قد أجاز بعض أئمة الصوفية ظهور خرق العادة والمألوف لدى بعض أعداء الله، وذلك بقصد الاستدراج لهم في الوقوع في الهلاك والسقوط في براثن الشرك، وخرق العادة بالنسبة لهم تولد عندهم الغرور والكبرياء والتعظيم والتعجب، ويعتقدون كذباً أنهم منحوا هذه الكرامات، لأنهم يستحقونها بأعمالهم ويرون أن لهم الفضل على الخلق بها مما يزيد من عذابهم في الدنيا والآخرة . أما الأولياء فإذا ظهرت لهم كرامة من الكرامات ازدادوا لله تضرعاً وتذللا وخشية واستكانة، بل وازدراء لأنفسهم، وتكون الكرامة بالنسبة لهم قوة تزيد من مجاهدتهم ونعمة تزيد من شكرهم، وفضلا من الله على ما أعطاهم من نعم . وخلاصة القول، إن للأنبياء معجزات وللأولياء كرامات وللأعداء مخادعات ». بعد هذا التعريف المفصل للكرامة .. وبما هي خرق العادة على غير المألوف والطبيعي، ارتأينا قبل عرض نماذج مما نسب إليه من الكرامات، والتي توافق بالتتابع ما جاء في التعريف من طي للمكان ... إلخ أن نقدم عليها نماذج في الكشف والتوسم والفراسة، لأنها بها عرف أكثر .. واعترف له بها مريدوه من الفقهاء، كأدفال والباعقلي » وزرناه مراراً عديدة وأخبرنا بأمور كانت في ضمائرنا، لم يطلع عليها إلا الله تعالى ». ونظراً للفرق الدقيق والبسيط الموجود بين الكشف والتوسم والفراسة، سنقدم تعريفاً للكشف قبل عرض نماذج لما نسب للشيخ فيه ثم ننتقل إلى التوسم والفراسة، وبعدها الكرامات : في الكشف يستعمل الكشف في المعنويات والحسيات، فيقال: كشف الشيء بمعنى اظهره. ورفع عنه ما يواريه، ويقال: كشف عنه الغم أزاله، كما يقال عند الصوفية كشف عنه الحجاب، اي حجاب الظلمة فرأى الحقائق، فهي مكاشفة لا بعين البصر ولكن بعين البصيرة، وقد وردت ايات قرآنية بهذا المعنى كقوله تعالى: بل اياه تدعون فيكشف ما تدعون اليه ان شاء الله. وقوله تعالى: ازفة الازفة ليس لها من دون الله كاشفة. ويروى عن أبي الحسن الشاذلي ان بعض الناس زعم انه وصل الى مقام المحبة لله وهو في درجة تفنيه عن اتباع التكاليف الشرعية ويرد عليه ابو الحسن رضى الله عنه فيقول: سمعت هاتفا يقول: ان أردت كرامتي فعليك بطاعتي وبالاعراض عن معصيتي. فالكشف الحق هو الذي لا يعارض الكتاب والسنة، والمريد الصادق هو الذي يدع الشك ويتمسك بالكتاب والسنة، والله سبحانه وتعالى ضمن الانسان العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها عن طريق الكشف ولا الالهام و لا الرؤى ولا المشاهدة، واذا لم يوافق الكشف عن الشريعة فلا ينبغي العمل به. وهذا رأي الصوفية؟ نماذج من الكشف كما نسبت إلى سيدي احماد اوموسى جاء في مرآة المحاسن: وقال لي شيخ الاسلام ابو عبد الله محمد بن الشيخ الكامل سيدي ابي بكر انه بلغه ان الشيخ الشهير الولي الكبير سيدي احمد بن موسى الجزولي السملالي جاءه رجل بكتاب مطوي. فتناوله اياه، قفال له: لا اقبضه حتى تعدله ففتحه الرجل وتأمله، فلم يجد فيه شيئا يصلحه، فرده اليه ثانيا وثالثا، ثم تفطن لكون المراد: ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان اسقطها، فكتبها فيه