ظل الراحل محمد العيادي حاضرا في المشهد الثقافي المغربي، من خلال عدد من المنابر الإعلامية، وفي مقدمتها جريدة «الاتحاد الاشتراكي. فيما يلي مقتطفات من حوارات أجرتها معه الجريدة بصورة فردية أو جماعية، اخترنا منها ما يكتسي طابع الراهنية. من حوار أجرته جريدة «الاتحاد الاشتراكي» بُعيْد أحداث 16 ماي 2003، صحبة كل من محمد الطوزي، حسن رشيق وعبد الحي المودن بمقر الجريدة. سأنطلق من السؤال لماذا حدث ما حدث؟ بالنسبة لي شخصيا فإن الذي يفاجئني هو ان تفاجأ الطبقة السياسية ومعها المغرب كله بالحدث. فما وقع بالنسبة لي، كان منتظرا، وسأذكر لماذا. كان منتظرا اولا، لان بعض اقطاب مايسمى بالسلفية الجهادية اعلنوا عن ذلك، وقالوا انهم يهيئون مرحلة ما يسمى بالخروج? اذن، كان منتظرا أما متى؟ فهذا هو الذي كان غير معروف، اذن فما وقع كان منتظرا ومهيأ له وكان يجب انتظاره? لذلك فبالنسبة لي فهو غير مفاجئ وهذا هو العامل المباشر ولكن هناك ايضا عامل نظري يفسر انه كان منتظرا، فاذا ما قرأنا ادبيات الحركات الاسلامية كلها، نجد لديها نموذجا نظريا تشتغل عليه، وهو النموذج النبوي حيث هناك مرحلة الدعوة ومرحلة السرية، ومرحلة الظهور? وهذا النموذج حاضر في اعمال وأدبيات هذه الحركات، اذن الخروج الى مرحلة الفعل موجودة في الاساس النظري الذي تقوم عليه هذه التنظيمات? لذلك، بالنسبة لي ليس من المفاجئ ان يقع ما وقع من عنف، فهذا العنف هو ايضا مرحلة من مراحل العنف السياسي، لأن العنف مورس من قبل، مورس في السلوك، في الاعتداءات الجسدية، مورس في الكلام، والان انتقلنا فقط الى درجة عليا من العنف التي هي الارهاب، فالعنف كان موجودا، والعنف يولد العنف، ويولد درجات من العنف، وربما هذا النوع من العنف له علاقة ببعض النماذج الموجودة بالخارج، فهناك استلهام نماذج خارجية للشهادة والاستشهاد.الخ هناك جانب اخر وهو ان العمل يدخل في اطار سيادة الفكر الجهادي والفكر الأصولي بصفة عامة، فالنظرية الاصولية لها تلوينات متعددة ومن ضمن تلويناتها هناك الفكر الجهادي، وهذا الفكر الجهادي له الآن هيمنة على مستوى النظرية الاصولية بصفة عامة، إذن هذه بعض العناصر التي تكشف بأن الفعل في حد ذاته لم يكن مفاجئا، وكان منتظرا. اما حينما نتساءل عن العلاقة بالخارج وهل هناك يد أجنبية أم لا؟ فأظن أنه يجب أن نتخلص من وهم أن القاعدة تنظيم مهيكل ممركز يصدر أوامر ويتبعه الناس. فهذا الامر لا وجود هل على الإطلاق ذلك أن الأساسي بالنسبة للقاعدة هو الاختيار النظري الواضح، واسلوب العمل الواضح ايضا. وهذا الاختيار النظري والأسلوب العملي استطاعت القاعدة ان تنشره وأن يصل لكل التنظيمات الجهادية في العالم واظن ان من يتابع خطابات بن لادن وحركة القاعدة يدرك انه اعطيت تعليمات لكل تنظيم يجد نفسه في اختيار القاعدة، عليه ان يمر الى الفعل مباشرة وان لا ينتظر ان تأتيه الاوامر، اذن على هذا المستوى هناك صلة، لكن في الشطر الثاني للجواب عن السؤال، فيمكننا ان نعتبر هذا العمل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر يدخل في اطار اسلوب القاعدة وكعمل