احتضنت القاهرة على مدى ثلاثة أيام (16- 18 نونبر الجاري)، المؤتمر التأسيسي لاتحاد الصحفيين الآفرو آسيويين، المنضوي تحت لواء المنظمة العتيدة (التي كان من مؤسسيها الشهيد المهدي بنبركة في الخمسينات من القرن الماضي)، منظمة الإتحاد الأفرو آسيوي، والذي تميز بمشاركة صحفيين من 17 دولة إفريقية وآسيوية، من جنوب إفريقيا حتى الصين، ومن المغرب حتى نايمار. واعتبر احتضان القاهرة لهذا المؤتمر التأسيسي، ضمن الظروف السياسية للتحول الديمقراطي، التي تعيشها مصر، استعادة للدور الكلاسيكي لأرض النيل بين قارتي إفريقيا وآسيا، وأنها وعد جديد لمصر أخرى قادمة، منتصرة لحقها في لعب دورها الإقليمي الذي يهبه لها موقعها الجيو استراتيجي. وهذا ما ترجمه حجم الاهتمام الرسمي بهذا المؤتمر التأسيسي، الذي ليس فقط أنه تم تحت الرعاية المباشرة لرئيس الجمهورية المستشار منصور عدلي، بل إنه بعث رسالة إلى المؤتمرين ألقيت بالنيابة عنه (لتواجده بالكويت) شددت على أهمية استعادة مصر لدورها القاري في إفريقيا ودورها الاستراتيجي في آسيا، وأن الرهان على الإعلام هو رهان لحماية حقوق الشعوب في الحرية والعدل والكرامة. وأن مصر الجديدة لا يمكنها أن تخاصم إرادة شعبها في التحول الديمقراطي وفي سيادة دولة القانون والحريات ومناهضة التطرف من أي شكل كان. مثلما تجلى ذلك في حضور وزيرة الإعلام المصرية درية شرف الدين تلك الجلسة وإلقاء كلمة هامة حول دور الإعلام في الثورتين المصرتين اللتين أطاحتا برئيسين في القاهرة في ثلاث سنوات. وكذا كلمة وزير الثقافة المصري، مما يعكس حجم الاهتمام الرسمي هنا بهذا المؤتمر التأسيسي. وبعد ثلاثة أيام من مناقشة القانون الأساسي للاتحاد(دستور الإتحاد) وآليات العمل والاشتغال، وهو النقاش الذي شهد تعديلات عدة من المجموعتين العربية والفرنسية في آسيا وإفريقيا، تم انتخاب هيئات هذه المنظمة الصحفية الجديدة، التي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم، كونها تضم صحفيي قارتين كبيرتين من حجم آسيا وإفريقيا، واعدتين معا، سياسيا واقتصاديا وتنمويا وطاقيا في القادم من العقود على امتداد القرن الواحد والعشرين كله، التي أسندت فيها الرئاسة لإفريقيا (على أن تسند في المؤتمر القادم الرئاسة لدولة من آسيا) في شخص السودان، التي قدم وفدها بعد ذلك اسم نقيب صحفييها محيي الدين تيتاوي (وهو صديق كبير للمغرب) لشغل منصب رئيس اتحاد الصحفيين الآفرو آسيويين، فيما تم انتخاب نائبين له، واحد عن آسيا من سوريا، سيتم اختيار اسمه لاحقا من قبل نقابة الصحفيين السوريين الحرة، والثاني من المغرب في شخص الزميلة بديعة الراضي (عضو المنظمة الآفرو آسيوية وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والصحفية بيومية «الاتحاد الاشتراكي»)، وهو الاختيار الذي اعتبر انتصارا للمغرب، خاصة بعد تنازل دولة الكونغو قبل عملية التصويت لصالح المغرب، وهو التنازل الذي صفقت له القاعة، علما بأن المغرب كان قد تقدم بترشيحه لرئاسة الاتحاد، لكنه بعد مشاورات بين أعضاء الوفد (المشكل من كل من بديعة الراضي ومصطفى صفر ولحسن العسبي) والوفد الفلسطيني والوفد الكونغولي، قرر المغرب سحب ترشيحه لصالح السودان. فيما تم انتخاب مصر لمنصب الأمانة العامة (دولة المقر)، في شخص السيدة الفاضلة والصحفية الجريئة سكينة فؤاد، مستشارة رئيس الجمهورية المصرية اليوم، والمستشارة السابقة للرئيس المطاح به محمد مرسي، التي قدمت استقالتها له قبل المصادقة على الدستور لعدم اتفاقها مع الطريقة الإقصائية التي تم بها إعداد تلك الوثيقة الدستورية الهامة. وهي سيدة جد فاضلة وخلوقة وذات تكوين علمي رصين وتجربة مهنية تمتد على أكثر من نصف قرن. ولقد وقف المؤتمر تحية لها بعد إعلان اختيار اسمها لذلك المنصب. فيما تم اختيار ثلاثة نواب لها من كل من مصر والعراق والكونغو. بينما اختيرت لمكتب العلاقات الخارجية، فلسطين. وعاد مكتب الإعلام والنشر لموريتانيا، ومكتب الشؤون الثقافية لتونس، ومكتب الحريات لإثيوبيا. وتقرر أن يعقد المؤتمر الأول للاتحاد في ذات الشهر من السنة القادمة بالعاصمة السودانية الخرطوم. ورغم الدعم الكبير الذي قدمته الصين للمؤتمر وحضور سفيرها افتتاح أشغال المؤتمر كضيف شرف إلى جانب السودان، فإن صحفيي بكين أعلنوا أمام المؤتمر أنهم لن يترشحوا لأي منصب وأنهم سيدعمون أي مكتب تسييري سيم انتخابه، وهو الموقف الذي صفق له المؤتمر. في ختام هذا المؤتمر التأسيسي الهام والنوعي، لاتحاد صحفيي إفريقيا وآسيا، حرصت الأستاذة سكينة فؤاد، على تحية الوفد المغربي على مشاركته الإيجابية في كل أشغال المؤتمر، خاصة حرصه إلى جانب مؤتمري الكونغو وتونس، على احترام الآليات الديمقراطية لانتخاب القيادة الأولى للاتحاد، وكذا نوعية التعديلات القانونية واللغوية الدقيقة التي أدخلوها إلى جانب الوفد العراقي، (النوعي والمتميز بكفاءات مشاركيه)، على القانون الأساسي وعلى باقي مؤسسات الاتحاد.