وفاة أكبر معمّر في العالم بعمر ال 112 عاماً…وهذا سرهّ في الحياة    دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    الجواهري: مخاطر تهدد الاستقرار المالي لإفريقيا.. وكبح التضخم إنجاز تاريخي    ما هي أبرز مضامين اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل بين لبنان وإسرائيل؟    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة … يستنكر بشدة مخطط الإجهاز والترامي على قطاع الصحافة الرياضية    المغرب التطواني يندد ب"الإساءة" إلى اتحاد طنجة بعد مباراة الديربي    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    "بين الحكمة" تضع الضوء على ظاهرة العنف الرقمي ضد النساء    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    أساتذة اللغة الأمازيغية يضربون    العائلة الملكية المغربية في إطلالة جديدة من باريس: لحظات تجمع بين الأناقة والدفء العائلي    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    البيت الأبيض: جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترامب    برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة        القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    توقيف فرنسي من أصول جزائرية بمراكش لهذا السبب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"        الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    حوار مع جني : لقاء !    عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    مرشد إيران يطالب ب"إعدام" نتنياهو    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    الرباط: تقديم كتاب 'إسماع صوت إفريقيا..أعظم مقتطفات خطب صاحب الجلالة الملك محمد السادس'    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    تطوان: اعتداء غادر بالسلاح الأبيض على مدير مستشفى سانية الرمل    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    المحامي والمحلل السياسي الجزائري سعد جبار: الصحراء الشرقية تاريخياً مغربية والنظام الجزائري لم يشرح هوسه بالمغرب    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    تحرير محيط مدرسة للا سلمى من الاستغلال العشوائي بحي المطار    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلال يوم دراسي من تنظيم الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش بشراكة مع جهة الدارالبيضاء الكبرى خبراء وباحثون يشرّحون رهانات المنطقة الأفرومتوسطية الجيواستراتيجية وتحديات مواجهة الارهاب

نظمت جمعية الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش بشراكة مع مجلس جهة الدار البيضاء الكبرى يوما دراسيا في موضوع "المنطقة الأفرومتوسطية: بين الرهانات الجيواستراتيجية وتحديات مواجهة الإرهاب"، وذلك يوم السبت 11 يناير 2014 بمقر جهة الدار البيضاء الكبرى بحي الأحباس ابتداء من الساعة التاسعة صباحا. ويأتي سياق تنظيم هذا اليوم الدراسي الأكاديمي في إطار وعي الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش بضرورة انخراط مكونات المجتمع المدني في النقاش الأكاديمي الرصين حول الرهانات الإستراتيجية في المنطقة الأفرو متوسطية، ومخاطر الإرهاب الدولي، والعوامل المغذية له في المنطقة، وسبل مواجهته حفاظا على السلم والاستقرار.
وقد عرف اللقاء مشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين المهتمين والمتخصصين في الموضوع، وحضور جمهور غفير من الشباب والفعاليات السياسية والجمعوية والحقوقية والثقافية من مختلف المشارب، وكذا حضور مكثف لوسائل الإعلام الوطنية المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية التي قامت بتغطية اليوم الدراسي، الشيء الذي يبرز أهمية الموضوع في الظرفية السياسية الراهنة التي يعيشها المغرب في تفاعل مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
خلال بداية اليوم الدراسي قدم المسير الأستاذ حسام هاب الباحث في التاريخ الراهن بجامعة محمد الخامس أكدال، السياق العام الذي جاء فيه تنظيم هذا اللقاء الأكاديمي، مذكرا بأن التحولات السياسية المتسارعة التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء، وحالة الاضطراب السياسي التي تعيشها المنطقة الأفرومتوسطية وأيضا تطورات القضية الوطنية وبالخصوص تحول جبهة البوليساريو إلى مرتع للإرهاب التكفيري بفعل التحاق عدد من قياداتها العسكرية بالمجموعات التكفيرية وتنسيقها مع البوليساريو التي أضحت عنصرا لزرع الإرهاب وعمليات تهريب البشر والأسلحة، حتمت على الفضاء الحداثي تنظيم هذا اللقاء للاستماع إلى المتخصصين والباحثين في المجال لربط المجتمع المدني بالحقل الأكاديمي، وفتح النقاش في أفق رفع التوصيات التي سيخرج بها اليوم الدراسي إلى الأمين العام للأمم المتحدة وممثلي المنظمات الدولية والحقوقية المتواجدة بالمغرب. وأكد حسام هاب بأن اختيار يوم 11 يناير الذي يصادف ذكرى تقديم وثيقة الاستقلال لم يكن عبثيا، بل الهدف منه هو ربط ماضي نضالات الشعب المغربي والحركة الوطنية من أجل استقلال المغرب بحاضر المغرب ونضال القوى الوطنية الديمقراطية التقدمية من أجل بناء دولة وطنية حديثة والحفاظ على المكتسبات السياسية والحقوقية التي حققها المغرب.
