انتقدت دول عدة الحكومة البريطانية مبدية قلقها من تهديد حرية الصحافة بعد اعتقال متعاون مع صحيفة «الغارديان» وتلف وثائق سرية سلمها الامريكي إدوارد سنودن للصحيفة. وتصاعد الضغط على لندن بعدما أكدت وسائل إعلام عدة أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أرسل أحد مساعديه من أجل الضغط على صحيفة «الغارديان» كي تتلف الوثائق السرية التي حصلت عليها من سنودن. وكانت منظمات الدفاع عن الحريات وجهت انتقادها إلى السلطات البريطانية بعدما اعتقلت الاحد الماضي في مطار هيثرو ديفيد ميراندا، شريك ومساعد الصحافي في «الغارديان»، غلين غرينوالد. ونشر غرينوالد في الأشهر الأخيرة مقالات عن حجم نظام المراقبة لدى الولاياتالمتحدة وبريطانيا استنادا إلى وثائق تسلمها من إدوارد سنودن, المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية والملاحق بتهمة التجسس من جانب واشنطن. والاربعاء الماضي، أعرب مجلس اوروبا عن قلقه حيال موقف لندن. وفي رسالة وجهها إلى وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي طالب الأمين العام للمجلس ثوربورن جاغلاند ب«معلومات» حول هذه القضية التي يمكن أن يكون لها «أثر ضار على حرية التعبير المصونة بالمادة العاشرة من الشرعة الأوروبية لحقوق الانسان». وأضاف المتحدث باسم الامين العام لمجلس أوروبا دانيال هولتغن «لا يمكننا فقط أن ننتقد مشاكل حرية التعبير في أوكرانيا وروسيا أو المجر. ينبغي تطبيق المعايير نفسها في كل مكان بما في ذلك في بلدان مثل بريطانيا». وانضمت الحكومة الألمانية إلى المنتقدين معتبرة أنه «تم تجاوز الخط الأحمر» وأن اعتقال ديفيد ميراندا «مرفوض». وعلق المندوب الوزاري المكلف حقوق الانسان ماركوس لونينغ «لا شك أن ثمة سببا للقلق». وبررت السلطات البريطانية اعتقال الشاب البرازيلي بمكافحة الارهاب, لكن لونينغ اكد عدم وجود «أي صلة لهذه القضية مع الارهاب». من جهتها، اتهمت موسكو التي منحت سنودن اللجوء لندن بتبني سياسة «الكيل بمكيالين»، وقالت الخارجية الروسية «نلاحظ أن المبادرات التي اتخذتها السلطات البريطانية حيال صحيفة «الغارديان» تتنافى وتصريحات الجانب البريطاني لجهة تمسكه بحقوق الانسان العالمية». وكشفت صحيفتا «الاندبندنت» و«دايلي مايل» وال«بي بي سي» الاربعاء، هوية من مارس الضغط على «الغارديان» وقالت ان اسمه جيريمي هايوود رئيس الموظفين البريطانيين وأحد مساعدي ديفيد كاميرون. وقالت صحيفة« دايلي ميل» الشعبية البريطانية إن بإمكانها أن «تكشف أن المخاوف على الأمن الوطني المتضمنة في الوثائق التي بحوزة «الغارديان» كانت شديدة إلى حد أن ديفيد كاميرون أرسل جيريمي هايوود لمطالبة رئيس التحرير آلان روسبردغر بأن تتلف الصحيفة تلك الوثائق». وأكدت ال«بي بي سي» أيضا استنادا لمصادر حكومية عدة، تورط الدولة البريطانية على أعلى مستوى وأن المصادر قالت إنها «تكون قد تخلت عن مسؤولياتها بالكامل» في حال لم تتحدث لمسؤولي «الغارديان» عن هذا الموضوع. وقال ناطق باسم مكتب رئيس الوزراء ل«فرانس برس» إنه لا يريد التعليق على «حالات خاصة» مؤكدا إنه «إذا كانت أي معلومات شديدة الحساسية مع جهة غير مضمونة فإن من مسؤولية الحكومة تأمينها». وكانت الحكومة استخدمت العبارات نفسها لتبرير مصادرة الوثائق الصحافية لدى ميراندا خلال استجوابه. وتقدم الأخير الثلاثاء الماضي بدعوى على الحكومة البريطانية. ونشرت «الغارديان» الاربعاء الماضي تفاصيل حول الطريقة التي ضغط بها «موظفان بريطانيان كبيران» بدون ذكر اسمهما، على إدارة الصحيفة كي تتلف الوثائق. وأفادت الصحيفة «قالا إنهما يخافان من أن تتمكن حكومات اجنبية وخصوصا روسيا والصين من قرصنة شبكة الغارديان» التي قامت قبل شهر بتلف أقراص مدمجة بإشراف ممثلين إثنين لجهاز التنصت البريطاني. ووصفت الصحيفة هذه العملية بانها «خطوة رمزية عبثية جدا» لأن هناك نسخا أخرى بحيازة صحف أمريكية وبرازيلية.