في الوقت الذي يتوجه فيه رئيس حكومتنا الموقر الى الهروب الكبير من جلسته الشهرية - التي دافع بالأمس القريب عن التربع على عرش زمنها بقوة الصلاحيات التي يملكها، معلنا عن خبر الهروب على الشاشات الكبرى في أروقة قبة البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية، دون إعطاء مبررات لذلك، مكتفيا بالانتشاء في تحايله على الزمن السياسي المتأزم ببلادنا، معلنا عن حكومته الجديدة غير المكترثة ببرنامج أو تساؤل عن حزب كان في معارضة فأصبح من الأغلبية، أو حزب وضع الجزء الكبير من برنامج النسخة الأولى من حكومة بنكيران فأصبح معارضا له، كما هي حكومة جديدة بدون تنصيب برلماني كما ينص على ذلك الدستور - يتوجه مريدوه من أبنائه البررة في جنوبنا المغربي الى مناصرة الانفصال ودعمه بكل الطرق المتاحة ضد إرادة المغاربة الذين بوؤا حزبهم رئاسة البلاد. وتحايل الفاتحون الجدد لحي معطى الله- الحالمون بأممية إخوانية تسطر لوضع آخر في المحيط الدولي و الجهوي والإقليمي الممتد الى الساحل والصحراء - بكل الأساليب كي يجعلوا من زمن حساس وهام في زيارة المبعوث الأممي كريستوفر روس للمنطقة، زمنا للنفاذ الى أنصار سياستهم العاملة على خلق جغرافيات إخوانية لا مكان للوطن فيها. واستبدلوا بذلك اسم حزبهم الرافع لشعار وهمي في العدالة والتنمية، ليضعوا مكانه حزب أنصار الشريعة التي تجاهد ضد أمننا، بمنطق شيطنة الجهاز الأمني، معلنين الحرب على أبنائنا المرابطين هناك في تسويق الأكاذيب ببياناتهم العلنية، التي تتهم الأجهزة الأمنية باقتحام المنازل ونهب ممتلكات المواطنين بحي معطى الله، وأن مدينة العيون تشهد إنزالا أمنيا مكثفا مع زيارة المبعوث الأممي « كريستوفر روس « وأنها تعيش حالة استثنائية وترقبا قبل زيارة هذا الأخير، مسوقة لغة جبهة البوليساريو المنقولة بفقرات كاملة، مأخوذة من مواقع تجار القضية في جبهة عبد العزيز المراكشي، ممثلة في الإقرار بممارسة الأمن لسياسة العقاب الجماعي لساكنة حي معطى الله بمداهمات للمنازل وتخريب وإتلاف ونهب ممتلكات المواطنين وسب وشتم في حق النساء والشيوخ والأطفال، مكذبة بذلك الرواية الأمنية التي تقر باستفزاز الانفصاليين القوات العمومية. كل ذلك بغية افتعال معارك مؤدى عنها قبلا، بأموال متسللة من دول الجوار وبأيادي تشتغل وفق استراتيجية محكمة ومدروسة، وبغية إشعال المنطقة وإعادة سيناريو إكديم إيزيك الى الواجهة، ذلك المخيم الذي أدى فشله الى ضياع فرصة نجاح ربيع دموي، يخلط الأوراق في المنطقة ويعيدها الى أكثر من ثلاثة عقود خلت، وتلك هي المهمة التي فشل فيها أعداء وحدتنا الترابية، الحالمون بزعزعة استقرار المغرب وتحييده من مخطط الحكامة التدبيرية في ملف قضيتنا الوطنية. وهو ملف لا يزعجنا اليوم أن نعيد فيه ترتيب أوراقنا بتعزيز العمل الإيجابي والمنتج في أقاليمنا الصحراوية، سواء في النضالات الاجتماعية، أو طرح ملفات التنمية والتشغيل أو القضايا المرتبطة بالحكامة الأمنية و حقوق الإنسان، كما لا يزعجنا السير قدما في مخططنا الخارجي منفتحين على كل الفعاليات في مختلف المجالات من أجل استكمال مشروعنا المعزز اليوم بإرادة عليا لبلادنا. لقد سبق وأن أشرنا منذ جاء بنكيران الى الحكم على جواد ربيعه ، أن هذا الرجل الذي يتغنى بالدم العربي ويعتبره بطولة وفتحا جديدا ، تشتم رائحة سفره الأسطوري عن بعد، وأن دونكيشوطيته ليست بريئة، وأن الوطن مهدد بلغة الغيب التي تعي استراتيجية اشتغالها، بل ذهبنا الى القول - متحملين المسؤولية في ذلك- أن الرجل يبلغ رسائل الى من يهمه الامر خارج البلاد ، بل قلنا وتحملنا المسؤولية مرة أخرى أن الرجل يمثل الذراع المغاربي للإخوان المسلمين، ويعمل على الاختفاء وراء جماعته التي أوكل لها الانفلات جدا حد اتخاذ القرارات المصيرية في استقرار منطقة بكاملها ، وذلك ما سجله التاريخ بالصوت والصورة في مؤتمر الإخوان الأخير بتركيا وتحديدا بأحد فنادق إسطنبول الشهيرة . وها هو رئيس حكومة بلادنا الغامض جدا يحرك اليوم عنصرا في بنيته الحزبية، ممثلا بشبيبة حزبه في أقاليمنا الجنوبية من أجل الانخراط في المعركة المفتعلة ضد قضية المغاربة الأولى، لا يهمه شعور من أعطوه ثقتهم من أجل توصيل المغرب الى بر الأمان من خلال إصلاحات كبرى نابعة من دستورهم الثوري بتفعيل قوانينه المصاحبة، ومأسسة الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وجعل المغرب في صف الدول المتقدمة، لكن ما يهم رئيس حكومتنا المتمتع بالصلاحيات الواسعة هو جعل أحياء مدننا الجنوبية تتأخون في دائرة الظلام، لتشيطن المشهد، وتنشر التماسيح والعفاريت في الأزقة والدروب لتعميم الوهم وتهريب الحقائق خلف الأسوار لصالح «الأخونة العالمية» تلك التي ترى أن نشر الظلام هو الحل من أجل أمة يحكمها المرشد. لهذا ندعو كل الديمقراطيين، الى مواجهة خطر النكوص الذي يجر حزب العدالة والتنمية، البلاد إليه، سواء على مستوى رفضه للتأويل الديمقراطي للدستور أو على مستوى تدني العلاقات السياسية داخل الأغلبية أو مع المعارضة، أو على مستوى الوضع الاجتماعي والحقوقي المتردي...أو على مستوى تدبير قضايانا المصيرية. .