نظمت جمعية «ملتقى الحوار الديموقراطي» يوم لجمعة 22 نونبر الجاري ندوة علمية في موضوع : الراهن العربي بعد التحولات. وقد استضافت هذه الندوة، التي شاركت فيها نخبة من المثقفين والفاعلين السياسيين، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، التي ساهمت بإنجاح الندوة واستضافة المشاركين. ونظرا لغنى وتنوع المواضيع وزوايا معالجة الموضوع وُزعت أشغالها على عدة جلسات صباحية ومسائية ترأسها كل من: ثريا ماجدولين، محمد محيفيظ ومحمود معروف. افتتح الندوة رئيس الملتقى الأستاذ طالع السعود الأطلسي الذي، وجه الشكر لعميد الكلية الأستاذ عبد الرحيم بنحادة الذي صالح الكلية مع محيطها الفكري والاجتماعي، و اعتبر أن جميع المداخلات والعروض ستكون لحظة فكرية هامة لتحليل الوضع العربي الراهن ومعرفة واقعه ومآله. مذكرا أن الواقع العربي في ظل هذه التحولات التاريخية التي فاجأت العالم تحتاج إلى وقفة تأمل وتفكيك لفهمها فهما حقيقيا وعميقا. وفي نفس السياق أكد الكاتب اللبناني «الفضل شلق» أن المطروح على الفاعلين والمثقفين والمواطنين هو قراءة مختلف أشكال الوعي التي وجدت مع ما سمي ب»الربيع العربي». فما حدث ويحدث في العالم العربي يمكن قراءته باعتباره ثورة متواصلة منذ ثورة الأمير عبد القادر بالجزائر وعبد الكريم الخطابي بالمغرب مرورا بالمقاومتين الفلسطينية واللبنانية، ليتبين أن العالم العربي عاش ثورات داخلية وخارجية لمقاومة الاستبداد والامبريالية. كما أن ما يحدث في العالم العربي، يقول مضيفا، يدعو إلى تأمل قضايا السلطة والدولة والشعب إضافة إلى تأمل البروز الجديد للإسلام السياسي الذي كان مهيئا للصعود إلى سلطة الحكم، وذلك أمر طبيعي لأنه قد شاع في هذه الفترات التاريخية المتتالية مفهوم إعطاء الأهمية للأمة على الدلوة. فالدولة في نظر التيار ليست مهمة، ووجود الامة هو يتضمن وجود الدولة. وأضاف شلق أنه مع «الربيع العربي» عادت إلى الطرح من جديد القضايا المتعلقة بالدولة والسلطة والشعب والحكم. وهنا بدأ الإسلاميون يمطّطون ويوسعون من شعارهم «الإسلام هو الحل» ناسين، أو متناسين أن ما يجمع الشعوب العربية هو القضايا السياسية الكبرى: فلسطين، سطوة إسرائيل، الديمقراطية، الكرامة، العدالة الإجتماعية، الشغل..إلخ فأين التيارات الإسلامية من هذه القضايا الكبرى؟. وتحدث المفكر والروائي بنسالم حميش عن التمرد العربي واعتبر أنه قام أساسا ضد أنظمة فاسدة وديكتاتورية. وأكد أن الحوار في هذه المرحلة أصبح صعبا، وأن كل أشكال التفاوض تجد أمامها عراقيل إما تؤجلها أو تلغيها. ولا أدل على ذلك من صولات وجولات إسرائيل في الشرق الأوسط. بل ونعتها صاحب «العلامة» بأنها الولاية 51 في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وعاد للتأكيد أن الوضع صعب وحرج إقليميا ودوليا. ونصح المراقبين والدارسين بأن تكون لهم أشكال وعي تاريخية. فالثورة ليست طبخة سريعة، بل هي تحولات وراء تحولات. فالملاحظ والظاهر أنه منذ أواخر دجنبر 2011 و الربيع العربي يطيح بالطغاة، فانتقل