تلاحقت على رأس خنيفرة، هذه الأيام، سلسلة من الأحداث الساخنة، إذ بعد لغز الجثة التي عثر عليها مقطوعة اليدين والرأس، تأتي عملية السطو الهوليودي على أزيد من 200 مليون سنتيم من وكالة للقرض الفلاحي تحت جنح الظلام، ليجد الرأي العام نفسه في قلب قضية جديدة تتعلق بشبكة منظمة لحوادث سير وهمية، هذه التي كان بديهيا أن ترفع من نسبة المتتبعين لتطوراتها بعد وصول عدد الموقوفين فيها إلى نحو 14 شخصا، وتتكون من أطباء ودركيين وسماسرة وضحايا وهميين، إضافة إلى الاشتباه في تورط محام ضمن أفراد هذه الشبكة التي تسهر على التنظيم والمشاركة في الحوادث الوهمية بغاية الحصول على تعويضات شركات التأمين. وقد تمت إحالة الجميع على قسم الجنايات بمكناس بتهمة النصب والاحتيال عن طريق حوادث السير الوهمية، قبل إحالتهم جميعا أو بعضهم على قاضي التحقيق بالرباط ويوجدون حاليا بسجن سلا. وقد تفجرت هذه القضية، وفق مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، فور انفضاح تورط دركي بخنيفرة في تسهيل وتدبير قضايا الحوادث الوهمية التي يشهد بوقوعها، والقيام بإنجاز محاضر مفبركة، حيث جرى اعتقاله في حينه، وإجراء تحقيق مطول معه، وكان بمثابة «رأس الخيط» الذي جر طبيبين محلفين من القطاع الخاص بخنيفرة إلى دائرة الضوء لورود اسميهما ضمن مسطرة التحقيق، وتمت إحالتهما على القضاء للاستماع إليهما، قبل الإفراج عنهما لإدلائهما بما يؤكد تسليمهما فقط شهادات طبية لشخصين يقطنان داخل الإقليم على أساس أن هذين الأخيرين وقعت لهما حادثتا سير حقيقيتان، بينما أوضحت مصادر أخرى أن تمتيع الطبيبين بالسراح المؤقت يأتي في انتظار إحالتهما على جلسة عامة. وفي السياق ذاته اتسعت رقعة التحقيق لتشمل ثلاثة أطباء آخرين، أحدهم بقطاع الطب العام بزاوية الشيخ، وآخر بقطاع الطب الخاص بتادلة، جرى القبض عليهما، ولا يزالان رهن الاعتقال، بينما ثالثهما، ويعمل طبيبا بالقطاع العام بتيفلت، فأفادت مصادرنا أنه اختفى عن الأنظار بعد فراره لوجهة مجهولة، وتكون مذكرة بحث وطنية قد صدرت في حقه على حد المعلومات المتوفرة، وهؤلاء الأطباء كانوا يمنحون شهادات طبية للضحايا الوهميين تثبت العجز لمدد معينة قصد الإدلاء بها في إجراءات الحصول على تعويضات شركات التأمين. وصلة بملف القضية، أكدت مصادر متطابقة أن التحقيقات الجارية وضعت يدها على سبعة أشخاص يقومون ب «تمثيل» دور الضحايا، ويقطنون ما بين خنيفرة وتيغسالين وآيت إسحاق، في حين لا يزال «وسيط « في حالة فرار، والذي كان بمثابة «المنتج» الذي يجلب «الممثلين» المذكورين لتسخيرهم في الحوادث الوهمية، وهو ابن فنان شعبي معروف، ولم تستبعد مصادرنا ارتفاع لائحة المتهمين والموقوفين. مصادر «الاتحاد الاشتراكي» كشفت بالتالي ما يفيد أن «شبكة حوادث السير الوهمية» كانت تستعين في عملياتها بسيارتين لتنفيذ سيناريو افتعال الحوادث المذكورة، إحداها مرقمة بالخارج، إذ تم الوقوف على تناقض مكشوف بين واقع حادثة وهمية ومحضرها من خلال عدم تعرض إحدى السيارتين لأي ضرر، باستثناء كسر بسيط على مستوى الزجاج يكون قد تم بطريقة مقصودة للتضليل والتوهيم، ويجهل ما إذا كانت شركات التأمين قد فطنت إلى وجود أسماء مكررة أكثر من مرة لضحايا وسائقين في حوادث انكشف أمرها أثناء التحقيق مع المتهمين الموقوفين. وكانت غالبية الحوادث الوهمية تجري عند تقاطع طرقي بين أجلموس وكهف النسور، بإقليم خنيفرة، وعلى طريق أبي الجعد عبر هذه الطريق، حيث أشارت بعض المعطيات إلى احتمال وجود تنسيق قوي بين الدركي المتورط بخنيفرة وأحد المحامين بوادي زم. ولم تستبعد مصادرنا أن تكون الشبكة قد تجاوزت حدود الإقليم بناء على وقائع مماثلة. وفي تنسيق محكم بين مصالح الدرك والشرطة القضائية بخنيفرة، لا تزال التحقيقات جارية في شأن ملف هذه القضية التي وصفها المتتبعون بأكبر عملية افتعال حوادث سير وهمية على مستوى الإقليم، وكل المؤشرات تدل على أن هذا الملف سيعرف الكثير من الاحتمالات والمفاجآت.