كثيرةٌ هي الكتابات والتعليقاتُ والحَواشي التي أُلّفَتْ عن الرّسُول وزوْجاته: كمْ عددهنّ، وهلْ كلهنّ مسْلمات؟ وهل تزوّج عائشة حقّا وهي بنْت تسع سنين؟ وهلْ كانتْ له علاقة خارج الزّواج، أوْ ما كان يُطلق عليه اسم «أمّ الولد»، وما سببُ ذلك؟ إلى غيرها من الأسئلة. يمكنُ تقسيم هذه الكتابات والتعليقات، عُمُوما، إلى نوْعيْن اثنيْن: نوْع تمجيديّ لا يعمل سوى على تكْرار ما قاله القدماء، أوْ على الأصَحّ كتابات معيّنة للقدماء. وهو تكرار ينطلقُ من رؤْية تقديسيّة للتاريخ، بلْ وتجْهَلُ حقيقة التاريخ الإسلامي، ومختلف سياقاته السّياسية والقَبَليّة والدّينية والجهوية. هذه الحلقات ستكون عرْضا موضوعيا لما دوّنته السير النبوية وكتب الأخبار الأولى، القريبة جدا من عصر الرسول، قبْل أنْ تظهر كتب التفسير والتأويلات الإضافية. لكنْ، كيف تزوّج عثمان بن عفان من ابنتيْ الرّسول، رقيّة وأمّ كلثوم على التوالي. هما معا ابنتاه من زوْجته الأولى خديجةُ، وقد كانتْ رقيّة متزوّجة من عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب. فلما نزلت الآية القرآنية « تبّتْ يدا أبي لهب وتبّ «، قالت أمّه أمّ جميل، التي يسميها القرآن «حمّالة الحطب»: قد هجانا محمّد، وضغطتْ هي وزوجها على ابنها عتبة لكيْ يطلق رقية ففعل. ومن ثمّ زوّجها الرسول لعثمان بن عفان، فهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له عبد الله، فكُني أبا عبد الله، وتوفيت في أيام معركة بدر. أما أمّ كلثوم أيضاً، فقد كانت متزوّجة من معتب بن أبي لهب. والشيء ذاته قامت به «حمالة الحطب» حيث ضغطتْ على ابنها لكي يطلقها، ففعل. فلما توفيت رقية، زوّجها الرسول من عثمان أيضاً. فلم تزل عنده حتى توفيت في السنة التاسعة للهجرة. وبكى عثمان. فقال له الرسول: «ما يبكيك « ؟ فقال: انقطاع صهْري منك يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: « كلا، إنه لا يقطع الصهرَ الموتُ، إنما يقطعه الطلاق؛ ولو كانت عندنا ثالثة، لزوّجناك «. ويورد البلاذري عن الزهري أنّ عثمان كان جزع على رقية جزعاً شديداً، فكان لا يزال يأتي قبرها. فقال الرّسول: « إنّ جبريل أمرني أن أزوّجك أختها على مثل مهر أختها «. أما الخليفة الرابع عليّ بن أبي طالب، فقد حافظ على العدد نفسه، أيْ أنه اتخذ له تسع نساء زوجات، لكنه اتخذ عددا كبيرا من «أمّهات الولد» يذكُر ابن تيميّة أنّ عددهنّ 14، وقيل 16 أمْ ولد!! (انظر: خليل عبد الكريم، «شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة»، ص. 440). تضمّ لائحة الزوجات التسع: فاطمة بنت الرسول، سيدة نساء العالمين، أمّ الحسن والحسين ومحسن وأمّ كلثوم (التي تزوّجها عمر بن الخطاب كما أسلفنا) وزينب الكبرى، خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية، أم محمد (المشهور بابن الحنفية). قيل إن أبا بكر أعطى عليّا الحنفية أمّ محمد من سبْي بني حنيفة، ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، أمّ عبد الله وأبي بكر، أمّ البنين بنت حزام بن خالد الوحيدية ثم الكلابية، أم العباس الأكبر وعثمان وجعفر وعبد الله، أمّ ولد وهي أم محمد الأصغر، أسماء بنت عميس الخثعمية، أم يحيى وعوف، وأم محمد بن أبي بكر. 7- أم حبيب الصهباء التغلبية ‹سبيّة› سباها خالد في الردة، فاشتراها علي، وهي أم عمر الأكبر ورقية، أمامة بنت أبي العاص (أمها زينب بنت الرسول) أم محمد الأوسط، أم سعد بنت عروة بن مسعود الثقفي، أم الحسن ورملة الكبرى. أما باقي أمهات الولد فهنّ: أم هاني وميمونة ورملة الصغرى وزينب الصغرى وأمّ كلثوم الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأمّ الكرم وأمّ سلمة وأمّ جعفر وجمانة. ومن المفيد أنْ نختم هنا بالعشرة المبشرين بالجنة، فقد اتخذ طلحة بن عبيد الله تزوج تسع نساء، والزبير بن العوام تزوج ست نساء، وعبد الرحمن بن عوف تزوج عشرين امرأة (20 امرأة)، وسعد بن أبي وقاص تزوج إحدى عشرة امرأة، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، خلف واحد وثلاثين ولدا منهم ثلاثة عشر ذكرا والباقي إناث. ولم يذكر المحب الطبري عدد زوجاته. وأبو عبيدة بن الجراح: من القلة الذين أعرضوا عن الدنيا، وكان مقلا في كلّ شيء. ولم يذكر له المحبّ الطبري سوى زوجة واحدة هي هند بنت جابر، وولدين هما يزيد وعمير. وكذلك قال المصعب الزبيري في نسب قريش، وابن حزم الأندلسي في جمهرة أنساب العرب. وهناك من الصحابيات من تزوجتْ ثلاث أو أربع أو خمس مرّات. غدا: كيف تزوّج الرسول خديجة؟