بعد أربعة أيام على إطلالته خلال مباراة تكريمية أقيمت على شرفه، يوم الجمعة الماضي بملعب طنجة الكبير، بين قدماء المنتخب الوطني لسنة 1998 ونظرائهم من ريال مدريد الاسباني، أسلم قائد ملحمة كأس العالم 1986 بالمكسيك، المدرب الأسبق للمنتخب الوطني المهدي فاريا، روحه إلى بارئها بعد مشوار حافل من الإنجازات الكروية، خاصة مع المنتخب الوطني وفريق الجيش الملكي. ويعد فاريا، المدرب البرازيلي الذي أضحى مغربيا روحا وعشقا، من أنجح الأطر التقنية التي أشرفت على كرة القدم الوطنية، إلى جانب الفرنسي غي كليزو الذي يتقاسم معه عددا من الجوانب، منها ما هو وجداني كعشق المغرب والمغاربة والتطبع بطباعهم، ومنها ما هو رياضي صرف من خلال إشرافهما المزدوج على فريق الجيش الملكي والمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم. ويظل المهدي فاريا، الذي كان يحظى بتقدير كبير من قبل المغفور له الحسن الثاني، هرما كبيرا أعطى الكثير للكرة المغربية وساهم في بلوغها العالمية، وإن لم يتمكن من حيازة أي لقب مع المنتخب المغربي، إلا أنه ساهم في بروز جيل ذهبي فاقت شهرته كل الحدود، ونال خلالها محمد التيمومي وبادو الزاكي الكرة الذهبية على التوالي في سنتي 1985 و1986. وبدأ الراحل فاريا أو (خوسي فاريا قبل أن يشهر إسلامه)، المزداد في 26 أبريل 1933 بمدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، مسيرته الكروية بفريق فلومينينسي البرازيلي، الذي لعب له لمدة طويلة وظل مخلصا لناديه الأصلي. وبعد اعتزاله اللعب دوليا ومحليا، دخل عالم التدريب في سن 45 سنة من خلال إشرافه على تدريب صغار ناديه الأصلي فلومينينسي لموسم واحد (1978 -1979)، غير أنه لم يكد ينه موسمه حتى اختار الهجرة للإشراف على تدريب نادي السد القطري خلال الفترة الممتدة من 1979 إلى غاية 1982، ثم تدريب منتخب قطر لأقل من 19 سنة لفترة وجيزة خلال سنة 1982. لكن نقطة التحول الكبرى في مسيرة هذا المدرب المقتدر بدأت حينما غير الوجهة نحو القارة الافريقية، وبالضبط في اتجاه فريق الجيش الملكي خلال الفترة الممتدة من سنة 1983 إلى غاية 1989، إذ فاز معه بألقاب عديدة، منها البطولة الوطنية مرتين خلال سنتي 1984 و1987، وكأس العرش ثلاث سنوات متتالية (1984 - 1985 - 1986) ثم كأس إفريقيا للأندية البطلة سنة 1985، وهو إنجاز غير مسبوق حققه هذا المدرب مع جيل ذهبي، ضم بالخصوص التيمومي وخيري ولمريس ولغريسي وهيدامو واحسينة ودحان وشيشا وغيرهم، حيث كان الفريق العسكري أول ناد مغربي يتمكن من الظفر بهذه الكأس، ويضع حدا لسيطرة الأندية المصرية على هذه المنافسات القارية في فترة الثمانينات. مسيرته الناجحة مع الفريق العسكري قادته للاشراف على المنتخب الوطني منذ سنة 1983 مع البقاء في دكة احتياط الفريق العسكري، إذ كانت أول محطة له الالعاب الأولمبية التي أقيمت في لوس أنجلوس بالولايات المتحدةالأمريكية سنة 1984، والتي تميزت بمشاركة رائعة اعتمد خلالها هذا المدرب القدير والمتواضع اللمسة البرازيلية، التي تبقى أقرب الى الكرة المغربية المعتمدة بدورها على الفرجة. كما ساهم الراحل في تأهيل «أسود الأطلس» للأدوار النهائية للكؤوس الافريقية في عدة مناسبات، وإحراز المرتبة الرابعة في نهائيات كأسي إفريقيا بمصر 1986 وبالمغرب 1988. ويظل الانجاز الأبرز للراحل المهدي فاريا رفقة «أسود الأطلس» هو التأهل إلى نهائيات كأس العالم، التي أقيمت بالمكسيك سنة 1986، عندما تمكن المنتخب الوطني من إحراج فرق ذات صيت دولي كالمنتخب البولوني والإنجليزي، وتصدره لمجموعته بعد فوز كبير على منتخب البرتغال بحصة لا تقبل الجدل (3 - 1)، ليضمنوا تأهلهم للدور الثاني في سابقة عربية وإفريقية، قبل أن ينهزموا بصعوبة وفي اللحظات الأخيرة من المباراة أمام منتخب ألماني، تمكن من احتلال مركز الوصافة خلال المسابقة ذاتها. وعاد الراحل إلى تدريب فريق الجيش الملكي من سنة 1990 إلى 1992، ثم أشرف بعد ذلك على تدريب فريق أولمبيك خريبكة موسم 1995 - 1994 ومن بعده المغرب التطواني، إلى أن اعتزل التدريب. وتجدر الإشارة إلى أن الراحل اعتنق الديانة الاسلامية، كما سبق أن نال أوسمة ملكية سامية، وقد عاش مراحل حياته الأخيرة أوضاعا صحية حرجة. (و م ع)