وسط الشعارات والهتافات التي تعالت في قاعة المركب الثقافي بمدينة الناظور الممتلئة عن آخرها وهي تستضيف الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي للشبيبة الاتحادية بالجهة الشرقية والذي ينعقد تحت شعار «من أجل شبيبة اتحادية وفية لشهدائها وقادرة على الفعل والتأثير والمبادرة» يومي السبت والأحد 21 و 22 من الشهر الحالي، أعلن في تمام الخامسة والنصف عصرا عن افتتاح هذه الجلسة وقبل كلمة الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر، استمع الحضور لكلمة النائب البرلماني للناظور عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الحاج محمد أبركان والتي خصصها للحديث عن مساهماته في الفريق البرلماني الاتحادي لطرح مشاكل وقضايا ساكنة المنطقة. كلمة الكتابة الإقليمية للإتحاد الاشتراكي بالناظور الدريوش تناولها مصطفى بوحجار واستهلها بالتوجه إلى الضيوف وممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية وهيآت المجتمع المدني والإعلام بكل أنواعه ، بتحية تقدير وشكر على تلبيتهم دعوة الحضور في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الجهوي للشبيبة الاتحادية للجهة الشرقية الذي تستضيفه الناظور. وأكد مصطفى بوحجار أن الشباب مدعو إلى الانخراط بقوة ودينامية في العمل السياسي، عبر المشاركة الإيجابية والتكوين والتأطير من أجل امتلاك المعرفة من جهة، وتحصين ذواتهم من الأفكار التضليلية والهدامة والمحبطة من جهة ثانية، والاستعداد لتحمل المسؤولية مستقبلا في مختلف الواجهات من جهة ثالثة. وعلى الشباب أن يعلموا جيدا - يضيف مصطفى بوحجار - بأن هناك أمثلة عديدة عن نماذج شبابية تحملت مسؤولية وطنية وسياسية ببلادنا سواء إبان مرحلة الاستعمار أو الاستقلال، فمن بين الموقعين على وثيقة الاستقلال سنة 1944 ، كان هناك شابان هما المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد اللذان قاوما الاستعمار الفرنسي وقادا معركة النضال الديمقراطي في عهد الاستقلال. ولن ننسى المجاهد محمد منصور الذي أدين في عهد الاستعمار بالإعدام وعمره لا يتجاوز 17 سنة، ولم ينفذ فيه الحكم لأن عمره لم يتجاوز 18 سنة 1955. والمجاهد عبد الرحمن اليوسفي الذي خاض معركة النضال النقابي في عهد الاستعمار في الأربعينيات من القرن العشرين وهو في ريعان الشباب. وطالب الشباب بقراءة تاريخ حزبهم باعتباره جذورا ومرجعيات لا محيد عنها. وختم مصطفى بوحجار كلمة الكتابة الإقليمية بالتأكيد على أن بلدنا في حاجة ماسة إلى تدبير الشباب لشؤون البلاد بمسؤولية ونجاعة ووعي وكفاءة عالية، وهذه تأتي انطلاقا من التكوين الذاتي الجيد والتسلح بمختلف المعارف والعلوم ، والثقة في النفس والمستقبل والاطمئنان والاستقرار الداخلين بعيدا عن ثقافة التشاؤم والإحباط واليأس التي تحاول بعض التيارات زرعها في نفوس الشباب. الكاتب الجهوي للمنطقة الشرقية الدكتور بلحسن ، أوضح في كلمة له بالمناسبة أن الشبيبة الاتحادية بهذه الجهة تعقد مؤتمرها الجهوي والظروف بالبلاد تتسم بالضبابية والمصير المجهول ، موضحا أن التقرير الأخير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي يبقى دليلا ساطعا على فشل سياسة الحكومة