ليون الإفريقي ، حياة الوزان الفاسي ، وآثاره ، هو عنوان كتاب لمحمد مهدي الحجوي [1903/ 1968] ، وقد صدر عن وزارة الثقافة سنة 2013 ضمن سلسلة أبحاث . أعده للنشر، وقدم له الباحث المقتدر الدكتورأنورالمرتجي .عدد الصفحات 97 صفحة. لوحة الغلاف بورتريه حسن الوزان، أنجزه حوالي سنة 1520 الرسام الإيطالي سيباستيانو ديل بيومبي [ 1485 / 1547 ] ، ويعتبر من رسامي النهضة المعاصرين لحسن الوزان . على ظهر الغلاف كلمة تؤكد على أهمية الكتاب « تجدر الإشارة إلى أن كتاب وصف إفريقيا لليون الإفريقي بقي لقرون عديدة ، المصدر الوحيد لمعرفة شمال إفريقيا ، وبلاد المغرب حتى نهاية القرن الثامن عشر، إذ نجد أن جل المراجع الجغرافية عن إفريقيا، صارت تعتمد على كتاب الوزان ، من أجل اكتشاف هذه القارة ومعرفتها «. تضمن الكتاب أربعة مداخل هي : الأول في عشر صفحات للأستاذ أنور المرتجي ، والثاني تصدير بقلم محمد المهدي الحجوي ، والثالث من توقيع المؤرخ الكبير مولاي عبد الرحمن بن زيدان ، والرابع عبارة عن قصيدة ، وضع لها عنوان « تقريض « للأستاذ العلامة القاضي سيدي أحمد السكيرج [ 1878/1944 ] ، وقد أشاد فيها بالشباب المقبل على التعلم ، وبأهمية العلم ، لأنه السبيل الوحيد للترقي والازدهار، وختم بالتنويه بمحمد مهدي الحجوي لأنه نقَّب عن حياة حسن الوزان ، وقدم صورته على أحسن وجه : هكذا ينبغي من الشبان أن يقوما بواجب الأوطان مقبلين على التعلم حتى يصلوا لمناهم في أمان إلى أن يقول : وهو فينا المهدي الموفق حقا حيث أضحى مترجم الوزان فهو أحيى منه مآثر كانت في زوايا الخفاء في استحسان ويختم بقوله : أيها المهدي للعموم علوما كالرضى المهدي نير الأذهان لك منا الشكر الجميل ولا زال أبوك الحجوي رفيع مكان ينقسم الكتاب بعد مقدمة المؤلف إلى قسمين : الأول تناول فيه محمد مهدي الحجوي حياة الوزان ، والثاني استعرض فيه آثاره مقدما في نهاية البحث نموذجين من هذه الجغرافية، وهما : الجغرافية التقسيمية، والجغرافية الوصفية . المدخل الذي كتبه الأستاذ أنور المرتجي هام وعميق ، لأنه غني بالعديد من المعطيات المتعلقة بالمترجَم له ، لذلك سأركز عليه في هذه الورقة. أول شيء استهل به بحثه هو أن شهرة حسن الوزان تعود بالأساس إلى رواية « ليون الإفريقي « التي كتبها الروائي اللبناني أمين معلوف باللغة الفرنسية ، ويصحح فكرة القول بأن هذا الأخير هو مكتشف حسن الوزان « كنا نعتقد أن أمين معلوف هو الذي اكتشف شخصية ليون الإفريقي وحياته الأسطورية وتنقلاته العجيبة ، لكنني كما يقول الكاتب سمير عطا الله ، اكتشفت فيما بعد أن عشرات الكتب قد وضعت عن حياة الوزان» ص:3، ومن الأوائل الذين تناولوا هذه الشخصية في العهد القريب المعلم بطرس البستاني عام 1867 ، ومحمد المهدي الحجوي سنة 1933.استعرض الأستاذ أنور المرتجي الفصول العجيبة من حياة ليون الأفريقي ، الذي كان شاهدا على أحداث تاريخية كبيرة ، أهمها نهاية الأندلس ، وقد عايش الحرب الأخيرة بين المسلمين والإسبان ، والتي أدت إلى سقوط مملكة بني الأحمر في غرناطة سنة 1492.