فاخذه الشيخ من يده، وفيه كرامة له بالاطلاع على ذلك، التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم والمحافظة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وجاء في مناقب البعقيلي حين الحديث عن الشيخ الفقيه الولي الصالح العام العامل سيدي محمد بن ابراهيم من موضع ( تيزكي بني عقيلة) تضرب له الرحلة و جرت لنا معه حكاية (اي مع سيدي محمد بن ابراهيم) وهو انه يصر لبعض الطلبة في باب الصلاة، وتداولنا معه في الكلام فيه حتى ذكرنا تاركي الصلاة على صحة الابدان، فقال لنا لا تسلموا عليهم اذا لقيتموهم، فقلنا له: يا سيدي كيف لا نسلم عليهم و هم من المسلمين، فقال اعمل ما قلت لكم، وكان في قلبي من ذلك تحير وقلق كثير ثم ورد عليه ركب من الاشياخ الكبار الفضلاء من بلادنا لزيارة الشيخ سيدي احمد بن موسى نفعنا الله به بعد الحكاية المذكورة بنحو شهرين، و الله اعلم، فرحب بهم، فخرجنا معهم قاصدين للزيارة بجميع طلبه حتى و صلنا مكان الشيخ بالماتن به عرف وهو في تلك المدة لا يتحرك فيه شيء من البنيات الا عريش بني بالتبن. فنادى شيخنا المذكور تلميذه سيدي يحيا بن ابراهيم نسيب الشيخ المتقدم الذكر، ان يعلم الشيخ سيدي احمد بن موسى بقدومه مع ا لناس اليه، فأعلمه فأمر لنا بالدخول في العريش المذكور، فاصطف الناس فيه مرتبين في مجلسهم، ثم بعد ساعة زمانية، دخل علينا الشيخ من باب اخر، فبادره الناس بالسلام، واحدا بعد واحد، حتى التقى معه شيخنا المذكور بالسلام، فتقابضا بأيديهما، يقبلانهما، كل واحد منهما يقبل يد صاحبه، حتى ليقبلان بذراعيهما للشوق منهما، مع ارسال الدموع من اعينهما، وداما ساعة زمانية طويلة. حتى تمنينا ان ينفصلا. فلما انفصلا رجع شيخنا الى مجلسه الذي قام منه اليه، وجلس سيدي احمد بن موسى في مكان وحده. فوقف الناس بقليل ، وسكت الناس، وسكت الشيخ ساعة طويلة فقلت في نفسي سبحان الله. ما سبب هذا السكوت الطويل. فما اتممت ذلك الخاطرحتى كلم الشيخ قائلا: السلام عليكم، السلام عليكم. من هنا الى جنة رب العالمين فجميع من لقيتموه فسلموا عليه. كان من المصلين او غيرهم فارتفاع ذلك التحيروالقلق الذي ذكرت من قلبي ببركة كلام الشيخ و مكاشفته علينا، والحمد لله. ثم شرع الشيخ في الكلام مع الناس يسألونه عن مهماتهم حتى حضر الغذاء.. فاكلوا وانصرف الناس. وجاء في الفوائد: واخبرني الفقيه العدل ابو محمد بن عبد الله ابن ابراهيم السملالي احد عدول تارودانت انه حضر يوما حلقته وهو يعظ الناس فجرى على لسانه رفع المنادى المضاف، فقلت في نفسي: نعم الشيخ لو كان معه شيء من النحو فما استتم الخاطر حتى التفت الي واستعاد الحديث فنصبه على سنته فقال هاني نصبته بلا نحو ثم انشد يقول: سيفنى لسان كان يعرب لفظه في ليته من وقفة الحشر يسلم فما ينفع الاعراب ان لم يكن تقى وما ضر ذا تقوى لسان معجم ومما جاء في رسالة الفقيه الدرعي ما يلي: وقد كان هذا السيد رضي الله عنه مخصوصا بالمشورة لما اطلعه الله على بعض الغيوب. حتى كان الشيخ سيدي محمد بن ابراهيم، وسيدي احمد بن عبد الرحمان