بعد ذلك تم تقديم كلمات الجهات المنظمة بداية بالأستاذ عزيز أغبالي المرابط نائب رئيس الجهة الذي عبر عن شكره للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش على المجهود الذي يقوم به من أجل التحسيس والتوعية والتأطير منذ تأسيسه بعد أحداث 16 ماي 2003، واشتغاله على شتى أشكال الإرهاب بتعدد مصادره، مؤكدا انفتاح جهة الدار البيضاء الكبرى على المجتمع المدني وانشغالها بقضية الإرهاب، كما نوه بطبيعة المتدخلين والنجاح الكمي والكيفي لهذا اليوم الدراسي الذي اعتبره متميزا لأنه فتح النقاش حول انخراط المغرب في محاربة الإرهاب بالتنسيق مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط والمنتظم الدولي، مبرزا أن التنمية هي السبيل الأساسي لمحاربة الظاهرة الإرهابية.
أما كلمة الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش فقد قدمها الأستاذ أحمد هازم السكرتير الوطني للجمعية، الذي رحب في البداية بالمشاركين والحاضرين في أشغال اليوم الدراسي وقدم أرضية اليوم الدراسي، مؤكدا أن تنظيم جمعية الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش لهذا اللقاء باعتبارها أول جمعية وطنية اهتمت بالظاهرة الإرهابية واشتغلت عليها بمقاربات متعددة منذ تأسيسها في 9 يونيو 2003، يأتي في سياق فتح النقاش حول الإشكاليات الجيو- استراتيجية التي تعرفها المنطقة الأفرومتوسطية وتأثيرها على أمن واستقرار المغرب.
المداخلة الأولى قدمها الأستاذ عبد الوهاب معلمي وهو، سفير سابق للمغرب في دولة الفاتيكان، وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، كانت تحت عنوان "الخريطة الجيوستراتيجية الجديدة في افريقيا". حيث أكد في بداية مداخلته أن الطرح الجيوستراتيجي يركز على الأهداف والمصالح والخطط الدفاعية والأمنية للدول الكبرى، فالوضع الحالي حسب الأستاذ المعلمي هو وضع ما بعد الحرب الباردة حيث لم تعد هناك مناطق للاستقطاب، وفي هذا السياق يأتي الاهتمام العالمي بإفريقيا التي بعد أن تخلى عنها العالم بعد الحرب الباردة، إذ عادت إلى الواجهة خلال بداية الألفية الثالثة مع ظهور خطاب جديد يتحدث عن "النهضة الإفريقية"، وذلك راجع إلى مؤشرات النمو الإفريقي، ومن تم بدأ التهافت عليها وخاصة منطقة جنوب الصحراء.
وطرح الأستاذ لمعلمي 3 أسئلة أطرت مداخلته منهجيا وهي: أسباب التهافت على إفريقيا، والقوى المتهافتة عليها وطبيعة هذا التهافت، وميزان القوى الجديد في إفريقيا وتأثيره عليها. فبالنسبة لأسباب التهافت فقد حصرها الأستاذ لمعلمي في النقط التالية: العولمة الاقتصادية، واحتدام التنافس بين الاقتصاديات الكبرى على الأسواق، وظهور قوى جديدة لها امتداد في إفريقيا (مجموعة البريكس، وتركيا ودول جنوب شرق أسيا)، حيث أصبحت تتنافس مع القوى العالمية التقليدية، إضافة إلى رغبة هذه القوى في تنويع مصادر تزودها بالمواد الأولية والطاقة، ومن مظاهر ذلك حسب ذ- لمعلمي صعود منطقة إفريقيا جنوب الصحراء كإحدى المناطق البترولية في العالم على مستوى الإنتاج وتصدير البترول، بالإضافة إلى ذلك هناك الطابع الاستراتيجي للمواد المنجمية في المنطقة الإفريقية والتي تحتاجها اقتصاديات القوى الصاعدة، وتنامي طبقة متوسطة آخذة في التوسع في المنطقة تشكل بذلك سوقا استهلاكية صاعدة في إفريقيا. فهذه المظاهر أصبحت تشكل خطرا على مصالح القوى الغربية وتهدد الاستقرار في المنطقة وأهم هذه المخاطر هي: التطرف الديني، والقرصنة البحرية في عرض سواحل إفريقيا، وظاهرة الدول الفاشلة (الهشة).
