بعد تواتر دعوات الترهيب الفكري المحملة بخطابات التكفير والتحريض ضد فاعلين سياسيين، ومفكرين، وباحثين، ونشطاء مدنيين، وفي سياق النقاش الدائر بخصوص تجريم التكفير، فإن بيت الحكمة يعتبر 1 - أن تجريم التكفير يعتبر شرطا قانونيا حمائيا للأفراد وللمجتمع من كل الدعوات التحريضية التي تتعامل مع الرأي المخالف، والتفكير الحر بمنطق يتعارض مع أحكام الدستور المغربي الذي ينص في فصله الخامس والعشرين على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها، وفي فصله العشرين علىِ أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، وأن القانون يحمي هذا الحق. واعتبارا لكون هذه الدعوات تتعارض كلية مع أحكام الدستور المغربي، فإن تعزيز الحماية القانونية لهذه المواد، وأخرى تتعلق بالسلامة الجسدية والمعنوية (المادتان 21 و 22 ) يعتبر أجرأة فعلية لمضامينها، وغاياتها الدستورية. 2 - أن تكفير الناس عبر تصريحات مكتوبة، أو منطوقة، أو مصورة يعتبر تحريضا مباشرا على ارتكاب أفعال إجرامية ضد أفراد يعبرون عن آرائهم في قضايا معينة، ولعل العديد من الوقائع تؤكد أن اغتيالات استهدفت كتابا، ومفكرين، وسياسيين كانت مسبوقة بدعوات مماثلة أفضت إلى تصفيات مباشرة أو أفعال إجرامية شنيعة. 3 - إن محاولة تبرير هذه الدعوات، من أي موقع كان، وتحت أي غطاء إيديولوجي أو دعوي، أو عقدي، يعتبر تحصينا مباشرا لدعوات القتل، وحماية معنوية للفكر الإرهابي، ومسوغا عمليا لاستنبات وزرع الحقد، والعنف والتطرف. كما يعتبر بيت الحكمة 4 - إن إبداء الرأي في قضايا من صميم التطور المجتمعي، ومستلزمات التحديث الثقافي والفكري، والفقهي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجابه بخطاب تحريضي جاهز يغرف من مقولات التكفير الدخيلة على تقاليدنا الدينية، وهو الخطاب الذي ينصب نفسه وصيا على الأفراد، والمجتمع، والدولة على حد سواء. 5 - إن بناء المجتمع الديمقراطي، المتعدد، والمنفتح، والمستجيب لتطورات التاريخ، يتطلب تحصين الخيار الديمقراطي، والمكتسبات المتحققة عبر تعزيز الحماية القانونية لمجمل المقتضيات الدستورية، والتصدي لكل الأصوات والأفعال التي تشرعن التكفير ضدا على قواعد الاجتهاد، والتناظر، والجدل. عن المجلس الاداري الرباط 14 يناير 2014