حلم فريق الجيش الملكي باعتلاء كرسي الزعيم أصبح في حكم المستحيل، بعد أن حصد ثاني هزيمة له في بطولة هذا الموسم. الهزيمة الثانية كانت قاسية، لأنها كانت بثلاثية أبدع فيها لاعبو المغرب التطواني، وعزفوا عزفا منفردا، أفرح عناصر «سيامبري بالوما»، في حين أبكى فصائل «إلترا عسكري، وبلاك آرمي» وكل عشاق الفريق العسكري. المفارقة الغريبة أن الابداع كان من طرف عشاق الزعيم على المدرجات، رفعوا أكثر من «تيفو»، عبروا من خلالها على حبهم لبدر الدين المشجع الذي قضى بمدبنة فاس، كما أرسلوا عدة رسائل مشفرة للجامعة، ولفريق الرجاء على خلفية تصريحات أمين الرباطي. وإذا كان انتظار الجواب من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سيطول، فإن فريق الحمامة البيضاء كشف واقع حال الفريق العسكري، في ظرف خمس دقائق من انطلاق المباراة، التي احتضنها مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط، حيث تمكن خضروف من تسجيل أول الأهداف في شباك الحارس الزنيتي. بعدها عم صمت في المدرجات العسكرية، قبل أن يعيد اليوسفي وبمجهود فردي العداد إلى التوازن، ويسجل هدف التعادل في الدقيقة الثامنة. هدف التعادل كان نقمة على لاعبي الفريق العسكري، الذين وجدوا أنفسهم أمام سيل من الهجمات من كل النواحي، من الأطراف ومن وسط الميدان، من كرات بينية وأخرى عرضية وفنيات لا نشاهدها إلا من طرف لاعبين كبار في بطولات أوروبية. تحولت الحمامة إلى كاسر، وتحول الزعيم إلى طالب للسلامة من كل هجوم تكون فيه الفرديات والتناغم، واللعب الجماعي السلس، بلمسة واحدة، ومراوغة فنية، وتمريرة في العمق، تخلق الكثير من الصداع في رأس جواد الميلاني، الذي كان عاجزا عن إيجاد الحلول لسد الثغرات، وكبح جماح لاعبين وجدوها فرصة للإبداع ولإعطاء صورة جميلة عن بطولتنا الاحترافية، التي تعرف مبارياتها الكثير من الانتقادات بفعل رتابتها. جواد الميلاني لم يعرف كيف يسد ثقوب الدفاع، التي كان فيها الزكرومي كالريشة يفعل به جحوح وخضروف مايشاءان. كان المسكين لايقو إلا على متابعة الكرات بعينيه، ولايجاري مهاجمي المغرب التطواني في سرعتهم، ونفس المشهد كان مع بلخضر. هذا الضعف القاتل في الدفاع جعل الحارس الزنيتي يتدخل كثيرا، ويتعذب كثيرا. وليكتمل المشهد كان وسط ميدان العسكريين فارغا، مشرعا للاعبي المغرب التطواني، منه يبنون الهجمات، ومنه يتوغلون، ومنه يقلقون دكة الاحتياط، والمشجعين، والذين لم يكن لهم من ردة فعل سوى المطالبة برحيل جواد الميلاني عن الفريق. وليزداد الضعف، ويتضح تفكك أوصال الفريق العسكري كان القادم الجديد عبد السلام بنجلون كمن يتجول في الحديقة. كان معزولا يراقب، يتابع كالمتفرج مايجري في معسكره، وكأنه ربما كان يعرف حدود لياقته البدنية، والتي حتمت عليه البقاء مع آخر مدافع طيلة المباراة. التعادل في الشوط الأول رضي به مشجعو الفريق العسكري لأنه مر بسلام، ولم يعرف زيادة في الاهداف في شباكه. الشوط الثاني من المباراة كان هناك فريق المغرب التطواني وحيدا يلعب، وكأنه في حصة تدريبية، استحوذ على الكرة ورسم لنفسه صورة الفريق المتكامل، الذي لانشاز في عزفه. كانت القراءات الجيدة والجمل الكروية الرائعة. الاستحواذ على الكرة كان يتعدى في بعض اللحظات عشر دقائق. الاحساس بعدم القدرة على مجاراة فريق المغرب التطواني في لعبه وإبداعه، حتم على كل الفريق العسكري التراجع إلى الوراء، باستثناء عبد السلام بنجلون. سيطرة لاعبي المغرب التطواني شجعتهم على التفكير في حسم المباراة، وإضافة انتصار ثالث على التوالي، فغيروا من سرعتهم وزادوا من ضغطهم، حتى تمكن جحوح في الدقيقة77 من التوغل في مربع العمليات، بعد سلسلة من التمريرات، أنهي المعزوفة بهدف جميل، أهداه إلى زوجته الحامل. وحتى يكثر جحوح من الإهداءات، ينفذ ضربة جزاء في الدقيقة 80، ويسجل من خلالها هدفا ثالثا. الهدف حسم المباراة، وأجج غضب الإلترات العسكرية التي بدأت تغادر الميدان، أما من بقي منها فطالب برحيل جواد الميلاني من جديد. وهناك من انتقد الانتدابات، وهناك من فكر في مقاطعة المباريات لأن«الزعيم» لم يخلق لتنشيط البطولات ولكن لتحقيق الانجازات. تصريحان جواد الميلاني، مدرب الجيش الملكي: «عانينا من الغيابات، وافتقدنا إلى الهجوم، كما افتقدنا وسط الميدان والدفاع كانت فيه ثغرات، ودكة الاحتياط لم تكن فيها حلول واختيارات، كما غابت الجاهزية، وهذا ماجعل المباراة تعرف اتجاها آخر في الشوط الثاني.» عزيز العامري، مدرب فريق المغرب التطواني: «الانتصار كان عن جدارة واستحقاق، وسيطرتنا في المباراة كانت مطلقة، خاصة في شوطها الثاني، بحيث كان فريق المغرب التطواني هو المتواجد، وقد تفاجأت برجوع الفريق العسكري للدفاع ، هذا الدفاع الذي كنا نجد فيه الكثير من الثغرات. نحن الآن نسير في الاتجاه الصحيح».