(...) بداية وبمناسبة حلول السنة الهجرية الجديدة أبلغكم باسم إخوانكم في المكتب المركزي، أجمل التهاني وأصدق المتمنيات لكم ولكافة مناضلات ومناضلي الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بالتوفيق والسداد في أعمالكم ومهامكم النضالية ومسؤولياتكم، خدمة للصالح العام ولمستقبل الشغيلة المغربية وحركتها النقابية. في نفس الوقت، وقبل البدء في عرض المكتب المركزي، أود أن أبلغكم اعتذارنا عن التأخر الحاصل في عقد دورة المجلس الوطني هاته، ولكن ومهما يكن لنا من تقصير لابد من الإقرار به فلا يجب أن يحجب عنا الأسباب الموضوعية التي ساهمت كذلك في تأخير هذا الاجتماع وهي تتعلق بالأساس بالمناخ السياسي العام الذي عاشته بلادنا في أعقاب تفكك الأغلبية الحكومية ومسارات تشكيل حكومة جديدة بأغلبية جديدة وأجواء الترقب والانتظارية التي خيمت على المشهد السياسي وعلى الحركة الاجتماعية. الوضع الدولي والإقليمي (...) تنعقد دورة مجلسنا الوطني، هذه في ظل أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية متسمة بهجمة الرأسمال العالمي الجديد على مكتسبات وحقوق الطبقة العاملة وعموم المأجورين بفعل الأزمة المالية العالمية التي أخذت أبعاد أزمة اقتصادية واجتماعية حقيقية أدت إلى فقدان مئات الآلاف من العمال لعملهم وانخفاض القدرة الشرائية وتنامي الهجرة ولجوء الحكومات إلى سن إجراءات تقشفية طالت تخفيض الأجور ومراجعة أنظمة التقاعد، والتغطيات الصحية والتقليص من ميزانيات القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم والسكن.... وهي إجراءات أملاها صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، ومؤتمرات الدول الأكثر غنى في العالم من أجل حماية النظام العالمي الجديد وإنقاذه من أزمنة الهيكلية. كما ينعقد مجلسنا الوطني في ظل تحولات سياسية عميقة تعيشها المنطقة العربية، وفق مخطط امبريالي عالمي جديد، كانت بداياته في تشجيع انقسام الصف الفلسطيني وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وفي العراق بعد احتلاله وتقسيمه وزرع بذور الحرب الأهلية فيه، لينتقل واقع الاقتتال واللاستقرار إلى أقطار عربية أخرى حيث أفضت هذه الانتفاضات الشعبية والتي سميت «بالربيع العربي» إلى الإطاحة برموز بعض الأنظمة الديكتاتورية والبوليسية، إلا أن تطورات الوضع في كل من تونس مصر ليبيا وسوريا ودخول الحركات الإسلامية المتطرفة على الخط، يجعلنا نؤكد على أن التغيير الديمقراطي لا يمكن أن يتم إلا في ظل حوار ديمقراطي وأن التنمية الديمقراطية البشرية والاقتصادية والسياسية رهينة بمجتمعات تنعم بمستوى جيد للتعليم وبالحقوق الأساسية في الصحة والسكن وحرية التعبير والتنظيم والحريات المدنية، وهي الكفيلة بتقوية روح المواطنة وتقوية النسيج المجتمعي الضامن للاستقلال والاستقرار والوحدة. القضية الوطنية (...) نجتمع اليوم وقضية وحدتنا الترابية تعيش على إيقاع مؤامرة جديدة/ قديمة يقودها وبالمكشوف النظام الجزائري المستمر في دعمه لدعاة الانفصال خارج الوطن وداخله، محاولا تطويق وإضعاف المبادرات المغربية الرامية إلى وضع حد لهذا النزاع المفتعل، بمبادرة الحكم الذاتي وتطبيق الجهوية الموسعة والتي نالت تعاطفا دوليا وإقليميا، أزعج حكام الجزائر الذين يحاولون تفجير هذا الوضع عبر