افتتحت ليلة الجمعة بقصر المؤتمرات بالجميرة بدبي فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي تحت شعار "الشغف بالسينما". وهو الإحتفال الذي تصادف مع قرار اختيار دبي لاحتضان معرض إكسبو الدولي لسنة 2020، مما منح للأجواء هنا ألق احتفالية غير مسبوقة، عنوانها انطلاقة جديدة للمدينة وللبلد. وكل الوجوه هنا في الإمارات تحمل آثار فرح واعتزاز خاص بهذا المنجز الجديد، الذي يعيد لدبي التصالح مع مستقبل أرسخ نموا وتطورا ووعدا اقتصاديا هائلا. ولعل مما أعطى لهذه الدورة العاشرة احتفالية خاصة، أن إدارة المهرجان قد قررت جعلها دورة عربية بامتياز، من خلال اختيار أكثر من 100 فيلم عربي ضمن 174 فيلما مختارا للعرض على مدى أيام المهرجان (6 - 14 دجنبر 2013). من هنا ذلك الحضور النوعي الكبير لفنانين وسينمائيين ونجوم عرب في هذه الدروة بشكل استثنائي. الإستثنائي أيضا هو حجم الحضور المغربي، كما ونوعا، حيث يشارك بفيلمين قصيرين ( "أنطروبيا" ليلسين ماركو 24 دقيقة - و "ميلوديا المورفين" لهشام أمال 58 دقيقة)، وفيلم وثائقي واحد هو "صوت المدينة" لدليلة نادر (90 دقيقة) والذي يقارب سؤال الهجرة بين الدارالبيضاء وباقي دول الشمال الأروبي. و 5 أفلام طويلة مشاركة ضمن المسابقة الكبرى لجائزة المهر العربي للأفلام العربية الروائية الطويلة، التي تعتبر أرفع جوائز المهرجان إلى جانب نظيرتها الخاصة بالأفلام الطويلة الروائية الآفرو آسيوية. والأفلام المغربية المتنافسة بقوة هذه السنة ضمن الدورة الجديدة لمهرجان دبي السينمائي الدولي، هي : "خونة" لشون جوليت من إنتاج مشترك بين المغرب وأمريكا والإمارات، "هم الكلاب" لهشام العسري (85 دقيقة) وهو فيلم واعد جدا كما أكد لي مسعود أمر الله المدير الفني للمهرجان إلى جانب فيلم المخرج المغربي المتألق كمال كمال "الصوت الخفي" الذي هناك إجماع هنا على أنه تحفة فنية متكاملة، ينتظر عرضه ليلة أمس الأحد، ويؤكد عرفان رشيد مدير البرامج العربية المكلف باختيار الأفلام العربية المتنافسة في هذه الدورة، أنه فيلم رائق سينمائيا وقوي حبكة وقصة وإدارة ممثلين وأنه معتز كثيرا بهذا المنجز المغربي سينمائيا. ثم فيلم "سرير الأسرار" للمخرج المغربي جيلالي فرحاتي، الذي يعتبر عرضه ليلة البارحة العرض الأول له. ثم فيلم "وداعا كارمن" لمحمد أمين بنعمرو، وهو إنتاج مشترك مغربي بلجيكي وإماراتي. ومن أهم ما ميز حفل الإفتتاح، عرض فيلم الإفتتاح الفلسطيني "عمر" لمخرجه هاني أبو أسعد (سنعود إليه في ورقة قادمة لأنه تحفة فنية خاصة)، ثم تكريم الناقد السينمائي المصري سمير فريد، الذي يتوفر في القاهرة على مكتبة وثائقية سينمائية جد غنية منذ أواسط الخمسينيات، ثم الممثل الأمريكي مارثن شين الذي شارك في أكثر من 65 فيلما عالميا لعل أشهرها "القيامة الآن". مثلما تم تقديم لجن التحكيم التي يهمنا فيها لجنة جائزة المهر العربي التي يترأسها المخرج الإيرلندي جيم شيردن المعروف بصرامته الفنية، مما سيمنح للجنة هذه كل عناصر الثقة في الحكم على الأعمال المقدمة بمقياس فني ولا شئ آخر، وتضم في عضويتها المخرجة السعودية التي خلقت الحدث مؤخرا بفيلمها الطويل الأول "وجدة" والذي حاز العديد من الجوائز الدولية والعربية هيفاء منصور، وكريستوفر لابارك المدير الإداري لفقرة "نصف شهر المخرجين" بمهرجان كان الدولي بفرنسا، والروائي العراقي سنان أنطون والمنتج الهندي سانجاي سوري. مثلما تم تقديم صباح السبت بقصر الجميرة، في حفل محدود جدا، ضم فقط الفنانين العرب المدعوين والمخرجين العرب وعددا من النقاد السينمائيين، نسخة الكتاب الأولى التي تضم اختيارات النقاد والمخرجين والممثلين السينمائيين العرب للائحة أفضل 100 فيلم عربي خلال القرن العشرين، والذي شارك فيه من المغرب 59 اسما فنيا وناقدا سينمائيا (ثاني أهم مشاركة من حيث العدد بعد مصر)، وفاز فيها بالرتبة الأولى فيلم "المومياء" لشادي عبد السلام المصري الذي يعتبر بحق تحفة سينمائية عربية خالدة لا نظائر لها جماليا وموضوعا في كل تاريخ السينما العربية إلى اليوم. (هذه النتائج سنعود إليها بتفصيل من خلال قراءة متكاملة والرتب التي احتلتها الأفلام المغربية ضمن الأفلام المئة تلك ضمن الكتاب لاحقا). أول الأفلام المغربية الطويلة التي عرضت ليلة السبت، بسينما "مدينة الجميرة" هو فيلم "سرير الأسرار" للجيلالي فرحاتي، الذي حضره جمهور نوعي، ناقش المخرج بعد عرض الفيلم نقاشا خصبا غنيا وجريئا. ويحكي الفيلم قصة طفلة وجدت متروكة وهي بعد رضيعة في مكان خلاء بضواحي تطوان واحتضنتها بطلة الفيلم التي تمتهن الدعارة وتجارة المخدرات وتهريب الخمور الرفيعة، حيث تصاعدت الحبكة بذات التقنيات المتميزة للجلالي فرحاتي، التي فيها سعة نفس في التعامل مع الزمن (الزمن النفسي للقصة)، سمح بإعادة اكتشاف الممثلة المغربية الرائعة راوية، التي من خلال كل مشاهد الفيلم عبرت فنيا عبر خطاب الجسد وملامح الوجه بلغة سينمائية رفيعة. وهو الأمر الذي توقفت عنده ملاحظات الجمهور التي اعتبروها أقوى ممثلات الفيلم. بينما فاجأت الممثلة المغربية فاطمة الزهراء بناصر في نهاية الفيلم والجنيريك يصعد شاشة العرض وأغنية حزينة رائقة تصاحب نهاية الفيلم، بأن أخدت الميكرفون وصعدت إلى خشبة العرض وشرعت في تتمة الأغنية بشكل إبداعي ممتع، مما جعل الجمهور يصفق لها طويلا.