الحالية . وذكر الدكتور بلحسن بأهمية موقع الجهة الشرقية الإستراتيجي وأنه رغم أهمية المشاريع التي أحدثت فيها خلال السنوات الأخيرة ، فهي لازالت في أمس الحاجة إلى مشاريع تأهيلية كفيلة بالنهوض بالمنطقة وتحسين الظروف الاجتماعية لساكنتها ، وأن الوقت قد حان في أفق الجهوية الموسعة التي نحن بصدد التهيئ للدخول فيها. عادل لزعر عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية أوضح في كلمة ألقاها أمام الحضور أن شباب الحزب عقد العزم على تنظيم المؤتمرات الجهوية تمهيدا للمؤتمر الوطني الثامن، وأن الهدف هو إنتاج نخب شابة جديدة ستشكل قيمة مضافة للنضال الحزبي من أجل تحقيق مشروع ديمقراطي حداثي وهو مشروع الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وبعد وقوفه عند بعض المحطات النضالية التاريخية التي عاشتها المنطقة الشرقية ، أكد عادل لزعر أن الشبيبة الاتحادية تراهن على شباب قوي وفي لتضحيات الشهداء. مباشرة بعد هذا، أحيلت الكلمة للكاتب الأول للحزب الأستاذ إدريس لشكر الذي أكد في مستهل كلمته أنه يشعر بارتعاش وإحساس كبير يملكه وهو يتواجد في منطقة أعطت دروسا في التضحية واستفادت منها تجارب عالمية ، فالثورات في العالم استفادت من مقاومة الريف ومقاومة أبناء الريف للمستعمر. وأوضح إدريس لشكر أن الجهة الشرقية التي تعقد اليوم شبيبتها الاتحادية مؤتمرها الجهوي هي جهة متاخمة للحدود وكان ينبغي أن تحظى باهتمام أكبر والجهة الحدودية عادة عند الدول تستفيد من عناية خاصة لأنها تقدمها كنموذج للخارج إلا أنه كلما توجهنا جنوبا، لا نجد أي اهتمام ،وتوجه بتحية خاصة لأبناء ومؤتمري إقليم فكيك الذي يعاني حصارا مضروبا عليه ويجب أن يرفع. المنطقة الشرقية هي منطقة المناضلين ، يؤكد الكاتب الأول للحزب ، الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وواجهت سنوات الرصاص في الستينيات والسبعينيات لكي نصل اليوم إلى الديمقراطية الناشئة التي تعيشها بلادنا، وبالتالي لابد من بذل مجهود تنموي لتمنيع وتقوية مواطنينا في هذه المناطق الحدودية . الكاتب الأول للحزب توقف عند النضال الذي خاضه الشباب المغربي مؤكدا بأنه لابد من أن نسجل بأن نضال الشباب الجامعي و20 فبراير هو الذي أوصلنا إلى خطاب 9 مارس وأوصلنا إلى الإصلاح الدستوري ، ومن حق هذا الشباب اليوم ،يقول إدريس لشكر ، أن يتساءل عن مصير المجهودات والنضالات التي خاضها . وتساءل في سياق حديثه عن حصيلة حكومة عبد الإله بنكيران ، عن مصير القوانين التنظيمية التي تهم مجموعة من الأوراش الكبرى التي أسس لها دستور 2011 خصوصا ورش الجهوية الموسعة وترسيم الأمازيغية . ناضلنا، يضيف الكاتب الأول للحزب ، من أجل ترسيم الأمازيغية، لكن كان موقفهم مقاومتنا ولازالت مستمرة .. ها قد مضت سنتين على الدستور الجديد ، من حقنا أن نسأل هؤلاء عن القوانين التي جاء بها الدستور بشأن ترسيم الأمازيغية . وفي هذا الصدد طالب ادريس لشكر، شبيبة الحزب والحركات الطلابية من أجل النزول إلى الشارع للمطالبة بالتنزيل السليم للدستور بخصوص ملف ترسيم الأمازيغية. كما اتهم الحكومة الحالية بمحاولة الإجهاز على عدد من المكتسبات التي حققها المغرب بفضل نضالات عشرين فبراير ، وتضحياته الجسام التي نقلت البلاد نحو مرحلة جديدة أفرزت دستورا جديدا والعديد من الإصلاحات السياسية الكبرى. ودعا الكاتب الأول خلال كلمته ، شبيبة الحزب وطلبة الحركة الأمازيغية بجعل شعار الحداثة ممارسة يومية في الجامعات والانفتاح على جميع الحداثيين لمواجهة محاولة هيمنة الفكر الظلامي الذي يقمع الحريات والتوجه نحو المستقبل . وأضاف لشكر بأن الشبيبة ملقاة عليها اليوم مسؤوليات ولابد أن تتحرك والبلاد تعيش في ظل هؤلاء المسؤولين تراجعا خطيرا . وانتقد إدريس لشكر بشدة حكومة تصريف الأعمال بقيادة عبد الإله بنكيران، بسبب انفراد الأخيرة بقرار بدء نظام المقايسة الجزئية الذي ارتفعت على ضوئه أسعار المحروقات والوقود. وكذب الأخ الكاتب الأول للحزب ادعاءات بنكيران بخصوص عدم تأثير الزيادة في أسعار الوقود سيما البنزين والكازوال، على جيوب المواطنين، وردا على ذلك أكد إدريس لشكر أن نظام المقايسة الجزئي المعلن من لدن حكومة تصريف الأعمال تعتبر ملغومة خاصة وأنها تأتي في وقت لم يتجرع فيه المغاربة بعد الزيادة الأولى التي تلاها ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية خصوصا الحليب وبعض المواد الغذائية ، وهو ما يؤثر سلبا على القدرة الشرائية للمستهلك. واستشهد الكاتب الأول للحزب بالتجربة الديمقراطية الألمانية ، بحيث لا يمكن أن تظل البلاد بدون حكومة بعد شهرين، لابد من الرجوع إلى الشعب في انتخابات جديدة تقرر المصير، أما أن ينتظر رئيس الحكومة إلى ما لا نهاية فهذا عبث ما بعده من عبث . وتساءل لشكر عن أية حكومة تسير هذه البلاد، فقد خرجنا ، يضيف ، من الدورة الربيعية ونحن اليوم بصدد الدخول في الدورة الخريفية ولا زالوا لم يستطيعوا تشكيل الحكومة ودجاجتهم لم تضع بيضها بعد، والدولة تنتظرها انتظارات كبرى. وأكد إدريس لشكر بأنه وبكل مسؤولية نقول أن اختيار 25 نوفمبر احترمناه وهذه المرة على المواطن أن يحسن الاختيار وحينما سيتوجه إلى صناديق الاقتراع يجب أن يتذكر أن هؤلاء نجحوا فقط في قول لا ثم لا لكل مطلب شعبي ، وتوفقوا في استعمال الزرواطة وتوجيهها إلى رؤوس المعطلين . استعادة المبادرة، يقول الكاتب الأول للإتحاد الاشتراكي، هو ما نحن بصدده اليوم ولن تتم إلا بإعادة البناء، وما يقوم به اليوم شبابنا يدخل في إطار هذه الإعادة للبناء وهدفنا اليوم هو مصاحبة الشباب في إعادة البناء ، لبناء شبيبة اتحادية منفتحة على الشباب المغربي والشبيبة المغربية أنقذت بلادنا من الوقوع فيما وقعت فيه بلدان أخرى. وبخصوص موضع اليسار المغربي، أكد إدريس لشكر في كلمته بأن التشتت والتفرقة التي عاشها اليسار، سهل على هؤلاء الوصول إلى المسؤولية ليفعلوا ما أرادوا بهذا الشعب . إننا نمد ايادينا، يقول الكاتب الأول للحزب، لليسار لاستعادة دوره وأمجاده النضالية ووحدته القوية، واليسار موجود في المنظمات النقابية ولهذا توجهنا إلى الاتحاد المغربي للشغل وتركنا كل الحساسيات جانبا، اليسار موجود في القطاع النسائي فتوجهنا صوبه، وهو موجود في الجمعيات الحقوقية فتوجهنا كذلك نحوها. بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، تجمهر شباب الاتحاد الاشتراكي بباب المركب الثقافي ورددوا مجموعة من الشعارات