في سابقة جديدة تعمق الأزمة بين الحكومة والمؤسسة التشريعية، طالب الحبيب الشوباني بصفته وزيراً للعلاقة مع البرلمان من كريم غلاب إعمال الفصل 120 من النظام الداخلي الذي يعطي للحكومة الحق في طلب إعادة أي مقترح قانون إلى لجنة العدل والتشريع من أجل قراءة ثانية، وهو ما أكده الشوباني رسمياً باسم الحكومة. وطالب بإرجاع المقترح الخاص بلجان تقصي الحقائق الى لجنة العدل والتشريع، وهو الموقف الذي جعل رئيس الفريق الاشتراكي أحمد الزيدي يستنكر هذا الطلب، ويعتبر أن ما يحدث هو عبث من طرف الحكومة. كما أكد الزيدي أن ما يجري هو ضرب للمؤسسة التشريعية التي تريد الحكومة الهيمنة عليها، وانتزاع اختصاصاتها. ورد على كلام الشوباني الذي اعتبر طلبه بحادثة سير قبل أن يرد عليه الزيدي، لكنها حادثة سير مميتة. في نفس السياق، طلب البرلماني حسن طارق الذي أكد أن الاشتغال داخل هذه اللجنة دام لمدة سنة، لكن الحكومة بهذا الطلب تضع نهاية للدستور. ووصف الجو الذي كان بمجلس النواب الذي انطلق ما بعد الإفطار من ليلة الاثنين وامتد إلى ساعة متأخرة من اليوم الموالي، أنه جنائزي، مطالباً بدفن الدستور. وفي نقطة نظام في بداية الجلسة، طالب حسن طارق بانسحاب الشوباني من هذه الجلسة. فوجوده يشكل إشكالية، إلا أن غلاب الذي كان يترأس الجلسة رحب بالشوباني والحكومة. موقف الحكومة الداعي إلى إعادة مقترح القانون الخاص بلجان تقصي الحقائق إلى لجنة التشريع، أثار حفيظة الفرق النيابية بما فيه فريق العدالة والتنمية الذي رفض رئيسه عبد الله بوانو أن يستعمل المنصة، ووجه خطابه للشوباني: ما نقدرش نشوف فيك. انت مبهدل والحكومة مبهدلة. وانتقد بوانو بشدة تعامل الحكومة مع المؤسسة التشريعية، إلا أن هذا الموقف الذي عبر عنه بوانو، جعل الرئيس السابق لنفس الفريق عبد العزيز العماري يتناول الكلمة ويرد على بوانو من داخل الجلسة، حيث أوضح أن الحكومة من حقها أن تطالب بذلك، ودافع العماري الذي يشغل مهمة الكاتب العام لمقر حزب العدالة والتنمية والمقرب من بنكيران على طرح الشوباني. هذان الموقفان لذات الحزب جعلا نواب العدالة ما بين مؤيد لتصريح رئيسه بوانو، وما بين مؤيد للرئيس السابق المقرب من بنكيران، حيث أوضح أحد البرلمانيين ل »لاتحاد الاشتراكي« أن عبد الله بوانو ليس من حقه أن يعبر عن مواقف غير مسؤولة ويهاجم الحكومة. وعليه أن يلتزم بمواقف الأغلبية، في حين اعتبر فريق آخر من داخل نفس الفريق، أن ما جاء على لسان بوانو هو عين الصواب. وقد تبين هذا الشرخ داخل فريق العدالة، وتمثل جلياً من خلال التصفيقات التي رافقت تدخل بوانو والعماري معاً. علي اليازغي، باسم الفريق الاشتراكي، ذكر بالتصريحات المتكررة للشوباني التي يطالب فيها بتقوية الإنتاج التشريعي من طرف مجلس النواب. واعتبر ما قامت به الحكومة انقلابا على الدستور. كما ذكر الشوباني بتصريحاته داخل لجنة العدل والتشريع، كما كشف علي اليازغي عن مسلسل التنازلات التي كانت بطلتها الحكومة، والتي تضرب بمكتسبات الشعب المغربي التي حققها بفضل تضحيات ونضال ودماء مناضليه وشهدائه، مشدداً على أن الاتحاد الاشتراكي الذي قاوم من أجل الاصلاح، سيقاوم الردة لتحصين المكتسبات. الشوباني بعد الهجوم اللاذع من طرف النواب طلب من كريم غلاب سحب اقتراحه القاضي باستعمال الفصل 120 من النظام الداخلي، وهو ما رفضه رئيس المجلس، الذي خاطبه قائلا: لقد تم قبول طلب الحكومة ولا يمكن التراجع عن ذلك، ولم يعط غلاب الفرصة لأي نقاش، بعدما رفع الجلسة. وفي بلادي انتفضت الأغلبية والمعارضة بعدما عبر المجتمع عن غضبه في الواجهات الاجتماعية والنقابية والمدنية، وتدهورت الأوضاع في المالية العمومية ودخلت بلادي على أعتاب أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية مازالت تلقي بظلالها القوية لتغرق المغرب، الذي اختار في مساره الطويل لغة الانتقالات الديمقراطية، في مزيد من الضبابية جعلت المؤسسات المالية الدولية تعيد تصوراتها في العلاقة مع المغرب ومنها صندوق النقد الدولي الذي قرر مؤخرا إلغاء زياراته لوطننا، معتبرا أن وضعنا السياسي لا يسمح باتخاذ قرارات ، ريثما تتضح الأمور. ولهذا نقول لم تعد تجدي مرافعات بوانو ولا بحثه عن لغة أخرى في مرجعيات غير مرجعيات حزبه، لأن سفينتنا تحتاج الى استراتيجية وطنية تتوجه الى نفض كل الغبار وتحريك المياه الراكدة التي تسبب فيها رئيس الحكومة ذو الصلاحيات الواسعة، بامتياز كبير، بعدما اختار رسو السفينة في جزيرة عملت مياهها على نخر وتلاشي الكثير من أجزائها، فاللهم الطف بسفينة بلادي من أجل ترميمها وعودتها سالمة إلى جزيرتنا تلك التي حصناها بالكثير من القوانين في الزمن الجميل.