يشاورانه في امورهما مع انهما من اولياء الله اهل الكشف. حدثني بعض الفقراء الصالحين، قبل ملاقاتي له انه يتكلم على حوائج جليسه التي في ضميره و ان كانت خمسين حاجة، واحدة بعد واحدة حتى يتكلم عنها كلها، وكلامه على الضمائر امر مشهور عند الخاص والعام، والله اعلم، وحدثني رجل خير بتمنارت وكان صهرا لسيدي محمد بن ابراهيم بكلام عنه رضى الله عنه وهو قوله خلع لباس الجفا صفة اهل التقى نشر بساط الوفا صفة اهل الوفا، اهل التقا والوفا هم في رفاق الجميع الى اخر كلامه حدثني ذلك ونحن قاصدون اليه، والله اعلم. فلما قربنا من زاويته المباركة شرعنا في ذكر هذه الابيات متداولين لها انا واصحابي والله اعلم مدة، لكن قطعنا ذلك قبل البلاد (كذا) فلما جلسنا عنده بدأ بذكر ذلك قال (خلع لباس الجفا صفة أهل التقى) وبدأ بتفسير المراد بلباس الجفا، ولما سمعت ذكره لتلك الابيات الا تلك الساعة، لا قبل ولا بعد ذلك، والله أعلم، اما قبل تلك المدة فلا شك بعدم سماعي لها منه واما بعد فكذلك في غالب ظني ويقيني. وقد طال عهدي، وتكلم ايضا عن أحوال المجلس. وقد كنت مدة اهمني امر، وانا على حر السفر اليه فقال لي غير واحد من الناس: اذكره له، ووكد علي بعضهم ان نذكره، له واما انا لم يكن في عزيمتي ان اذكره له، اذ أهم احوالي منه امر الاخرة، ولا احب ان اذكر له امر الدنيا. فلما و صلنا اليه بدأني به،وما في ظني ذلك وذكر لي كيف تكون عاقبة الامر. ومرة أخرى شاورته على أمر فذكر لي مصيره، الى غير ذلك مما رأيته منه من العجائب والغرائب، وذهبت اليه مرة مع رجل يريد ان يشاوره على دفع شيء له من مظلمة الناس يدفعها عنه لاربابها، فلما جلسنا عنده قال: انصفوا، انصفوا وما سمعت ذلك منه قط ومرة ننتظر خروجه علينا، فتكلمنا على النصح فلما خرج علينا قال: انصحوا انصحوا. ومرة آذاني انسان، فلما وصلت كوشف علي ذلك، واخبرني بعاقبة تلك القصة المتقدمة: فلم ارجع اليه مرة اخرى، حتى قضى الله ما قضى فلما وصلت اليه صار يقول اعفوا اعفوا، واظن انه أرادني. وجاء في طبقات الحضيكي: وعن الشيخ الصالح ابي القاسم ابن عبد الرزاق الدرعي قال: قال كنت اطلب شيخا، وعاهدت نفسي ان لا اشيخ الا من يردني عن المعصية فجعلت كلما اتخذت شيخا وأتيت معصية لا يردني عنها، حتى أتيت سيدي احمد بن موسى، فذهبت اجربه على عادتي، فلما اجمعت على ذلك، وقف علي وصفعني صفعة دار بها شخصي فانتهزني وقال أتعصى الله تعالى؟ فعلمت اني ظفرت بحاجتي وغاية أملي. وجاء كذلك في كراسة الباعقلي المذكورة حين ترجمة سيدي عبد الله ابن الحاج خالد الاغرابوي (المعروف بالفضل والبركة) وكان من الملازمين لزيارة الشيخ سيدي احمد بن موسى ما يلي: قال لنا رحمه الله: كنت اغذو الى مسجد (موزايت) في الليل للعبادة، واطفئ المصباح لئلا يتفطن بي اهل المسجد من نقصان زيت المسجد، ثم بعد ذلك ذهبت لزيارة الشيخ سيدي احمد بن موسى، فلما لقيته قال لي: انك تطفئ مصباح مسجد (موزايت) مخافة نقصان زيته، والله لا ينقص ولو اوقد ليلا ونهارا.. هذه نماذج من الكشف نسبت الى سيدي احماد اوموسى