سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طالب النائب الإقليمي بتحمل مسؤوليته المجلس الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم (فدش) بوجدة يسجل اعتماد النيابة على منطق الزبونية والقرابة في عملية تدبير الخصاص
استحوذ الدخول المدرسي الحالي بنيابة وجدة أنجاد وبدايته التي وصفت بالمتعثرة, سواء على مستوى الاختلالات البنيوية أو على مستوى تدبير الموارد البشرية، على أشغال المجلس الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفدرالية الديموقراطية للشغل بوجدة, الذي انعقد مساء الأحد 15 شتنبر 2013، حيث تم استحضار أجواء الاحتقان التي تعرفها الساحة التعليمية على صعيد الإقليم نتيجة توالي ما اعتبر محاولات للإجهاز على المدرسة العمومية وضرب استقرار الشغيلة التعليمية، كما تمت مطالبة النائب الإقليمي لنيابة وجدة أنجاد بتحمل كامل مسؤولياته لإيقاف هذا النزيف، وبالتعاطي المعقول والجدي مع الشركاء النقابيين لخلق أجواء الثقة خدمة لمصلحة شغيلة قطاع التعليم. وقد وقف المجلس الإقليمي عند مجموعة من الاختلالات تمثلت أساسا في استمرار معاناة التلاميذ وأساتذتهم بمؤسسات التعليم الابتدائي من جراء التوقيت اليومي الذي «يفرض قسرا في تهميش واضح لمجالس التدبير والشركاء»، كما سجل استفراد النيابة الإقليمية بعملية تدبير الخصاص بنوع من «الارتجالية والعشوائية مستغلة إبعاد الشركاء النقابيين من هذه العملية»، واعتمادها على ما وصف بمنطق الزبونية والقرابة في تكليف البعض وتهميش طلبات ذوي الاستحقاق, إن على مستوى التنقيط أو الإطار، زيادة على التعامل «الفج وغير اللائق» لمكتب تسيير المؤسسات الإعدادية والثانوية مع النقابة الوطنية للتعليم (فدش)، والذي جاء في بيان صادر عن الأخيرة، أنه يغلب عليه طابع التحكم والاستخفاف واللامبالاة وهضم حق النقابة المذكورة في الحصول على المعطيات الخاصة بالموارد البشرية على مستوى المؤسسات التعليمية... وانطلاقا من الدور المنوط به في الدفاع عن الشغيلة التعليمية والمدرسة العمومية، دعا المجلس الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم (فدش) إلى رفع الحيف عن تلامذة وأساتذة بعض المؤسسات الابتدائية بإيلاء الأهمية لمقترحات مجالس التدبير في إيجاد صيغ ملائمة لمواقيت الدراسة، والتراجع الفوري عن بعض التكليفات التي وصفت بالمشبوهة أو تلك التي شابتها أخطاء قانونية مختلفة وإرجاع الأمور إلى نصابها بإعطاء الأولوية في التكليف لمن يستحقه أو إلغاؤه، إضافة إلى دعوة مكتب تسيير المؤسسات الإعدادية والثانوية، ومن يقف وراءه، إلى تحمل مسؤولياته كاملة في تدبير شأن هذا المرفق الحساس بنوع من الرزانة والشفافية وتكافؤ الفرص والتعمق في دراسة الملفات حتى لا تضيع حقوق المعنيات والمعنيين، مع التأكيد على حق النقابة المشروع في الحصول على المعطيات الصحيحة الخاصة بالموارد البشرية إقليميا لأنها حق مكفول دستوريا, ناهيك