أما السؤال الثاني الذي ناقشه الأستاذ لمعلمي فهو الذي يتعلق بالقوى المتهافتة على إفريقيا الذي أصبح عليها تنافس كبير بين القوى الدولية خاصة فيما يتعلق بالمواد الأولية مع بروز البرازيل والهند والصين ودول الخليج والعودة القوية للولايات المتحدة الأمريكية إلى القارة السمراء في سياق مرتبط بانتقال الجماعات الإسلامية إلى المنطقة التي استغلت الفراغ السياسي مما يفسر التواجد العسكري للولايات المتحدة الأمريكية. وختم الأستاذ لمعلمي مداخلته بمناقشة السؤال الثالث والمتعلق بموازين القوى الجديد في إفريقيا الذي أصبح يميل في اتجاه القوى الاقتصادية الصاعدة من خلال نموذج الصين الماضية في خطتها لاكتساح المنطقة كشريك اقتصادي حيث أصبحت الشريك الأول لإفريقيا من خلال استعمال قوتها الناعمة وخطاب ديبلوماسي عالمثالثي، في حين أن الغرب في موقع الدفاع عن مصالحه ونفوذه في القارة.
من جهته قدم الأستاذ لحسن العسبي وهو كاتب صحافي وباحث في البعد الجيوستراتيجي للمغرب إفريقيا ومتوسطيا مداخلة في موضوع "منطق المصالح الجديد في الفضاء المتوسطي الإفريقي". حيث أكد في مقدمة عرضه أنه سيحصر زاوية مقاربته لموضوع اليوم الدراسي بالرؤية إلى موقع المغرب من التحولات الكبرى اليوم في إفريقيا كقارة واعدة لبناء مستقبل الإقتصاد العالمي. وانطلق من هذا السؤال الإجرائي البسيط: هل الرؤية إلى المغرب من واشنطن وباريس ومدريد والجزائر تتطابق بالضرورة مع الرؤية إلى هذه العواصم من الرباط؟، يجيب ذ- العسبي أنه من الطبيعي أن لا يكون الأمر متطابقا لأن حسابات الدول تختلف تبعا لما تفرضه عليها أجنداتها المصلحية القومية العليا ليبقى الثابت هو المشترك في تقاطع تلك المصالح، ولعل السؤال الثاني ضمنيا في سياق أسئلة مماثلة، هو: ما الذي يشكله المغرب كورقة ضمن حسابات هذه الدول المصلحية ؟. الجواب عن هذا السؤال حسب ذ- العسبي يفرض توسيع الرؤية لتشمل خريطة العلاقات الإستراتيجية في الأفق الشمال - إفريقي والمتوسطي والعربي الإسلامي، وما الذي يمثله المغرب ضمن تلك الخريطة، وفي الآن نفسه أن ننظر بدقة وهدوء إلى ما تشكله تلك العواصم ضمن خريطة العلاقات الإستراتيجية المغربية مع محيطها الجهوي والإقليمي والدولي.
واعتبر ذ- العسبي أنه ضمن هذا التحول الهائل في خريطة العلاقات بين دول العالم يجب موضعة شكل علاقات المغرب الدولية خاصة ملف العلاقات المغربية الأمريكية كمثال دال لهذا التحول لذا يجب نسيان أي خطاب ممجد لماض تليد للعلاقات بين الشعبين والدولتين ممتد على أكثر من قرنين. وهنا يحق للمرء أن يعيد طرح سؤال قديم: هل المغرب صديق لأمريكا؟. الجواب هو أن واشنطن لا أصدقاء لها غير مصالحها الحيوية، وأن منطق السوق الذي تتبناه لا مجال فيه لروحية المبادئ الأخلاقية التي تميز عادة الدول التي تأسست على منطق الدولة وليس منطق السوق، فالمغرب أصبح ينظر إليه كجزء من بنية دول ببعد إفريقي متوسطي إلى الحد الذي أصبح يطرح جديا لدى الإدارة الأمريكية فكرة فصل الجزء الإفريقي من الدول العربية والإسلامية عن باقي الجزء المشرقي الآسيوي منها، بدليل التفكير منذ أكثر من سنة في إلحاحية خلق مكتب مستقل بالخارجية الأمريكية خاص بهذا الجزء من العالم، أي أن البعد الإفريقي والمتوسطي أصبح هو الغالب في الرؤية الأمريكية وليس البعد الكلاسيكي القديم من "المغرب حتى أفغانستان". وفي خضم هذه الرؤية الجديدة فإن الرباط بالنسبة لواشنطن هي ورقة ضمن حساب إفريقي متوسطي يتوازى ومصر والجزائر استراتيجيا.