رسالتهم الماكرة إلى تجمع «أبوجي» وتجنيد وسائل إعلامهم لإذكاء روح العدوانية والكراهية ما بين الشعبين الشقيقين في الجزائر والمغرب ولإلهاء الرأي العام الجزائري عما يجري في مطبخ السلطة والرئاسة الجزائرية... إننا إذ نعتبر إجماع كل مكونات الشعب المغربي حول وحدتنا الترابية عامل أساسي في صيانتها ومواجهة كل المؤامرات المحيطة بها، فإننا كفيدراليين نؤكد على ضرورة تنمية مناطقنا الصحراوية، تنمية حقيقية ليس فقط على مستوى البنيات التحتية الأساسية بل كذلك بتوفير التعليم الجيد لأبناء المنطقة وضمان حقوقهم في الصحة والتشغيل والسكن والضرب على أيدي كل المافيات المستغلة لهذا الوضع والساعية إلى الاغتناء غير المشروع والاستفادة من الريع الاقتصادي والسياسي. كما نوجه نداءانا إلى الشعب الجزائري الشقيق وبصفة خاصة إلى الطبقة العاملة الجزائرية إلى وضع اليد في اليد من أجل تمتين أواصر الصداقة والأخوة بين الشعبين والضغط من أجل فتح الحدود وإرساء قواعد التكامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين شعوب المنطقة المغاربية. الأوضاع الوطنية (...) مما لا شك فيه أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، لا تبعث على الارتياح، بل أن ما يجري في ظل هذه الحكومة في نسختيها يظل مصدر قلق لدى عموم الشغيلة المغربية والجماهير الشعبية وكذا الطبقات المتوسطة، وهو وضع ينذر بالانفجار خاصة على ضوء الإجراءات الممعنة في التقشف التي أتى بها مشروع القانون المالي الحالي، والتي تستهدف القدرة الشرائية للمواطنين وجيوب المأجورين جراء الارتفاعات الصاروخية للأسعار والضرائب المباشرة والغير مباشرة، مقابل تجميد الأجور وتقليص مناصب الشغل، والتراجع عن الترقيات والتضييق على الحريات النقابية، بعد إلغاء الحوار الاجتماعي والتنصل من الاتفاقات وعلى رأسها اتفاق 26 أبريل 2011. إن الحكومة الحالية ذات التوجهات المحافظة، ما فتئت تستغل الشروط السياسية الوطنية والإقليمية التي أتت بها لتدبير الشأن العام الوطني لتمرير مخططاتها اللاوطنية واللاديمقراطية والمنصاعة لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وللرأسمال اللبيرالي والماسة بالاستقلال الاقتصادي الوطني، لترجع بعجلة النمو إلى الوراء من خلال التوجه نحو الاقتراض بعدما حققت أرقاما قياسية في نسبة التضخم والعجز التي ستبلغ حسب تصريح الحكومة 46,6 مليار درهم وهذا الرقم قد يصل إلى 59,7 مليار درهم حسب المحللين الاقتصاديين كما أن نسبة البطالة ستبلغ 17% في الوسط الحضري ومجموع ا لعاطلين عن العمل سيبلغ أكثر من مليون وسبعة آلاف في صفوف الفئة العمرية أكثر من 15 سنة إذا انضاف إلى هذا تراجع الاستثمارات العمومية بما يعنيه من انحباس في بناء المدارس والجامعات والمستشفيات والمستوصفات وتوسيع شبكة الطرقات وشبكات الماء الصالح للشرب والكهرباء، وتوفير الموارد البشرية الضرورية في مختلف المرافق الاجتماعية.... فإن سنة 2014 ستكون سنة سوداء في تاريخ هذه الحكومة، ومخيبة لآمال الفئات العريضة من الشعب المغربي ومن انتظارات المجتمع المدني بعد المصادقة على دستور2011. التنسيق النقابي اختارت الفيدرالية الديمقراطية للشغل منذ مؤتمرها البحث عن مسار توحيد نضالات الحركة النقابية كإجابة عملية على واقع التشردم الذي يضعف قوة