يتزايد سنة عن سنة إقبال الكُتّاب في المغرب والعالم العربي على جوائز الكتاب التي تُعلن بين الفينة والأخرى ولا بدّ من الإشارة إلى أن جوائز الكتاب حديثة العهد في العالم العربي، ورغم أن وزارة الثقافة بالمغرب كانت من بين المؤسسات الأولى التي تمنح جائزة عن الكتابة في مختلف الأجناس، إلا أنّ بروز ظاهرة الجوائز الخليجية، وما تخصّصه من قيمة مالية كبيرة مغرية، جعل العديد من كُتّابنا يقبلون بكثرة منقطعة النظير على هذه الجوائز. غير أنّ الحديثَ عن هذه الجوائز الأدبية العربية غالبا ما يكون مصاحبا بالشّك والتقوّل والتّهم وسوء النية، وهي كلها ظواهر مَرَضية مدرّها إلى الأنانيات المفرطة للكُتاب. فكل واحد يعتبر نفسه هو الأجدر بالحصول على الجائزة، بلْ إنّ الأقاويل والاتهامات تسبق الإعلان عن النتائج. بحيثُ نادرا ما تنجو جائزة من شبهة أو تهمة مهما حاولت أن تبدو بريئة وعارية عن كل غرض لا يمت للأخلاقيات الأدبية والإبداعية بصلة. لكن الوجه الآخر للمشكلة هو أنّ لجان القراءة بدورها مُصابة بداء الزبونية والعلاقات الشخصية وضغط الكواليس، الأمْر الذي يضرب في الصميم مصداقية هذه الجوائز. وما سمعناه خلال هذه الأيام وقرأناه، قبل الإعلان عن الفائزين بجائزة المغرب للكتاب شبيه بما سمعناه وقرأناه في السنوات الماضية: الاتهام والتجريح وضرب المصداقية في الصميم، مهما كانت قيمة الأشخاص الذين يشكّلون هذه اللجان. وإذا كان من حقّ الكاتب أنْ ينال جائزة تقديرية عن أعماله، فإنه من الضروريّ والأخلاقي أنْ يقبل بقواعد اللعبة بدون أنانية مفرطة. لا ينبغي هنا اتهام أو التشكيك في نفعية الجوائز معنوية كانت أم مادية، فوجودها مهما يتسبب أحيانا في إعلاء من لا يستحق وتثبيط من لا يستحق فهي مهما ساءت سمعتها ومهما عددوا مساوئها يظل دافعا ومحفزا للكاتب والكتابة. إنّ الجائزة الأدبية الوحيدة في بلادنا، على ضعف قيمتها، بالقياس إلى الجوائز الخليجية، غير شفافة وغامضة وسقفها المادي أدنى مما هو موجود في الجوائز العربية الأخرى وكثيرا ما تحاط بالتشكيك والانتقادات والتساؤلات والريبة. لماذا المصداقية هي الغائبة دوما عن هذه الجوائز، المصداقية تحتاج إلى لجان محايدة تقدِّر الأدب وتعمل في شفافية ونزاهة بعيدا عن توصيات بعض الجهات والأشخاص، والكلام عن أن الجائزة تحكمها توصيات أشخاص وهيئات لا بدّ أن يزول من القاموس الثقافي المفروض فيه التعالي عليه، وبالتالي تتأثر وتهتز لأنها لم تكن محصّنة بما فيه الكفاية. ينبغي أن تستمر جائو المغرب للكتاب، وتظهر إلى جانبها جوائز أخرى ليس من طرف الدولة فقط، بل من طرف القطاع الخاص الذي يكاد يكون مستقيلا من الشأن الثقافي. لماذا تستمر جوائز أخرى في صنع البهرجة بعيدا عن المعايير الحقيقية للجوائز، ولماذا يحدث التهافت على جوائز لا تعطي ولا تمنح قيمة أو إضافة ذا أهمية أو نوعية للكاتب، وإنما هي جوائز تخدم بالأساس الدوائر والهيئات المشرفة عليها لا غير.