سياسي ازاء بعض الانظمة قد نقرأ هذه العملية كنوع من العقاب للنظام المغربي أو النظام السعودي شخصيا لا أعتقد انه يدخل في خانة توجيه تنبيه او عقاب فانا اتفق انه عمل له أسسه الداخلية ولكن لها علاقة بالخارج بهذا المعنى. هناك شق ايديولوجي وفيه كل تلك الاشياء التي يتحكم فيها الانترنيت بعض الشيء، والسوق الجديد الخ وما لا يجب ان ننساه هنا هو ان ثقافة السوق هي ثقافة. مسألة الشرق بالنسبة لي سأتناول مسألة الشرق من زاوية أخرى، فدائما حينما نتكلم عن الشرق تأتي مصر كمركز. فعلى مستوى الفكر الاصولي بصفة عامة وليس الاسلاموي، نجد هناك ما يمكن ان نسميه بجنيالوجيا الحركات الجهادية، ويمكن ان نتتبعها حتى على مستوى الاشخاص، فالفكر الاصولي بصفة عامة في مصر اخذ الشكل السلفي مع محمد عبده، هذا الاخير اعطى رشيد رضا، ورشيد رضا اعطى حسن البنا، وحسن البنا اعطى ايمن الظواهري، إذن هناك بنية فكرية لها أساس مشترك، لكنها أعطت تطورات على مستوى الاختيارات السياسية لتجسيد ذلك النموذج المجتمعي الذي يشترك فيه الجميع، فاذا عدنا الى المغرب نجد نفس الجنيالوجيا التي يمكن ايضا ان نسمي الاشخاص داخلها، اذن التطور الفكري في الفكر الديني بصفة عامة وتطور الفكر الاصولي في المغرب له ارتباط بالشرق في شقه الاساسي، وحتى إذا تتبعنا سوق الكتب الدينية، نجدها تصب في هذا المنحى، كتب محمد عبده وحسن البنا ورشيد رضا وسيد قطب، بحيث لا يمكن قراءة تاريخ الفكر في المغرب بمعزل عن الانتاج الفكري الذي يصلنا من الشرق? والقضية الثانية هي قضية العنف، وهي من المسائل التي جعلت الطبقة السياسية لاترى الواقع، وأنها تخبأت خلف مجموعة من المسائل من ضمنها ان للشعب المغربي خصوصيته، وأنه مسالم، وأن العنف بعيد عنه، وأن كل ما حدث جاء من الخارج، وان العنف لانراه إلا في التلفزيون، والحقيقة هي ان الشعب المغربي هو مثله مثل باقي الشعوب يعيش العنف - كما قال الاستاذ الطوزي - في علاقاته الاجتماعية وبأشكال متعددة? وهذا عنف عادي يمكن اعتباره جزءا من المجتمع. لكن هناك شق آخر للعنف وهو العنف السياسي. وإذا عدنا الى تاريخ المغرب، نجد انه تاريخ كله عنف سياسي، عنف القبائل، علاقة القبائل في ما بينها . الخ، وفي بعض المدن كانت هناك بعض الاسوار التي كانت تعلق عليها الرؤوس نتيجة العنف السياسي. لكن مع نشوء الدولة الحديثة بمؤسساتها لم يعد هذا النوع من العنف نظرا لظهور أشكال جديدة للفعل السياسي مع الاحزاب، مع العلم ان اللجوء إلى العنف كان في الفكر السياسي المغربي? لكن نتيجة التطور الذي وقع في الحقل السياسي بالمغرب هو ان الطبقة السياسية وصلت الى مرحلة نبذ العنف وان الصراع السياسي يجب ان يتم بالوسائل السلمية السياسية. ربما هذا ما جعل هذه الطبقة السياسية الآن تفاجأ بأن العنف يمكن ان يحدث، وان يدخل من النافذة بعدما اعتقدت انه خرج من الباب? ففي هذا الإطار يمكن القول أن المغرب ليست له خصوصية متعلقة بالجنس او بالثقافة، فالأمر يجب ان يقرأ بطريقة سياسية، فالجديد في هذه القضية هو الشكل الانتحاري للعنف، وهو شكل جديد بالنسبة للشعوب كلها وليس