نظمت جمعية الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، بشراكة مع اتحاد كتاب المغرب فرع الدارالبيضاء، وبتنسيق مع مقاطعة مرس السلطان، لقاء ثقافيا مفتوحا مع الكاتب الصحفي وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الأستاذ مصطفى العراقي، لتقديم كتابه الجديد «من باحماد إلى بنكيران: الصدر الأعظم قطيعة أم استمرارية؟». وذلك زوال يوم السبت 18 يناير الجاري بخزانة مرس السلطان بالدارالبيضاء، حيث عرف هذا اللقاء الثقافي مشاركة ثلة من الأساتذة الباحثين من مختلف التخصصات، وحضور جمهور مهم سيما من فئة الشباب، وعدد من الفعاليات الجمعوية والثقافية، وممثلين للصحافة الوطنية بتعدد أشكالها. خلال بداية هذا اللقاء الثقافي الذي تميز بالدفء في جو ماطر عرفته العاصمة الاقتصادية في تلك اللحظات، قدم المسير الأستاذ لحسن حمامة الناقد الأدبي والمترجم وعضو اتحاد كتاب المغرب، السياق العام الذي جاء فيه تنظيم هذه التظاهرة، مذكرا بأن الهدف الأساسي منها هو الاحتفاء بالإصدار الجديد للأستاذ مصطفى العراقي، وتقديم الكتاب للقراء، وفتح النقاش مع الأساتذة المشاركين حول القضايا التي يطرحها هذا العمل الجديد.للللاالاالالاالتحولات وتقديم ال بعد ذلك قدم الأستاذ أحمد هازم السكرتير الوطني للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش كلمة باسم الجمعية، مرحبا في البداية بالأساتذة المشاركين والحاضرين في هذا اللقاء الثقافي، مقدما شهادة خاصة في حق المحتفى به، مؤكدا على أن تنظيم الجمعية لهذا اللقاء يأتي في سياق برنامجها الثقافي الجديد خلال هذه السنة، الذي يروم الاحتفاء بالكتاب والمبدعين والمثقفين بشراكة مع اتحاد كتاب المغرب فرع الدارالبيضاء، وذلك بعد التجربة التي أطلقتها الجمعية في وقت سابق والمتعلقة بالحدائق الفكرية، التي تم إيقافها اضطراريا بفعل الاحتجاجات التي رافقت ما سمي بالربيع العربي، مشددا على أن هذه البرامج الثقافية غايتها تأطير الشباب واليافعين بشكل خاص، وسائر المواطنين بشكل عام، ودعوتهم إلى التفكير العقلاني والتعبير عن آرائهم في أجواء فكرية تمنح للعقل القدرة على التحليل، لأن تحرير العقل، وفق رئيس الجمعية هو عامل أساسي لتفادي السقوط في أجواء الشحن الايدولوجي الذي أنتج لنا أحداث 16 ماي وما تلاها، مشيدا بذات الوقت بالمجهودات التي تبذلها مقاطعة مرس السلطان في الفعل الثقافي سيما بعد قدوم الكاتب العام الجديد، وبما يقدمه اطر وموظفي وأعوان خزانة مرس السلطان لإنجاح كل التظاهرات التي تنظمها الجمعية بهذا المرفق العمومي. المشاركون في هذا اللقاء تناوبوا على تناول الكلمة، والتي استهلها الأستاذ سعيد خمري، أستاذ العلوم السياسية بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي (جامعة القاضي عياض)، حيث ذكر في بداية مداخلته بعلاقة الصداقة التي تجمعه بصاحب الكتاب، معتبرا أن إصداره يحظى بأهمية بالغة، نظرا لأنه يدخل في صنف الكتابات الصحفية التي تطرقت إلى مرحلة مهمة في تاريخ المغرب، وهي مرحلة الاستقلال بتحولاتها السياسية، خاصة مؤسسة رئاسة الحكومة، وهو بذلك أغنى المكتبة المغربية التي تعاني من فقر كبير على مستوى صنف الكتابات المتعلقة بهذا الموضوع. ثم انتقل للحديث عن تاريخ مؤسسة الصدارة العظمى، مؤكدا على أن العديد من الكتابات التي تناولت الفكر السياسي الإسلامي تطرقت لموضوع الصدر الأعظم وصلاحياته السياسية والإدارية، معتبرا أن أهمية الموضوع تكمن في أهمية نظام الخلافة في الدولة الإسلامية. ثم تناول المتحدث بعد ذلك، تاريخ مؤسسة الصدر الأعظم على مستوى المفهوم والحضور في النظام السلطاني وبداية تشكل مؤسسة الوزارة في الدولة الإسلامية في الفترة العباسية، معرجا وبشكل سريع على مكانة الوزير الأول - رئيس الحكومة في الدستور المغربي، التي عرفت تذبذبا وضعفا منذ دستور 1962 ، وتحسنت هذه المكانة مع دستور 1996 ، ولكن بشكل خاص مع دستور 2011 ، الذي أعطى لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة باعتباره رئيس السلطة التنفيذية. المداخلة الثانية قدّم من خلالها الأستاذ حسام هاب