تستطيع النسخة الثانية لحكومة بنكيران المدعمة بعقلاء اللحظة الأخيرة , أن يشده أعضاؤها أنفسهم لولادتهم القيصرية ، واعدين بطيب الكلام أن يقدموا على ما لا يتوقع منهم ، أو صامتين إزاء الأزمة الراهنة . ولكن الآخرين ولا سيما شعب هذا الوطن والشباب العاطل بخاصة لا يتوقعون وعودا جديدة . بل ينتظرون منهم أن يقوموا بالخطوة الضرورية والصحيحة لمصلحة قضاياهم المؤجلة - الكرامة . التشغيل . التعليم الهادف . التطبيب الحقيقي . الاقتصاد الواعد . التنمية المستدامة - وأن يكفوا عن إضاعة الوقت . أما الانتشاء بفوز انتخابي عابر أو التطبيل لتكوين أغلبية جديدة أفرزت حكومة جديدة , لا يهم إن كانت نتيجة حوار وتفاوض وتنازل أو بإملاء قرارات الشعب المغربي بكل أطيافه يرفض استمرار العشوائية في التسيير , إذ لا مجال لتجديد الأخطاء , يرفض انفرادية القرار وإلغاء قرارات والتنكر لإنجازات سابقة أو اعتبار أن تدبير الشأن العام حكر على الأغلبية العددية أو الأغلبية الحكومية, فعلى هذه المكونات أن تتخلص من سيطرة وهم الأغلبية متناسية الأغلبية الحقيقية التي خرجت وتخرج للشارع رافضة ساخطة . إن التشبث بهذا الوهم أثبت للجميع أنه عقدة تعتمل في داخلهم . وأنها فشلت أمام الأزمات القاسية المستفحلة الناتجة عما انتهج من أسلوب في تدبير الشأن العام المفتقد للخبرة . وهذا الأسلوب مرفوض كما هي مرفوضة الاتكالية التي تبدو من تشكيلة هذه النسخة الحكومية باقتسام كل وزارة إلى وزيرات تحت تسمية الانتداب وعدم إتقان لعبة تغيير المواقع . وإذا استمر الوضع على نفس المنهج أو قبول منهج ضغوط لوبيات الاقتصاد والمال . وقد ظهرت بوادر ذلك في عناوين قانون المالية لسنة 2014 . فهو مؤشر على افتقاد الإصلاح كما يرتضيه الشعب , والاستمرار في التفقير و تجديد العداوة , لأن الشعب لم يعد يصدق دخان الأماني , والتصريحات الببغاوية أحيانا والصمت المريب حينا آخر دون تواصل صادق واحترام حق الشعب في المعلومة الصادقة وحقه في الكرامة إن النسخة الثانية بالزيادة العددية وبإحداث قطاعات جديدة لم تكن حاضرة في التصريح الحكومي « الجامد « ولا بد أن تأخذ هذه القطاعات نصيبها من كعكة التوقعات وكعكة المخططات لطمأنة الشعب نسبيا وانتظار صدق الإرادة في الأجرأة وفي جرأة الإنجاز . فإذا كان التصريح الحكومي المرتقب , أو التصريح الحكومي السابق المدقق على حد تعبير رئيس الحكومة والذي تظهر بوادر احتكاره دون عرضه على البرلمان في الأفق - تخطيطا لتحقيق عملية التنمية - ونؤمل ألا يكون ارتجاليا أو فيه ارتباك , فإن إضفاء صبغة إلزامية التطبيق في المواعيد المقررة , أداة أساسية لتحقيق الأهداف من كل خطة إنمائية , لأن ضمان تنفيذ الأولويات يكمن في إطار الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة والمتوقع إتاحتها . كما في تفعيل الدستور الجديد المتوقف على تنزيل جملة من القوانين التنظيمية أما أن يتحول التصريح الحكومي إلى مدرسة في الخصومة - وحوار رئيس الحكومة التلفزي يوحي بذلك - . فهذا يعني أننا أمام كارثة أخلاقية قبل أنها علمية وفقهية . وهذا بكل أسف ما لاحظه الرأي العام في الحوار التلفزي للسيد رئيس الحكومة مساء يوم الأحد 13 . 