ترى هل شأن مدينة وزان يدبر وفق المقاربة المرجوة ؟ لو كان الأمر كذلك، هل كانت المدينة ستكون على ما هي عليه اليوم ، مخطئة موعدها مع التنمية ، لا تبرح مكانها ، رغم ما تتوفر عليه من إمكانيات ومؤهلات وموقع استراتيجي ؟ مجمل القول ، يمكن الجزم بأن تدبير شأن دار الضمانة يوجد على مسافة الألف ميل من التدبير المبني على الحكامة الجيدة ، بل يمكن اعتباره تدبيرا يوجد في خصومة مع المفهوم الحقيقي للانتداب ، وهو بالمناسبة المفهوم المعتمد في أعرق الدول الديمقراطية ، وليس وصفة خاصة ببلدنا . هذه الوضعية كانت منتظرة منذ اليوم الأول لانتخابات يونيه 2009 التي لم تدشن مرحلة انتخابية جديدة في وزان مختلفة عن سابقاتها ، ولم تحرر الحقل الإنتخابي من أعطابه . أربع سنوات من التضليل « الحقيقة هي أول ضحية تسقط في الحرب » . حكمة بليغة خرجت من فم تشرشل ونسون ، فالأطراف المتحاربة تكون الحقيقة دائما هي مرمى مدفعياتهم . أما الشهيد عمر بن جلون فقد لخص الحرب المفتوحة على الحقيقة في جملة بليغة، حيث قال « التضليل أخطر أشكال القمع » . إذا فصلنا الحكمتين عن سياقهما، وألبسناهما التجربة الجماعية لحاضرة وزان التي انسلخ من عمرها إلى حد الآن أزيد من أربع سنوات، فإن أهم ما ستحتفظ به ذاكرة فعاليات وزانية تتصف « بالصدق والنزاهة وروح المسؤولية العالية « بالإضافة إلى الوقوف سدا منيعا في وجه انطلاق قطار تنمية عاصمة الإقليم ، تنتصب الحقيقة التي كانت ضحية حرب التضليل التي أعلنها جل اللاعبين فوق رقعة دار الضمانة ، بحثا عن حصتهم من الكعكة . لقد نسي أعضاء المجلس البلدي بأن الكثير منهم لا يستحقون أن يكونوا أعضاء في الأصل ، لا موهبة ، ولا احتراف ، ولا ثقافة ، ولا تجربة ، ولا مصداقية ، ولا أخلاق تساعدهم على أداء مهامهم النبيلة . لقد نسيت غالبية هؤلاء الأعضاء بأن صلاحيتهم قد انتهت منذ زمان ، وأنه ما كان بإمكانهم يوما الوصول إلى حيث هم الآن ، لولا إفسادهم للعملية الانتخابية بشراء ذمم المواطنين والمواطنات ، الذين تنطبق عليهم مقولة الزعيم جمال عبد الناصر التي جاء فيها « من لا يملك قوت يومه ، لا يملك حرية قراره » . الرئاسة الحالية للمجلس البلدي هي جزء من معضلة تدبير شأن دار الضمانة، وهذه حقيقة لا يمكن أن يختلف حولها إثنان . لكن المعضلة الكبرى تكمن في من حول «قبة» طريق شفشاون ، إلى «قِبلة» منذ يوم إعلان نتائج الإقتراع العام ، إلى يوم المقلب المعلوم ( 22 / 6 / 2009 ) .... المعضلة في بعض الأحزاب التي أثثت لوائحها بمن كان يجب أن يكون وراء القضبان بعد أن فاحت رائحة الفساد من جسمه .... المعضلة في الأعضاء الذين يغيرون انتماءهم الحزبي( إن كان لهم أصلا ) كما يغيروا ألبستهم . تغيير مفتوح على كل القراءات التي تخطر على البال ..... المعضلة في الحياد السلبي للسلطة طيلة الحملة الانتخابية .... المعضلة في الأعضاء الذين حولوا انتدابهم إلى أسهم تباع في بورصة انتخابات الكبار ( الاستحقاقات الجهوية والإقليمية والوطنية ) ..... أما أم المعضلات التي أفرغت العملية الانتخابية والسياسية من جوهرها ، فهي اصطفاف من أياديهم بيضاء، وذممهم نظيفة ، بجانب كتيبة المفسدين من الأعضاء الآخرين لاعتبارات سياسوية ساقطة ! وهم بهذا السلوك، يسوقون صورا تنفر الساكنة من السياسة، وتفرض عليها ضدا على إرادتها الإنحياز إلى دائرة المقاطعة التي تتوسع من استحقاق إلى آخر ، مع ما لهذا الإختيار من مخاطر كبرى على استقرار الوطن . ممارسة مازال الروائي سهيل إدريس ينتظر جوابا عن سؤاله حول نظيراتها . سؤال جاء فيه « هل يمكن بناء بيت بأدوات فاسدة ؟ » ما العمل ؟ الجواب عن ما العمل من أجل إنقاذ مدينة وزان ، والدفع بها من أجل الإنخراط في القرن الواحد والعشرين ، فنعثر عليه في الخطاب الملكي الأخير الذي جاء فيه « وأمام ما تشهده العديد من المدن الكبرى والمتوسطة ، والمراكز القروية من اختلالات، فإننا نتوجه للأحزاب السياسية ، لضرورة العمل على إفراز كفاءات ونخب جهوية جديدة مؤهلة لتدبير الشأن المحلي العام ، خاصة في ظل ما يخوله الدستور للجماعات الترابية من اختصاصات واسعة ، وما تفتحه الجهوية المتقدمة من آفاق ، وما تحمله من تحديات » . هل هناك أوضح من هذه الرسالة التي ترسم خارطة الطريق أمام من يعنيه النهوض بجماعته الترابية ومنها وزان، ويتدافع من أجل أن لا تعاني مستقبلا من ضعف الحكامة ؟ خطاب مبرمجة ساعته على القادم من الإستحقاقات الانتخابية ، ويضع الجميع أمام مسؤوليته التاريخية ، حتى لا تخطئ جماعاتنا الترابية ( وزان واحدة منها ) موعدها مع التاريخ من جديد ؟ خطاب لو استشعرت النخب بوزان قوته ، وفعلته على أرض الواقع ، فإن دار الضمانة ستتكلم مستقبلا لغة الفرح.