في هذه المدينة المنكوبة ولد حسن الوزان ، وكان عمره أربع سنوات [ ولد سنة 1488] . بعد الذي صار انتقلت الأسرة إلى فاس،التي نهل من جامعها القرويين علوم عصره على يد نخبة من العلماء المرموقين. مارس عدة وظائف أهمها السفارة في عهد الوطاسين ، وقد مكنته من معرفة أحوال ومسالك البلدان العديدة التي زارها في إفريقية والشرق العربي والإسلامي، مما ساعده فيما بعد على تأليف كتابه وصف إفريقية . لعل نقطة التحول في حياة الوزان المعروف أيضا بيوحنا الأسد الإفريقي هو أسره في جزيرة جربة التونسية التي قدم إليها من رحلة في الشرق وكان الذي اعتقله هو قرصان أخذه إلى إيطاليا كهدية للبابا ليون العاشر. لم ينقذ حسن الوزان من مصير مجهول غيرعلمه الغزير ، وقد أبهر الناس بسعة اطلاعه بمن فيهم البابا نفسه . هذا الأخير « آنس فيه فطنة ودراية علمية ، فبادر إلى عتقه وشمله بعطفه وقرر له معاشا سخيا،حتى لا يفكر في الهروب والرحيل إلى بلده « ص :5. خلع عليه البابا اسمه ، وهو لِيون ، وبذلك يسمى ليون الإفريقي ، و هوالاسم الغالب عليه في الغرب ، والمعروف به عند الأمم . فرض عليه التحول من الإسلام إلى المسيحية فقبل خوفا على نفسه ، إلا أنه في قرار نفسه ظل مؤمنا بعقيدته الإسلامية . البابا هذا كان محبا للآداب والفنون ومعرفة حياة الشعوب وحضارتها ، لذلك طلب من حسن الوزان أن يؤلف له كتابا عن إفريقيا . تواجده في إيطاليا في هذا الزمن بالذات جعله يكون شاهدا عل بداية عصر النهضة والأنوار في أروبا ، بل اعتُبِر من صناع هذه النهضة . يقول محمد مهدي الحجوي في هذا الصدد :» ولا نجازف إذا قلنا أن صاحبنا الحسن الوزان الفاسي كان من جملة الأيادي العاملة والقوات الفعالة لتحقيق رغائب البابا المذكور، ولا نجازف إذا رجَّعنا إليه الفضل في جملة أنحاء النهضة الأروبية الكبرى ، وأرجعنا هذا الفضل معه لفاس وجامعتها العلمية بواسطته « ص: 40 هذا الكتاب عن حسن الوزان هو البحث الذي شارك به المؤلف الحجوي في مؤتمر معهد المباحث العليا الثامن الذي انعقد بفاس سنة 1933 . وقد سلط فيه الضوء على شخصية فذة ظلت في الظل برغم سمو مكانتها ، ولعبها عدة أدوار لها الفضل سواء في الداخل ، أو الخارج . تناول بعد المقدمة اسمه ، وعائلته ، ومولده ،ونشأته، ودخوله في الحياة العامة، وحياته في المغرب وأسفاره،ورحلته خارج المغرب،وأسره ، وعصره بالمغرب ، وعصره بأروبا ، ومعارفه ، ومشيخته ، وأفكاره . هذه هي عناوين القسم الأول من الكتاب، وقد فصل القول فيها مع التركيز على تعدد اهتمامات المترجَم له ؛ فهو المؤرخ والجغرافي والنحوي والأديب والشاعر. القسم الثاني تم فيه عرض الكتاب من خلال الخطوات التالية: كتاب وصف إفريقيا مادة الكتاب وكيفية استمداد المؤلف تقسيم الكتاب الجغرافية الطبيعية العامة الجغرافية الطقسية الجغرافية الاقتصادية والاجتماعية المناطق النباتية والزراعية المحصولات الطبيعية والصناعية طرق المواصلة أنواع السكان المعيشة واللباس أنواع المدنيات الجغرافية الإنسانية والسياسية . ختم المؤلف كتابه بتقديم مثالين من كتاب وصف إفريقيا. الأول يتعلق بالجغرافية التقسيمية ، وقد اختار كنموذج المغرب. الثاني يتعلق بالجغرافية الوصفية ، والنموذج المقترح من طرف الكاتب ، هو وصف فاس . في الختام أسوق من المقدمة التي كتبها الأستاذ أنور المرتجي هذه الشهادة الحاملة لأكثر من دلالة ، وهي للباحثة الأمريكية نتالي زيمون ديفيس،التي قالت عن ليون الإفريقي بأنه « أشبه بطائر يعيش في البر والبحر، أو كأنه مواطن قادم من أبراج بابل ، تعلم اللغة الإيطالية واللاتينية عند إقامته بروما ، كان يتكلم قبل أسره اللغة العبرية لمجاورته ليهود الملاح في فاس واللغة القشتالية التي أتقنها في طفولته قبل مغادرته إمارة غرناطةمسقط رأسه ، والأمازيغية الريفية نظرا لزيارته المتكررة إلى جهة الريف ، واللاتينية لغة التاليف والمعرفة في موطن المنفى «. ص: 11.