عن بعض المذكرات الوزارية التي ما زالت تحافظ للنقابات بهذا الحق. إن أزمة التقاعد هذه تعتبر في العمق أزمة تعاقد؛ تعاقد اجتماعي تحديدا، عندما عجزت الدولة الراعية عن الوفاء بالتزاماتها في تجديد هذا التعاقد بين الأجيال، حيث فشلت في وضع وسائل و آليات جديدة، مبتكرة وغير تقليدية، لإنعاش النمو وتقنين الحماية الاجتماعية، و انشغلت في تدبير الصراعات الآنية وأهملت الإصلاحات الهيكلية والمستدامة، والتي تعد وحدها الكفيلة بالإجابة عن الإشكالات الإستراتيجية الكبرى، من قبيل السياسة أو الاقتصاد، الاقتصاد أو الديمقراطية، الدولتية أو الليبرالية، الليبرالية أو الحماية الاجتماعية . إن سبل الإصلاح عديدة ومتنوعة، إذ ليس هناك نموذج واحد ووحيد للإصلاح، كما أن لكل إصلاح تكلفته، المالية والسياسية والاجتماعية .... تكلفة تكبر كلما تعلق الأمر بإشكالات معقدة و متعددة الأبعاد، مثل إشكالية التقاعد، التي ترتبط في آن واحد بالاقتصاد والديموغرافيا، وبالنمو و العمالة، وبالميزانية والحماية الاجتماعية، وبالمؤسسات والتوافقات، وبالتوازنات والتعاقدات. و للحكومات في جميع دول العالم أن تختار بين الإصلاح المعياري والإصلاح المؤسساتي.أما الإصلاح المعياري، فيعتبر إصلاحا هامشيا، وهو في الحقيقة الحل السهل والاختيار البسيط وغير المكلف، إذ في ظل هذا الإصلاح، يتم الاحتفاظ بالنظام الحالي الذي يقوم أساسا على مبدأ التوزيع، مع إدخال بعض التغييرات الطفيفة عليه، وعلى معايير اشتغاله، كالرفع من سن التقاعد مثلا أو الزيادة في نسبة المساهمة أو في السنوات المرجعية لاحتساب التعويضات، وذلك بهدف تعزيز وتقوية ديمومته، على المديين القصير والمتوسط، وفي أفق الإصلاح الشامل. وأما الإصلاح المؤسساتي، فيعتبر مبدأ التوزيع الذي يقوم عليه النظام الحالي هو سبب الأزمة، بل هو الأزمة ذاتها. ولذلك يتبنى هذا الإصلاح إلغاء النظام القائم جملة وتفصيلا ووضع نظام آخر بديلا مكانه، يقوم على مبدأ الرسملة. هذا الإصلاح الأخير يعد مغامرة بل ويمكن أن يشكل تمرينا سياسيا محفوفا بالمخاطر، الأمر الذي دفع بوزير أول فرنسي سابق وهو ميشيل روكار إلى القول سنة 1991 بأن التقاعد ملف ملغوم، بما فيه الكفاية، حتى يعصف بخمس أو ست حكومات حاولت اتخاذ قرارات ضرورية لإصلاحه. إن الإصلاحات الأساسية والهيكلية تحتاج دائما إلى زمن كاف، وإلى إرادة سياسية و توافق وطني ، بل وإلى تعاقد اجتماعي، لأن الرأي العام لا يقبل بسهولة بالإصلاحات الجذرية و العميقة، و التي تقطع نهائيا مع الموجود أو السائد، كما أن هذه الإصلاحات غالبا ما لا تظهر ثمارها على المديين القصير والمتوسط، و إنما بعد انقضاء الولاية السياسية للمبادرين بها. ولذلك نجد الحكومات تفضل الإصلاحات الشكلية على الإصلاحات البنيوية .