الخوف من المحكومين إلى الحاكمين. والنتائج الاخرى ستظهر بعد مدة تاريخية. وسجل حميش على حركات التمرد العربية أنها تفتقد للقيادات الفكرية. كما أنها اشتغلت بواسطة التكنولوجيا الحديثة، وظهر فاعلون كانوا مغمورين. لكن، وهذا هو الأمر الخطير، كانت هذه الحركات مخترقة من عناصر وتنظيمات لا تنتمي إليها ولا تحمل شعاراتها وقناعاتها. كما أن شعارات تلك الحركات لم ترفع شعارات ضد إسرائيل التي تعيث فسادا في المنطقة العربية، ربما لأن تلك الحركات تخوض حروبها وصراعاتها ضد العدو الداخلي الذي هو الحاكم العربي. وفي تدخل للأستاذ العربي المستاري أكد أنه منذ ثلاث سنوات لم يحدث أي تحول جديد سوى حالات عدم الاستقرار. وأضاف أن كلمة الثورة مبالغ فيها. فالعالم العربي يجتر ويعاني أعطابا قديمة وجديدة في جسمه. لكن المشكلة ليست في تلك الأعطاب فقط، بل في العرب الذين دائما يطاردون سرابا جديدا. ففي الخمسينيات كان سرابنا هو أننا اعتقدنا أن الخلاص النهائي هو مواجهة ومجابهة الاستعمار. بعد ذلك جاءت مرحلة الحوار بين الإسلاميين والقوميين، واعتقد العرب أن هذا هو الخلاص. فلم ينجح الحوار القومي الإسلامي ولا الحركات التي جاءت في السبعينيات، إلى أن احتقنت الشعوب وانتفضت اليوم في انتفاضات وثورات شهدت من العنف مالم يكن متوقعا بلغ حتى رفع السلاح، وهذا ما حدث في ليبيا ومصر وسوريا الآن. فقامت تكنولوجيا الإعلام المتطورة بنشر صور تلك الثورات والاصطدامات وأصبحنا نعيشها وكأنها مصيرنا الخاص. ونحن في المغرب، يضيف المستاري، وضعنا دستورا جديدا فبدأت الأمور تتحسن عبر خارطة طريق جديدة. لكن مازالت الحركات الجماهيرية تحتج وتطالب بما غاب من مطالبها ولم يتحقق لحد الآن مثل الشغل والعدالة الاجتماعية. أما المفكر اللبناني فواز الطرابلسي فأكد أننا لازلنا نفكر في ما يجري وهذا يدل على تخلف كبير في إدراكنا لهذه الظواهر. وإن مصطلح «الربيع العربي» فرض علينا من طرف الغرب. أما نحن العرب فأنتجنا بلاغتنا الخاصة: « ذهب الربيع وجاء الخريف». وأضاف الطربلسي أن ما يحدث ليست ثورة بالمعنى العلمي للكلمة. بل يمكن نعتها بكونها حركة تستعمل قوة الجماهير لتغيير النظام السياسي والإطاحة بالاستبداد وبالأنظمة الفاسدة. وعبّر عن تخوفه من مستقبل هذه الحركات قائلا : «لم أعرف في العالم ثورة لم تتحول إلى حرب أهلية». إذن فالحروب الاهلية على الأبواب تنتظر وقتها لتندلع. وهذا ما ينبغي التفكير والعمل على تجنبه لأن الحرب الأهلية تعرف بدايتها وتجهل نهايتها. وأكد الطرابلسي أن ما نحن شهود عليه هو أن أكثر الناس في العالم العربي لم تعد تطيق العيش في ظل هذه الأنظمة. لكن المعضلة الكبرى هو أن هذه الحركات قام بها تياران مختلفان إيديولوجيا وتاريخيا: حركات احتجاجية شعبية يقودها تقدميون وحداثيون، وتيارات منظمة ولا تملك حلولا للوضع هي التيارات الإسلامية بشعارها القديم «الإسلام هو الحل» و «الارتداد على الدولة المدنية» وتناول الكلمة الاستاذ عبد العالي حامي الدين فقال : «إننا أمام مرحلة جديدة