الطبقة العاملة ويجعل مكاسبها الاجتماعية عرضة للانتهاك والإجهاز وفي هذا السياق تمكنت الفيدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديدمقراطية للشغل من خلق شروط ملائمة لعمل نقابي مشترك أعاد الأمل للأجراء في إمكانية الدفاع الموحد على المكاسب والمطالب العمالية وقد توجت هذه الإرادة المشتركة للمنظمتين النقابيتين بتنظيم مسيرة الكرامة بالدار البيضاء يوم 27 ماي 2012 ومسيرة الحرية بالرباط يوم 30 مارس 2013 للتنديد بالسياسة الحكومية اللامسؤولة من المسألة الاجتماعية وتجاهلها المستمر لكل النداءات والاحتجاجات وتماديها في سياسة التفقير للفئات الدنيا والوسطى من الشعب المغربي. إن التنسيق النقابي بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل يتقوى ويتصلب يوما بعد يوم فاللجنة المشتركة تجتمع بانتظام والمكتبين المركزي والتنفيذي يجتمعان كلما دعت الضرورة إلى ذلك ويصدر عنها بلاغات وبيانات للرأي العام الوطني ويبحثان عن السبل المشتركة الكفيلة بالتصدي للسياسة الحكومية اللاشعبية ونأمل جاهدين على توسيع هذا التنسيق النقابي بالانفتاح على منظمات نقابية أخرى حتى نتمكن من خلق قوة نقابية عمالية مناضلة للدفاع الجماعي عن حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة. وفي هذا الإطار لابد من تسجيل خطوة تجلت في عدة لقاءات مع إخواننا في الاتحاد المغربي للشغل كان من نتائجها تأسيس لجنة ثلاثية مشتركة عقدت فعلا اجتماعها الأول قبل عيد الأضحى على أن تستأنف أشغالها فيما بعد. اللقاءات مع الأحزاب التقدمية والديمقراطية دأبت الفيدرالية الديمقراطية للشغل على عقد لقاءات تشاورية مع الأحزاب التقدمية والديمقراطية في بداية الدخول الاجتماعي للتداول حول واقع الطبقة العاملة وما تتطلبه المرحلة من دعم سياسي للمنظمات النقابية في مواجهة السياسة الحكومية وتماشيا مع هذا التقليد عقد المكتب المركزي الفيدرالي في شهري شتنبر وأكتوبر اجتماعات مع المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الطليعة وحزب المؤتمر الاتحادي فيما تعذر الاجتماع مع الحزب الاشتراكي الموحد واليسار الأخضر لأسباب مرتبطة بالتزامات هذين الحزبين واتسمت هذه اللقاءات بالجدية والإيجابية عبرت قيادات هذه الأحزاب عن دعمها ومساندتها لنضالات الطبقة العاملة من خلال المبادرات النضالية التي تقودها المنظمات النقابية. وفي نفس السياق حضر المكتب المركزي في المبادرة النضالية التي نظمها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يوم السبت 5 أكتوبر 2013 بالرباط تحت شعار : ضد الابتزاز السياسي والتفقير الاجتماعي. الحوار الاجتماعي تتطلع الفيدرالية للشغل المساهمة في بناء مجتمع مغربي متوازن ومستقر ومتضامن تتوسطه طبقة وسطى واسعة كقاطرة للتنمية وضامنة للاستقرار السياسي والاجتماعي في ظل نموذج عادل يحقق العيش الكريم للطبقة العاملة وعموم المواطنين ويوفر شروط الفعالية والتنافسية والمسؤولية الاجتماعية الإدارية والانتاجية والخدماتية. إن المدخل الأساسي لتركيز هذا النموذج الاجتماعي المجتمعي رهين بتوفير الإرادة السياسية الوطنية الصادقة لمؤسسة الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف كآلية حضارية تستجيب للمعايير الدولية في التفاوض الجماعي لتلبية المطالب العمالية