كانت أمسية حزينة تلك التي احتضنتها القاعة الكبرى للمركب الثقافي والفني أحمد الشرقاوي وجوه «نجح» الفقيد عبد الغني المالكي في إعادة الدفء العائلي إلى شرايين نوستالجيتها : نخب سياسية ونقابية وجمعوية وأكاديمية أعطت بحضورها تميزا لروح الفقيد شقيق الأخ حبيب المالكي رئيس اللجنة الإدارية وعضو المكتب السياسي..سكوت رهيب من الخشوع ملأ القاعة أحيانا كانت تتخلله زفرات وآهات الحسرة على شاب فقدته المدينة والوطن والأسرة وهو لايزال في بداية مشواره الفكري والعلمي.. فباسم الكتابة الاقليمية ومكتب فرع الحزب اللذين سهرا على تنظيم الحفل التأبيني للمرحوم ، سالك إدريس الكاتب الاقليمي للحزب ، نجح في كسر جدار الصمت ليقدم بورتريها بدلالات عميقة عن الفقيد، معتبرا إياه قمة في التواضع والإيثار والبساطة بدليل أنه لم ينبس قط حتى لأقرب الناس إليه بأنه من العائلة الفلانية أو شقيق الأستاذ المالكي، بل كانت قوة مراسه في مناهضة الظلم عبر تفاصيل حياته البسيطة، مشيرا كذلك إلى الرصيد النضالي للفقيد في علاقته بإحدى ابرز العائلات التقدمية محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا هي العائلة الاتحادية من خلال تشبث الفقيد بالدفاع عن قيم اليسار المغربي والكوني.. أما السيدة نادية البرنوصي مديرة المدرسة الوطنية للإدارة فتقدمت بخطى وئيدة تعكس سرمدية اللحظة بتأبين رفيق دربها المهني، لتتقدم بالتعازي إلى عائلة المرحوم وخاصة إلى أخيه حبيب المالكي نيابة عن كل أساتذة وأطر وأعوان هذه المدرسة، لتؤكد وبلغة عربية فصيحة وخطاب فرنسي راق بأن عزاءنا اليوم هو عزاء مشترك.. صديق عائلة المالكي ورفيق درب المرحوم الأستاذ الجامعي والأكاديمي ابن مدينة ابي الجعد الدكتور أيلي الباز، وبلكنة مغربية صرفة نجح في استرجاع شريط من الذكريات النادرة حينما كان رفيقا للمرحوم يلازمه حتى في بيت العائلة ، متحدثا عن كرونولوجية علاقة التعايش الإسلامي اليهودي بمدينة أبي الجعد عبر العلاقة التي كانت تجمع والده بوالد الاستاذ المالكي ، معتزا في ذات الوقت بثقافته اليهودية المغربية وملخصا في ذات الوقت مناقب الفقيد الكثيرة، ملخصا إياها في حبه اللامتناهي لمسقط رأسه ولوطنه. مدير مدرسة الطرطوشي التي كان يدرس بها المرحوم الى جانب زملائه من التلاميذ البجعديين مسلمين ويهود، الاستاذ لخميس عبد القادر، تقدم بدوره بأحر التعازي إلى الأخ حبيب المالكي و أفراد عائلته الحاضرين بالقاعة باسم كل أطر هذه المدرسة التي قال عنها إنها قدمت نموذجا متقدما للتعايش التربوي والثقافي اليهودي المغربي بفضائها والتي تخرجت منها نخب كثيرة ساهمت في بناء الدولة المغربية من اليهود والمسلمين، بدليل كما أكد، توالي أرقام تسجيلهم بالمدرسة، إذ كان رقم تسجيل المرحوم بالمدرسة هو3311 بعد التلميذ اليهودي ساباي ليفي والمسلم الشرقاوي نور الدين وبيريس روزا وبوطبول جاكلين ...مذكرا بأن أخاه حبيب المالكي كان قد سجل هو الآخر تحت رقم 360 بهذه المدرسة . من بين الذين أدلوا بشهادتهم في حق الفقيد صديقه ورفيق طفولته الأستاذ حسن النوري من هيئة المحامين بالدار البيضاء، معتبرا أن كلمات الرثاء والعزاء هي التي ستجعلنا جميعا نتجاوز هذه المحنة العائلية .النوري اعتبر الفقيد نموذجا للمثقف المتواضع الذي يبحث ويبدع وينتج في صمت على غرار الجندي الذي يوثر العمل خلف الستار، متقدما في ذات الوقت ونيابة عن كل الأصدقاء الذين كلفوه، بأحر التعازي إلى الأستاذ المالكي وعائلته في فقدانهم لابنهم عبد الغني الذي اعتبر ابتسامته الدائمة كانت تختزل حبه وإخلاصه لكل الذين يعرفهم ويعرفونه وسلوكاته كانت تبين مدى احترامه لعائلته وتأثره بأخيه الأستاذ المالكي عبد المجيد المسكيني وباسم عائلة الأستاذ حبيب المالكي الذي بدا متأثرا لرحيل أخيه، قدم الشكر للكتابة الإقليمية ولأعضاء مكتب فرع الحزب بأبي الجعد، الذين سهروا على تنظيم هذا الحفل التأبيني العائلي، مستغربا من عوادي الزمن ومكر التاريخ حينما يتصادف رحيل المشمول برحمة الله عبد الغني وهو يوم 6 أكتوبر 2013 مع ذكرى وفاة شقيقه سيدي محمد المالكي في ذات اليوم من 2008 ، متمنيا للوالدتين الحاجة خدوج والحاجة فطومة موفور الصحة والعافية . واستعرض ادريس سالك الكاتب الاقليمي في كلمته أرواح شهداء الحركة الاتحادية الذين بصموا تاريخ المغرب الحديث بتضحياتهم اللامتناهية، مقدما في ذات الوقت وباسم الكتابة الإقليمية ومكتب فرع الحزب ونيابة عن عائلة الأستاذ حبيب المالكي ، التشكرات لكل من واسهم في هذا المصاب الجلل.