قضى تسع سنوات في السجون العسكرية خلال الحكم الدكتاتوري في الأوروغواي، وتعرض للتعذيب، وتم وضعه طيلة عامين في بئر عميقة. وحتى خلال تلك الفترة الصعبة من حياته، يقول «بيبي» أو كما يلقبه به الناس في الأوروغواي، لم يكن يفتقد لمن يؤنس وحدته، إذ ربط علاقة صداقة مع ضفدع ومجموعة من الجرذان التي كان يقتسم معها كسرة الخبز التي يلقيها إليه سجانوه. انقضت السنون، وأطفأ موخيكا شمعته الثامنة والسبعين، دون أن تخبو داخله روح الرجل الشاب المحارب ذو القلب الكبير. في العشرين من ماي 1935 رأى موخيكا النور وسط أسرة بسيطة، من أب ذي أصول باسكية وأم تنحدر من عائلة إيطالية. كانت بدايته في عالم السياسة إلى جانب نشطاء فوضويين، قبل أن يصبح أحد قادة لتنظيم «طوباماروس»، وهي إحدى المليشيات المنتشرة في المدن سنوات السبعينات من القرن الماضي كانت تمارس أنشطة السرقة بالسلاح والاختطافات، وهو ما سيؤدي إلى اعتقاله وسجنه من 1973 إلى 1985 . وعندما ولى عهد الديكتاتورية وبزغ فجر الديمقراطية في سماء الأورغواي سنة 1984، سينال موخيكا حظه من قوانين العفو، ليباشر إثر ذلك مسارا سياسيا متميزا، حيث أسس «حركة المشاركة الشعبية» (MPP)، وانخرط في الجبهة الموسعة سنة 1989 . وفي سنة 1995، تم انتخابه نائبا برلمانيا، ليصبح أربع سنوات بعد ذلك عضو مجلس الشيوخ الذي حصد أكبر عدد من الأصوات في تاريخ الأوروغواي. وفي سنة 2004، تم تعيينه وزيرا للفلاحة. وسيتوج هذا المسار في نونبر 2009 بانتخابه رئيسا للبلد حيث حاز على أكثر من 52 بالمائة من أصوات الناخبين. في الوقت الذي يرفض فيه رؤساء الدول الكشف عن رواتبهم ويطالبون بزيادتها رغم التسهيلات التي يتلقونها إلى جانب دخلهم الشهري، يتبرع الرئيس موخيكا ب 90 في المائة من راتبه لصالح الأعمال الخيرية، ليحصل بذلك على اعتراف دولي وعلى لقب «أفقر رئيس في العالم وأكثرهم سخاء». يعيش خوسيه موخيكا (76 سنة) منذ بداية شهر مارس 2010، في بيت ريفي مع زوجته لوسيا توبولانسكي، عضو في مجلس الشيوخ، التي تتبرع هي الأخرى بجزء من راتبها. ويعتبر موخيكا أن أغلى شيء يملكه هو سيارته «الفولكس فاغن بيتل» والتي تقدر قيمتها ب 1945 دولارا أمريكيا، ويكشف أنه يحصل على راتب شهري في حدود 12 ألفا و500 دولار ولكنه يحتفظ لنفسه بمبلغ 1250 دولارا فقط، أي عشر الراتب ويتبرع بالباقي للجمعيات الخيرية. ويقول الرئيس إن المبلغ الذي يتركه لنفسه يكفيه ليعيش حياة كريمة ، بل ويجب أن يكفيه خاصة وأن العديد من أفراد شعبه يعيشون بأقل من ذلك بكثير. لا يملك حسابات مصرفية ولا ديون، ويستمتع بوقته برفقة كلبته «مانويلا». وكل ما يتمناه الرئيس عند انقضاء فترة حكمه هو العيش بسلام في مزرعته، برفقة زوجته. يقول الرئيس إن «أهم أمر في القيادة المثالية هو أن تبادر بالقيام بالفعل حتى يسهل على الآخرين تطبيقه ».