{ كيف تصفين مسيرتك الفكرية؟ أنا فيلسوفة أمريكية تكونت على جبهتين : جبهة النضال وجبهة العلم. أنا من جيل 1968 تكونت من خلال حركة الحقوق المدنية. تلك المعركة كانت أكثر أهمية من الازدياد في بالتيمور التي لا تبعد عن شمال واشنطن بخمسين كيلوميتر.لكن من جهة نظر ثقافية، فالمدينة جنوبية حيث التفرقة العنصرية قوية. فهذه التجرية كانت مهمة حتى من نضالي في حركة طلاب من أجل مجتمع ديمقراطي التي كانت عبارة عن مجموعة صغيرة لكن كانت من أولى المنظمات المنددة بغزو فيتنام 1963. مع سنوات 1965- 16 توسعت الحركة وأصبحت من أكثر التيارات التي تعبر عن اليسار الجديد الطلابي. فهذا الالتزام النضالي اثر في حياتي السياسية. في لحظات فكرت في مغادرة الجامعة كلية. مع سنوات السبعينات انتشرت في أمريكا وفي باقي دول العالم أزمة نضال . كنا نعتقد بإمكاننا تغيير الأشياء بسرعة لكن ليس الأمر كذلك. في هذا السياق، ظهرت بعض المنظمات التي تمارس العنف لتعبر عن نشاطها السياسي. من هنا بدأت في التفكير مليا فالمجتمع يتغير بسرعة. لذلك فكرت في طريق أخر للتفكير والعيش: كرست نفسي للجامعة. هذا يعني بان استمررت في الجبهتين معا. فتكويني الجامعي الصارم لم يكن بمعزل عن النضال . فتكويني الجامعي الأول كان في كوليج بفيلادلفيا المعروف بعلاقاته الوطيدة بالتيارت النسوية.ثم أكملت رسالة دوكتوراه في النيويورك. بدايتي كانت مع الفلسفة الكلاسيكية ،حيث فكرت كثيرا في الاختصاص في الفلسفة اللاتينية - اليونانية. لكن الالتزام السياسي كان أقوى مني.حيث اتجهت نحو الفلسفة الألمانية ماركس وهيغل وكل ما يتعلق بالماركسية الغربية وخاصة مدرسة فرانكفورت. في سنواتي الأولى لتحضير الدكتوراه كانت كتابات فوكو قد ترجمت وأثرت في :وكرست لها مقالاتي الأولى كما تأثرت بفلسفة رورتي التي فجرت الفلسفة التحليلية من الداخل: التي سيطرت على المجال الفلسفي الامريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية .خاصة عبر كتابات برتراند راسل المنطقية واللغوية. وبالتالي ليس هناك مكان للمهتمين بالفلسفة القارية.: على سبيل المثال في الفلسفة السياسية لم نقرا الا لراولز ونوزيك. ان تعجب بهابرماس او بفوكو فهذا أمر فيه نظر. رورتي نفسه جعل من اللغة معيار عقلانيتنا مما دفعه يتجاوز الحدود باستيعابه لترث براغماتية جون ديوي. الكثير من ممن عاش في جيلي أحس فجأة بتحرره. بإيجاز فلسفتي تخترقها كل التيارات المذكورة أنفا. أنا فيلسوفة سياسية واجتماعية: أحاول فهم المجتمع ، آليات الهيمنة،فوارقه الاجتماعية والاقتصادية، توتراته وخطوط الصراع مع التفكير في أشكال المعاصرة للصراع من أجل التغيير . بعبارة أخرى تقديم تشخيص دقيق للحاضر فطموحي هو أن أصل إلى تحديد معنى عملي لوجهتنا الجماعية. لهذا فتجربتي النضالية حاسمة . فانا أحاول فهم الوضعية في إطارها الشمولي. { كيف تنظرين (بمنظور الماضي) إلى تطور الحركات الاجتماعية التي شاركت فيها؟ في سنوا ت الستينات كانت معركة الديمقراطية الاجتماعية هي المهيمنة. حتى ولو ألزمت دولة الرفاه نفسها بذلك. فهذا يشكل إطارا محددا: حيث تم التركيز على الفوارق الاجتماعية و الاقتصادية من المنظور الماركسي لصراع الطبقات. فالحركات ت الاجتماعية التي ظهرت بين 1960 و 1970 انفتحت مطالبها على أبعاد أخرى للظلم والهيمنة والاضطهاد مثل إشكالية العرقية والنوع والجنسانية. لكن هذه السنوات كان تطوره -أوليا محررا- للصراعات من اجل الاعتراف التي ابتعدت عن مخيال إعادة