تم مساء الخميس الماضي بالرباط تقديم الكتاب الأبيض للسينما المغربية الذي يعد أرضية صلبة لانطلاقة جديدة للفن السابع في المغرب، تكرس المكتسبات التي حققها القطاع، خصوصا في العقد الأخير، وتتطلع الى ولوج مراحل متقدمة لصناعة السينما بالمغرب. وجاء تقديم الكتاب الابيض الذي أنجزته لجنة علمية ترأسها الباحث عبد الله ساعف، في حفل ترأسه وزير الاتصال مصطفى الخلفي، بحضور فعاليات تمثل مختلف المهن السينمائية، وذلك تفعيلا لتوصيات المناظرة الوطنية حول السينما المغربية، التي نظمت خلال شهر أكتوبر 2012 . وقال وزير الاتصال في كلمة بالمناسبة إن الوثيقة تشكل ارضية صلبة للسياسات العمومية في قطاع السينما، واطارا لارساء جماعي وتشاركي لانطلاقة جديدة، يعزز موقع السينما المغربية كفاعل مؤثر في مسلسل بناء المغرب الحديث والمنفتح. وذكر بأن الرسالة الملكية الموجهة الى المناظرة الوطنية للسينما أعطت أفقا جديدا للصناعة السينمائية بالبلاد، عبر دعوتها الى بلورة سياسة عمومية مندمجة وتشاركية تنخرط عموم القطاعات الحكومية المعنية في تدقيق أهدافها واجراءاتها ومراحل تطبيقها. وأوضح أنه في سياق مواجهة التحديات المستجدة لعولمة متسارعة تعمل على تذويب الهويات في أنماط أحادية ومنغلقة، فإن التوجه نحو المستقبل يقتضي العمل على ترجمة المقتضيات الدستورية ذات العلاقة بالهوية المغربية والثوابت الوطنية وحرية الابداع، مع حفظ الرصيد المسجل من المكتسبات ابداعا واشعاعا وتكوينا وانتاجا ونقدا وتسويقا. وبالمناسبة، أعلن الوزير عن إطلاق ورش قانوني هام يتمثل في إصلاح القانون المنظم للصناعة السينماتوغرافية والقانون المنظم للمركز السينمائي المغربي. من جانبه اعتبر المدير العام للمركز السينمائي المغربي، نور الدين الصايل، أن خلاصات الكتاب الابيض تؤكد أن اختيارات الدولة في مجال دعم السينما كانت صائبة، والمطلوب اليوم تفعيل الانطلاقة الثانية للسينما المغربية. وقال إن الدولة مدعوة لمواصلة دعم القطاع "على اعتبار أن ما قدمته لم يكن عطاء بل استثمارا حقيقيا في ثقافة البلد واشعاعه". وشدد الصايل، على أن المرحلة الحالية تقتضي انخراط القطاع الخاص في مجهود استثماري يكون في مستوى ما قدمته الدولة، خصوصا في ظل الطفرات التكنولوجية المتسارعة التي تستدعي أنماطا جديدة من الاستثمار، في أفق تمكين البلاد من 350 الى 400 قاعة عرض خلال العشر سنوات المقبلة، وذلك من أجل خلق سوق داخلية تواكب الوتيرة الانتاجية المتنامية. تحقيق الانطلاقة الثانية للفن السابع يتطلب، حسب رئيس اللجنة العلمية، عبد الله ساعف، الانتقال من المستوى الكمي الذي اثمر تطورا ملحوظا للقطاع الى مرحلة جديدة من توفير الموارد الاساسية ورصد دعم أقوى يسمح بتحقيق الوفرة في الانتاج وكذا الطفرة النوعية في جودة الأعمال السينمائية. وقال ساعف لدى استعراضه أهم محاور الكتاب الأبيض، إن القطاع مازال، على صعيد التوزيع والاستغلال، وريث الدور الاستراتيجي للدولة، بينما حان الوقت لفتح المجال أمام انخراط أوسع من جانب فاعلين آخرين من قبيل الجماعات المحلية والجهات والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وأوضح أن الكتاب يشدد على أهمية الاستثمار في مجال اعادة هيكلة المهن السينمائية والنهوض بمستوى التكوين فضلا عن ايلاء الأهمية المطلوبة لحماية حقوق الملكية الفكرية. ويتوزع الكتاب الأبيض للسينما المغربية على ستة محاور تشمل "الانتاج السينمائي المغربي"، "التوزيع والاستغلال: أزمة هيكلية في حاجة الى حلول"، "مهن السينما: الموارد البشرية والتكوين"، "حماية حقوق الملكية الفكرية في المجال السينمائي الوطني"، "نحو اشعاع فعال للسينما الوطنية"، ثم "المداخل المؤسساتية والقانونية الاساسية للاصلاح".