابة تطالب بضرورة إنهاء هذه المرحلة الانتقالية وعرض كل مناصب المسؤولية الشاغرة على المباريات، وأن يتم ذلك جنبا إلى جنب مع إخراج كل المراسيم والقرارات الوزارية التي تؤطر إجراء امتحانات الكفاءة المهنية، وتكوين اللجان الثنائية والثلاثية قصد السهر على السير العادي للمرفق العام».