بعد ذلك عرج ذ- العسبي إلى الحديث عن التراكم السياسي والحقوقي والاقتصادي الذي حققه المغرب منذ بداية التسعينات، والذي جعل القوى الدولية المتنافسة على الفضاء الإفريقي المتوسطي تترجم شكلا جديدا للعلاقات الإستراتيجية مع المغرب في البعدين الأروبي والأمريكي، ليختم مداخلته بالتأكيد على ضرورة الدفع نحو جعل عمق المغرب الصحراوي المغاربي الإفريقي من الداخلة المغربية ونواذيبو الموريتانية حتى سبها الليبية، نقطة ارتكاز لتحقيق تكتل مغاربي مندمج ضمن تقاطع المصالح الجيو - ستراتيجية بكل الشمال الإفريقي أمريكيا وأوربيا وصينيا، لأن غير ذلك سيفرض علينا مغربيا يقظة عالية لحماية مشروعنا المغربي المتمثل في ترسيخ دولة المؤسسات، ومن هنا واجب الوعي عند كل المغاربة بكل أطيافهم السياسية أننا أمام لحظة امتحان تاريخية جديدة توازي ما عاشه جيل الآباء في 11 يناير 1944.
الأستاذ عبد العالي مستور رئيس منتدى المواطنة تناول في المداخلة الثالثة موضوع "مسؤوليات تحصين وتنمية المشترك الإفريقي المتوسطي والدولي"، حيث أكد في البداية أن الدول الغربية عملت على ترك فراغات ترابية واجتماعية بين دول إفريقيا بعد الحقبة الإستعمارية لضمان التبعية مما نتج عنه ظهور دول ضعيفة وفاشلة ساهمت بشكل فعال في زمننا في إيجاد تربة خصبة لنمو وتكاثر المجموعات الإرهابية، والتي أصبحت في حد ذاتها تشكل خطرا على المصالح الغربية في المنطقة. ولم يقتصر الغرب على العمل من أجل توسيع الهوة بينه وبين دول إفريقيا بل عمد كذلك على تحطيم كل من يريد الإنعتاق من هذا الواقع تحت ذرائع مختلفة معطيا أمثلة من دول العالم الثالث (أفغانستان والعراق). فالذي ساعد على كل هذه التطورات حسب ذ- مستور هو ضعف النخب المحلية، وتغييب النقاش اللغوي والثقافي، والعمل على تفكيك الوحدة الوطنية ومؤسسات الدولة، وانعدام الوحدة الوطنية والإيديولوجية والإستراتيجية، عوض العمل على تركيب هدا التنوع ليكون متفاعلا ومنتجا الشيء الذي أدى إلى بزوغ النزعة الفردانية على حساب الوطنية والوحدة والنجاح الجماعي. واعتبر فالأستاذ مستور أن كل هذه العوامل قد أدت إلى نتيجة حتمية هي خلق مرتع خصب لنمو النزعة التطرفية والحقد، مما ساعد على ظهور الحركات المتطرفة التي يصعب على دول المنطقة محاصرة أنشطتها المتنوعة. واختتم ذ- مستور مداخلته بالتأكيد على أنه لا يمكن القضاء على هذا الوضع إلا بالرجوع إلى الشرعية الأصلية بالذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة في توسيع وترسيخ المجال الديمقراطي، وبناء مجتمع إنساني تجد فيه كل الشرائح ذواتها وآنذاك يمكن إثبات وفرض الوجود في المنطقة والمشاركة في تفاعلاتها المنتجة.