وغيرها كثير. وقبل أن نورد نماذج من ا لترسم والفراسة نقترح تعريفا ولو موجزا لهما: »التوسم بمعنى التفرس أي المعرفة النافذة أو البصيرة، والمتوسمون هم المتفرسون في الدين والمتعرفون على حقائقه والمتبصرون الذين يثبتون في نفوسهم حتى يصلوا الى الحقيقة، وقد ذكرهم الله تعالى في قوله: »إن في ذلك لآيات للمتوسمين"« كما روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: »أنه قال: »اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل«.. والفراسة ليست من عالم الغيب بل هي علم نوراني أودعه الله في قلب عبده المؤمن القريب إليه، والمشغول به، والفراسة غير الظن، لأن الظن يخطئ ويصيب حسب طهارة القلب وظلمته، كثيرا ما يخطئ وقليلا ما يصيب، ولهذا أمر تعالى باجتناب كثير من الظن، وأخبر تعالى أن بعض الظن إثم، أما أصحاب الفراسات فأثنى الله عليهم فقال تعالى: »يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم...«. والمتفرس إذا جالس أحدا من الناس يطلع على سره فهو جاسوس للقلوب، فقد ألقى الله في روع سيدنا أبي بكر الصديق أن أحد الصحابة هو (بطن بن خارجة)... فكان ذا حقا وصدقا... فالذي ينظر بنور الله ينفذ الى الأشياء والحجب فيرى ما هو مقدر ومكتوب.. وكان أبو بكر رضي الله عنه في قمة المتفرسين حيث استخلف على المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. كما كان صاحبة موسى عليه السلام صاحبة فراسة أيضا حين قالت: »استأجره فهو القوي الأمين« وكذلك العزيز حين تفرس في سيدنا يوسف، وقال لامرأته: »أكرمي مثواه...«. ويرى أئمة الصوفية أن الفراسة موهبة دائمة في جميع الأوقات يحظى بها الولي كمنة إلاهية، ونفحة ربانية ويستخدمها حيث شاء، فهي في أخلاق الصوفي وسلوكه وطبيعته لأنه ينظر بنور الله، ولأن قلبه قد تطهر من الحظوظ والهوى، فلم يعد ينظر ببصره وإنما ببصيرته ويلهم بالحق إلهاما... نماذج من الفراسة والتوسم: (1) تقول الرواية الشفوية في سبب بقاء حفدة الشيخ سيدي أحماد أو موسى من أبناء ابنه عبد الله قاطنين بالزاوية دون غيرهم من حفدته أبناء أبنائه الأربعة الآخرين (محمد فتحا - علي - ولحسن وعبد الباقي) أن الشيخ خرج مرة كعادته يتمشى بوادي تازروالت، فتفاجأ بأبنائه وهم يسبحون مع أقرانهم في »برك{« بالوادي، فلما لمحوه تفاجأوا بدورهم، فتفرقوا مختبئين خلف اشجار الوادي إلا ابنه عبد الله، الذي تداركه الوقت، فلبث وسط »البركة« مستثرا بمائها، فقال الشيخ لمرافقيه بأن من سيعمر أرض الزاوية هم أبناء عبد الله من حفدته، أما الآخرون فإن أبناءهم سينتشرون في الأرض خارجها.. وهكذا صدق تفرس الشيخ وتوسمه، فأغلبية ساكنة الزاوية هم من ابنه عبد الله ذاك الذي استثر بزرقة مياه وادي تازروالت.. والله أعلم... (2) جاء في الصفوة حين الحديث عن الشيخ أبو اسحاق مولاي ابراهيم حفيد الولي الصالح سيدي عبد الله بن حسين التامصلوحتي الأمغاري: »أنه استمد من جده المذكور مع ا لشيخ الشهير أبي العباس سيدي أحمد بن موسي السملالي، وكان أبو العباس قدم تامصلوحت برسم ملاقاة سيدي عبد الله بن حسين في بعض قدماته على السلطان الغالب بالله بمراكش، فوجد صاحب الترجمة وهو صبي يدرج بين يدي جده، فقال الجد لأبي العباس: ادع له؟ فدعا له، وكانت بقرب الشيخين دجاجة تقرقر، فقال أبو العباس: ان هذه الدجاجة تقول في قرقرتها »كيك كيك» وهو حكاية صوت الدجاج عند القرقرة، فهل عندكم موضع اسمه كيك؟ فقال له: نعم، فقال أبو العباس: إ هذه الدجاجة تقول: إن هذا الصبي لا يظهر أمره، ولا يلمع سره إلا بذلك الموضع، فكان الأمر كذلك. فإن صاحب الترجمة لما توسم فيه الناس الخير، ولاحت عليه مخائله، اجتمعت عليه شرذمة من الفقراء وتلمذوا له، وذلك بداخل مراكش، فأنكر ذلك سلطان الوقت زيدان بن أحمد وأمر بالقبض على صاحب الترجمة »فخرج من المدينة خائفا يترقب« فاستقر به الرحل بموضع يقال له: »كيك« من عمالة مراكش قبيلة سجتانة، ولم يزل به إلى أن توفي، وهناك شاع ذكره، وفاح على ا لمريدين سره، فقصده الناس من الآفاق البعيدة وشدوا له الرحال من النواحي الشاسعة وازدحم علي بابه ما لا يحضى، حتى اجتمع عنده في بعض الأيام ثلاثون ألفا من الرجال، وتسع آلاف من النساء، وكانت له بركة ظاهرة في الطعام..«. (3) وجاء في الفوائد »ومن ذلك ما أخبرني به غير واحد من قرى مسكدادة، عن المراة الصالحة المعروفة عندهم بالاستقامة والبركة الظاهرة، حواء بنت عبد الله، أن سبب وصوله أن الشيخ (يقصد سيدي أحماد أموسى) ورد بلدهم في أول أمره وهي صبية، فتبعته في طريقه تحكي مشيته كما يفعل بعض الصبية، فالتفت إليها فقال لها: بارك الله فيك كذلك تمشين، قالت: فبقي سرالتفاته وأثر مقالته في قلبي حتى عقلت فأتيته، فقال: أنت حاكية مشيتي، قلت نعم! قال: وصلت فكان لها في الوصول مقام شريف«. لنرجع الآن الى الكرامات: من الأشياء التي أوردها صاحب تعريف الكرامة المذكورة ككرامة هو: قلب الاعيان كتحويل المعدن الخسيس الى نفيس وثمين كالرصاص أو النحاس الى ذهب.. وقد رأينا موقف سيد حماد أموسى حين سئل وطلب منه السائل تعليمه ذلك: أي صنعة الكيمياء التي كان تعني فيما تعنيه في ذلك الوقت: السحر فسجل الشيخ موقفا في ذلك ومنه.... ترى لو كان سئل عما سنورده...؟ قالوا: أ. في طي المكان: (1) جاء عند ادفال: »[...] حدثني ولد السيد الفقيه العالم الناصح المكاشف السيد أحمد بن عبد الرحمان بزاوية هذا السيد في أواخر رجب الفرد سنة 969 ه وهو إذ ذاك وإخوته بها عند الشيخ. أن والده قال: ما في أولياء الله تعالى القدماء من المناقب ففي سيدي أحمد بن موسى وأكثر من ذلك. وحدثني عن والده نفعنا الله به، أنه قال: كان شيخه العالم العلام سيد الحسن ين عثمان في مجلس اقرائه يوما، فحمد الله تعالى مرتين أو أكثر، ثم قال: إن سيدي أحمد بن موسى طلع جبلا مسيرته ثلاثون شهرا بين الظهر والعصر. هاتان الحكايتان أحدهما سمعها الوالد المبارك من أبيه والأخرى بواسطة سيدي محمد المعروف بالدراوي، الكائن عندهم. وهذا الجبل الذي ذكر أنه طلعه هذا السيد لم يسمه، وقد كنت سمعت من الناس أنه طلع (جبل قاف). بين الظهر والعصر، وكذا حدثني رجل لم اتهمه! عن