قال إنه لم يدخل المدرسة وتعلم العربية من زبائن مهنته يستعد الكاتب المغربي المقيم في باريس علي أفيلال لإصدار كتابه الثالث والعشرين، ويتعلق الأمر برواية "هبيب الرماد"، وقد اطلعنا على مخطوطها قبل دفعها للمطبعة (مطبعة النجاح الجديدة). وحول هذه الرواية وواقع الأدب والنقد المغربيين وأشياء أخرى، ومنها جائزة نوبل وحصول البيروفي الإسباني ماريو فارغاس يوسا عليها، كان هذا الحوار مع علي أفيلال، الذي يجب التذكير بأنه عصاميّ؛ إذ لم يطرق أبداً مدرسة ولا كُتّابا، بل تعلّم العربية في صالون الحلاقة من طرف الزبائن، وقد ارتقى في مهنته حتى صار حكما دوليا في الحلاقة، وأتيحت له زيارة العديد من الدول ومنها اليابان، مع الفريق الفرنسي. وإليكم الحوار: -- ماذا تقول في حصول يوسا على جائزة نوبل للأدب؟ - أهنئ هذا الأديب بهذا الفوز، وما من أديب كبير إلا ويطمح للفوز بهذه الجائزة، التي تعد في الوقت نفسه بمثابة اعتراف لما يكتبه الكتّاب وما يتركونه خلفهم للأجيال القادمة. وإذا كنت أقول هذه الكلمة في حق هذا الكاتب، فماذا علي أن أقول في حق أدبائنا العرب؟ أعترف بأن في القلب غصة لأنني كنت أتمنى لو أن عربيا آخر إلى جانب نجيب محفوظ فاز بها، كي تُكرَّم اللغة والثقافة العربيتان من خلاله. ترى هل يمكن أن يأتي يوم لنفرح فيه كما فرحنا يوم فاز بها محفوظ عملاق الرواية العربية! -- من خلال قراءتي المتواضعة لمعظم رواياتك، لاحظت أنك في هذه الرواية الجديدة منحت نفسك حرية قصوى لا نجدها في رواياتك السابقة، فما السريا ترى؟! - ولمَ لا؟ إنني أنوّع، وأخرج من حالة إلى أخرى. وهذه الرواية حالة خاصة فرضت عليّ ولادتها على هذه الحلة القشيبة والشفافة، لا أقول هي عكس ما كتبت، ولكني أقول إنها أجرأ ما كتبتُ. منذ أن حملت القلم بعشق وصدق وأنا أكتب عن المرأة. معظم الروايات العربية التي قرأت أجد البطل دائما هو ذلك الرجل الذي يهيمن على الأحداث ويسيرها حسبما يتلاءم، وما فيه كينونته من الهيمنة على المرأة. وأنا عكس هذا التيار، معظم رواياتي -إن لم أقل كلها- البطلة هي المرأة.. هي التي تسوق السرد على حسب ما يتراءى لها وواقعها بجانب الرجل. "هبيب الرماد" أربع نساء في رواية واحدة، لكل امرأة رواية في حد ذاتها، من حليمة إلى رقية، التي لم تخرج من حيها القديم حيث عرفت الحب، إلى طامو وما لها من معرفة بطباع النساء، إلى عتيكة.. ورغم علاقتي بهذه الرواية التي ذكرت فيها ما لم أذكره في رواية أخرى نظرا لعدة حواجز، منها الأسرة والأبناء ثم الصورة التي أبدو عليها مع الأصدقاء، مع ذلك أقول: كنت أظنك ستحدثني عن روايتي قبل الأخيرة "الوجع"، حيث الصراع العنيف بين البطل الإنسي والبطل الجني، بين آمنة الإنسية وحرمل الجنية. لا أقول إن هناك من أدباء مغاربة سبقوني إلى هذا الموضوع الذي كتبت فيه روايتين: "والآن يا هند" و "وكر العنكبوت"، قبل رواية "الوجع". -- لماذا لا يتناول النقاد المغاربة رواياتك في قراءاتهم وفي دراساتهم النقدية؟ - لأنهم ينظرون إليّ كحلاّق، لا كروائي عرف كيف يشيد أثره أمام هؤلاء النقاد. ولست أدري حتى الآن، أهم نيام أم هم في صحو جميل؟! قلت في إحدى اللقاءات الأدبية: أنا لا أكتب لناقد اليوم، ولكني أكتب للناقد النزيه الذي سيأتي من بعدي. لماذا؟ لأني في الساحة الأدبية المغربية التي أعتز بها، أعرف من له رواية واحدة ويقيم الدنيا ولا يُقعدها، ويتناطح النقاد ومحررو الصفحات الثقافية للكتابة عنه وعنها، في حين أن أعمالي لا تحظى -أحيانا- حتى بخبر عن صدورها، ناهيك عن تكريس مقالات لدراستها. -- مرة قلت مرددا: إن "مغني الحيّ لا يطرب"، فما معنى ذلك حقيقة؟! - يعود هذا المثل إلى أني زرت بعض البلدان العربية، ولدي أوسمة من دولة عربية، وحظيت فيها بتشجيع لم أحظ به في وطني. أربع دراسات كتبت من قبل أدباء عراقيين، من بينهم عدنان حسين أحمد، وثمة دراسة جامعية كتبت مؤخرا عن أحد أعمالي في الجزائر، كما أن مدير المكتبة الوطنية السابق في الجزائر أمين الزاوي، خصني بمقال جميل، كما أن لي ذكرى لا تنسى في الجزائر، حيث كنت أكتب في أواخر الستينيات من القرن الماضي في صحيفة "الشعب" ومجلة "القبس" التي كانت تصدرها وزارة الأوقاف آنذاك. وأود أن أشير إلى أن بعض رواياتي ترجمت إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية.