في حوار ساخن مع موقع « 20 دقيقة » الفرنسي، أكد اللاعب الدولي السابق عبدالسلام وادو، ولاعب نانسي وفالنسيان، قبل تجربة قصيرة بالبطولة القطرية لكرة القدم ضمن فريق لخويا، تصميمه على مواصلة الجهود من أجل الدفع في اتجاه تغيير الوضع المقلق ل «حقوق» الأجانب داخل الإمارة الخليجية. في بداية حديثه، حرص وادو تفاديا لأي خلط أو تأويل غير دقيق على توضيح دوافع تحركاته قائلا : «أنا لاأريد أن أطلق النار على قطر، ولكن فقط الإسهام في إحداث تغيير». ينطلق عبد السلام من تجربته المرّة ، الممتدة لستة أشهر ، حُرم خلالها من أجرته الشهرية ووجد صعوبة كبيرة في مغادرة البلاد، ومن ثمَّ فهو لايعتبر ما يقوم به «حمْلةً» ، لأن هذه الكلمة توحي بأن الأمر يتعلق بالاستعداد ل«حرب» ، في حين أن الحقيقة غير ذلك ،« إذ أننا بمعية آخرين ضمنهم «زاهير بلونيس» لاعب فرنسي من أصول جزائرية عاش محنة أكثر قساوة نود أن تكون تجاربنا بمثابة ناقوس إنذار لجعل الرأي العام الدولي على بينة مما يقع هناك . فنحن كذلك أغرتنا الصورة التي سوّق لها القطريون بصرف الملايير بسخاء ، وهي خطة نجحت فعلا في إخفاء الحقيقة ، التي تتناقض كُلية مع ما تتناقله وسائل الإعلام». وأشار وادو إلى أن العديد من اللاعبين، من جنسيات مختلفة، عاشوا نفس السيناريو، «منهم من آثار الصمت والاستسلام ، وآخرون سعوا للدفاع عن حقوقهم، فالتجأوا إلى القضاء . وبخصوص هذه النقطة لا أنصح بالتوجه إلى محاكم الدوحة ، فكيف يمكن البحث عن العدالة وطرف النزاع غالبا ما يكون أحد أفراد الأسرة الحاكمة؟» تساءل عبد السلام، مضيفا أنه فضل عرض قضيته على «محاكم» الفيفا، «إذ أن الأمر يتعلق بمنظومة كاملة ينبغي مساءلتها، وليس فقط الجانب الخاص بلاعبي كرة القدم. فهناك أيضا أوضاع العمال الأجانب الذين يعانون من وطأة ما يعرف ب« نظام الكفالة» ( يقوم على احتضان المُشغِّل للمشَغَّل / الأجير)، والذي يمكن أن يحول دون مغادرة المشتكي للتراب القطري)، وهي وضعية يستحيل معها المُقام هناك إلى سجن تحت سماء مفتوحة». في الحوار ذاته ، كشف وادو، أنه طيلة العشرة شهور الأخيرة، تلقى مكالمات هاتفية من عدد من اللاعبين بغاية الاستفسار عن الأجواء السائدة بقطر، طالبين النصح، تفاديا لكل صدمة محتملة ، «علما بأنه لا يمكن منع أي لاعب يرغب في خوض تجربة مع أحد الأندية القطرية في ظل الإغراءات المادية الكبيرة، التي تمثلها دفاتر الشيكات القطرية المفتوحة، والتي يعجز المرء عن مقاومة جاذبيتها» ، مشيرا إلى أنه يشدد في جوابه عن تساؤلاتهم، أساسا ، على ضرورة طلب تأشيرة للخروج تُيسر المغادرة حين يطفو على السطح ما يستدعي ذلك . وبخصوص احتمال تسجيل تغيير في سلوكات مسيري الأندية القطرية، أوضح عبد السلام ، «أن ظاهرة عدم احترام بنود العُقد المبرمة مع اللاعبين الأجانب، لا تقتصر على قطر وحدها، فنفس الوضع يمكن مواجهته في دوريات كل من تركيا ، قبرص ، مثلا ، وكذا في بلدان أوربا الشرقية، لكن الخطير في قطر، هو عدم احترام حرية تحرك الأفراد، وهو سلوك يجب أن يُحْظر في القرن الواحد والعشرين، حيث يمكن أن نصف مثل هذه الممارسات بالعبودية الحديثة». ولتدعيم هذه الخلاصة، استعرض وادو بعض «عناوين» تجربة «زاهير بلونيس» القاسية : « اضطر زاهير للتنازل عن كافة مستحقاته ، ما كان يهمه هو حرية زوجته وابنتيه. لقد كاد يُقدم على الانتحار! كيف لا يبلغ هذه الدرجة من اليأس وقد «اعتُقل» لمدة سنتين، محروما من راتبه الشهري، عاجزا عن تلبية الحاجيات الأساسية لأسرته الصغيرة. لقد عاد (مؤخرا) إلى فرنسا خاليَ الوفاض ، حيث حل ضيفا بمنزل والدته»! « يحدث كل هذا ، يتابع عبد السلام ، في بلد يقدَّم إعلاميا كأحد البلدان الأكثر ثراء في العالم، إحدى مؤسساته تدعم برشلونة الإسباني بحوالي 170 مليون أورو، إلى جانب عقدٍ احتضانيٍّ ضخم مع باريس سان جرمان وُقع مؤخرا بقيمة 500 مليون أورو لمدة 5 سنوات ، بلد سهُل على مسؤوليه الرياضيين أداء مبلغ 15000 أورو لليلة الواحدة لمدة ستة أشهر قضتها أسرة بيكهام بجناح أحد أفخم الفنادق العالمية»! وبشأن الدور المُنتظر القيام به من قبل «الفيفا» ، أوضح وادو أنه ليس مطلوبا « من الجامعة الدولية «حشر أنفها» في الشؤون الداخلية لبلد ذي سيادة ، ولكن فقط العمل على الدفع في اتجاه تغيير بعض الممارسات المتنافية مع حقوق الإنسان» ، علما بأن الأمر يتعلق ب«نظامٍ ( الكفالة) يجعل من مليون و300 ألف عامل رهائن» ، و «تبقى مناسبة الاستعداد لتنظيم كأس العالم عام 2022 إحدى أجمل التظاهرات الدولية فرصة مواتية لممارسة نوع من الضغط على القطريين في أفق إصلاح أشياء تحيل على العبودية والمس بكرامة الإنسان...».