باحث في التاريخ الراهن بجامعة محمد الخامس أكدال، وعضو جمعية الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش،قراءته التقديمية والتفاعلية مع الكتاب، معتبرا أن هذا العمل هو دراسة وتأريخ لمؤسسة الوزير الأول - رئيس الحكومة من خلال مجمل دساتير المغرب (1962-2011)، وأيضا تتبع ورصد دقيق لأهم مسارات ومحطات الشخصيات التي تحملت مسؤولية الوزارة الأولى - رئاسة الحكومة، منذ حكومة امبارك البكاي الأولى، إلى الحكومة الحالية لعبد الإله بنكيران. وتضمن الشق الأول من مداخلة ذ- حسام، تقديما عاما للكتاب من خلال التعريف به، ومضمونه العام، وإشكالياته الرئيسية، وملخص فصوله، ومقاربة الكاتب لموضوع كتابه، وأهميته. أما الشق الثاني من المداخلة فقد تطرق من خلاله إلى القراءة التفاعلية من خلال خمس قضايا تفاعل من خلالها مع الكتاب وهي: إشكالية العنوان، وتاريخ مؤسسة الحكومة في المغرب المستقل، وارتباط مؤسسة رئيس الحكومة - الوزير الأول بتحولات الحقل السياسي المغربي، وإشكالية التدبير الحكومي في مغرب الاستقلال، وأخيرا ثنائية التقليد والحداثة في النظام السياسي المغربي. واختتم المتحدث مداخلته بالتأكيد على أن الكتاب يضع الأصبع على تاريخ مؤسسة ارتبطت بمغرب فرص التحولات الديمقراطية الضائعة، وحالة التردد للدخول في الحداثة السياسية، ويرصد مسارات نخب سياسية تحملت المسؤولية في سياقات أفرزت أحداثا سياسية واجتماعية ظلت راسخة في الذاكرة الجماعية للمغاربة. من جهته الأستاذ لحسن العسبي، وهو كاتب صحفي بجريدة الاتحاد الاشتراكي، تطرق في بداية مداخلته إلى العلاقة الشخصية التي تربطه بصاحب الكتاب على اعتبار أنهما زميلين في نفس المؤسسة الإعلامية، مذكرا ببعض الجوانب في حياة المحتفى به ومساراته الغنية في المجال السياسي والحقوقي والإعلامي. ثم تناول بعد ذلك مفهوم الصدر الأعظم من خلال دلالاته اللغوية وجذوره التاريخية التي تعود للدولة العثمانية وخاصة فترة السلطان مراد الأول، وانتقال هذه المؤسسة إلى المغرب حيث ظهرت خلال فترة الدولة السعدية وترسخت في الفترة العلوية، موضحا بأن الصدارة العظمى هي الوسيط بين الحاكم والعالم الخارجي، وهي مؤسسة خارج المحيط السلطاني، وتشكل نوعا ما مسؤولية الوزير الأول أو رئيس الحكومة بالمفهوم الحالي. مضيفا بأنه خلال مرحلة الاستقلال فإن الوزير الأول كان حاضرا في الدساتير المغربية منذ دستور 62 إلى دستور 92 كموظف عند المؤسسة الملكية ليست له صلاحيات واسعة أو الحرية في ممارسة مهامه السياسية، لكن التحول بدأ مع دستور 96 الذي أقر أن الوزير الأول من حقه أن يختار وزراءه وتعود سلطة الاختيار في الأخير للملك. واختتم المتحدث مداخلته بالتأكيد على أن دستور 2011 أعطى مكانة مهمة ومركزية لمؤسسة رئاسة الحكومة في النسق السياسي المغربي وغيّر معادلة تدبير الشأن العمومي في المغرب. بدوره الكاتب المحتفى به وبإصداره، الأستاذ مصطفى العراقي، تناول الكلمة لتقديم ارتساماته حول المداخلات التي قدمت، وبعض الخبايا التي رافقت تأليفه لهذا الكتاب الذي تحول من فكرة لنشر بورتريهات للشخصيات التي تحملت مسؤولية رئاسة الحكومة - الوزارة الأولى بجريدة الاتحاد الاشتراكي في شهر رمضان، إلى كتاب جمع بين ما هو قانوني وتاريخي وسياسي في مؤسسة رئاسة الحكومة، موضحا الكيفية التي تم بها اختيار العنوان الرئيسي والفرعي للكتاب باقتراح من الأستاذين حسن نجمي وعبد الحميد الجماهري، وأيضا العلاقة الشخصية التي ربطته بثلاث شخصيات التي تحملت المسؤولية وهي، ذ عبد الله إبراهيم، وذ عبد الرحمن اليوسفي وذ عباس الفاسي. واختتم العراقي اللقاء بالتطرق إلى بعض القضايا التي يطرحها الكتاب وطرحتها مداخلات الأساتذة المشاركين، وأسئلة الحاضرين الذين تفاعلوا مع الكتاب، معتبرا أن الدستور الحالي أعطى صلاحيات أوسع لرئيس الحكومة وأن بصمات الصدر الأعظم لازال جاثمة في الحقل السياسي المغربي. قبل أن يمر إلى توقيع كتابه الذي عرف إقبالا واهتماما من طرف المشاركين، سيما من لدن فئة الشباب، وهو ما دفع ذ لحسن العسبي إلى القيام بمبادرة جد طيبة في هذا الصدد لفائدتهم.