قام محمد اليعقوبي، والي طنجة بالنيابة، صبيحة يوم الثلاثاء المنصرم بجولة ميدانية في تراب مقاطعة بني مكادة، حيث زار على الخصوص الأحياء والمناطق التي شهدت في السنتين الأخيرتين استفحالا خطيرا للعشوائيات، كمرس الدهاري، العوامة، خندق الورد وحومة بوسلهام... مصادر متطابقة أكدت للجريدة أن الوالي اليعقوبي أصيب بصدمة كبيرة لهول ما عاينه من انتشار سرطاني للبناء العشوائي، حيث بدا الأمر وكأنه خرج عن سيطرة الإدارة الترابية، وبات ينذر بأوخم العواقب في المستقبل القريب بالنظر لما ستشكله هاته الهوامش من قنابل موقوتة ستنفجر مع أي حركة احتجاجية قد تندلع مستقبلا للمطالبة بتزويد هاته المناطق بالكهرباء والماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي... وحسب ذات المصادر، فإن الزيارة الميدانية للوالي اليعقوبي تتأتي في سياق التحريات التي تجريها العديد من الأجهزة الأمنية حول الأسباب الحقيقية لهذا التناسل الممنهج للعشوائيات بمدينة طنجة، خاصة وأن كل المعطيات تؤكد بأن هناك جهات منظمة تقف وراء هاته الكارثة، كما انصبت التحريات أيضا على تفكيك الحيثيات والظروف التي صاحبت اتخاذ ولاية طنجة على عهد الوالي حصاد لقرارات توسيع المدارات المسموح فيها لرئيس المقاطعة بمنح تراخيص البناء، وما إذا كانت هناك جهات مستفيدة من ذلك، بالنظر لكون هاته القرارات أصبحت بمثابة تغطية قانونية للبناء العشوائي. وتضيف مصادرنا، أن التحقيقات ركزت بالخصوص على السياق الذي كان يتم فيه التغاضي عن استنبات المنازل العشوائية ودور الصفيح أمام مرأى ومسمع السلطات العمومية التي كانت تتخذ موقف المتفرج، ثم بعد ذلك كان يتم التدخل الأمني لهدم ما تم بناؤه مع ما كان ينتج عن ذلك من صدامات ومواجهات اكتست طابع الخطورة وخلفت إصابات خطيرة في صفوف رجال الأمن والمواطنين، وبعدها وأمام اندهاش الجميع كان يتم الترخيص بالبناء لمن هدمت مساكنهم بنفس المكان بعد أن تكون ولاية طنجة قد رخصت بتوسيع المدارات وفتح المنطقة أمام البناء رغم عدم تغطيتها بوثائق التعمير وافتقادها للبنيات الأساسية، والمبرر الذي كانت تشهره الولاية في كل مرة لتبرير فتح مدارات جديدة أمام التعمير هي الأوضاع الأمنية وضرورة اتخاذ ما يلزم من قرارات لامتصاص الاحتجاجات وتهدئة الأوضاع. ولم تستبعد المصادر أن تقرر وزارة الداخلية إيفاد لجنة خاصة للتدقيق في نتائج التحريات التي تتضمن مفاجآت من العيار الثقيل شبيهة بملف الهراويين الذي انفجر بمدينة الدارالبيضاء، حيث ينتظر أن تعصف بالعديد من الرؤوس بالإدارة الترابية التي ظلت تعتبر نفسها دائما أنها في مأمن من المساءلة.