الآن وبعد أن قطعنا الشوط الأول من مسلسل الاستحقاقات الانتخابية والشروع في التحضير للانتخابات الجماعية ومجالس الجهات بالرغم من أن تاريخها لم يحدد بعد، آن الأوان لفتح أوراش التسيير والتدبير بالجهات والتنزيل السليم للدستور مع ترجمة الخطابات الرسمية حول الجهوية على أرض الواقع. إن تفعيل دور الجهة يقتضي كذلك إعادة الاعتبار للتخطيط الترابي الجهوي، باعتباره الإطار الذي سيحدد التوجهات الكبرى لتنمية الجهة ويكشف عن مكامن الخلل والمعوقات ويبرز المؤهلات التي يجب تعبئتها في إطار من التوازن والتضامن بين المكونات الترابية للجهة، ومتطلبات تنمية وتهيئة للتراب الوطني من جهة ثانية وذلك لن يتم إلا إذا تمت الإجابة عن مجموعة من الأسئلة يمكن اعتبارها مقدمات لإشكاليات كبرى وهي تساؤلات يطرحها المتتبعون لمسار التقسيم الجهوي ببلادنا ويمكن اختزالها في: - هل نضجت فعلا مقومات الانتقال نحو جهوية تنظيم الدولة والمجتمع ببلادنا؟ - من أي منطلق يمكن ضمان نجاح إصلاح تجربة الجهة بالمغرب أمن اعتبارات إغناء حركية المشهد السياسي أم من مستلزمات إذكاء دينامية مكونات الاقتصاد الوطني أم من معضلات تجاوز نكوص الإدارة الترابية وتكلسها؟ - كيف يمكن تحضير الانتقال نحو ممارسة جهوية منتجة والمغرب في ظل الغموض في طبيعة ونوعية علاقات مركزه بمحيطه وهرميات هوامشه؟ - كيف يمكن للمشروع الجهوي أن يؤسس لتوزيع ترابي للعمل يضمن تأهيل التراب الوطني ككل من منطلق التضامن الفعلي بين الجهات والارتقاء الاجتماعي داخلها ؟ - ما هي نوعية الأهداف المعبئة نحو استنهاض وعي المواطنين بصلاحية المستوى الجهوي كمستوى لتدبير شؤون معينة ومستوى فعلي لتنفيذ برامج تخدم تقدم محيط العيش والعمل والحياة؟ - هل بالفعل تم تجاوز معضلات التقطيع الترابي والابتعاد بمشاريعه عن هواجس المراقبة وصنع الخرائط الانتخابية؟ - من أي منطلق ستتحمل مكونات المشهد السياسي مسؤولياتها لإفراز وتكوين ومراقبة النخب التي يتطلبها تدبير الشأن الجهوي؟ إن الإجابات الصريحة عن هذه الأسئلة هي الكفيلة بتحويل المؤسسة الجهوية إلى جماعة ترابية تتمتع بالمقومات الضرورية والشخصية المتميزة وتساهم في ترسيخ دعائم البناء الديمقراطي، وتتحول إلى إطار يسمح ببلورة مشاريع تنموية مندمجة ضمن نهج إرادي ومتناسق لإعداد التراب وتخطيط عقلاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتدبير فعال للشأن العام الجهوي. وستصبح بذلك الجهة قادرة على تفعيل هدفين كبيرين للسياسة الوطنية لإعداد التراب وهما: الاندماج الوطني وتنمية وإنعاش الشغل. السؤال المنطقي، الآن، هل الخريطة الجماعية المنبثقة عن الانتخابات الجماعية القادمة بنفس النخب المكررة قادرة على إفراز تسيير جهوي فعال يسير في اتجاه تعزيز دور الجهة كقاطرة للتنمية؟ ذلك ماستجيب عنه الأيام..