التوزيع للديمقراطية الاجتماعية التي تجسدها دولة الرفاه: هكذا تم الانتقال من برادا يم اقتصادي إلى براديام ثقافي. فهذا المنعطف الكبير وقع بأمريكا خلال 1980-1990 حيث انقسم اليسار الأمريكي إلى تيارين. لكن لابد من الإشارة إلى أن هذه الانقسامات تندرج في إطار تحولات واسعة: نحن في طريق تحول جذري للرأسمالية بعبارة أخرى يمكن القول نحن إمام نموذج نيوليبرالي أو ما بعد فوردي. فالتحولات عديدة: حيث ارتبطت أساسا بسوق الشغل مع دخول الكثيف النساء وهشاشة شروط العمل. بالإضافة إلى تحولات همت الجندر وتدفقات الهجرة. كما شهدنا على تفكك النظام النقدي الدولي الذي تاسس مع بريتون وودز . وكذلك عولمة المال ، الإنتاج وحتى الإدارة ؛ ولا ننسى أن نشير إلى انهيار الاستعمار وإعادة تشكيل الفضاء السياسي العالمي بعد نهاية الحرب الباردة. وأخيرا ظهور تكنولوجيا جديدة.فهذه الأمور التي ذكرتها غير مرتبة لكن يجب تصورها باعتبارها هي من رسمت بريقنا المعاصر. فاية مبادرة فكرية و سياسية ،نقدية عليها ان تندرج في إطار الفهم العام لهذه الوضعية. من المهم إدراك ما هي قواها واتجاهاتها حتى نتمكن من توقع الطريقة التي بها تستعاد وتحول المطالب من طرف الحقل المضاد. { جوديت باتلر أخذت عليك إعادة تأسيس التمييز بين المادي والثقافي في بناء فكرك حول معضلة إعادة التوزيع كيف أجبت عليها؟ في المجتمعات الرأسمالية اليوم يوجد فضاء اقتصادي ممأسس و مميز يتحرك في إطار قوانينه الخاصة التي بعيدة كل البعد عن قوانين المجالات الثقافية واليومية والدولتية. هذا إلا يعني تأسيس التمييز بين الثقافي والمادي. فان استعمل صفة اقتصادي او بالأحرى مادي لان الثقافي هو كذلك مادي: لان يمكن ان يكون له أثار على الجسم على سبيل المثال. على كل حال يمكن القول بان الاقتصاد فضاء للفعل يوجد في الحقيقة لكن كذلك يرسل عملا ايدولوجيا في سياق كونه ثمرة للعمل السياسي . فهو دائم ينظر إليه مستقل عن فضاء السلطة. لكن من المهم دائما حصر الاختلافات بدقة متناهية. { فيما يخص التمييز بين إعادة التوزيع والاعتراف دخلت في سجال مع الفيلسوف الألماني هونيث حدثينا عنه ؟ وأين مكمن اعتراضاتك؟ يمكن القول بأننا نلتقي في أمور عدة: نحن نتفق مع العديد فلاسفة مدرسة فرانكفورت الذين يهتمون بالفلسفة الاجتماعية وفلسفة الحق ونشاطرهم قناعاتهم في التأسيس لمقاربة نقدية شمولية متعددة الاختصاصات. هناك مسالتين نختلف فيها: الأولى على مستوى النظرية الاجتماعية والثانية على مستوى الفلسفة الأخلاقية. فالمجتمع حسب هونيث «نسق من الاعتراف « بمعنى وجود بنية للاعتراف في حقيقة المجتمع. لكن مع أنني من التيار الفيبري اي في سياق ان نسق الاعتراف ليس إلا بنية من بنيات أخرى . احتفظ بالفكرة الماركسية بالبنية الاقتصادية. بهذا فجميع أشكال الهيمنة والظلم لا تستمد من التذاوت. يمكن القول بان هناك بعدين: الأول نسق الاعتراف المتجذر في التذاوت والثاني غير تذاوتي.على سبيل المثال السوق التي تعمل على خداع الناس. صحيح ان السوق مأسس الإطارات وتراتبيات القيم لكن ليس الاعتراف هو السائد دائما. وبالتالي نسقين للهيمنة هما المؤطران لمجتمعنا.: الأول للطبقات والثاني للنظام الأساسي. أي المرتبط بإعادة التوزيع والأخر المرتبط بالاعتراف : المتعلق بالاقتصاد السياسي والأخر المتعلق بالتذاوت. لا يمكن ان نرد هذا إلى ذاك: يجب فهم النسقين في إطار تفاعلهما. لهذا ليس لنا الخيار في الصراعات بين الاعتراف او إعادة التوزيع: فالأول يختلف