بكل المقاييس بغض النظر عن تسميتها. ولا أدل على ذلك من شعار «ارحل» و «الشعب يريد». غير أن باقي الشعارات التي رفعت عن العمل والكرامة هي، حسب رأيه، شعارات مثالية لا تعبر بالضبط عن أمل هذه الشعوب. ومباشرة بعد سقوط بعض الانظمة ظهر الغموض وساد. ذلك أن الأحزاب والحركات النقابية والسلطة ذاتها فوجئت بما جرى ويجري. فظهر العجز عن إيجاد تسوية سياسية، لذلك كان الإجماع حول القيم وليس حول مضامين هذه القيم. وتحدث الأستاذ محمد الشيكر عن أن هذه التطورات الميدانية تسعى إلى ارساء قواعد الديموقراطية . والسؤال هو: « هل سيستوعب الشارع العربي هذه الثورة التي بدأت في كل مكان دون معرفة متى تنتهي؟». وطرح المتدخل عدة أسئلة تتعلق بطبيعة الربيع العربي، وعن إمكانية فهم حقيقته ومساراته وانحرافاته، خصوصا الانحرافات التي عرفها مسار الربيع ولم تكن متوقعة. وأضاف أن نجاح مسار ثوري ما يفترض القدرة على الربط بين الزمن الاجتماعي والزمن المجتمعي، بين الاستعجال والسيرورة. من جهته، يرى ذ عبد الصمد بلكبير، الأستاذ الجامعي أن السياسيين ذي المرجعية الإسلامية الذين وصلوا إلى سدة الحكم ما بعد الربيع العربي في العالم العربي يشتغلون بدرجة عالية في التاكتيكية، وهذا يذكرنا بالنهج اللينيني، لكن على درجة منحطة في الإستراتيجية، موضحا في نفس الوقت أن واقع الحال يؤكد أنه لايعني أن هؤلاء الإسلامين لا يشتغلون قط على الإستراتيجية. وسجل بلكبير، في مداخلة له خلال ندوة في إطار اليوم الذي نظمه ملتقى الحوار الديمقراطي حول «الوضع العربي، أسئلة الراهن بعد التحولات الجديدة» يوم الجمعة الماضي بفضاء كلية العلوم الإنسانية والآداب بحضور ثلة من المثقفين والجامعيين والمفكرين المغاربة والتونسيين واللبنانيين والطلبة، أنه يجب التمييز ما بين الاعتراض والمعارضة لدى الإسلاميين، فالاعتراض لدى هؤلاء هو حين يكتفون ب «لا إله» أما المعارضة فهي التي تكتمل ب «إلا الله». ويعتقد بلكبير في نفس الندوة التي أدار أشغالها الصحفي محمد معروف، أن المغرب أو البلدان العربية ليست في مرحلة البناء الديمقراطي، لكنها مازالت في مرحلة الانتقال الديمقراطي، ويجب أن تكون كذلك، لأن بالنسبة له اليوم الحل الإسلامي خطأ، والحل الاشتراكي خطأ، والحل يكمن في مرحلة الانتقال الديمقراطي، وهذا ما يتفق فيه معه ذ عبد الإله بلقزيز أن ما هو مطروح اليوم على جدول الأعمال هو الانتقال الديمقراطي وليس البناء الديمقراطي، إذ يعتبر بلقزيز أن بناء الديمقراطية في البلدان العربية هذا جزء من المنبغيات، مشددا في السياق ذاته على ضرورة إنجاز مرحلة الانتقال الديمقراطي التي بالإمكان أن تطول نحو البناء الديمقراطي كما حصل في أوربا. وهاجم بلكبير الحركة الإسلامية في نفس المداخلة، متهما إياها بأنها تخلت عن أربعة مقومات أساسية، والتي ستجعلها في انحطاط دائم وبإمكانها أن تكون حافرة لقبرها بنفسها، أول هذه المقومات أو الشروط تخليها عن البعد الوطني أو الشرط الوطني، حيث الملاحظ أن الإسلاميين اليوم قد تخلوا عن البعد الوطني