والهتافات ومروا بشارع محمد الخامس إلى غاية مقر دار الأم حيث عقد هناك الكاتب الأول إدريس لشكر ندوة صحفية نشطها عدد من ممثلي وسائل الإعلام وأجاب خلالها عن مجموعة من التساؤلات حيث أكد إدريس لشكر أن الحصيلة الحكومية يجب أن نلمسها في المشهد السياسي فإذا بنا نعيش العبث فقد اقتربنا من الدخول في 3 أشهر من الانتظار ولا حكومة في الأفق وأن البلد لا يمكن له أن يسير بحكومة عرجاء، والحصيلة نريد أن نلمسها في ما له علاقة بالطبقة العاملة، فإذا بنا نجد التذمر هو السائد لدى المنظمات النقابية . ودعا إدريس لشكر إلى جعل مقرات الحزب على الصعيد الوطني تنفتح على كل الطاقات، أن تفتح في وجه المعارض التشكيلية وفي وجه المراجعات الدراسية التي يستفيد منها تلامذتنا وأن تفتح في وجه الشعراء وغيرهم. الكاتب الأول للحزب اغتنم مناسبة عقد هذه الندوة الصحفية ليذكر بمواقف الإتحاد الاشتراكي بخصوص استكمال وحدتنا الترابية واسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين والجزر التابعة لهما . المثير في تطبيق قرار المقايسة الجزئية ، هو أنه يأتي في هذا الظرف بالذات حيث القدرة الشرائية للمواطنين مازالت تعاني من آثار رمضان و ونفقات الدخول المدرسي بالاضافة إلى عيد الاضحى الذي بات على الأبواب..كما يأتي القرار و هذا هو الأخطر في أجواء فراغ سياسي تعيشه البلاد منذ أشهر .. وبالتالي فإنه في ظل هذا المناخ العام من الوارد أن تكون لمثل هذا القرار انعكاسات اقتصادية وتبعات اجتماعية وسياسية لا أحد يستطيع التكهن بالأبعاد التي يمكن أن تأخذها .. خصوصا إذا ما استمرت اسعار المحروقات في ظل المناخ الدولي المتشنج في الصعود..حيث من الممكن أن تأخذ هذه الابعاد منحى أكثر خطورة .. نلاحظ كذلك بأن تطبيق قرار اعتماد المقايسة يأتي في غياب إصلاح شمولي وبنيوي لنظام المقاصة ككل، والذي يستنزف المال العام وتستفيد منه فئات ليست في حاجة للدعم ..كما أن هذا القرار لا يأخذ بعين الاعتبار وضعية الجمود التي تعاني منها سلالم الأجور وهو ما يشكل خطرا على القدرة الشرائية للمواطنين . ومع ذلك يجب أن نعي بأن هذا القرار جاء نتيجة أيضا لضغوطات خارجية يمليها أساسا صندوق النقد الدولي الذي يطالب الحكومة منذ مدة بمجموعة من الاصلاحات التي لم تر النور حتى الآن، وكان من الطبيعي أن يضغط هو الآخر من أجل تنبيه الحكومة إلى الوضعية الخطيرة التي تعاني منها المالية العمومية وعلى رأسها عجز الموازنة الذي قد يتجاوز هذه السنة عتبة ال 7 أو ال 8 في المائة ..وكل هذا يؤشر على أننا أصبحنا في وضعية بنيوية جد حرجة لا تحتاج فقط إلى معالجة تقنية ك «المقايسة» أو غيرها ، بل إلى حلول هيكلية قد تتجاوز الحكومة برمتها ، لأن هذه الأخيرة كيفما كان الحال لن تتمتع بأغلبية مريحة تمكنها من اتخاذ القرارات اللازمة لمثل هذه الظرفية الصعبة. نظام المقايسة الجزئية لأسعار المواد البترولية السائلة المبادىء وآليات الاشتغال بدأت بلادنا بالعمل بنظام المقايسة الخاص بالمواد البترولية ما عدا غاز البوتان سنة 1995 واستمر العمل به منذ ذلك التاريخ من أجل تحديد أثمنة بيع هذه المواد عند محطات الوقود، إلا أنه في سنة 2000 تم تعليق العمل به. واليوم قررت الحكومة