تأكيدا لما سبق أن أشارت إليه جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها الصادر أمس، قرر مجلس مدينة طنجة بالإجماع، مساء أول أمس الإثنين ضمن الشوط الثاني من دورة أكتوبر، تأجيل المصادقة على دفتر التحملات الذي سيؤطر عملية بيع أهم العقارات التي يمتلكها مجلس المدينة، بغرض توفير 160 مليار سنتيم التي التزم بها المجلس كمساهمة منه في التركيبة المالية لمشروع طنجة الكبرى البالغ تكلفته الإجمالية 760 مليار، إلى حين إعادة دراسته دفتر التحملات من جديد من طرف لجينة مكونة من نائب العمدة المكلف بالملف وأعضاء بلجان التعمير، المالية والمرافق وبمشاركة أطر المجلس. قرار تأجيل هاته النقطة البالغة الحساسية كان منتظرا، حسب مصادر متطابقة، بسبب الغموض الذي شاب عملية تحديد الأسعار الابتدائية لهاته العقارات، والتي على أساسها سيتم عرضها للبيع عن طريق المزايدة، ذلك أن اللجنة المشكلة، باقتراح من الوالي اليعقوبي، من ممثل للمجلس ومسؤولي بعض القطاعات الحكومية، التي عهد إليها بحصر وتقييم العقارات التي ستعرض للبيع، وتقديم مقترحاتها للمجلس من أجل المصادقة، اشتغلت بكيفية موضوعية وراعت الأسعار الحقيقية المتداولة في السوق. لكن وبعد أن رفعت اللجنة نتائج أشغالها للوالي اليعقوبي لإبداء رأيه فيها قبل إحالتها على المجلس للمصادقة، قرر بشكل انفرادي تخفيض الأسعار المقترحة إلى مستويات غير منطقية، وهو ما خلف تساؤلات في صفوف أعضاء اللجنة التي لم تستسغ هذا القرار مثلما لم تستوعب خلفياته الحقيقية، واستدلت مصادرنا بما تضمنه مشروع دفتر التحملات الذي أحيل على مجلس المدينة، من مقترحات اعتبرها المستشارون غير متطابقة مع حقيقة سعر العقار بطنجة، فمركب ابن بطوطة المحاذي لسوق كاسباراطا الشهير الذي يقع في أهم منطقة تجارية بالمدينة، حيث أن المقترح المعروض على المجلس هو 5000 درهم للمتر المربع والحال أن الثمن الحقيقي لا يقل عن 20 ألف درهم / م2، كما أن المستودعات المحاذية للمحطة الطرقية والبالغ مساحتها 5391 م2، فالسعر المقترح على المجلس هو 15 ألف درهم/ م2، في حين أن الثمن الحقيقي لا يقل عن 25 ألف درهم، نفس الوضع بالنسبة للعقار الواقع بشارع المقاومة في قلب المدينة، حيث السعر الحقيقي للمتر المربع يتجاوز 22 ألف درهم بينما المقترح المطروح على المجلس للتداول فيه حدد السعر في 13 ألف درهم/ م2. وتساءلت مصادر الجريدة عن الخلفيات الحقيقية التي دفعت الوالي اليعقوبي للتخفيض من الأثمنة التي وضعتها لجنة التقييم، منبهة إلى أن من شأن اعتماد هذه المقترحات أن يساهم في إهدار خطير للمال العام، مع العلم أن هذا الرصيد العقاري يبقى هو الرأسمال المتبقي للمجلس، والحال أنه كان من الأجدر التفكير في وسائل أخرى لاستغلال هذا الرصيد في مشاريع استثمارية، من خلال إحداث شركات التنمية المحلية بشراكة مع القطاع الخاص أو مع صندوق الإيداع والتدبير، وهي العلمية التي ستوفر، في حالة اعتمادها، مداخيل مهمة تضاعف تلك التي ينتظر أن يجنيها مجلس المدينة من عمليات البيع. وحذرت المصادر من ارتكاب أخطاء قاتلة عند تنزيل مشروع طنجة الكبرى، بسبب إصرار الوالي اليعقوبي على الاستفراد باتخاذ جميع القرارات المتعلقة بهذا الورش الضخم، الذي أراده جلالة الملك أن يكون مشروعا رائدا ونموذجا حضريا غير مسبوق في الحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط.