شهدت قاعة «إبراهيم الراضي» المتواجدة بقصر بلدية أكادير، حفلا فنيا موسيقيا مميزا ، الاول بعد إعادة افتتاحها يوم 6 دجنبر 2013 ، بعد الاصلاحات التقنية والفنية التي خضعت لها، قصد تأهيلها لتستجيب للمعايير الخاصة بتقديم عروض فنية احترافية ووفق المواصفات الدولية ، ولتغطية النقص الحاصل على مستوى المدينة. النقص الذي جعل المجلس الجماعي للمدينة يستثمر إمكانيات مالية هامة لإعادة البريق لهاته القاعة التي كانت شاهدة على جزء كبير من تاريخ المدينة. ويكفي الاشارة إلى أنها القاعة التي أعطى من خلالها المرحوم الحسن الثاني انطلاقة المسيرة الخضراء . غوص في الحفل الفني و الحديث عن هذه القاعة المتميزة ، يحيلنا على الاطار العام للحفل ، الشراكة القائمة بين مدينتي أكادير ونانت الفرنسية، والتي أطفأت شمعتها العشرين، تم توقيعها في 29 شتنبر 1993، وفي ذات القاعة من قبل المرحوم ابراهيم الراضي الرئيس السابق للمجلس الجماعي لأكادير، والتي تم تأكيدها وتجديد مجالاتها باتفاقية التعاون الثقافي المبرمة في ماي 2013 . والحفل كان أول تجليات تنزيلها، وثمرة إقامة فنية موسيقية تقاسمتها أربع مجموعات فنية موسيقية تمثل المدينتين : مجموعة «إينوراز» المبدعة في التراث السوسي ومجموعة «نغمة» الواعدة في اللون الموسيقي الشبابي، ومجموعة «Tangerine» الرائدة في موسيقى الجاز و مجموعة «Various brotherz» الشبابية، دام أسبوعا كاملا من 15 إلى 22 دجنبر . وارتكز اختيار المدينتين على فرقتين من كل مدينة، واحدة محترفة، والثانية هاوية، لإتاحة فرص متكافئة للاستفادة والاحتكاك بين الفرق الموسيقية، وتبادل الخبرات والتجارب، والتعرف عن قرب عن التجربة الفرنسية في المجال الموسيقي . افتتح الحفل مجموعة إينوراز الرائدة في نمطها الموسيقي الذي يجعل الآلات الموسيقية السوسية الأمازيغية، كالرباب ولوتار وتاسويسيت تتكلم لغة موسيقى العالم، بعمق صوفي يسمو بالأذن ويجعلها تبحر في عمق الموروث الثقافي الموسيقي الأمازيغي، من خلال مقطوعات تجول بك في عمق دواوير سوس العالمة، وتراثها الفني، وبصياغة جديدة، تؤشر على الانفتاح على العالمية، وقدرة الفنان الأمازيغي على محاكاة موسيقى العالم. ومن هذه المقطوعات، التي تغنت بها مجموعة اينوراز و تجاوب معها الجمهور الذي تابع الحفل : تالكجونت ، أمادل، وأداء رائع لرائعة الحاج بلعيد «إستارا أوضارينو» شاركتها في عزفها المجموعة الشبابية الفرنسية " Various Brotherz" في تناغم وابداع جميلين يؤكدان أن لاحدود في الإبداع الفني في لوحة فنية عنوانها تلاقح الحضارات، وهو ما صفق له الجمهور الحاضر بحرارة. كما أدت المجموعة الشبابية مجموعة من أغاني ريبرتوارها، خاصة أغنيتها الموسومة ب «باريس» التي تحاكي تفاصيل الحياة اليومية بعاصمة الأنوار. واستمر الحفل بتقديم مجموعة أكاديرية واعدة اسمها «نغمة» بإدارة الفنان الشاب هشام العابد ومرافقة الصوت الجميل للفنانة الواعدة دنيا وراق، التي أدت أغنية الفنانة الجزائرية سعاد ماسي بلمسة خاصة أعطت الأغنية توهجا آخر، زاد من دفء الأمسية الفنية، بعدها أبحرت المجموعة بالحضور عبر رائعة «سيدي حمو» الأغنية الأمازيغية الخالدة، وبتوزيع جديد امتزجت فيه اللمسة الأمازيغية بموسيقى غربية من خلال مرافقة المجموعة الموسيقية «Tangerine» الفرنسية التي أبدعت في اندماجها مع الايقاع الموسيقي الأمازيغي والكناوي. لقد كانت الأمسية الفنية بهذا التلاقي الجميل للألوان الموسيقية، رسالة إنسانية نبيلة، مفادها أن الفن رسالة إنسانية، وأن الموسيقى لغة كونية، تنمحي معها الحواجز والحدود . كما كانت فرصة للتعريف بالفنان المحلي والتجربة الفنية المحلية . وسيستمر الغوص في هذه التجربة، كما نص على ذلك اتفاق راعيي هذه التجربة، الجماعة الحضرية لأكادير ومدينة نانت الفرنسية، بمرحلة ثانية من هذا التبادل الفني ، من خلال إقامة موسيقية لنفس المجموعات الموسيقية وذلك خلال الفترة ما بين 08 و15 من شهر يونيو 2014 بمدينة نانت . وإضافة إلى الحفل الفني، فقد قامت المجموعتان الموسيقيان الفرنسيتان وببرمجة من الجماعة الحضرية لأكادير، بأنشطة فنية موازية بكل من إعداديتي ادريس الحريزي بتكوين وابن خلدون بأنزا، وبالمعهد الموسيقي البلدي بأكادير، لإتاحة الفرصة للناشئة وطلبة المعهد الموسيقي من ملاقاة فرق موسيقية والاقتراب من تجارب أجنبية .