جاء في بعض المجاميع اللغوية لشرح « ضحى «... ضحى بالشيء أي بذله تبرعا .. وضحى بالشاة أي ذبحها في الضحى من أيام الأضحى .. وضحى بنفسه في سبيل الوطن أي بذلها فداء للوطن .. و»التضحية «...عند البعض حسب ما يسجل ويلاحظ لا يمكن أن تكون مشتقة من مرجعية سماوية أو انسانية بقدر ما تصنف في خانات ما جاءت الديانات لتغييره والنهي عنه وما قامت الحركات الجماهيرية الوطنية والانسانية عبر التاريخ لمواجهته من نازية وفاشية وديكتاتورية وتسلط وتجبر وغرور.. ومن الآيات القرآنية التي تتحدث عن التضحية .. قوله تعالى «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة « :سورة الحشر وقوله تعالى :» فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين «سورة الصافات. فالآية الثانية أوضحت أن رؤى الانبياء حق وأن إبراهيم تهيأ للتضحية بابنه نتيجة الرؤيا كما عبرها ، وأن الله عز وجل فدى ابن ابراهيم عليهما السلام بذبح عظيم وخصه هو والمحسنين من المؤمنين ب « السلام».. وأشار الى أن من ذريته محسن ومنهم ظالم لنفسه . إن البعض من الذين تجاهلوا أو لم يفهموا معاني ودلالات التضحية بقراءة متبصرة عاقلة لتاريخ الانبياء والصالحين والمحسنين .. من المؤكد أنهم سيكونون من الذين يظلمون أنفسهم بظلم الناس والتضحية بهم وبمصالحهم بقلب وتأويل النصوص التي تهدف الى تربيتنا وتعليمنا حسن الخلق والفعل والخطاب ..فعندما يتعلق الامر بشؤون الناس يصبح الحكام مؤتمنين على مصالح العباد، وليسوا أوصياء على الارادات، متخصصين في قمع المخالفين وتهديدهم واستفزازهم والتعالي عليهم وهذه الصفات لا تكون إلا عندما ترتفع نسبة الاحتقار والغرور والتعالي بالبنية الفكرية لبعض الحكام ،ومن ثم تجسيدها في الواقع بمناسبة أو بدونها. فبالله عليكم: كيف نسمي الذي يفجر نفسه وسط الناس الآمنين في المساجد والكنائس والاسواق والساحات العامة بدعوى التضحية ؟؟ وكيف نسمي من يفتي ويقدم على تشجيع تعويض الانعام بالإنسان ذبحا وشنقا بمبرر التضحية والتقرب الى الله ؟؟ وأين نصنف من يعرض مصالح المواطنين وحقوقهم ومكتسباتهم وحرياتهم وكرامتهم للإهانة والتحقير والتبخيس بدعوى التضحية لإنقاذ سياسة حكومة أو منظمة ما ؟ وأين نخندق من يفكر منفردا بمعية قلة من شاكلته ويقرر ما يراه هو وحده أنه الحق، ويسفه آراء أصحابه ومعارضيه جملة وتفصيلا، مضحيا بذلك بكل ما قدم وأخر من أجل الذي لا يمكن أن يكون وحتى إن كان فسيكون ليس كما يريده الناس، بل كما يريده هو بغض النظر عن بطلان السياق والدلالات والتفسيرات والسياسات ؟ وكيف سنتصور من يرى الجميع ضده أو يكيدون له ، ليذهب به نظره ليقرر أن يبقي على نفسه في انحياز مطلق لذاته ويضحي بغيره..؟ ومن يمكن له أن يقنع كل من يمتلك ذرة من الفكر والعقل بأن التخلي عن جملة من المهام الدستورية الملزمة والمحددة لدور مسؤول ما بأنها تضحية ..والتي بموجبها وغيرها - أي الاصلاحات - خاض الناس معارك من أجل تغيير وتنقيح الدساتير.. كما تنافسوا في ما يطلق عليه انتخابات تشريعية من أجل تشكيل مشهد سياسي عام مستساغ ومنطقي في تمظهراته وتشكلاته، يفرز خريطة تبرز بصدق التوجهات والسياسات التدبيرية فضحوا مرة أخرى بمصداقية الممارسة السياسية والمؤسسات الديموقراطية ليعمقوا التشكيك وإفساد الأذواق المحققة لقيم مضافة بالمجتمع ... إن التضحية بمعناها العام، ومجالاتها التي تشمل كل مناحي الحياة حيث هي خُلُقٌ راق هامٌّ نبَّهتنا إليه كل الديانات السماوية ومنها الإسلام وسقنا نموذج «الأضحية»، أي ما يُذبح من الأنعام أيام عيد الأضحى تقرُّباً إلى الله عز وجل ، فصارت هذه الشعيرة فلسفة للمسلم لاعتماد التضحية والايثار في جميع المجالات بقدر الاستطاعة، لنفسه وأهله ووطنه والناس كافة تحقيقا للصالح العام وباحترام تام للحق في الحياة والعيش الكريم، ونشر روح المحبة والتنافس من أجل البناء والنماء . فالتضحية لا تكون سلوكا حضاريا إنسانيا وصاحبها يجمع بين المتناقضات التي تبطل الحسنات وتضاعف من السيئات بمفهومها الدنيوي والسماوي. ؟