عن «دار سما للنشر والتوزيع»، صدر منذ أيام كتاب هامّ بعنْوان» منشقّون عن الإخوان: رؤي في حكم الجماعة»، من إعداد الكاتب الصحفي فوزي عويس. الكتابُ عبارة عنْ حوارات أجراها الكاتب والصحافيّ فوزي عويس مع قيادات جماعة الإخوان الذين انشقّوا عن الجماعة، إما بناء على مراجعة فكرية كاملة أو شبه كاملة، وإمّا اعتراضا على انحراف خطّ الجماعة ومنْهجها، أو يأسا من محاولاتهم إحداث التطوير في عملها وتصويب نهجها. وقد ركّز الكتاب على أعضاء وقيادات سابقة بالجماعة لأنهم الأقدر على تحليل سياسات وممارسات الإخوان، ويشمل الكتاب قيادات يمثلوا الأجيال المتعاقبة من الجماعة فمنهم من تخطي السبعين ومنهم من هم في الخمسينيات والأربعينيات أو حتي العشرينات إلا أن العامل المشترك بين كل هؤلاء وغيرهم أن الجماعة حادت عن طريق الدعوة تحت تأثير شهوة السياسة. في مقدمة الكتاب، يبيّن عويسْ أن هناك من بين أبرز أعضاء الجماعة وقيادييها من يخلعون عنهم العباءة الاخوانية ويعلنون خروجهم وانشقاقهم عن الجماعة لأسباب كثيرة من بينها انتشار الفكر القطبي»نسبة إلى سيد قطب« أو إهدار الرقابة على التنظيم أو الاعتراض على انتخابات المرشد العام وعدم صحتها أو الاحتجاج على التفاوض مع نظام مبارك بعد ثورة يناير على حساب الثوار أو الترشح لرئاسة الجمهورية على غير ما وعدت الجماعة، وهناك من فر من المعبد بعد أن رأى برهان ربه وعقب مراجعة فكرية كاملة ولن يكون هؤلاء آخر المنشقين. من هنا يعرض الكتاب لحوارات غاية في الأهمية مع محمد حبيب وعبد الجليل الشرنوبي ومختار نوح وعبد الستار المليجي وثروت الخرباوي وإسلام الكتاتني وكمال الهلباوي. ويضيف الكاتب بأنّ تعاطف ملايين المصريين مع الإخوان كان عائداً إلى طبيعة الشعب المصري العاطفية جداً والمتدينة للغاية، مسلمين ومسيحيين، وان هؤلاء المصريين طيلة تاريخهم يعشقون البطل المقهور أيا ما كان، ويصدقون عنه كل الأساطير. ألا يعشق هؤلاء المصريون ادهم الشرقاوي على الرغم أنه كان مجرد قاطع للطريق لأنه كان يتعرض للملاحقة من قوات الشرطة المصرية والجيش البريطاني؟ ولا يجد القطب الإخواني صبحي صالح حرجاً مطلقاً عندما يقول في حوار تلفزيوني أن شعبية الإخوان الطاغية تصل إلى حد ان الشعب المصري سينتخب أي إخواني ولو كان كلباً ميتاً, وشاهد المصريون نفس التعالي والغطرسة وهم يتابعون الإخوان في مجلس الشعب الأول بعد انتفاضة 25 يناير عبر النقل الحي للجلسات وتعرف المصريون على قلة خبرة أعضاء الإخوان في المجلس وشعورهم بالكثرة وقد أعجبتهم يومئذ كثرتهم وتشددهم في فرض وجهات نظرهم وأدرك المصريون في غالبيتهم التناقض التام بين الإسلام الذي ينسب الإخوان أنفسهم إليه ومشاعر الانتقام والثأر والتكبر التي ملأت الأجواء في مصر ووضع رموز النظام السابق في السجون بأي طريقة عن طريق بلاغات يقدمها مناصرو الإخوان وتتحول إلى قضايا في معظمها لا تستحق مجرد توجيه اتهام بدليل عشرات الأحكام الصادرة عن محكمة النقض بإلغاء أحكام محاكم الجنايات، ووصل الأمر بالدكتور عصام العريان إلى الإعلان في فيديو شهير على اليوتيوب بثقة متناهية أن الرئيس السابق حسني مبارك لن يخرج من السجن إلا إلى القبر دونما كلمة عن القضاء أو العدل أو حتى الله سبحانه وتعالى وهو القائل «قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير» وتواصل التناقض بين الإسلام الذي ينسب الإخوان أنفسهم إليه وبين صفة الكذب التي تحظرها كل الأديان في تراجع الإخوان عن العديد والعديد من التعهدات التي قطعوها على أنفسهم سواء على مستوى هيئتهم العليا مكتب الإرشاد أو على مستوى الرئاسة بعد انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية. الجزء الأول من كتاب «منشقون عن الإخوان»، هو حوار مع النائب الأول للمرشد العام قبل الانشقاق، د.محمد حبيب، الذي بدأ حديثه عن مرحلة الانهيار الاقتصادي التي تعيشها البلاد، وانخفاض الاحتياطي النقدي في عهد الرئيس مرسي، الذي لم يُلق بالًا أو اهتماماً بالأزمة الاقتصادية. وكشف حبيب أنه رغب في التزام الإخوان بما قالوه في البداية، حيث الالتزام بالمنافسة على نسبة 30% فقط من كراسي البرلمان... وألا يطرحوا منافساً للانتخابات الرئاسية، واصفاً هذا التراجع بأنه غياب للرؤية وفقدان للاستراتيجية، ولافتاً إلى الأسباب التي جعلت الجماعة تتراجع عن تعهداتها للرأي العام، من بينها ترشح د.عبد المنعم أبو الفتوح، والشيخ الداعية السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل، معرباً عن أنه كان يأمل بأن تأتي خطوة الوصول إلى سدة الحكم بعد عشر سنوات، ومشيرا إلى تراجع شعبية الإخوان في الشارع المصري، وموضحاً أن مصر كبيرة على الإخوان في ظل غياب الكوادر والإمكانات والخبرة ورؤية استراتيجية. ويشمل الحوار، رأي حبيب في العديد من الأمور، من بينها المؤسسة العسكرية، واستعادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي ثقة الشعب في هذه المؤسسة. أما الجزء الثاني من الكتاب، فهو حوار مع القيادي البارز وسفير الجماعة في أوروبا، إلى أن انشق عنها، كمال الهلباوي، الذي اختار ترك الجماعة بعد أن بدا له تخبطها في اتخاذ القرارات عقب ثورة يناير، ويصف الهلباوي أخطاء الإخوان بالفاحشة، مشدداً على أن ترديد الجماعة أنها أنجزت أعظم دستور في العالم ما هو إلا تدليس. ويقدم عويس في الجزء الثالث، حواره مع الرجل الذي كشف «سر المعبد» وأوجع «قلب الإخوان»، وهو المفكر والمحامي ثروت الخرباوي، وهو الحوار الباعث على فكرة إجراء سلسلة من الحوارات مع آخرين ممن انشقوا عن الإخوان، إذ وصف الخرباوي جماعة الإخوان، بأنها أخطر جماعة في تاريخ الأمة الإسلامية؛ محذراً الناس منهم، واصفاً إياهم بأنهم يقولون ما لا يفعلون، وأن الكذب عقيدة راسخة في ضمائرهم. وحول محاولات اختراق الإخوان للأزهر الشريف، يؤكد الخرباوي، أن هذه المحاولات تجري منذ سنوات، لكن الأزهر ظل عصياً على الاختراق، لافتاً إلى أن مناهج الأزهر التعليمية تجعل هناك قدراً من الوسطية والاعتدال، فالأزهر عائق أمام الإخوان. ويخصص فوزي عويس، الجزء الرابع من كتابه للمحامي الذي «أخون» نقابة المحامين، وفقًا لتعبير عويس، وهو: مختار نوح، الذي انشق عن الجماعة في العام 2005، وجاء في حواره، أن الإخوان يحكمون مصر بما يخالف شرع الله، وأن الغاية عندهم تبرر الوسيلة، واصفًا الدستور الذي أنجزه الإخوان بأنه الأسوأ منذ عام 1866. كما يتضمن الكتاب، مجموعة أخرى من الحوارات، أبرزها مع المؤرخ الذي توقع وصول الإخوان إلى الحكم، وسقوطهم عنه في غضون عامٍ واحد، الدكتور أحمد رائف.