حمّلت المعارضة التونسية، حركة «النهضة» الإسلامية التي تقود الإئتلاف الحاكم في البلاد، مسؤولية إستمرار المأزق السياسي الذي تمر به تونس، واتهمتها بانتهاج سياسة الهروب إلى الأمام، وذلك في رد مباشر على نتائج الإجتماع الطارئ لمجلس شورى حركة النهضة. وقال الإئتلاف الحزبي المعارض «الإتحاد من أجل تونس» في بيان وزعه أمس في أعقاب اجتماع عقده الأمناء العامون لأحزاب هذا الإئتلاف، إن حكومة النهضة "تتحمّل مسؤولية تواصل الأزمة الشاملة التي تمر بها البلاد». ويتألف الاتحاد من أجل تونس من 5 أحزاب هي حركة نداء تونس، والحزب الجمهوري، وحزب المسار الاجتماعي الديموقراطي، وحزب العمل الوطني الديموقراطي، والحزب الإشتراكي اليساري. وانتقد في بيانه رفض حركة "النهضة" «الاستجابة للمطالب الشعبية التي عبّرت عنها المعارضة السياسية الوطنية والمنظمات الوطنية التي رعت الحوار وتوافقت على تعويض الحكومة الحالية بحكومة كفاءات وطنية برئاسة شخصية محايدة وغير معنية بالترشح للإنتخابات المقبلة تتولى إدارة البلاد في ما بقي من المرحلة الانتقالية وتأمين إجراء انتخابات ديموقراطية ذات مصداقية تعبر عن إرادة الشعب التونسي في اختيار ممثليه». وأكد تمسّكه بمطلب المعرضة الرئيسي المتعلق بحل المجلس الوطني التأسيسي والحكومة، متهما في نفس الوقت حركة "النهضة" بالاستمرار في سياسية الهروب إلى الأمام. وكانت حركة "النهضة" أعلنت استعدادها للحوار مع مختلف الأطراف للوصول إلى حل توافقي للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ نحو 3 أسابيع، ولكنها أبقت موقفها غامضاً بشأن الاستجابة لمطلب المعارضة المتعلق بحل الحكومة. وقالت في بيان وزعته ليلة الأحد- الإثنين في أعقاب إختتام إجتماع مجلس شورتها بحضور رئيسها راشد الغنوشي، إنها «تُرحب بمختلف المبادرات البنّاءة الحريصة على تحقيق أهداف الثّورة واستكمال المسار الإنتقالي وإنجاحه». وخلا بيان مجلس شورى حركة "النهضة" الذي وقعه القيادي فتحي العيادي، من عبارات واضحة في شأن مطالب المعارضة المتعلقة بحل الحكومة الحالية كمدخل للحوار، ودعا في المقابل المجلس الوطني التأسيسي لاستئناف أعماله في أقرب وقت ممكن «حتى يستكمل أعماله ويضع البلاد على طريق إنجاز الانتخابات قبل نهاية هذه السنة». غير أن نورالدين البحيري، عضو مجلس شورى حركة النهضة والوزير المستشار في الحكومة التونسية الحالية، لم يتردد في القول في أعقاب هذا الاجتماع، إن «مسألة رئاسة الحكومة لم يتم تداولها خلال مجلس شورى الحركة لأنها ليست موضع جدل». وأضاف في تصريحات للصحافيين، أن حركة النهضة «متمسكة بحماية مؤسسات الدولة»، معتبرا في الوقت نفسه أن «كل من يريد تنصيب نفسه رغما عن أنف الشعب سيكون مصيره الفشل». من جانب آخر دعت «جبهة الانقاذ الوطني» في تونس إلى تظاهرات في الفترة ما بين 24 و31 غشت الحالي لطرد مسؤولين عينتهم حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في مناصب عليا بالقطاع العام. وجاءت الدعوة عقب اجتماع عقدته جبهة الانقاذ في مقر الحزب الجمهوري وهو احد الاحزاب المكونة للجبهة. وقال منجي اللوز القيادي في الحزب الجمهوري ان جبهة الانقاذ الوطني "تدعو القوى الوطنية الى دعم جهود الجبهة لحمل الحكومة على الرحيل وإنجاح «اسبوع الرحيل » المقرر في الفترة ما بين 24 إلى 31 غشت الجاري. وقال سمير بالطيب القيادي في جبهة الانقاذ «ندعو الى تظاهرات ميدانية كبرى في اسبوع الرحيل في كامل ولايات البلاد». وأضاف منجي اللوز ان جبهة الانقاذ «تديت ما أقدمت عليه حركة النهضة (الأسبوع الماضي من تعيينات جديدة في قطاعي الإعلام والأمن على اساس الولاء الحزبي» للحركة. وفي 14 غشت الحالي حذر مجلس وزاري بإشراف رئيس الحكومة علي العريض وهو قيادي في حركة النهضة من «خطورة الدعوات الهادفة الى الاعتداء على مؤسسات الدولة...تحت ستار التغيير والاعتراض على الحكومة» ومن «خطورة عواقب الدعوات الى استعمال العنف من اجل تغيير هيئة الدولة». ودعا المجلس الوزاري "السلطة القضائية الى اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتتبع كل تجاوز وخرق لاحكام القانون النافذ" حسب ما صرح للصجافيين نور الدين البحيري القيادي في حركة النهضة والوزير المعتمد لدى رئيس الحكومة. وأكد المجلس "ضرورة التفكير في آلية تضمن..الوقوف على حقيقة ما يروج حول مسألة التعيينات (بالقطاع العام) على اساس الولاء الحزبي أو الايديولوجي" بحسب البحيري. وتتهم المعارضة ومنظمات غير حكومية حركة النهضة ب"اختراق مفاصل الدولة" عبر تعيين مسؤولين موالين لها وغير أكفاء في مناصب حساسة خاصة في وزارة الداخلية والولايات والادارات العامة. وفي غشت 2012 قال الرئيس المنصف المرزوقي في خطاب إن «إخواننا في حركة النهضة يسعون للسيطرة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية عبر تسمية أنصارهم سواء توفرت فيهم الكفاءة أم لم تتوفر». وأضاف المرزوقي «كلها ممارسات تذكر بالعهد البائد» في إشارة إلى فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتطالب احزاب المعارضة ب «مراجعة» التعيينات التي باشرتها حركة النهضة على اساس «الولاء الحزبي» قبل تنظيم الانتخابات القادمة. وعبرت هذه الاحزاب عن مخاوفها من «تزوير» الانتخابات لصالح حركة النهضة إن تواصلت «هيمنتها» على الادارة.