و حكومة السيد بنكيران لم تخرج عن هذه القاعدة. لقد جعلت هذه الحكومة، منذ البداية، من إصلاح أنظمة التقاعد إحدى أولوياتها الأساسية، إلى جانب إصلاحات أخرى كانت قد بشرت بها، مثل إصلاح صندوق المقاصة وإصلاح المالية العمومية وإصلاح منظومة التربية والتكوين وإصلاح العدالة وإصلاح القطاع السمعي البصري، إلى جانب محاربة الفساد والاستبداد وتفعيل آليات الحكامة الجيدة وغيرها من الطموحات الكبيرة و النبيلة ، المشروعة على أي حال. ولقد كان لبعض وزراء العدالة والتنمية النصيب الأوفر من هذه الطموحات والتي ما فتؤوا يعبرون عنها بقوة منذ تنصيبهم، و حتى قبل إتمام مسطرة تنصيبهم النهائي، بل وحتى قبل الإعلان عن النتائج النهائية للاستحقاق الانتخابي . قد لا نشك في صدق نوايا هؤلاء الوزراء ولا في نفس الإصلاح لديهم، ولكن أي إصلاح يحتاج من بينما يحتاج إليه إلى التشاركية أولا وقبل كل شيء، وإلى منهجية عمل واضحة وإلى اليات تنفيذ واقعية، كما يحتاج في الوقت نفسه إلى خبرات وكفاءات وطنية وإلى مستشارين حقيقيين وفاعلين، لا يكونوا بالضرورة حزبين أو حركيين. وهو لعمري المسار الطبيعي للإصلاح، في ظل أي نظام ديمقراطي. إن حل القضايا والإشكالات لم ولن يكون فقط بالنوايا والمتمنيات ولا بالمظلومية ودغدغة المشاعر العاطفية، كما لا يكون بالشعبوية والخرجات الإعلامية والخطابات الدينية. لقد اعتقد بعض الوزراء، ربما لطيبوبتهم أو سذاجتهم أو لهوايتهم وقلة خبرتهم أن بمقدورهم لوحدهم دون غيرهم حل كل إشكالات المغرب العالقة، وفي زمن قصير جدا، حتى قبل أن تصل إليهم ملفاتها ويطلعون على خباياها، فيعرفون حقيقتها ودرجة تعقدها والآثار الجانبية التي قد تخلفها بمجرد الاقتراب منها والشروع في التعاطي معها. ولأنهم أسرى مرجعيتهم الدينية والأخلاقية الصارمة والملتزمة والملزمة، والتي تعتبر بطبيعتها مرجعية منغلقة غير منفتحة ومتقادمة غير متجددة وفي تناقض تام مع قيم الحرية والانفتاح والتطور والتنمية، فقد ظلوا حوالي سنة تقريبا من حكمهم حيارى تائهين، و متخذين مع ذلك القرارات تلو القرارات، سالكين مسلك الإقصاء بدل التشاركية والمحاباة بدل الشفافية والتسرع بدل التؤدة والتدرج، والاتجاه نحو فرض الأمر الواقع بدل التوافق أو التعاقد. لذلك كانت الحصيلة متواضعة ولم يكن لها لتكون، في ظل تلك الظروف، إلا كذلك. ولكن مع مرور الوقت واحتكاك هؤلاء الوزراء بالواقع؛ بالحساب الجاري والميزان التجاري، بالبورصة والمالية ،بالمقاولة والإدارة العمومية والسوق العالمية، بالتضخم والعجز ، بالاقتصاد والنمو ، بقضايا الإجهاض والاغتصاب وزواج القاصرات والأمهات العازبات، بالمساواة والمناصفة، وبالتسول وأطفال الشوارع، حتى توارت مرجعيتهم واعتدلت خطاباتهم وتوازنت شخصياتهم، حتى أكاد أقول أننا اليوم بصدد ربح رهان كبير، نشهد من خلاله تحولا نوعيا لحزب ظل لأكثر من 15 سنة يمارس معارضة دينية وأخلاقية، كما نشهد في الوقت نفسه ميلاد نخبة من القادة والمسيرين استطاعوا الاندماج بسلاسة، وفي وقت قياسي، في طاحونة الحكم بواقعية وبراغماتية وتفاعل جميل مع إكراهات تدبير الشؤون العمومية.