10 . 2013 الذي اقترن بالكراهية وشيطنة التشخيص الاسمي لقادة وهيئات سياسية . وهذا يعني الهروب إلى الأمام وتبرير للأزمة وتهديد في القوت اليومي ( احتمال وارد في ارتفاع سعر مواد الاستهلاك الشعبي ) أي باختصار يوقظ الميراث العدائي للجماعات المظلومة جراء القرارات العشوائية والتي تبدو ملازمة ودائمة تركب ظهر الاستثناء السياسي لتمكين الأقلية من السيطرة أكثر على الأغلبية الضعيفة والتي تعيش حالة الاغتراب داخل هذا المجتمع بسبب عدم المساواة وغياب التنمية وانحطاط التعليم وانحطاط الاقتصاد وتقليص حجم الاستثمار وتنامي ظاهرة البطالة وذيوع الجريمة ومقاومة الدفاع النقابي عن النفس . ويضاف لذلك محاولة تقييد الصحافة وتكميمها ( حوار 13 أكتوبر التلفزي ) إن القراءات الممكنة والبعيدة عن شكليات التأنيث والتذكير المختزل . تتطلب الربط المنطقي بالجوار العربي التي تستهدف فيه انتفاضات الربيع العربي لإفراغها من أهدافها, كما استهدفت انتفاضة 20 فبراير المغربية منذ الركوب عليها عقب نتائج انتخابات 25 نونبر 2011 ومولد الحكومة الهجينة في نسختها الأولى وحكومة الإمبريالية المتأسلمة في نسختها الجديدة . فقد ظهرت هذه الحكومة في سياقات فيروسات دولية وعربية . كما ظهرت في العالم كثير من فيروسات نقل الأوبئة الفتاكة . وإن اكتشفت لها الأمصال والأدوية العلاجية , فمن جنون البقر . إلى إنقلوانزا الطيور إلى إنفلوانزا الخنازير إلى إنفلوانزا الإرهاب الدولي . كلها أوبئة بعضها قضي عليه نهائيا وبعضها لا زال يقاوم الاستئصال ويستمر في نقل العدوى لأعضاء آخرين , لتحل وصايا الاحتياط والحذر ونصائح المؤسسات المانحة والمقرضة . فإن هناك وباء لم يلتفت إليه العالم إلا مؤخرا وبعد أن طفا على الجسد العربي مستغلا انتفاضات الربيع العربي . إنه إنفلوانزا الليبرالية المتأسلمة والإسلام منها براء . فقد صار ت تنقل عدواها في الأوساط الفقيرة والمعوزة مروجة مالا وفيرا مما تفيء به أموال بعض الدول الغنية لتحمي مصالحها . والدول العربية لم تستيقظ من غفوتها ولم تنتبه إلا لتجد نفسها مضطرة لاستعمال الجزر فتتهم من قبل المانحين بعدم احترام حقوق الإنسان ( الضحك على الذقون ) وهذا أسلوب الجزار مع الضحية . لقد استفحل هذا الداء الفتاك في أوساطنا بعد أن تمسكن حتى تمكن , فظهر كالشيطان الأخرس , المتلون كالحرباء , يحرم التعامل مع من كان بالأمس القريب عدوا وعليه خط أحمر يقول فيه ما لم يقله أنس في الخمر , ويحلل التعامل معه بصفة المنقذ الذي له أفكار مناسبة لحل الأزمة السياسية والاقتصادية , ولا تهمهم الأزمة الاجتماعية مع أنها سر الاستقرار - وكما يقول العرب ( الزمن كشاف ) سيكشف للمغاربة في الأيام القريبة مدى قدرة هذه الحكومة وهي تسجل تراجعات عن الدستور المغربي بعودة سيل من التقنوقراط إلى واجهة تدبير الشأن العام . على تجاوز الأزمة واقتراح الحلول وحل المعضلات الاجتماعية . وإلا فهم شركاء في صناعة الأزمة وشركاء في خصومة الشعب الذي ليس أمامه سوى الانتظار , ولعله انتظار لن يطول .