بدأت في لندن الاثنين محاكمة ثمانية متهمين مرتبطين بقضية الصحيفة الشعبية البريطانية السابقة «نيوز أوف ذي وورلد» في إطار فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية التي هزت الامبراطورية الاعلامية لروبرت موردوك بل وكامل الصحافة والطبقة السياسية في بريطانيا. ويمكن ان تستمر جلسات المحاكمة أربعة اشهر وهي ترتدي حساسية سياسية بالنظر الى طبيعة المتهمين. فالمتهمان الاساسيان ريبيكا بروكس واندي كولسون رئيسا التحرير السابقان للصحيفة التي اغلقت في 2011 هما مقربان سابقان من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وهما ملاحقان بتهمة وضع الهواتف الجوالة لأكثر من 600 شخص تحت المراقبة بطريقة غير قانونية. وبين الذين تم التنصت عليهم مشاهير بينهم بول مكارتني لكن أيضا أشخاص عاديون كانوا أطرافا في حوادث عادية. كما وجهت للمتهمين تهمة دفع رشى لموظفين للحصول على معلومات. وبدأت المحاكمة رسميا الاثنين أمام محكمة بايلي بلندن، لكن اليوم الاول يتوقع ان يخصص لاختيار المحلفين قبل الدخول في صلب الموضوع. ورغم توقع أن تثير المحاكمة الكثير من الاهتمام فان كاميرات التلفزيون منعت من دخول قاعة الجلسات كما هي العادة. ومع أن قضية التنصت على الاتصالات الهاتفية شكلت موضوعا سياسيا بارزا فقد تمت دعوة النواب الى الامتناع عن التعليق على المحاكمة اثناء النقاش الحامي عادة في مجلس العموم. ويمثل المتهمون الثمانية الذين يدفعون جميعا ببراءتهم, أمام المحكمة بدون توقيفهم. وأشد المتهمين لفتا للأنظار في القضية هي ريبيكا بروكس (45 عاما) ذات الشعر الاحمر الفاقع, وهي رئيسة تحرير سابقة في صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» و«صن» ثم مديرة تنفيذية للقسم البريطاني في امبراطورية موردوك التي كانت تسمى في الماضي «نيوز انترناشونال». وعلاوة على الاتهامات المتعلقة بالتنصت والفساد فان بروكس متهمة ايضا باخفاء ادلة عن الشرطة. ومن الملاحقين أيضا بتهمة إخفاء أدلة زوجها تشارلي بروكس (50 عاما) وهو مدرب خيول سباق، وكذلك ايضا مساعدتها الشخصية شيريل كارتر (49 عاما) ومارك حنا (50 عاما) المسؤول السابق عن الأمن في مجموعة نيوز انترناشونال وورلد . ومن الشخصيات الاخرى في القضية اندي كولسون (45 عاما) الذي كان مستشارا لشؤون وسائل الاعلام لدى ديفيد كاميرون بين 2007 و2011 بعد مروره بالصحيفة. وأخذ عليه بالخصوص أثناء توليه رئاسة التحرير دفعه مالا لموظفين للحصول على دليل هاتفي لأفراد الأسرة المالكة. وبين المتهمين أيضا مسؤولان سابقان عن الصحيفة هما ستيوارت كوتنر وايان ادموندسن إضافة إلى المراسل السابق في القصر الملكي كليف غودمان. وفضيحة «قرصنة الهواتف» المدوية كانت بلغت ذروتها في يوليوز 2011 . واضطر عندها موردوك لاغلاق الصحيفة وهي الأكثر انتشارا في الصحافة الانكليزية وعمرها 168 عاما وذلك بعد اكتشاف ان هاتف فتاة تدعى ميلي دوولر عثر عليها ميتة بعد اختفائها، كان موضع تنصت من صحيفة موردوك. وأدت الفضيحة إلى تحقيق عام مطول حول ممارسات الصحافة البريطانية القوية، واجرى التحقيق القاضي البريطاني براين ليفيسون. وقدم ضحايا آخرون لصحف الإثارة شهاداتهم. غير أن النتيجة التي خلص إليها التحقيق بقيت حبرا على ورق. وكان أوصى بإقامة جهاز مستقل للمراقبة قادر على إجبار الصحف على التصرف بشكل أفضل وفي حال الانحراف على نشر اعتذارات ودفع غرامات تكون عبرة لمن يعتبر. ولئن اتفقت معظم الأحزاب السياسية على إقامة جهاز ناظم جديد فان هذا المشروع يثير معارضة معظم الصحف التي ترى فيه محاولة لفرض رقابة عليها من السلطات العامة. وأعلنت صناعة الصحف نيتها اللجوء إلى المحكمة العليا وبالتالي فإن تبني توصية التحقيق تبدو غير أكيدة. وبالنسبة لمجموعة نيوز غروب لصاحبها روبرت موردوك فان قضية التنصت كلفتها ملايين الجنيهات من التعويضات للضحايا. ومنذ تلك الفضيحة قسم موردوك امبراطوريته الإعلامية إلى قسمين واحد للصحف وآخر للإعلام السمعي البصري. يشار إلى أن هناك قضية أخرى تشمل الكثير من الصحافيين في صحيفة موردوك اأخرى «ذي صن» ومن المقرر ان تنطلق المحاكمات فيها في فبراير 2014 .