العودة للعمل بنظام المقايسة الجزئية لأثمنة المنتجات البترولية الذي يدخل حيز التنفيذ في غضون شهر شتنبر 2013 بموجب قرار حكومي، وهو نظام يتميز بما يلي: مقايسة محدودة: أي أن المواد المعنية بالمقايسة هي الغازوال والبنزين الممتاز والوقود الصناعي. أما المواد المدعمة الأخرى، خاصة غاز البوتان، والوقود بصنفيه العادي والخاص الموجهين لإنتاج الكهرباء، والغازوال الموجه للصيد الساحلي، فلن تكون خاضعة للمقايسة. مقايسة جزئية أي أن تغيرات الأسعار المطبقة لن تهم سوى جزء من التغير الكلي. فبالنسبة لكل مادة، حددت الدولة عتبة معينة، والتي سيتم تفعيل عملية المقايسة ما فوقها أو ما دونها. يمكن للمستهلك الاستفادة من انخفاض للأسعار عند محطات الوقود، حتى لو لم يكن لهذا الانخفاض ما يبرره اقتصاديا بالنظر لارتفاع مستويات أسعار التداول العالمية. ارتفاع الأسعار الذي يمكن أن يتحمله المستهلك لن يتجاوز سقفاً معيناً. وستتخذ الحكومة التدابير الضرورية في هذا الصدد. تحديد عتبات التغييرات: يقضي نظام المقايسة الجزئية المعتمد بتحديد مستوى للدعم الممنوح لكل منتج في مستوى الدعم المعتمد برسم قانون المالية وبعكس الفوارق المسجلة مقارنة مع السوق الدولية بشكل جزئي، ارتفاعاً أو انخفاضاً، على المستهلكين. وسيمكن هذا النظام من التحكم في تكلفة دعم المواد البترولية السائلة في حدود الاعتمادات المرصودة برسم قانون المالية، ومن تفادي تراكم المتأخرات المرتبطة بهذه المواد. سيتم تنفيذ هذا النظام من خلال قيادة عمليتين رئيستين، تعتمد كل واحدة منها دورية معينة: مرة واحدة في السنةك حيث يتم تحديد عشية كل قانون للمالية، عتبات مقبولة لكل مادة بترولية خاضعة لنظام المقايسة، تكون متناسبة مع اعتمادات الميزانية المرصودة لهذا الغرض. مرة واحدة كل شهرك حسب التغير المرتقب تطبيقه أولا، مع مراعاة احتساب متوسط الأسعار على أربعة مدد نصف شهرية متعاقبة بهدف التخفيف من حدة التغيرات المرتقب تطبيقها. السوق الوطنية للمواد البترولية يستورد المغرب كل احتياجاته من المواد البترولية التي تتشكل أساساً من البترول الخاموالمنتجات المكررة وغاز البوتان وقد ارتفع حجم الاستهلاك الوطني من المنتجات البترولية، في سنة 2012، إلى 10.784.933 طن، موزعة على النحو التالي: رسم يلاحظ أن ثلاثة مواد الغازوال، وغاز البوتان والوقودM المدعومة بقوة، تستهلك بشكل كبير. ومن شأن تخفيض تدريجي لدعم أسعار هذه المواد أن يؤدي إلى انخفاض نسبي لاستهلاك هذه المنتجات لفائدة المنتجات البديلة: البروبان والبنزين الممتاز. أوشك الاستهلاك السنوي للمنتجات البترولية أن يتضاعف بين سنتي 2002 و 2012، إذ ارتفع من 6 ملايين طن الى ما يناهز 11 مليون طن، أي بنسبة زيادة إجمالية خلال هذه الفترة قدرها 80%. وقد همت هذه الزيادة: البنزين الممتاز: من 0,32 مليون طن سنة 2002 إلى 0,57 مليون طن سنة 2012. غاز البوتان: من 1,14 مليون طن سنة 2002 إلى 2 مليون سن سنة 2012. الوقود: من 1,35 مليون طن سنة 2002 إلى 2,6 مليون طن سنة 2012. الغازوال: من 3,04 مليون طن سنة 2002 إلى 4,9 مليون طن سنة 2012. واستقر متوسط النمو السنوي لاستهلاك هذه المنتجات في حدود 5% بالنسبة لغاز البوتان