عن الثاني...... في الجانب أخر أي على المستوى الأخلاقي أقدم نموذجا يختلف عن نموذج هونيث لفهم الاعتراف. فالأمر عنده نجده عند تايلور فالمسالة متعلقة بالهوية مما يؤدي بنا إلى سياسة هوياتية. اذ من وجهة نظري من الأفضل التفكير في مسالة الاعتراف باعتبارها مسالة نظام أساسي. بمعنى يقتضي فهم كيف نظام الاعتراف و تراتبية القيم المماسسة في مجتمعاتنا تمنع بعض الناس من المشاركة الكاملة فيه. هناك عنصر أخر اختلف فيه مع هونيث من وجهة نظر اخلاقية ،ان المهم ان تكون العدالة توزيعية او معترفة بنفس الطريقة. أي لا تتعلق بمسالة تحقيق الذات. بالنسبة لهونيث فالأشخاص المحرومين والمهمشين هم أشخاص يعانون بالدرجة الأولى مشاكل مع ذواتهم. فهذه المقاربة المتمركزة حول قضايا التنظيم النفسي الداخلي محدودة جدا. فالعدالة تتاسس على العلاقات الاجتماعية وليس على علاقات تمامية الذات. { ما المشكل الذي تطرحه لك هذه الطريقة في فهم الفوارق والعدالة؟ فالفلسفة التي ترتكز في تصورها على تمامية الذات النفسية هي في حد ذاتها إشكالية. كيف بالفعل تأسيس تصور معياري لما نسميه «حياة طيبة « من شأنها تحققها بالكامل،فتطور الفلسفة الانثربولوجية لنظرية حول الطبيعة الإنسانية وللكينونة البسيكولوجية كما نجد عند ماركس ألان مستحيلة.: ليست لنا إطلاقا نقطة ارخميدس . نحن نعيش في عالم متعدد أخلاقيا حيث تتعايش تصورات مختلفة للحياة الطيبة. واعتقد إن الفلاسفة باعتبارهم كذلك لن يتمكنوا من حل هذه الإشكالية. من الأفضل حسب رأيي فهم كيف التفكير في العدالة بطريقة نترك هذه الإشكالية عل الجانب وترمي إلى تصور مجتمع مفتوح على الصراعات الفكرية بين الناس. { هل رفضك «لتحقيق الذات» راجع إلى خوفك من توظيفه من قبل التيار النيوليبرالي؟ كل شيء ممكن ان يوظف من قبل النيوليبرالية هناك تهديدين للعدالة بالنسبة للحركات التحررية وبالنسبة للمناضلين. من جهة النيوليبرالية ومن جهة أخرى كل اشكال التطرف القومي والديني ..فتحقيق الذات مرتبط اكثر بالتهديد الثاني.فأشكال الأصولية الدينية الإسلامية والمسيحية واليهودية تعرض رؤية قوية وطائفية للحياة الطيبة. عل خلاف النيوليرالية التي تطرح نموذج الحرية الفردية والإبداعية. هنا تكمن قيم تحقيق الذات لكن تروج تحت أشكال الفردية متعارضة مع الرؤية الحرفية وجماعية لاشكال قومية او دينية. على الاقل هناك تهددين ولابد من فهم كيف يتعايشا جنبا الى جنب.بل يتعاونا في ما بينهما. فالتيارات الأصولية بامكانها التعامل اقتصاديا مع النيوليبرالية حتى ولو كانت في اجواء متناقضة. انا على كل حال حريص على تقليد الليبرالية المساواتية. من الظلم فرض على مواطن البقاء في مجمعة دينية او قومية. { لهذا طورت فكرة تكافؤ المشاركة التي تعتب الى حدما قريبة من فكرة امارتيا سين حول القدرة. فما هي اوجه الاختلاف والشبه بينكما؟ نعم هناك علاقات.فبد سنوات من تطويري لفكرة تكافو الفرص فهمت بان نظريتي تنتمي الى عائلة نظريات القدرة. على كل حال هناك اختلاف مهم. بالنسبة للامارتيا سين فالقدرة خاصة بالأفراد لتفعيلها. باعتبارك فردا ماذا عساك أن تفعل؟ اذن حسب رأيي فالمسالة المركزية ليس الفعل بل التفاعل. فالامر يتعلق» قاعدة اجتماعية» ماذا عسانا ان نفعل كأفراد مادمنا متأثرين ومحددين ببنيات التفاعل الاجتماعي. لكن اتقاسم معه فكرة مسالة في العمق هي مسالة الإنصاف . فالفكرة المفتاح في رأيي للعدالة أن المؤسسات والبنيات والمجتمع يجب إقامتها على أساس يمكن لكل إنسان المشاركة فيه بالكامل وان نظام التكافؤ هو موضوع الاعتراف وليس الهوية. هناك ما يخيفني في المساواة السياسية على الطريقة الفرنسية حتى ولو كانت متقدمة. أولا فالتكافؤ ليس مسالة ارقام. لا يمكن ان يختزل الى قانون يفرض النساء في نصف اللوائح الانتخابية. فالحالة هي نوعية ان تكون مساو وان تكون متساو فالأرقام لن تضمن ذلك. اخاف من من جانب اخر للمظهر الفلسفي الوجودي : لا يمكن ان تعرف الكائنات الإنسانية الا بمقولتين تشكلان حاجزا امام كل تعددية. بالإضافة يبدو ان الكثير من الأحزاب تفضل دفع الأموال عل ان تسجل النساء في لوائحها الانتخابية. ومن ثم التساؤل قليلا حول النتائج: قدروا نتائجها حول التمثيل وادماج المجموعات المهشمة مثل مهاجري شمال إفريقيا ، المسلمين؟ لا يمكن فصل مسألة النوع عن باقي الفوارق الأخرى. انا مع ان التمثيل السياسي يعكس المجتمع. القليل من النساء المسلمين وأعراق أخرى تدخل الى البرلمان والحكومة هذا مشكل كبير. لكن ليس من السهل معالجته. الفيلسوفة الانجليزية ان فيليبس تاملت في التمييز بين سياسة الحضور وسياسة الأفكار. ماذا نفضل؟ من يشبهنا ثقافيا وعرقيا ؟ اومن يتقاسم معنا الأفكار السياسية؟ فهي معضلة حقيقية. في السابق كان اليسار يهتم بسياسة الأفكار ، اليوم تزايدت أهمية مسألة الحضور . لكن اقل مع إعادة توزيع والاعتراف.لا يمكن تعويض الأول بالثاني. في الأول اعتقدت المفكرات الفرنسيات النسويات ان النساء لهم طريقة مختلفة في العمل السياسي.باستثناء ما ليس حقيقي. كما تتواجد نسويات في اليمين : عندنا في أمريكا سارة بالان ولا يمكن ان نرفض وصفها بالنسوية. أيضا أمام التيارات النسوية اليمينية هل يجب إعادة التفكير في كل قضايا التمثيل. انقسمت التيارات النسوية الفرنسية حول قضية منع الحجاب في المؤسسات المدرسية. التيار االول يتذرع ببرغماتية القانون لمواجهة الإسلام السياسي الذي يفرض على النساء ممارسات وسلوكيات خاصة حسب التيار الأول فالقانون يعطي إشارة قوية . لكن الخطر هو توظيف السلطة لحجة التيار النسوي الأول لتبرير الاسلاموفوبيا وهذا ما دفع التيار اخر من النسويين الى رفض هذه التلاعب . من ثم لابد الإشارة الى أن ارادة تحرير اقلية مهمشة بقهرها فهذا خداع كبير. لكم بتتبعنا لهذا الامر يمكن طرح الأمور بتعبير تكافؤ الفرص والولوج. هل هي طريقة لتقديم سياسة تحررية بطابع عالمي|؟ حتى لو كانت الرهانات مختلفة لدي انطباع بإمكانية القيام بمماثلة بين سياسة الإجهاض بأمريكا. في الحالتي معا فالمسالة تحتل كل الفضاء كما نعبر عن ذلك بالانجليزية وأصبح من المستحيل التحدث عن شيء أخر. شاركنا في بناء خلط: في امريكا المسالة الأساسية للتيارالنسوي هو الإجهاض اما في فرنسا فأصبحت المسالة الأساسية هي الحجاب. في المقام الأول يجب مناقشة ما هو رمزي. فالحجاب له معانى متعددة في نفس الوقت. فاختزال كل الأمر الى الأبوية هو امر خاطئ. بإمكاننا تطوير تحليل من شانه جعل التعبيرات المتعددة والسياقية للحجاب مرئية. على سبيل المثال فالحجاب رمز للفتيات المسلمات سليلات الأسر المهاجرة لاحتلال مكانة مهمة في المجتمع الفرنسي للعب دور سياسي. ثانيا اذا رادنا حقيقة إقصاء اي رمز النزعة الأبوية في المدارس هنا الكثير من الأشياء وجب اقصائها لذا أفضل عدم إقصاء اي شيء بالكل. مع قانون منع الحجاب بالمؤسسات التربوية فالفتاة المسلمة نمنعها من المدرسة وهذا مشكل كبير. فمسالة الحق في الولوج إلى الخدمات والحق في المساواة والمشاركة هي جوهرية. فالتيار