1 "لم يعد أصحاب المكتبات يبيعون الكتب. إنها الأزمة. هناك أيضا معطى آخر: الجمهور لم يعد يهتم بالكتب. لقد تعود كثيرا على ملذات أخرى (...). لم يعد الروائي حين ينشر كتابا يعتبر أنه رمى صنارة في الماء، بل أنه رمى فيه حجرا". رغم أنه ينطبق بامتياز على الهنا والآن، فالحكم هذا لم يصدر حديثا عن كاتب مغربي غاضب وهو يجيب على سؤال ?لا معنى له ولا سبب لنزوله? حول مشاريعه بمناسبة الدخول الأدبي المفترى عليه. الحكم هذا وقعه الكاتب الفرنسي بيير بوصت (1901- 1975) يوم 4 شتنبر 1935، وهو مستل من كتاب يضم مقالاته صدر مؤخرا في فرنسا تحت عنوان "أمواج مداد وأمواج عسل" بمناسبة الدخول الأدبي هناك. 2 مطابع أجمل بلد في العالم، وفق التوصيف المتداول لرقعة جغرافية يرفرف على بناياتها الرسمية علم أحمر ذو نجمة خماسية خضراء، تشتغل ليل نهار خلال هذا الصيف، بل وتدفع لعمالها أجور الساعات الإضافية المتراكمة لكثرة الطلب... ليس لأن لها موعدا مع عموم القراء (الذين هم فصيلة مهددة بالانقراض... إن لم تكن قد انقرضت عمليا) عليها ألا تخلفه احتراما لالتزاماتها معهم قصد توفير ما تضمنته كاتالوغاتها من كتب أدبية وفكرية جديدة في الوقت المحدد للدخول الأدبي... ولكن لأنها نالت حصتها من كعكة الكتاب المدرسي. 3 الدخول الأدبي في فرنسا مزدوج: خريفي وربيعي. وحسب مجلة "ليفر إيبدو"، فدور النشر هناك ستصدر، بمناسبة الدخول الأول فحسب، ما لا يقل على... 555 كتابا! ومع ذلك، فإحصائيات المجلة اعتبرت مؤشرا سلبيا دفع العاملين في المجال إلى دق ناقوس الخطر، وكيف لا والعدد هذا يمثل تراجعا بنسبة 14% مقارنة مع دخول خريف 2012؟ ومن بين الكتب الجديدة التي ستتنافس على استقطاب القراء، هناك 86 عملا روائيا أولا... لا أقل ولا أكثر! رقم يستحق جعل وزارة ثقافتنا وهيئاتنا وجمعياتنا الثقافية تصاب بالأرق وتشعر بالدونية. 4 وككل سنة، يلج رجال السياسة ونساؤها، هناك بالطبع، مجال نشر الكتب حتى لا يظلوا مجرد كائنات شفوية لا تعمر كلماتهما إلا المدة الزمنية التي تستغرقها الخطب (عصماء كانت أم بلهاء). يسارا، ينشر جون-لوك ميلونشون، زعيم حزب جبهة اليسار والمرشح سيء الحظ للانتخابات الرئاسية وبعدها التشريعية الأخيرة، كتاب "كيف نفعل؟"، بينما سيعرض الاشتراكي وزير التقويم الإنتاجي أرنو مونتبورغ وصفاته الإصلاحية ضمن "عودة الدولة: عن فن التأميم بليونة". ويمينا، ستشحذ فاليري بيكريس، وزيرة ساركوزي السابقة المكلفة بالتعليم العالي أولا ثم بالمالية، قوتها الاقتراحية بين دفتي "هل تريدون فعلا تجاوز الأزمة؟"، أما زميلتها في الحكومة السابقة راما ياد فستمارس تمرين الاعتراف في صفحات "دفتر يومياتي السري، 2006- 2010". أما هنا والآن، بل ومنذ الأزل، فلا صوت يعلو على صوت الشفوي (الله يداوي!) في أوساط الساسة والسياسيين، ربما لاقتناعهم الراسخ بالخصوصية المغربية التي مفادها أننا... ظاهرة شفوية! 5 تفتح أي جريدة أو يومية فرنسية هذه الأيام، أو تزور موقعها الإلكتروني، فتصادفك مقالات تعريفية بالإصدارات الجديدة المبرمجة من طرف دور النشر. وفي هامش تلك المقالات ?المتخلصة من ترسانة المفاهيم النقدية الأكاديمية المعقدة?، يشير كتابها إلى صاحب الكتاب وعنوانه وعدد صفحاته ودار نشره وثمنه... مع التذكير بالتاريخ الذي سيوزع فيه على المكتبات والأكشاك، وهو على العموم تاريخ لاحق لتاريخ نشر المقال التعريفي به. أما هنا، فالترويج القبلي آخر ما يفكر فيه الناشر... ويظل الكاتب مكلفا بأن "يدبر" على حفلات توقيع كتبه ومد الصحفيين بنسخ منها لعلهم يلتفتون لها وينشرون خبرا مقتضبا عن صدورها. 6 سننتظر إذن، مثل كل عام، موعد معرض الدارالبيضاء الدولي للنشر والكتاب لتملي طلعة الكتب المغربية الجديدة، فبمناسبته فقط تعمل مطبعة المناهل وغيرها ليحضر منتوجها الورقي في الأروقة. لحسن الحظ أن معرض 2014 لم يتأجل عن تاريخه مثلما حدث في الدورة والسابقة... وكل دخول أدبي مؤجل وكتابنا ?بكسر الكاف أو ضمها حسب الاختيار? بألف خير؟