والغاز والبنزين الممتاز وفي حدود 7% بالنسبة للوقود. ويبقى معدل نمو الاستهلاك هذا مرتفعاً نسبياً بالمقارنة مع النمو السنوي للسكان، الذي كان بنسبة تناهز 1,2% خلال نفس الفترة. عبد السلام الصديقي : المقايسة قرار ترقيعي اتخذ في ظروف استثنائية لا أحد ينكر بأن قرار الحكومة باللجوء الى المقايسة هو قرار ترقيعي معزول اتخذ في ظروف استثنائية نعرفها جميعا ، كما أن اتخاذ هذا القرار مجزوءا في غياب تصور اصلاحي شمولي لنظام الدعم بشكل عام من شأنه أن يفقد هذه الآلية جدواها.. غير أنه مع ذلك ينبغي استحضار الظروف الاستثنائية التي اتخذ فيها هذا القرار و معه الظروف التي تشتغل فيها الحكومة منذ مدة بسبب التشويش من الداخل والخارج و كذا غياب الانسجام في صفوف الأغلبية...كلها ظروف لا تساعد بتاتا على ابداع الحلول الملائمة لمواجهة المستجدات الطارئة . ولكن ما ينبغي أن يستحضره القراء أيضا هو أن الوزراء الاستقلاليين هم من كانوا وراء اقتراح مشروع مرسوم آلية المقايسة الجزئية كحل لمواجهة تقلبات سوق النفط حيث أن وزير الاقتصاد والمالية السابق نزار بركة وزميله فؤاد الدويري وزير الطاقة هما اللذان حضرا لهذا القرار ..وأنا هنا لا أبرئ الحكومة ككل في نصيبها من المسؤولية ، ولكن ما أود الوصول إليه هو أن الزيادة في ثمن المحروقات ليس بقدر محتوم على المغاربة ولكننا وصلنا إليه بسبب التراكمات السلبية التي حالت دون مباشرة الاصلاحات العميقة التي نبهنا إليها الحكومة مرارا .. وكلنا نعرف بأن حل اشكالية المقاصة يجب ان يكون حلا سياسيا بالدرجة الأولى و ليس حلا تقنيا، وهو حل مع ذلك لن يكون له وقع كبير على المستهلك بالمقارنة مع الزيادة الأولى التي شهدتها أسعار المحروقات سابقا والتي بلغت 20 في المائة ، في حين أنها لم تتعد هذه المرة 5 في المائة و 8 في المائة بالنسبة لكل من البنزين والغازوال.. كما أنه في تصوري لن تكون له فائدة كبيرة في إصلاح اختلالات المالية العمومية ..وبالتالي فإن الحكومة المقبلة مطالبة بإصلاح شؤونها الداخلية و مباشرة الاصلاحات العميقة التي من شأنها أن ترفع من موارد الدولة بشكل ملموس و على رأسها إصلاح المنظومة الجبائية التي تخفي خزانا حقيقيا من الموارد، على الرغم من أن هذا الورش بدوره لن يسلم من حرب حقيقية ضد المستفيدين من الأوضاع الحالية الذين سيدافعون عن مصالحهم.. دعم غاز البوتان : حالة خاصة على الرغم من تقلب سعر تداول غاز البوتان في السوق الدولية، يبقى ثمن بيعه عند الاستهلاك في المغرب منظماً ومستقراً. ولا يتم عكس الفارق بين ثمن بيع غاز البوتان في السوق الوطنية وسعر تداوله في السوق الدولية على المستهلكين، ولكن يتم تحمل هذا الفارق من طرف صندوق المقاصة وتمويله باللجوء إلى الاقتطاعات المطبقة على أسعار بيع المواد البترولية السائلة الأخرى (نظام المعادلة النسبية). وعلاوة على ذلك، وبسبب الارتفاع الكبير لأسعار تداول المواد الأساسية في الأسواق الدولية، بما في ذلك غاز البوتان الذي تضاعف سعره خمس مرات خلال السنوات الأخيرة، في حين ظل سعر بيعه عند الاستهلاك في المغرب دون تغيير منذ سنة 1990. وبالإضافة إلى ذلك، رافق تطور الأسعار هذا تطور استهلاك هذه المادة الذي ارتفع بنسبة