النسوي الفرنسي المساند القانون يختلفون عني. من وجهة نظري يحق للأفراد اختيار الوسائل القمينة بتحقيق حياتهم الطيبة ما لم تعرقل تلك الوسائل حرية الآخرين. يتعلق الأمر برهان العدالة. اذ ن العدالة لا تحدد عن طريق تمثل لما نأمله من حياة طيبة بل عن طريق إمكانية مشاركة الأفراد في التفاعل الاجتماعي وتكافؤ الفرص مع الآخرين. لهذا أن أميل إلى عبارة جامعة للعدالة :باعتبارها تكافؤ المشاركة . وهي ذات طابع عالمي وهي في نفس الوقت تتجه نحو مجموع الأفراد الراشدين ولأنها تفترض قيمتها الأخلاقية المتساوية. البعض من الناس لم يقبل بهذا الطرح: العنصريون وأصحاب النزعة الأبوية يرفضون ان تشارك بعض المجموعات مشاركة كاملة في الحياة السياسية.وفي الاقتصاد ... من الواجب تقديم حجج قوية ضدهم. ألان يجب معرفة كيف نطبق تكافؤ المشاركة. اي نوع من الاسئلة يجب طرحها مع كل حالة حالة لاي اصلاح او مطلب. النوع العرق الجنس الطبقة هي محاور التمييز التي تتقاطع وتتشابك. لابد من اخد بعين الاعتبار هذه التقاطعات لان اي عمل موجه نحو تأسيس التكافؤ او الحد من الاختلاف حسب محور واحد للقهر يمكن ان يؤدي في تطبيقه الى تطوير محور على حساب اخر. فتعريف المشاركة نفسها - يمكن تاويلها حسب السياق- مشاركة في ماذا؟ يجب ان تمتحن. ليس هناك علم عروض نظري من شانه تسهيل قبلي لهذا التعقيد. لابد من الانطلاق من هذه النظرية تكافؤ الفرص لنقاش العدالة ولمعالجة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. { هل ممكن القول بان نظرية تكافؤ المشاركة تلخص ما نسيمه الديمقراطية التشاركية؟ في الحالتين معا من المهم هو دعم إشراك المواطنين لمواجهة أزمة الديمقراطية. فنظريتكم تقترح منهجا اكثر منها افقا ممكن الوصول اليه؟ في سنوات الستينات تم الحديث من جديد عن الديمقراطية التشاركية. فهذا مفهوم مركزي في حركة طلاب من اجل مجتمع ديمقراطي. لا اعرف النقاشات المعاصرة في فرنسا حول هذه القضية لكن مبدئيا ان متفق معها. هذا يعني بان بدون شك موضة قديمة قليلا لان اركز على مساواة الاجتماعية باعتبارها شرط جوهري للديمقراطية الحقيقية وأخاف من ان تكون هذه المظاهر مغيبة في النقاش حول الديمقراطية. بالفعل في الميدان لايمكننا رسم شروط الاجتماعية للديمقراطية: فأشكال الممارسة الديمقراطية التي تتطور في المجتمع لن تسمح لها بالمساهمة في تغيير الشروط الاجتماعية و إعطاء الديمقراطية أفضلية اكثر من شانها تغيير دائرة الفاسدة الى صالحة وفاضلة. لكن الان التركيز الحالي على مفهوم الديمقراطية يلعب دورا الهائيا بخصوص مشكل الفوارق الاجتماعية. { في كتاباتك الجيدية توظفين مفهوما صعب الترجمة ا d?abnormal justice ما هي القيمة المضافة لهذا المصطلح في نظريتك؟ توماس كون وايضا رورتي يفرقان فلسفيا بين الخطاب الطبيعي والخطاب غير الطبيعي. فالخطاب الطبيعي هو الذي يرتكز على قاعدة أساسية اي معيار مشترك. على عكس من ذلك فالخطابات التي ليس لها اطار مشترك حيث متغيرات الخطاب متناقش حولها اذن تلك الخطابات عير طبيعية. انا قمت بتكييف هذا التمييز في الخطاب العمومي حول العدالة. هذا يقدم لنا تشخيصا لزمننا. هكذا نجد بان العدالة الطبيعية هي شذوذ تاريخي.