وسقطوا في العدمية الوطنية والتوجه نحو الرأسمالية العالمية. أما بالنسبة للشرط الثاني، الذي تم التخلي عنه، فهو التوازن الاجتماعي، حيث أصبحوا يدافعون عن منطق السوق والخوصصة... وهذا التوجه جعلهم يتوافقون مع توجيهات صندوق النقد الدولي العالمي، وهذا ما حصل في المغرب، حين يتمثل الشرط الثالث في التخلي عن المستضعفين، حيث أصبحت قضية المستضعفين قضية إحسان، إذ كتب المفكر مصطفى السباعي أن الفكر القومي أصبح أكثر انفتاحا من الفكر الإسلامي، والمقوم الرابع هو الهوية المفتوحة والهوية المغلقة، فقد أصبح للإسلاميين عداء لكل ما هو حداثي بالخصوص الاشتراكية، مؤكدا في نفس الصدد أن هناك حقيقة أصبحت راسخة هو كلما تقدمنا في الزمن و إلا تأخر الوعي الإسلامي. وخلص بلكبير في آخر مداخلته في شجاعة فكرية مثيرة، إلى أن الوضع العربي الراهن، بارتباط مع الحركة الإسلامية، في تراجعات على كل المستويات إلى درجة السقوط في الإرهابية، وهذا بالنسبة لبلكبير المعروف بدراساته حول الفكر الإسلامي والحركة الإسلامية، دخول في الانتحار للحركة الإسلامية وإنتاج فكر انتحاري أو ما يصطلحون عليهم هم بالشهادة. وبشكل تفاؤلي، يعتبر بلكبير أن العرب بخير استراتيجيا وتاريخيا، معللا ذلك بكون نحن العرب لازلنا مستهدفين مادمنا نقاوم، وهناك صمود عربي كما أن النظام العالمي الجديد مشغول بنا جيدا. وقدم حسن طارق، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم الاقتصادية والحقوق بسطات، خلال نفس الندوة مداخلة حول التنافر بين الإسلاميين والدولة المدنية قدم خلالها ملاحظات عن مفهوم الدولة المدنية لدى الإسلاميين بعد الربيع العربي ومدى هروبهم من هذا المفهوم، بل هناك تأويل خاطئ لذلك من قبلهم. والملاحظة الأولى لحسن طارق تتمثل في أن الإسلاميين يفكرون في مفهوم الدولة المدنية انطلاقا من التلقي العام لديهم للعلمانية كمفهوم، والملاحظة الثانية تتحدد في أن الدولة المدنية لم يستقم لها البناء النظري كمفهوم بالنظر للعلمانية، والسائد عموما أن مفهوم الدولة المدنية يبدو كجواب سياسي أكثر ما هو نظري ونقدي، ويسوق طارق أمثلة في الصدد، فعدد كبير من السياسة احتضنت هذا المفهوم للدولة المدنية في تونس والمغرب ودافعت عنه، ولا يمكن أن تخرج هذا المفهوم من سياسة هذا المفهوم له. وفي السياق ذاته أشار طارق إلى أن هذا المفهوم للدولة المدنية سياسيا سيحضر ويعود في لحظات الدسترة التي لازالت موجاتها مرتدة إلى حدود اليوم، وذلك في سياقات إعادة بناء الدولة الوطنية والميثاق التأسيسي للدستور، الهوية الجماعية وتوظيف موقع الدين سواء في المغرب أو أقطار عربية أخرى، كجزء من النقاش الذي انصب حول الهوية، بينما في تونس اختلاف كبير في تصور السلطة التأسيسية ولتصورها للدولة لتونسية. والملاحظة الثالثة حصرها حسن طارق أننا أمام مفهوم للدولة المدنية ذا طابع سياسي تاكتيكي يعكس التأويل، مبرزا في هذا الإطار أن هناك بعض الحركات التي امتلكت تأويله تصل به في آخر المطاف إلى نقيضه ما يجعلنا أمام مفهوم معرض