وتطوير المقاولة المغربية وتقوية الاقتصاد الوطني لمواجهة تداعيات الهشاشة الاجتماعية. إن هذه الحكومة منذ تنصيبها عملت على محاربة العمل النقابي من خلال تهميشها للحوار الاجتماعي المركزي والقطاعي والمحلي وأجهزت على المكتسبات العمالية التي تحققت بفضل تراكم نضالات الأجراء ومن ضمنها الاقتطاع من أجور المضربين في الوظيفة العمومية والجماعات الترابية دون سند دستوري ولا قانوني وكذا التضييق على الحريات النقابية وضرب القدرة الشرائية بالزيادات المتتالية لأسعار المحروقات والمواد الأساسية والاستهلاكية ويرجع الفضل لهذه الحكومة في مؤسسة ديمومة الزيادات في الأسعار بإقرارها لنظام المقاسة. وفي المقابل تجاهلت تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011 علما أنها ملزمة سياسيا وأخلاقيا في إطار استمرار المرفق العمومي بتنفيذه كاملا وخصوصا إحداث درجة جديدة للموظفين والتصديق على الاتفاقية 87 المتعلقة بالحرية النقابية وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي وإخراج صندوق التعويض عن فقدان الشغل للوجود وتعميم استفادة كافة العمال والعاملات من الحماية الاجتماعية وإصلاح منظومة الأجور وأجرأة التعويض عن المناطق النائية الصعبة. إن الحكومة لا تمتلك رؤية سياسية واضحة للإصلاح ولا تؤمن بالحوار ليس فقط مع المنظمات النقابية بل أيضا مع الفرقاء السياسيين والاقتصاديين وهو ما يؤكد فشلها في تدبير السياسيات العمومية، إن ما تسميه الحكومة إصلاحا لنظامي المقاصة والتقاعد يؤدي تكلفته الأجراء وعموم الفئات الدنيا والمتوسطة إنما هو فقط مشاريع إجراءات تقنية ومالية صرفية لتعويض العجوزات المالية بعيدة كل البعد عن الإصلاح الشامل، وفي هذا السياق فإن محاولتها لتمرير ملف إصلاح أنظمة التقاعد بتطبيق المعايير المقياسية دون اتباع المسطرة المتفق عليها بإكمال اللجنة التقنية لعملها واجتماع اللجنة الوطنية التي لها الصلاحية باتخاذ أي قرار بشأن إصلاح الشامل يعبر بجلاء عن افتقار الحكومة للرؤية السياسية للإصلاح وخضوعها لإملاءات المؤسسات المالية الدولية. الأفاق (...) مهما يكن من تقصير في عملنا فلابد من تسجيل حضورنا الوازن على مستويات عدة كدور الفريق الفيدرالي في الغرفة الثانية وممثلي الفيدرالية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وكذا على مستوى التعاون والتكوين والمرأة. ومع ذلك فإننا في الفيدرالية الديمقراطية للشغل واعون كل الوعي بصعوبة المرحلة ودقتها وجسامة التحديات المرفوعة أمام الحركة النقابية المغربية خاصة في واقع الشتات وضعف التنظيم والانخراط وشراسة الهجمة الحكومية على الحريات النقابية وعلى رأسها الحق في الإضراب إلا أننا واتقون في قدرة الطبقة العاملة وممثليها النقابيين الديمقراطيين على استنهاض كل الطاقات لإيقاف هذا الزحف الرجعي بكل الوسائل والأشكال النضالية المشروعة ، وإن الفيدراليين والفيدراليات قادرون على تغيير ميزان القوى وخلق شروط نهوض عمالي عارم في إطار التحالف والتنسيق النقابيين وتحقيق الوحدة النضالية للطبقة العاملة المغربية . كما أننا واعون بما للحركة السياسية التقدمية والحداثية وحركة المجتمع المدني من دور فعال في تحقيق التكامل في مواجهة كل المخططات الرامية إلى النيل من المكتسبات الشعبية في مختلف المجالات.