يمكن ان نميز فترات قصيرة في التاريخ الغرب مثل الديمقراطية الاجتماعية لدولة الرفاه بعد الحرب العالمية التي تشكل لحظات يتم أثنائها فرض خطاب طبيعي حول العدالة. فالمشاركين في النقاش العمومي حتى لو كانت خلافاتهم قوية وحماسية يتقاسمون بعض الافتراضات على مايظهر انه مطلب العدالة الذكية . على الأشخاص في مواقعهم إنتاجها وعلى التنظيمات و السلط الإجابة عنها وعلى التقسيمات الاجتماعية التي من خلالها تتأسس الفوارق . هكذا اثناء دولة الرفاه حينما نتكلم عن العدالة فالأمر قبل كل شيء مرتبط باعادة التوزيع.فالاطار الذي تندرج فيه هو الدولة الامة المرتبط بمعاهدة وستفاليا: الرعايا هم مواطنينا. فالنقاش المؤسس ينطلق من خلال مجموعة من المبادئ لمنظمة المتقاسمة يتناسب مع الخطاب الطبيعي. منذ هذا انفجار هذا الوضع ونحن الان في سياق مختلف جدا. اليوم مثلا على سبيل المثال فيما يخص مسالة المهاجرين المسلمين بفرنسا فمن الصعب تحديد الامر اذا ما كان متعلق توزيع للعمل وللادماج الاقتصادي والاجتماعي والاعتراف بالدين والهوية. ليس هناك توافق على ارضية الفوارق الاجتماعية وعلى إطار النقاش: تشابك مجموعة من الصراعات. فهذه الأخيرة حيث نجد المتخاطبين فيها لا يقتسمون نفس المرجعيات القاعدية وهذا مااسميه «بالعدالة اللاطبيعية». فاليوم هناك الكثير من الخطابات حول العدالة لا طبيعية. فاوروبا يمكن اعتبارها حالة مهمة: ما هي وجهة النظر التي من خلال نفكر في هذه المسالة؟ هل وهي وجهة نظر المواطنين الفرنسيين؟ نفس الامر ينطبق على الدعم ألفلاحي: الذي يدعم الفلاحين الفرنسيين بمنع الصادرات لكن ها يضر بالمنتجات الفلاحية للدول الفقيرة: اي منظور يجب اعتماده؟.فالتحول من الخطاب الطبيعي الى الخطاب اللاطبيعي حول قضايا العدالة يفتح الكثير من المشاكل المهمة سواء على الصعيد الفكري والسياسي. { كيف تقومين بتوضيح مسألة التمثيلات؟ منذ سنوات قمت بمراجعة لنظريتي حول العدالة: الانتقال من تصور ثنائي الأبعاد إعادة التوزيع والاعتراف إلى تصور ثلاثي الإبعاد . انا مقتنعة بان السياسات -اي في نفس الوقت المؤسسات الرسمية والطريقة التي بها ننظم النقاشات في الفضاء العمومي - لها طبيعتين: فالرهان الأساسي الان هو التمثيل الرسمي والمؤسسي مثل تساو المشاركة والتحديدات الرمزية للخطاب العمومي التي تذكرنا بالإشكالية البورديوية. اظن بان هذا المعنى المزدوج للسياسة يشكل بعدا ثالثا لارجعة فيه. في السنوات قريبة العهد أصبحت مقتنعة بانني لابد من الاخذ بعين الاعتبار مسالة «التاطير». نحن اكثر حساسية لقول بان الدولة الأمة لا يمكن الانطلاق من نفسها باعتبارها إطارا للتفكير في العدالة. فالكثير من المسائل تخترق حدود الدول ولا يمكن التفكير فيها انطلاقا من الإطار الوطني. احول نظريا كيف يمكن تاطير العدالة. يتعلق الأمر بمسالة ماوراء السياسية يعني تقتضي بفهم المظاهر القضائية لمجموعة سياسية. فهذه السؤال اصبح مستعجل في سياق العولمة. { كيف يمكن التفكير في معايير قانونية ذات طابع كوني؟ وكيف يمكن التفكير في عدالة كونية ناجعة؟ كيف يمكن لنظريتكم في العدالة ان يعاد نشرها في العالم؟ فبعض الأمور لا يمكن معالجتها الا على المستوى الدولي.مثلا المسائل البيئة والاحتباس الحراري ، الظبط النقدي ، وكذلك الحروب جرائم ضد الإنسانية . لابد من سلط عمومية مؤسسة ديمقراطيا بامكانها تحمل مسؤولياتها ومؤسسات قضائية قادرة على معاقبة المجرمين. فالطريقة التي بها عمل هذه المنظمات لا تبعث على الاطمئنان. نحن نواجه عدالة المنتصرين. فالتهم توجه الى دكتاتوريي الدول الصغيرة المتخلفة ولا توجه مثلا الى ديك تشني الأمريكي. فالقدرة عل تنفيذ العقوبات عير موجودة. { هذا يطرح مسالة الفضاءات العمومية الكونية، ما هي واقعيا الوسائل ، الأسلحة لتأسيس هذه الفضاء ات خارج الدولة ?