يقول خبراء إن مواقع الإنترنت الشهيرة، التي هي شركات في الواقع، مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«غوغل»، قررت التعاون فيما بينها لتسجيل معلومات عن المستخدمين بعد أن تبين أن تلك المعلومات لا تقدر بثمن بالنسبة للسلطات الأمنية. وبالرغم من أن تلك المواقع تسعى قدر الإمكان للحفاظ على خصوصية معلومات المستخدمين، فإن طبيعة عملها تقتضي استغلال تلك المعلومات لأغراض الإعلان، وخاصة الإعلان الموجه لفئات بعينها من المستخدمين، ويقول الخبراء إنه عندما تطلب الحكومات هذه المعلومات فإن المواقع لا تملك سوى الإنصياع للمطلب الحكومي. وقد كان من أسباب السخط في الآونة الأخيرة ما تردد عن أن شركة «أر أي إم» المنتجة لهاتف بلاكبيري المحمول قد قدمت بيانات المستخدمين للشرطة البريطانية بعد أن استغلت خدمة الرسائل النصية في ذلك الهاتف في تنسيق موجات النهب والشغب التي شهدتها بريطانيا مؤخرا، وكان من أسباب السخط أيضا التجسس المباشر الذي تعمد إليه بعض الحكومات للتعرف على مستخدمين بعينهم من بين رواد الصحافة الإلكترونية. ويقول خبراء في منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخرا في العاصمة الكينية نيروبي إن الكم الكبير من المعلومات التي تجمعها شركات مثل جوجل وياهو لأغراض الدعاية على صفحاتها والتواصل المباشر مع العملاء المستهدفين قد أصبح في حد ذاته هدفا للوكالات الأمنية والحكومات. ويقول فينت كريف رئيس قسم الإنترنت في شبكة غوغل إنه عندما تسنح الفرصة للحصول على معلومات تفصيلية جاهزة كانت غير متاحة من قبل، يكون من المفهوم أن تصبح هذه المعلومات مطمعا لكافة السلطات الأمنية خاصة تلك التي تخوض صراعا ضد من تراهم متشددين أو إرهابيين حاليين أو محتملين. ويضيف كريف الذي يعد واحدا من الرواد الأول لشبكة الإنترنت وتطبيقاتها إن التساؤل عن السياسة المثلى إزاء هذا التوجه يثير الكثير من الجدل. لقد أصبح إلحاح السلطات الحكومية في الحصول على معلومات المستخدمين من شبكات الإنترنت أمرا روتينيا . ويقول كريستوفر سوجواين الباحث في مجال حماية خصوصية الإنترنت إن «كل شركة تعمل في مجال الانترنت والإتصالات في الولاياتالمتحدة لديها فريق لا يعمل في شيء سوى الرد على طلبات الحصول على معلومات عن عملاء الشركة». وتشير تقديرات الأبحاث الميدانية التي قام بها سوجواين إلى وجود نحو 300 ألف طلب حكومي سنويا من الوكالات الأمنية للحصول على تلك المعلومات. ثمن زهيد بيانات المستخدمين الشخصية .. هل هي في خطر وفي الوقت الذي تلتزم فيه المحاكم الأمريكية بنشر تقارير عن حالات التجسس على الخطوط الهاتفية ، فإن مثل هذا الإلتزام غير قائم بالنسبة لقضايا إفشاء معلومات الإنترنت. وتعمد شبكة جوجل طواعية إلى نشر تقرير عن الشفافية فيها كل ستة أشهر توضح فيه بالأرقام عدد الطلبات التي تتلقاها من جهات حكومية في مختلف أنحاء العالم لإفشاء معلومات المستخدمين أو لنسخ معلومات بعينها من صحفاتها الخاصة. ولكن التقرير لا يتضمن عدد المستخدمين الذين يمكن أن تكون الشركة قد أفشت معلومات خاصة بهم. وبعض الحكومات تطالب شركات الإنترنت بجمع المزيد من المعلومات والاحتفاظ بها لمدة اطول ، وتقول كاتارينا سجيميلفيتش المديرة التنفيذية لأحد صناديق تمويل حملات الدفاع عن حقوق الإنسان في بولندا إن «الوكالات الحكومية على مستوى العالم تضغط على شركات الكومبيوتر لجمع قدر من المعلومات يزيد عن المطلوب للأغراض التي تسعى تلك الوكالات لتحقيقها». وتضيف قائلة إنه على سبيل المثال يوجد في بولندا نظام صارم مثير للجدل للاحتفاظ بالمعلومات وهو الآن قيد إعادة النظر. هذا النظام يلزم المواطنين بالاحتفاظ بالمعلومات على حواسبهم الآلية لمدة سنتين على الأقل حتى يمكن لسلطات الأمن الرجوع إليها سريعا عند الحاجة. ومما يزيد في صعوبة المشكلة أن مراقبة بيانات المستخدمين والحصول عليها أصبحت عملية سهلة وقليلة التكاليف، فشبكة جوجل تطلب ما لا يزيد عن 25 دولارا كرسوم إدارية عن كل حالة تقدم فيها معلومات عن مستخدم ، وتنخفض التكلفة إلى 20 دولارا عند ياهو، أما شبكتي ياهو وميكروسوفت فإنهما تقدمان تلك المعلومات بالمجان. والآن أصبح بوسع ضابط الشرطة أن يجلس في مكتبه المريح ويطلب معلومات شخصية عن 20 أو 30 أو حتى 50 شخصا من شبكة المعلومات من خلال برنامج معين يمكن تحميله على الحاسب الشخصي للإتصال بالشركات التي لديها تلك المعلومات.