أما المداخلة ما قبل الأخيرة فكانت للأستاذ أوسي موح لحسن مهتم بمنطقة شمال افريقيا وباحث بالمركز المغربي للأبحاث في العلوم الاجتماعية والانسانية الذي ناقش موضوع "جغرافية الجماعات الارهابية بالساحل والصحراء: البدايات والمآلات"، حيث اعتبر أن وجود دول متخلفة وضعيفة وصراعات سياسية ساعد على تحول خلايا نائمة إلى منظمات إرهابية مستدلا بنموذج الصراع المسلح في الجزائر خلال عقد التسعينات بعد توقيف المسلسل الإنتخابي من طرف الجيش الجزائري حيث تحولت جبهة الإنقاذ الفائزة بالإنتخابات إلى الجماعة الإسلامية للدعوة والقتال. ثم تناول ذ- أوسي موح مناطق سيطرة المجموعات الإرهابية وخاصة في الجزائر وموريتانيا ومالي باعتبارها دولا غير متحكم فيها من طرف السلطة المركزية معتبرا أن هناك تحالفات بين المجموعات الإرهابية فرضتها طبيعة الصحراء في إفريقيا خاصة ما يقع في مالي من تهريب السلع والمخدرات والذي تتحكم فيه مافيات أمريكا اللاتينية حيث أصبحت المنطقة الصحراوية مجالا لعبور الكوكايين.
وبخصوص مسألة تفريخ العديد من التنظيمات الإرهابية فقد أعادت، حسب ذ- أوسي موح، شبح الإرهاب إلى المنطقة خاصة مع عودة التكفيريين من الصومال والعائدين من المعارك في ليبيا، ووجود مشاريع انفصالية وخاصة الدور الإرهابي الذي تلعبه جبهة البوليساريو حيث أدى انعدام الأفق السياسي والاجتماعي والتذمر من المستقبل لدى قاطني مخيمات تندوف، إلى تحول منظمة البوليساريو إلى حركة إرهابية، وأصبح قادتها رموزا لخلايا إرهابية نشيطة في الساحل كما هو الحال في مالي وتشاد وصحراء الجزائر وليبيا. وختم ذ- أوسي موح مداخلته بالتأكيد على أن مشروع الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يبقى هو الحل للحد من تنامي الخطاب التكفيري القادم من تخوم الصحراء الإفريقية.
الأستاذ مصطفى العراقي وهو كاتب صحفي وعضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان تطرق من خلال المداخلة الأخيرة خلال هذا اليوم الدراسي التي جاءت تحت عنوان "قراءة في حضور الجماعات الإرهابية بإفريقيا ودول العالم العربي"، إلى مسار الجماعات الإسلامية التي اعتبرها نتاجا وصنيعة للمخابرات الأمريكية منذ تجربة التدخل السوفياتي والأمريكي في أفغانستان، وظل أعضاءها العائدون من هذه التجربة مرتبطين بأجهزة مخابرات بلدانهم. فبعد التنظيم الأم القاعدة أصبح هناك الآن حسب ذ- العراقي جيلا جديدا من الإرهابيين كما هو الحال بالنسبة لحركة الشباب المجاهدين في الصومال، وجماعات جديدة صغيرة بكل من سوريا والعراق (النصرة والفرقان) المتفرعة عن القاعدة وذلك لتأمين استمرارها وتحركها بسهولة. وقد اعتبر ذ- العراقي أن تواجد هذه الجماعات الإرهابية ساهم في خلق حروب أهلية في المناطق التي تتواجد بها، واستهداف الأقليات الدينية، والتوجهات الدينية كالشيعة والأقباط، كما تم استغلال ما يسمى ب "الربيع العربي" لبناء قواعد جديدة بليبيا، وتونس، ومصر، واليمن، وذلك باستهداف الشباب العاطل من اجل الاستقطاب والتجنيد في المعارك الضارية في سوريا، مع خطورة عودتهم إلى البلاد في ظل وجود قابلية لدى الشباب لاستقبال الخطاب الديني المتطرف والذي يتم توظيفه لاستقطابهم. وختم ذ- العراقي مداخلته بالتأكيد على ضرورة تقوية الديمقراطية والمؤسسات ذات المصداقية، والتوزيع العادل للثروات، والحكامة في التدبير، وترسيخ التعايش داخل المجتمع ما بين الديانات والأجناس، وتحقيق الديمقراطية.
بعد ذلك فتح نقاش بين الحاضرين الذين ساهموا بملاحظاتهم وأدلوا بدلوهم في محاور اليوم الدراسي، مغنين النقاش بمداخلاتهم، منوهين بالبادرة، واعتبروا أن هذا اليوم الدراسي هو خطوة أساسية ومجسدة لفلسفة المبادرة والفعل في التعاطي مع القضايا الوطنية والكونية، مثمنين توجيه خلاصات اليوم الدراسي إلى الأمين العام للأمم المتحدة وكافة التنظيمات المعنية بالسلم ومواجهة الارهاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.