.. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي . لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ... هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون. محمد بن لحسن الدمسيري إسمه الحقيقي محمد أجحود ، ولد بالأطلس الكبير بقرية تامسولت بقبيلة الدمسيرة بإيمنتانوت إقليم شيشاوة سنة 1937 ، تلقى تعليمه الأول بالكتاب لحفظ القرآن الكريم ، ترعرع وسط الجبال والجفاف والمحراث الخشبي والحياة القاسية ، انتقل إلى «تلمست» لمتابعة دراسته ، لكنه كان شغوفا بالغناء وكان معجبا منذ صغره بأشعار محمد بلعيد ومحمد موراك وبوبكر أنشاد . فاشترى آلة الرباب وتعلم العزف عليها في حداثة سنه . وكان والده يمنعه من ذلك ، حيث كان حلمه أن يرى إبنه فقيها . تحدى الفقر وغنى رفقة بعض أصدقائه يطوفون في القرى المجاورة لهم . في سنة 1958 احترف الغناء ، بعد أن تعلم على يد أستاذه الرايس أحمد امنتاك والرايس عمر واهروش. وفي سنة 1961 هاجر إلى ألمانيا قصد عرض فنه الأمازيغي للعمال المهاجرين ، فقضى فترة من الوقت يتنقل بين سويسرا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا ثم زار الجزائر . ومن بعد عاد إلى أرض الوطن سنة 1964 وبدأ مسيرته الغنائية ، وأبدع في مجال الكلمة ، ودخل سوق التسجيلات ، وكانت أولى أوسطواناته سنة 1965 . فنان تربى في الوسط الفني ونهل من فنون الغناء والرقص والموسيقى بالفطرة أعطى أهم فترات عمره خدمة للكلمة الصادقة الهادفة ، استطاع أن يجعل من نفسه شاعرا كبيرا وموسيقيا عبقريا ، واستطاع أيضا أن يكون مدرسة واحتضن مجموعة من الأصوات ، كما تعلم على يده الكثير من رواد الروايس . وفي سنة 1969 عرفت حياته تحولا كبيرا من خلال تعرضه لحادثة سير مفجعة مع عائلة فرنسية في طريقهم إلى مدينة مراكش قادمين من أكاديرونتيجتها كانت إصابته بكسور في عموده الفقري وأجريت له عملية جراحية . وأصبح مقعدا غير قادر على الحركة ، وقد نظم الفنان الدمسيري سنة 1978 قصيدة مطولة عن تلك الحادثة . ثم استقر بمدينة الدارالبيضاء مع فرقته .