فقط بالنسبة للمغاربة، بل هو جديد في العالم، وإذا أردنا ان نجد له جذورا فسنجدها في الحرب العالمية الثانية مع الجنود اليابانيين «الكاميكاز». والجديد في هذا العنف ليس العنف في حد ذاته بل تمثل هذا العنف، فالفلسطينيون مثلا حينما يلجأون الى العمليات الانتحارية فلأن التطويق الامني دفعهم لذلك ولأنهم لايملكون وسيلة أخرى لمواجهة المحتل غير تلك الطريقة لاختراق الطوق الامني، وفرضها واقع سياسي، لكن هذا العنف هنا له قيمة رمزية وفكرية ايجابية إذ ليس الهدف هو ممارسة العنف، بل ممارسته بالطريقة الانتحارية، وهو ما يدفعنا الى التفكير في هذا «الكاميكاز» لأن الانتحاري ليس هو القنبلة بل الفكر والمخيال الذي جعله يقبل ان يفجر نفسه مع القنبلة، فما يجب التفكير فيه هو كيف ان هؤلاء الشبان وهم في سن معينة، وصلوا إلى درجة فكرية كي يتمثلوا هذا النوع من العمل كعمل إيجابي وكاستشهاد.هناك عدة عناصر بخصوص الجانب المتعلق بالمسؤولية التي يمكن أن تكون لهذه الحركات الإسلامية، أولا هناك هذا النموذج العام الذي يجمع الجميع. وهو ان الواقع هو واقع انحطاط عام وشامل، سببه هو التخلي عن الإسلام. والإسلام هو نموذج دولة ومجتمع كامل ومتكامل فيه كل شيء وان هذا النموذج تجسد في دولة المدينة. فكل الحركات الإسلامية يجمعها هذا النموذج العام. كيف قامت بتصريفه. هذا مستوى آخر، إذن، هذا النموذج العام النظري ساهم في مختلف تجلياته في تكوين فكر سياسي ديني لدى شرائح اجتماعية واسعة في العالم العربي: الانحطاط سببه التخلي عن الإسلام والإسلام هو الحل والإسلام دين ودولة. في إطار هذا النموذج العام، نرى ان هناك مسؤوليات: مسؤولية فكرية نظرية عامة تطال الجميع، والجميع تبنى في مرحلة من المراحل هذا الخطاب، بما في ذلك الدولة من خلال المقررات المدرسية مثلا: وإذن فإن مسؤولية الإسلاميين تتقاسمها مع الآخرين على المستوى الفكري العام. تبقى المسؤولية السياسية، على الصعيد السياسي. هنا ندخل في الاختيارات ونلاحظ ان الخلافات هي خلافات حول المشروع السياسي وحول طبيعة الممارسة السياسية: هل ندخل في مفهوم «القوْمة». أم نمر عبر طريق الانتخابات؟ أم نلجأ إلى العنف. وبالتالي، فعلى مستوى السلوك السياسي نجد تلك التلوينات التي تميز الحركات الإسلامية في المغرب. الاختلاف في السلوك. نجد أن حركة «الإصلاح والتوحيد» تتفق على المبادئ العامة دون التخلي عن الهدف العام المتمثل في بناء الدولة الإسلامية. فهي تعتبر ان الدولة مسلمة، لأن الدستور يقول بالدولة المغربية المسلمة، وتقر بإمارة المسلمين? هناك إذن العمل على مستوييْن: مستوى التأثير وتخليق الحياة العامة من جهة، ثم من جهة أخرى عن طريق الدعوة، العمل الدعوي، وهنا يكمن عنصر إحياء ما سماه المسلمون «الحِسْبة»، ممارسة الحسبة يوميا ضد الرياضيين وضد الموسيقى وضد مَنْ يسعى الى إعطاء الانطلاقة لمشروع اقتصادي أو تجاري أو اجتماعي أو فني.