للالتفاف عليه ومفهوم هش، ويرجع ذلك إلى ارتهان هذا المفهوم بالسياق، ما عزز هذه الهشاشة على ضوء هذه المرجعية الثانية من الحراك الذي يبدو افقه مظلما. ومن جانبه اعتبر عبد الرحمان العمراني، أستاذ كلية العلوم الاقتصادية والحقوق بفاس، أن التجربة الإسلامية في الحكم على المستوى العربي أثبت حقيقة دامغة لا غبار عليها، هي فراغ البرنامج في كل ممارسة حكومية، ويوضح العمراني في مداخلة له بنفس الندوة أن الأطروحة المركزية التي ينبني عليها كل عمل سياسي تتجلى في ثلاثة مستويات، المستوى الأول ينحصر في الإيديولوجية أو منظومة القيم والمرجعية التي تنهل منها هذه الحركة والفاعلون السياسيون، ثم البرنامج الذي تسكن (بضم التاء) فيه هذه الإيديولوجية بالإضافة إلى المستوى الثالث هو الأداء التقنوقراطي. في التجربة الحالية للإسلاميين في الحكم فرغم قصرها، يرى العمراني أن هناك تنافرا بين هذه المستويات وعدم ارتباط عضوي، مسجلا أن هناك لديهم فراغا في البرنامج، في حين أن التقنوقراطي وجد نفس في وضعية أريحية بشكل كبير، بل إن التقنوقراطي مع تجربة الاسلامين في وضع أريح من التجارب الأخرى لأنه غير مقيد بذالك التقابل والارتباط ما بين البرنامج والايدولوجيا، ما يجعل عملية التنفيذ له سهلة ومريحة. وفي محور آخر حول ممكنات المشروع الديمقراطي، الذي سير أشغال جلسته طالع سعود الأطلسي، رئيس منتدى الحوار الديمقراطي، قدم المفكر التونسي مداخلة حول المشروع الديمقراطي في البلدان العربية، تحدث خلالها عن مثطبات ومجهضات هذا المشروع، مشيرا إلى ثلاثة أسباب رئيسية تقف وراء هذا التعثر نحو الانتقال الديمقراطي سواء في دول المغرب العربي أو البلدان العربية. ويرى الشرفي أن فشل البلدان العربية والمغاربية في إقرار النظام الديمقراطي الذي يعتبر أحد تجليات الحداثة، يرجع إلى أسباب عديدة، منها الريع الاقتصادي والمالي المنتشر بفضل البترول لدى بعض هذه الدول، فراغ وفشل الأنظمة التربوية والتعليمة، بالإضافة إلى الأوضاع الاجتماعية المعيشية الصعبة لدى غالبية الشعوب، وانسداد الآفاق أمام الشباب... كما اعتبر الشرفي أن وضعية المرأة التي لازالت تكافح من أجل تحررها ومساواتها بالرجل في أغلب ميادين الحياة أحد الأسباب المركزية في عدم انتقال البلدان العربية إلى الديمقراطية. ومن جهة يعتقد الشرفي أن الحداثة ليست مشروعا بقدر ما هي نمط حضاري نشأ في الغرب، ولكنه أصبح كونيا بكل متطلباته المعرفية والمادية، فليس للمسلمين من خيار آخر غير الانخراط في هذا النمط الحضاري، وما نظام الحكم الديمقراطي إلا أحد تجليات الحداثة، فكل محاولة للرجوع إلى نظام غيره قائم على الخلافة أو على أي شكل آخر من مزج الدين بالسياسة، محكوم عليها بالفشل عاجلا أم آجلا. وشدد أن الديمقراطية تحتاج إلى وقت لتترسخ في الأذهان وفي المؤسسات، لذلك فالإسلام السياسي مضطر هو كذلك إلى التطور وإلى نبذ كل ما يتعارض مع مقتضيات حرية الضمير والمساواة بين الجنسين وبين جميع المواطنين بصرف النظر عن خياراتهم العقائدية والدينية.