الأمة؟ هذا يشير من جديد إلى مسالة الديمقراطية . في نظرية هابرماس يكمن الدور الفضاء العمومي في مراقبة سلطة الدولة..فالمسالة الأساسية اليوم هي كيف تتم هذه المراقبة ازاء الدولة ؟ هل يتعلق الأمر بسلطة الدولة؟ ام بسلطة الشركات المتعددة الجنسيات التي تفوق سلطتها أحيانا الدولة؟ { هل تفكر في بنيات المؤسسات العالمية أو عبر الوطنية التي انتشرت كثيرا ومعروفة قليلا مثل اتفاق منظمة التجارة العالمية حول الملكية الفكرية او اتفاقا حول التزوير ؟ عند هابرماس فالامر واضح جدا: هناك الدولة ، المواطنون الجرائد الفضاء الوطني، المشاكل الوطنية لغة وطنية الخ.. لكن اليوم تعقدت الأمور كثيرا. من المهم ان تكون الحركات عبر الوطنية سلط مضادة.ولا يمكن لها ان تؤثر الا اذا كانت لها سلط سيادية مماسسة مرغمة الى حد ما على الاهتمام بالمصلحة العامة. في غياب تحول مؤسسي كبير لا يمكن لا للحركات الاجتماعية العبر الوطنية ولا الفضاءات العمومية العبرالوطينة ان تنهض بدورها التحرري للدمقرطة لتبرير نظرية الفضاء العمومي. { ما هي المجالات التي من المكن الاستثمار فيها للعمل على التحرر؟ هذا يدفعني الى الحديث عما اهتم به حاليا والمرتبط بغياب افق مركب للحركات النشيطة. فهذا العمل يندرج في اطار أعمال كارل بولانيي التي تدفعني اكثرالى التفكير مليا في الحاضر.في كتابه « التحول الكبير» نلتقط فكرة مهمة جدا لنا اليوم. حسب بولانيي فخلفية اي مجتمع واي اقتصاد تشتمل على 3 عناصر : الطبيعة العمل والمال باعتباره وسيطا للتبادل وكذلك باعتباره وسيلة للتثمين تسمح بالمحافظة على القيمة في الزمن. حسب نفس المفكر فحينما تجتمع هذه العناصر - التي تعتبر الشروط الأساسية لإنتاج السلع- لتصبح هي نفسها سلعا.فنا ستدمر الرأسمالية شروط إمكانياتها.هذا ياخذ شكل صدى خاص اليوم مادامت هذه العناصر في قلب الأزمة التي نعيشها: الطبيعة العمل المال .فهذه العناصر اصبحت سلعة بطريقة لم يتصورها بولانيي نفسه. وكل عنصر من تلك العناصر اصبح موضوع صراع. لهذا فانا سأوظف شبكة مفاهيمية لبولانيي لتحليل ما ينتج اليوم. لكن اود تطعيم هذه الشبكة بمقاربة نسوية. فحسب بولانيي سلعنة العمل يعتمد على تقسيم من جهة بين العمل المسلع ومن جهة أخرى عمل إعادة إنتاج الاجتماعي. اذ هذا ما نعاينه من سلعنة العمل لإعادة إنتاج الاجتماعي.هكذا نجد بان الخلفية غير مسلعة للعمل المسلع في طريقها إلى التسليع. { الاهتمام من احد مظاهر العمل التي ترجع غالبا الى الفضاء الخاص والتي أصبحت أكثر فأكثر مسلعنة. اذ انه عمل المرتبط بالنساء . كيف يمكن معالجة هذه الوضعية؟ لماذا اطروحة التي طورتها الفيسلوفة باتمان حول كبت العقد الجنسي داخل العقد الاجتماعي لا يقنعكم؟ الأطروحة الرئيسية لهذا الكتاب كالتالي :فالانتقال من النظام القديم المؤسس على المكانة الى نظام حديث مؤسس على نظريات العقد الاجتماعي لم ينهي نهائيا النزعة البطريكيكية. فباتمان توضح كيف ان العقد الاجتماعي تاسس على عقد جنسي الذي انطلاقا من التقاطع بين الفضاء العام والفضاء الخاص أسس على حرية الرجال في الهيمنة على النساء. فالأطروحة قوية لكنها تحتاج الى ضوح اكبر؛ فهذا اللبس لم يرفع؛ فباتمان لم تقل اذا ماكان العقد متخيلا او انه بنية تنظم المجتمع حقيقة. فهي ليست بعيدة في سقوطها في شكل من ا شكال التجوهر السياقي حيث ان الحقيقة الاجتماعية والسياسية لن تفهم إلا في منظور إقصائي ومشوه لنصوص روسو ولوك. بالإضافة الى المعادلة بين العقد والبطريكيكية التي تطرحها تترك جانبا أشكال الهيمنة التي لا تتم مباشرة عن طريق العقد . فالهيمنة الذكورية لا يمكن تلخيصها في جدلية السيد والعبد.: فهي اكثر تعقيدا من هذا. فهي تاخذ اشكالا مختلفة كليا عن جدلية الزوج الزوجة. نقد أشكال التقليدية للهيمنة الذكورة يجب ان تكون مرتبطة بالأشكال المنظمة والمجهولة .