يبدو أن والي طنجة، محمد اليعقوبي، كان ينتظر فقط تثبيته في منصبه ليشرع في تنزيل مقاربته لمعالجة الاختلالات التي تعرفها مدينة طنجة، وفي مقدمتها معضلة الانتشار السرطاني للعشوائيات، التي أصبحت أحد الكوابح الحقيقية للتنزيل السليم لمشروع «طنجة ميطروبول»، بعدما تحولت إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي لحظة. الوالي اليعقوبي أعلن، خلال استقباله يوم الثلاثاء المنصرم لمكتب مقاطعة بني مكادة عن نهاية مرحلة التسيب والتساهل مع البناء العشوائي، متوعدا بإحالة كل من ثبت تورطه من مسؤولي الإدارة الترابية وأعوان السلطة والمنتخبين على النيابة العامة وتحريك المتابعة القضائية في حقهم. وحسب مصادر متطابقة، فإن خطوة محمد اليعقوبي إذا كان البعض قد رأى فيها رسالة موجهة لمن يهمهم الأمر وفي مقدمتهم رجال وأعوان السلطة، الذين يتحملون مسؤولية كبرى في زحف العشوائيات، إذ لم يعد خافيا أن العديد من المناطق أصبحت إقطاعيات خاصة تخضع لنفوذ عصابات متخصصة في الاستيلاء على أراضي الدولة والجموع والأوقاف وحتى الخواص وكل ذلك يجري تحت أنظار رجال السلطة بل وبمباركة منهم، فإنها من دون شك تؤشر على بداية مرحلة جديدة من الحزم في التعاطي مع هاته المعضلة بعد أن وصلت إلى مستويات جد خطيرة بمدينة طنجة، وبصفة خاصة بالمجال الترابي لمقاطعة بني مكادة حيث تجاوزت العشوائيات نسبة %50 من مجموع المباني المتواجدة بالمقاطعة حسب التقارير المعتمدة على صور الاستطلاع الجوي. وعن الخلفيات الكامنة وراء هذا القرار، أكدت ذات المصادر أن الأهداف الكبرى المتوخاة من مشروع طنجة الكبرى لا يمكن تحقيقها ما لم يتم وضع حد لهذا الزحف السرطاني للعشوائيات، غير أن المقاربة الزجرية، تضيف المصادر، رغم أهميتها القصوى فإنها لن تؤدي المبتغى منها ما لم تصاحبها إجراءات موازية، خاصة على مستوى تسريع إنجاز تصميم التهيئة وضبط اتجاهات التوسع العمراني لمدينة طنجة، وكذا إلغاء القرار التحكمي بمنع التجزئات السكنية لأسباب يعلم الجميع أنها كانت لفائدة بعض الشركات الكبرى المستثمرة في مجال السكن الاقتصادي، مما ساهم في استفحال البناء العشوائي بسبب تفضيل أغلبية الأسر المغربية التوفر على سكن مستقل.