سيدي محمد الدراوي أن سيدي أحمد بن عبد الرحمان وبعض الأشياح الكبار، قالا لرجل: إن سيدي أحمد بن موسى طلع (جبل قاف) ثم قال لهم ذلك الرجل: رأيت في الكتاب أن مسيرته أربعة أشهر، فاذهب بنا إليه، فإن كان طلعه ظاهرا فسيذكره لنا أو نحو هذا، فذهبوا إليه، فقال ذلك الرجل أطعلت (جبل فاق) فقال: نعم، طلعته في يوم مسيرة شهر وفي ربع يوم مسيرة شهر، وفي ربع آخر مسيرة شهر، وفي ربع آخر مسيرة شهر ونحو هذا من الكلام. (2) ويضيف أدفال: »[...] وحدثني رجل ثقة أنه سمع الشيخ المذكور يقول: »كنت أسير مسيرة ثلاثة أشهر في يوم، وأنه نادته أمه فسمعها في مسيرة سنة فرجع... (3) دائما كلام افال: »(...) وحدثني بعض الفقراء أنه حدثه فقير أنه قال: كان قادما من بعض قرى بلاد (حاحة) مع سيدي سعيد قاصدين زاوية الشيخ سيدي سعيد، والشمس على حال الغروب، ثم لقيا رجلا وسلم على الشيخ ثم قال ذلك الفقير لسيدي سعيد بعد ذهاب ذلك الرجل: لنجد في السير لعلنا نبلغ قرية فلان، لقرية من قرى (حاحة) وأما بلدته فبينها وبينه مسافة يوم ولم يطمعها تلك الليلة، فقال سيدي سعيد لذلك الفقير: إن الرجل الذي لقيناه أراد أن يصلي المغرب (مكة) فكيف لا نصليها نحن ب (بني داود) زاويته، فقال له الفقير: من الرجل يا سيدي، فقال له: سيدي أحمد بن موسى، وذهبا هما وصلياها بزاويته...« (4) ويقول أيضا: »(...) وقد حدثني بعض الفقراء أنه - أي سيدي أحمد بن موسى - قدم مرة على الشيخ سيدي عبد الكريم نفعنا الله به، فلما ذهب الى أهله، شيعه سيدي عبد الكريم، فلما رجع عنه شرع يلتفت، فقال له أصحابه: ما الذي تلتفت إليه يا سيدي، فقال لهم ذلك الرجل الذي شيعته دخل بعض بلدة (جزولة)..« (5) ويضيف: »(...) سمعت أن بعض الناس أتى إليه من (المدينة ومن (العراق) فلما رآه قال: لو علمت أنه هو لما أتيت إليه، إذ أنه محضر عندنا كل زمن كذا ذكر من سماه، وسمعت أنه خرج مرة يوم الجمعة من (تارودانت) ودار بالدنيا كلها ودخل (تارودانت) يوم الجمعة الأخرى وسمعت ايضا أنه خرج مرة أخرى مع بعض اصحابه نحو الكعبة، ثم دار نحو (مكة) وأتى أصحابه وفي يده عصا خضراء، يوتى به من المشرق ونحو هذا...« ب - في كلام البهائم والجماد: (1) جاء في وريقات عبد الله بن عمر السكيتي: (...) وعنه أيضا (المانوزي) أن غرابة قربت من مجلس الشيخ رضي الله عنه يوما، فتكلمت ثلاث مرات، فقال آمين، فامن الحاضرون معه، فلما انصرفت، قال لهم الشيخ رضي الله عنه: إن هذه أختنا في الله تطلب الدعاء... وسمع مقيده أيضا عن صاحب الروضة المباركة الفقير البعقيلي: أن الشيخ جلس يوما في مجلسه فاجتازت بقرة ذهب بها مالكها إلى (إفران) فتكلمت قبالة الشيخ ثلاث مرات. فقال لها الشيخ رضي الله عنه: أمين ثلاثا. ثم قال رضي الله عنه: أتدرون ما قالت هذه البقرة، فقيل له: قال: إنما قالت أدعو الله أن ينجيني من حديد جزارة أهل (إفران) فقلت آمين. فلما رجعت اجتازت قبالة الشيخ أيضا فتكلمت مرة واحدة، فقال لها: الحمد لله. ثم قال رضي الله عنه للحاضرين: إنما قالت: ها أنا نجوت والحمد لله: فقلت لها: الحمد لله«. (2) وجاء عند ادفال: »...