هناك إذن حسبة يومية. وهنا أريد التركيز على مفهوم الدعوة في حديثنا عن جماعة «الدعوة والتبليغ» فالمعروف عن الدعوة أنها تتم في أرض غير إسلامية، أرض كافرة يمكن القيام بها في الغرب أو في آسيا أو إفريقيا.. الأساس إذن هو القيام بالدعوة خارج الأراضي المسلمة، وهنا تكمن مسؤولية الدولة. تمنع الحركات الإسلامية من ممارسة العمل السياسي، وهي حركات سياسية، ولكن تسمح لها بالقيام بالدعوة داخل مجتمع يعتبر مسلما منذ أربعة عشر قرنا? ويمكن في هذا الصدد إحصاء عدد الجمعيات التي تقوم بالدعوة عبر التراب الوطني. وهذا تناقض? فهل المجتمع المغربي مسلم، منذ أربعة عشر قرنا؟ أم أنه في حاجة الى إعادة تأسلمه? هنا مسؤولية كبيرة للدولة، تمنع السياسي المباشر وتسمح بالدعوة، مع العلم ان الحدود بين السياسي والدعوي غير معروفة وغير مضبوطة أو محددة? لنعد الى مثال «التبليغ»، يوسف فكري ووالده ترعرعا داخل جماعة «الدعوة والتبليغ» قبل الانتقال الى السلفية الجهادية. فيوسف فكري نفسه يعترف بأنه شب داخل هذه الحركة، وبأنه في مرحلة معينة اتضح له بأن أسلوب العمل داخل هذه الحركة غير منتج. والإسلاميون بالفعل لهم مسؤولية داخل المسؤولية العامة أمام نشر نموذج سياسي ديني. البعض عن طريق الخطاب فقط، والبعض عن طريق العمل والبعض عن طريق التنظيمات السياسية. وشخصيا يمكن ان أحمل أجهزة الدولة الرسمية مسؤولية أكبر، إضافة الى الأحزاب السياسية. خوف الحاكم المستبد يدفعه الى إذكاء شعور الريبة تؤكد الكثير من التحليلات والمقاربات الأكاديمية والسياسية التي تتناول تاريخ المغرب المعارص أن الحيطة أو انعدام الثقة «مكون» رئيسي في ثقافتنا وممارستنا السياسية (الانقسامية لدى «واتربوري» كمثال)، إلى أي حد تشاطرون هذا التوجه الرأي. إن الدراسات المشار إليها هي دراسات تم إنجازها من طرف باحثين في العلوم السياسية والأنتربولوجية خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وهذا لا يعني أنها أصبحت متجاوزة وأن خلاصاتها لم تعد صالحة لوصف النظام السياسي وسلوك النخبة السياسية المغربية اليوم، بل يعني فقط أن خلاصاتها هي نتيجة تحليل واقع النظام وسلوك النخبة خلال هذه الفترة بالضبط. وقد تم إنجاز أبحاث أخرى في نفس الميادين المعرفية من طرف باحثين آخرين حول النظام وحول النخبة السياسية المغربية خلال فترة التسعينيات من القرن العشرين، أكدت في وصفها على خصائص أخرى للسلوك السياسي ووظفت مفاهيم مغايرة مثل «الخضوع الطوعي La servitude volontaire (شعور الخوف هو الذي يفسر سلوك النخبة وإذكاء الحاكم للحيطة وعدم الثقة) من دلالات التناوب التوافقي. تجاوز هاجس التوجس والسيبة لتحليل هذا الواقع. هذه الدراسات المختلفة، السابقة واللاحقة، تلتقى في كونها تعتمد المقاربة الأنتربولوجية بمفاهيمها المختلفة وأحيانا المتعارضة في دراستها للواقع السياسي المغربي المعاصر? وهي توظف مفهوم «التقليد» tradition في دراسة هذا الواقع باستحضار مفاهيم الماضي ونماذج السلطة التقليدية في دراستها للنظام السياسي المعاصر وسلوك النخبة السياسية اليوم مثل مفاهيم ونماذج المخزن والقبيلة والزاوية. هذا التوظيف لمفهوم «التقليد» لوصف سلوك النخبة السياسية اليوم ولفهم طبيعة النظام هو الذي يجب مناقشته وربما عدم الاتفاق معه، لا من حيث عدم نجاعة مفهوم التقليد لتحليل واقعنا السياسي اليوم، ولكن من حيث المضمون الذي يحمله هؤلاء الباحثون لهذا المفهوم عندما يوظفون مصطلحات مثل المخزن والقبيلة.