لا يجب ان يكون لدينا اختصاصيين في مجال : فهذا يجب ان يتكلف به الرجال والنساء. ونفس الأمر ينطبق على مجموعة مكلفة بإدارة العالم. لا اعتقد بان التسليع هو عدو دائم للتحرر. انا لست ضد تسليع الرعاية بصفة عامة لكن جزء منا يجب ان لا يسلع وان يتقاسمه مجموعة من المؤسسات.الفضاء العمومي المجتمع المدني ومؤسسات دولة الرفاه. في أمريكا مجموعة من الولايات اعتمدت على تقديم نفقة للام فما يجعل هذا الامر جيد هو اذا لم يدعم تقسيم العمل على أساس النوع. او بالأحرى نطلب بأي شيء نعوض الأجرة الأسرية في حين النيوليبرالية تلاءمت مع النقد النسوي. لان الاقتراحات المقدمة لإصلاح النماذج مركزية الرجال تتطلب اشراك اقتصادي من شانه إلحاق الأذى ببعض النساء. هكذا هل ممكن في امريكا إصلاحات همت الطلاق التي أدخلت القبول المتبادل: اذا كانت هذه الإصلاحات حسنت من النظام القانوني للنساء لكن مازالت النساء تعاني بعض الإصلاحات من الناحية الاقتصادية. يجب التفكير بطريقة إدماجية في حملات مساواة الأجور وفي نفي الوقت إعادة توزيع المداخيل بين الرجال والنساء وتحول النماذج التي تعكس تراتبية الجنسية. فقط مقاربة واحدة قادرة على معالجة هذا سوء تقدير الثقافي النسوي في المجال الاقتصادي من شانها ان تقودنا إلى تقسيم واعتراف بكل ما في الكلمتين من معنى. { ما هي نظرتك للحركات النسوية والى حد كبير الحركات الاجتماعية؟ ليس هناك حركات نسوية بأمريكا حاليا. فالعمل النسائي اخذ شكل مجموعة ظغط.: حيث تماسسوا جيد في الفضاءات المهنية والسياسية..بالنظر الى دورها فهي لا تختلف كثيرا ع اي اية مجموعة ظغط فهي ليس حركة. نحن في عصرالمنظمات غيرالحكومية .فهذا هو شكل العمل الجماعي الان. فالكثير من الشباب الناشطين يتوجون اكثر فاكثر نحو الجمعيات التطوعية. فهذه طريقة أخرى للممارسة السياسة تختلف عن الطريقة التي كانت سائدة يوم ناشطة جمعويا. فالتعبئة من ل معارك خاصة فهي من أعراض هذا التحول. فالنشطاء يتخصصون في أعمالهم .فالمجتمع المدني ينتظم بطريقة مختلفة عما كان عليها لكن مع ذلك هناك شيء يعيبها. منذ سنوات حضرت لندوة ببرلين حيث تدخل فيها ايريك هوزباوم. فالموضوع المحوري للندوة هو معرفة هل الستاليينة اكثر خطرا من النازية . حيث الانتقادات توجهت نحو الستالينية الليننينة الحزب الشيوعي الديمقراطية المركزية وفي وقت ما تدخل هوزباوم وقال بان جميع التدخلات صحيحة لكن مسالة بقيت هي التنظيم. فالمسالة حاضرة بقوة اليوم لأنني اظن بان عمل المنظمات غير الحكومية لا يعطي إجابات حقيقية. فانا مهتمة كثيرا بالمنتدى الاجتماعي العالمي الذي يحاول ان يجمع الكثير من الناس بطريقة تختلف عن الطريقة اللينينة وتعبئة منسقة من جل مواضيع سياسية مشتركة. فهي مبادرة مهمة تستند الى الديمقراطية التشاركية لكن اذا رادنا تغيير المجتمع جذريا فأشكال النشاط المدني الذي نعمل فيه لا يكفي حسي رايي. فليس هناك مخرج الا التفكير شموليا لتوضيحها وفي شروط العمل في المؤسسات فوق الوطنية من اجل تغيير علاقاتها. بالنسبة لي فهي ضرورية سواء من وجهة نظر نظرية او نضالية.