ناهزت 75% بين سنتي 2002 و 2012. وبسبب وقع تظافر هذين العاملين، أضحت الاقتطاعات المطبقة على أسعار بيع المواد البترولية السائلة (نظام المعادلة النسبية) غير كافية لتحمل الكلفة الناتجة عن دعم غاز البوتان. ونتيجة لذلك، تتدخل الميزانية العامة للدولة حالياً لتغطية ما يقرب من 92% من تكلفة دعم غاز البوتان، إذ لم تسهم الاقتطاعات المحصلة برسم نظام المعادلة النسبية والمطبقة على المنتجات البترولية السائلة، في سنة 2012، سوى 7,4% في تغطية هذه التكلفة، في حين لم تسهم الاقتطاعات المطبقة على غاز البوتان سوى في حدود 0,6%. ويتم تمويل نفقات مقاصة غاز البوتان باللجوء إلى نظام المعادلة النسبية الأصلي وكذا باللجوء إلى موارد الميزانية العمومية للدولة. وتجدر الإشارة إلى أن تدخل صندوق المقاصة لدعم غاز البوتان يتم من بداية مرحلة الإنتاج الى مرحلة التوزيع، ويتحمل صندوق المقاصة الفارق بين كلفة الاستيراد وتكاليف الشحن وتكاليف التوزيع. عزيز لحلو : المقايسة ستعمق الاحساس ب «الحكرة» لدى البسطاء أعتبر أن تفعيل قرار المقايسة على أسعار المحروقات الذي لجأت إليه الحكومة في هذه الظرفية الحرجة بالذات، يبقى قرارا يحتوي على الكثير من المجازفة ، ولا يخلو من خطورة سياسية واجتماعية، خصوصا وأن الأسعار الدولية للنفط باتت عرضة للارتفاع في أية لحظة، مع احتمال ضربة عسكرية وشيكة لسوريا، وهو ما يعني اللجوء مرة أخرى إلى الزيادة إذا ما تجاوزت عتبة الأسعار 2.5 في المائة كما هو عليه في مرسوم رئيس الحكومة، مع ما يعنيه ذلك أيضا من احتمال انفجار الشارع في أية لحظة وهنا تكمن خطورة القرار . شخصيا أعتقد بأن الإصلاح لا يكون بضرب القدرة الشرائية للمواطنين ، المنهكة أصلا بتكاليف المعيشة التي عرفت خلال السنتين الأخيرتين ارتفاعات متوالية تشهد عليها مجمل إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، و إنما بإرساء قواعد متينة للنمو الاقتصادي الذي بدونه لا يمكن مواجهة الاختلالات الماكرواقتصادية ، وتنامي الفوارق الاجتماعية، وبالتالي فإن المتضرر الأكبر من قرار الزيادة المتكررة في المحروقات هو المواطن البسيط ، علما بأن هناك ملايين العاطلين و ملايين المأجورين الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري 270 دولارا.. ومثل هذه القرارات التي لا تراعي هشاشة أوضاع هؤلاء المواطنين هي التي تزيد من تعميق الفوارق الاجتماعية ..وفي هذه النقطة بالذات يمكنني أن أجزم لكم بأن الحكومة تلعب بالنار. فبدل أن تبحث الحكومة عن موارد حقيقية بإصلاح منظومة الضرائب ، وتوسيع الفرشاة الضريبية ومتابعة المتملصين من الضرائب و خلق ضريبة على الثروة ومعالجة إشكالية القطاع غير المهيكل وتضريب القطاع الحر .. نراها تلجأ للحل الأسهل : الزيادة في أسعار المواد الحيوية ، و وهو ما من شأنه أن يعمق الإحساس بالحكرة لدى شرائح واسعة من المواطنين. و معلوم أن نظام المقاصة بالرغم من التكاليف الباهظة التي أصبح يشكلها ، فإنه مع ذلك يبقى صمام أمان اجتماعي يخفي النواقص الكثيرة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني ، وبالتالي فإن أي إصلاح لهذا النظام لن ينجح بحل تقني كالمقايسة ، وإنما بحل سياسي شامل.