وهنا يلاحظ الباحث العارف بتاريخ المغرب ونظامه الاجتماعي والسياسي التقليدي أن هذه المفاهيم يعاد في الواقع إنتاج مضامينها في الدراسات المشار إليها عن طريق انتقاء بعض العناصر وتجاهل عناصر أخرى بشكل يضفي نوعا من الشرعنة التقليدانية على هذه الأبحاث دون أن يكون هناك مسوغ علمي لذلك الاستعمال المتعسف ناهيك عن مجانبة ذلك للحقيقة التاريخية سواء بالنسبة للنظام التقليدي أو بالنسبة للنظام السياسي المعاصر.وهذا ينطبق على دراسة (واتربوري) للنخبة السياسية المغربية. ففي الوقت الذي يتسم وصفه لسلوك هذه النخبة بالصحة والدقة يمكن التساؤل حول الشرعية العلمية لتوظيف ما يعتبره ثقافة النظام القبلي في تفسير سلوك هذه النخبة? ذلك أن مفاهيم الحيطة والتوجس والحذر في سلوك النخبة هي نتيجة لواقع يتميز بالتوتر من جهة والجمود من جهة أخرى، وهما وجهان لعملة واحدة في واقع سياسي يتحكم فيه الحاكم المستبد الذي يكون هدفه الأساسي هو السيطرة على النخبة السياسية عن طريق الاستحواذ على الموارد والامتيازات، وهي قليلة، وتوزيعها على أساس التبعية والولاء لا على أساس الكفاءة والمنافسة.. الراحل محمد العيادي في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي« التحول النوعي في المغرب «إن النموذج حاضر فعلا» ويضيف بتوضيح أكثر «إننا ننظر للست سنوات التي مرت على العهد الجديد من خلال النموذج الذي ترسخ لدي الناس طوال 38 سنة» وهو النموذج المطبوع «بتمركز كبير وسلطة مطلقة مع التحكم في جميع آليات تسيير الدولة».. فالنظام كما يرى محمد العيادي كان «مكيفا على صورة شخصية، بمعطيات ذاتية وكاريزمية محددة» ومن هذا المنطلق يعتبر الأستاذ الباحث أن «المقارنة تتم في الواقع مع هذا النموذج». والنموذج الحالي ، يرى محمد العيادي أنه «يختلف في الأهداف والتكوين ومن ناحية نوعية الحكامة»، لكن منطق الاستمرارية ما زال قائما، إذ أن «ما يحدث من تغيير سبق أن عرف بداياته في التسعينيات مع انشاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ودستور 1992.الخ». غير أن هذا لم يمنع من «فتح الملفات ذاتها من جديد «، مما أعطى بعدا آخر للتوافقات التي تمت في الحقل السياسي المغربي ويرى محمد العيادي أيضا أن التحول النوعي في المغرب بدأ «مع الحكم الجديد» نظرا لطبيعة الملك الجديد وشخصيته إلخ. ومن عناصر التغيير التي رصدتها عين الباحث المتتبع، تغير الأسلوب في معالجة قضية الصحراء المغربية، ثم وتيرة التغيير التي ارتفعت «كما في ملف المدونة» الذي قطع مع «البطء والحذر واحترام مفرط لحساسية القطاع المحافظ « مما يدل بالفعل «على تغير «. وبالإضافة إلى «أن التغييرات تعطي بعدا إصلاحيا أكبر دون تغيير في طبيعة النظام». وخلص محمد العيادي الى أن «هناك تطورا في النظام ذاته» وهو تطور غير متحكم فيه بشكل صارم كما في السابق ، نحو «دولة حديثة ودمقراطية بالرغم من الكوابح الموجودة وثقل المقاومات»