محمد بن لحسن الدمسيري عميد ورائد الأغنية الأمازيغية، إسمه الحقيقي محمد أجحود، ولد بالأطلس الكبير بقرية تامسولت بقبيلة الدمسيرة بإيمنتانوت إقليمشيشاوة سنة 1937، تلقى تعليمه الأول بالكتاب لحفظ القرآن الكريم، ترعرع وسط الجبال والجفاف والمحراث الخشبي والحياة القاسية، انتقل إلى "تلمست" لمتابعة دراسته، لكنه كان شغوفا بالغناء وكان معجبا منذ صغره بأشعار محمد بلعيد ومحمد موراك وبوبكر أنشاد. فاشترى آلة الرباب وتعلم العزف عليها في حداثة سنه. وكان والده يمنعه من ذلك، حيث كان حلمه أن يرى إبنه فقيها. تحدى الفقر وغنى رفقة بعض أصدقائه يطوفون في القرى المجاورة لهم. في سنة 1958 احترف الغناء، بعد أن تعلم على يد أستاذه الرايس أحمد امنتاك والرايس عمر واهروش. وفي سنة 1961 هاجر إلى ألمانيا قصد عرض فنه الأمازيغي للعمال المهاجرين، فقضى فترة من الوقت يتنقل بين سويسرا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا ثم زار الجزائر. ومن بعد عاد إلى أرض الوطن سنة 1964 وبدأ مسيرته الغنائية، وأبدع في مجال الكلمة، ودخل سوق التسجيلات، وكانت أولى أوسطواناته سنة 1965. فنان تربى في الوسط الفني ونهل من فنون الغناء والرقص والموسيقى بالفطرة أعطى أهم فترات عمره خدمة للكلمة الصادقة الهادفة، استطاع أن يجعل من نفسه شاعرا كبيرا وموسيقيا عبقريا، واستطاع أيضا أن يكون مدرسة واحتضن مجموعة من الأصوات، كما تعلم على يده الكثير من رواد الروايس. وفي سنة 1969 عرفت حياته تحولا كبيرا من خلال تعرضه لحادثة سير مفجعة مع عائلة فرنسية في طريقهم إلى مدينة مراكش قادمين من أكادير ونتيجتها كانت إصابته بكسور في عموده الفقري وأجريت له عملية جراحية. وأصبح مقعدا غير قادر على الحركة، وقد نظم الفنان الدمسيري سنة 1978 قصيدة مطولة عن تلك الحادثة. ثم استقر بمدينة الدارالبيضاء مع فرقته. وفي سنة 1975 استطاع أن يؤدي مناسك الحج وله في ذلك قصيدة. كان الدمسيري عميد الأغنية الأمازيغية شاعرا ومبدعا وعازفا ومغنيا وملحنا، تناول العديد من المواضيع السياسية والإجتماعية منها الغلاء والفوارق الإجتماعية والفئات المستضعفة والفقيرة والمسحوقة وبقي وفيا لقضاياها وهمومها، كما غنى " أكورن الدقيق"، عن الأحداث التي اندلعت بالدارالبيضاء سنة 1981 بين الجماهير الشعبية في الشوارع ورجال السلطة والقمع، إثر الزيادات الصاروخية في المواد الإستهلاكية الأساسية، وسقط على إثرها العديد من القتلى والجرحى واعتقل المئات في السجون. وخاصة حينما غنى قصيدة رائعة الطويلة تحت عنوان "أتانا الغدر من الحرث"، كان يقصد بها وزير الداخلية السابق ادريس البصري. ترجمها الأستاذ الباحث محمد مستاوي. كما تعرض الدمسيري لعدة مضايقات في حياته ناتجة عن طبيعة مواقفه وصموده، وكادت أن تسبب له في الإعتقال والمحاكمة لولا ظروفه الخاصة. دخل عميد الأغنية الأمازيغية الحاج الرايس محمد الدمسيري صاحب "الصنعة" المحكمة من الشعر في غيبوبة، استمرت مدتها 24 يوما، بمستشفى الضمان الاجتماعي بدرب غلف. ثم انتقل إلى رحمة الله يوم 11 نونبر 1989، وذفن بمقبرة بن امسيك سيدي عثمان. تاركا مئات القصائد الغنائية.