« وقد سمعت أن امرأة سرقت لها عنزة ودعت الذي اتهمته إلى سيدي أحمد بن بموسى، فقال له سيدي أحمد بن موسى ادفع لها عنزتها، فقال: له: ما سرقتها، قال للمرأة ما إسم عنزتك؟ فقالت له كذا وكذا،فناداها سيدي احمد فقالت العنزة في بطنه(باع) لكن هذه الحكاية لم أسمعها من ثقة لكن لا تستبعد هذه في حق هذا السيد.. فقد كثرت كراماته رضي الله عنه وسمعتها شائعة ذائعة على ألسنة الناس مع شدة إخفائه لها...«. (...) وحدثني رجل أنه خاطبه القصب الذي بجانبه ب (تازروالت) قال له: أربعمائة سنة هنا أنتظر مجيءك، أو نحو هذا، حدثنا بذلك المحدث المذكور بمسجد زاويته السنية! ونحن نتحدث عن فضائله. قال لم يسمع ذلك من سيدي أحمد بن موسى بنفسه بل بواسطة. وحدثني أنه مرة رحل من بلده فسمع الاجبال تخاطبه: إلى أين يا سيدي أحمد؟ فرجع«. ج - كرامات أخرى (1) جاء في الفوائد: »أن صبيا أقعد أتي به، فكلم في شأنه من بالمجلس من الطلبة والفقراء، فأخرج له أحد الفقراء شيئا من الدقيق فناوله الصبي ثلاث مرات فقام من حينه، فقال لصاحب الدقيق: من أين لك هذا الدقيق؟ قال له: ترك لي والدي بقعة براحا، فكنت أحرث نصفها لمعيشتي وأرعى بقرتي في نصفها الآخر. فقال: انظروا ما يفعل الحلال؟«. (2) وقال ادفال: ».. وحدثني بعض أصحابي أنه قال لهم سيدي محمد المعروف بالدراوي القاطن ب( تيزركين) وكان خديما لأهل السيد: قدم على الشيخ مرة الأضياف، ووجد الحال عند سيدي الشيخ نحو من ثلاث صاع من الشعير وقال سيدي محمد لسيدي أحمد: اقسم هذا بين عشائهم وبين غذائهم، فقال له سيدي أحمد: لا بل أجعله للعشاء، فجعله كله لذلك، ثم صعد الشيخ للموضع الذي يعبد الله فيه، ثم إلى نصف الليل فناداه، فقال له: ارفع ما في الاندر فإذا فيه نحو صاعين من القمح، وصاعين من شعير وصاعين من الجلبان والله أعلم. وصنع غذاء لهم من ذلك وبقيت منه بقية...«. (3) وجاء في الفوائد: »...« ومنها ما حدثتني به أحمد بن سعيد الركيتي، قال: أخبرني الفقير المسن حسين بن عبد الله الركيتي - وكان من تلاميذه - أنه ذهب إليه مرة، فقال له: يا سيدي إني سكنت بقرية بور لا ماء فيها، وإني أحتاج إلى خضرة طعام، فقال له: تحفظ على شجرة تنبت بطرف ساحة مسكنك ورد إليها عقلك، فرجعت ونسيت، ومر علي زمان ثم رأيت غصنا صغيرا أوراقه مثل ورق التين نبت في ساحة الدار، كلما ظهر أكلته البهائم وهو ينمو بسرعة، ولا أذكر إشارة الشيخ، ثم تذكرت قول الشيخ وإنها الشجرة التي ذكرلي، فزربتها وحافظت عليها، فانقسمت فرعين فلم يمض إلا قليل،فأذعمت وولدت قرانا(باكورة التين قبل نضجها) كبارا فأخذناها للخضرة، فكانت ألذ شيء نيئة ومطبوخة واستمرت ولادتها كذلك لا تنقطع شتاء ولا صيفا وكل ما احتاج الخضرة من أهل القرية أخذها منها ولاتطيب أبدا وإن بقيت ما بقيت ولا تنبت إن غرس منها عود، وكانت على خلاف جنس شجر التين في ذلك كله فسبحان الخلاق الحكيم...«. هذه بعض نماذج من الكرامات المنسوبة للشيخ وهي على كل حال لا تخرج عما نسب إلى جميع المتصوفة في طي المكان... وغيره...