احتضنت قاعة الاجتماعات بالمجلس الحضري بسيدي بنور مساء يوم الجمعة الماضي، لقاء تواصليا للجنة الجهوية لحقوق الإنسان البيضاءسطات تناول موضوع«أية قيمة مضافة لحماية حقوق الإنسان بالجهة « ، حضره إلى جانب رئيسة اللجنة الأستاذة سميشة رياحة ، كل من نائب رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي بنور و نائب وكيل الملك لدى ذات المحكمة، بالإضافة إلى باشا مدينة سيدي بنور ورئيس المجلس البلدي و كذا ممثلي الجمعيات المدنية و الحقوقية و بعض الهيئات النقابية و السياسية و ممثلي بعض المنابر الإعلامية . بداية اللقاء عرف تدخل الأستاذة نادية نوعم عضو اللجنة، تقدمت من خلاله بورقة تقديمية، وذلك بهدف التعريف بهذه اللجنة و بدورها كآلية لحماية حقوق الإنسان و للانتصاف والوساطة في مجال حماية انتهاكات حقوق الإنسان، و استحضارا للدور الهام الذي يقوم به الفاعلون المؤسساتيون و أيضا فاعلو المجتمع المدني في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها على مستوى إقليمسيدي بنور، ورغبة من اللجنة في بلورة خطة عمل مشتركة تستهدف حماية حقوق الإنسان والنهوض بثقافتها وأيضا إثراء الفكر و الحوار حول الديمقراطية و حقوق الإنسان متمنية أن يكون اللقاء انطلاقة للتعاون و التنسيق بين الجميع. باشا سيدي بنور في أول تدخل أكد أن حقوق الإنسان هي الركيزة الأساسية التي تستند إليها حياة البشرية و القاعدة الكبرى التي ترتكز عليها المقومات الإنسانية في بناء المجتمع ، لأنه من خلال عملية تتبع لحركة المجتمعات عن طريق الاستقراء و التمحيص و التحصيل، نلاحظ أن لحقوق الإنسان أهمية قصوى في الوقت الراهن، فبدون هذه الحقوق لا يمكن أن تكون هناك تنمية حضارية صحيحة ، فالتفكير مليا بمنهجية واضحة المعالم في بناء ثقافة حقوق الإنسان البناء السليم و النهوض بها و تحصينها لأن البناء يقتضي التحصين من خلال إشراك كل الفعاليات، وتمكين الأجيال المستقبلية بمختلف مشاربها و فئاتها و انتماءاتها و نوازعها، من حقوقها الإنسانية ، نثمن عاليا ، يقول ممثل السلطة، الجهود المبذولة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال تنمية و ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان تماما كما تعرفها المقتضيات القانونية أو المقتضيات الدستورية الواردة بالدستور المغربي المتعلقة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. المجلس الحضري كان حاضرا في اللقاء من خلال تدخل رئيس المجلس البلدي السيد عبد اللطيف بلبوير الذي أوضح انه لا يمكن أن تتحقق أية تنمية محلية كانت أو جهوية أو وطنية، إلا بصيانة الحقوق و إشاعتها كثقافة تجعل الكل سواسيا أمام القانون و تضمن الاستقرار للوطن و تشكل عامل إغراء للاستثمار ، من اجل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان و النهوض بها، و كذلك من أجل انخراط جاد فعلي في هذا الورش الحقوقي الكبير و المميز الذي دشنه جلالة الملك، والذي يهدف إلى استكمال بناء صرح دولة الحق و القانون التي جعلت المغرب في المقدمة ، مقارنة مع الدول الشقيقة ، اللقاء يعد دفعة قوية لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بهذا الإقليم ، وسيكون بذلك بداية للتواصل و التنسيق بين الجميع . وقالت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان البيضاءسطات، في عرضها حول اختصاص المجلس الوطني لحقوق الإنسان و لجانه الجهوية، أن اللجنة كانت سباقة في الاشتغال والاهتمام بهذا المجال واضعة مجموعة من التساؤلات كأرضية للتوضيح ، بحيث من الضروري ، تؤكد الأستاذة ، أن ننطلق من مجموعة من التحديدات أولها من هي هذه اللجنة ؟ ومتى تم إنشاؤها ؟ وماعلاقتها بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان وما علاقتها بالجمعيات الحقوقية الموجودة، سواء كانت تهتم بمجال حقوق الإنسان بصفة عامة أو بما هو تنموي أو بجانب حقوق الفئات المختلفة، تعلق الأمر بنساء أو أطفال أو رجال أو ذوي احتياجات خاصة ؟ ففي لقائنا هذا ، تضيف الرئيسة، قد نجد اختلافا في مجموعة من التوجهات أو في تناول جملة من القضايا، لكن سواء كنا في اللجنة أو الجهات الرسمية ، قد لا نختلف، لأن هدفنا الأساسي هو خدمة الإنسانية وتجسيد ذلك على أرض الواقع وكذا تجسيد مبادئ وقيم حقوق الإنسان الموجودة في ثقافة الكل، ونخص منها بالذكر عدم التمييز و الاعتراف بكرامة الإنسان، وكذلك التعامل مع الإنسان كإنسان، بغض النظر عن انتمائه أو عرقه، محافظين على كرامته و تمتيعه بحقوقه ، وذلك عبر عدة طرق ، فاللجنة الجهوية لحقوق الإنسان قبل تحديد مهامها واختصاصاتها ، لابد وأن نرجع للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ، هذا المجلس المنفتح على كل الطاقات والفعاليات الموجودة وهو يرصد ويراقب ويقدم اقتراحات للدولة لكي تفي بالتزاماتها ، فهو آلية وطنية من بين الآليات التي تراقب بالدرجة الأولى مدى تجسيد حقوق الإنسان على أرض الواقع مع إعطاء اقتراحات في حالة وجود انتهاك لحق من حقوق الإنسان ، وهذه الآليات بصفة عامة ، تقول الرئيسة، دورها الأساسي أنها تتيح مجالا للحوار والنقاش حول القضايا ذات الأولوية، و من بين الأولويات تمكين الإنسان من العيش الكريم وتمتيعه بكل حقوقه ، فالمجلس الوطني لحقوق الوطني ، توضح الرئيسة، كان مجلسا استشاريا منذ سنة 2010 ليتطور إلى مجلس وطني ، كما تم تخويله صلاحيات كثيرة من بينها الانتقال في الدرجات، لعدة أسباب، منها العمل والموضوعية، ما يؤهل القيام بتحقيقات. كما أنه أصبح قوة اقتراحيه على مستوى البرلمان عوض استشارية، وقد تم إنشاء هذا المجلس بموجب مبادئ باريس التي تؤكد على ضرورة وجود لجان وطنية مستقلة غير حكومية، لذلك نشتغل مع المجتمع المدني عند الطلب في إطار دعم ، كما نقوم بالاشتغال مع الجهات الرسمية عن طريق تقديم ملاحظات من خلال التخصصات المتاحة للجنة ، هدفنا الأساسي ليس الانتقاد بقدر ما هو محاولة للتشاور حول سبل تجاوز بعض المشاكل التي قد نصادفها . هذه اللجنة الجهوية هي من بين اللجان13 التي شكلها المجلس الوطني، وهي أكبر لجنة ، تم إحداثها انطلاقا من الظهير المؤسس للمجلس ولجانه الجهوية له ثلاثة مجالات كبرى ، الحماية و النهوض بثقافة حقوق الإنسان ومجال إثراء الفكر والحوار حول قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية ، فحين نقول الحماية ، فالإنسان يجب أن يتمتع بهذه الحقوق وكذا معرفتها والسعي نحو حمايتها، فمن الضروري وجود لجان تساعده على معرفتها وتقديم شكاية إن وجد أي انتهاك في هذا الحق ، فالمجلس الوطني لديه شعبة الحماية في هذا المجال، بل أكثر من ذلك منذ إعطائه هذه الصلاحية قام بزيارة جل السجون الموجودة في هذه المنطقة وكذا مستشفيات الأمراض العقلية و مراكز حماية الطفولة، فهو الوحيد الذي يتمتع بهذه الصلاحيات، حيث أنجز ثلاثة تقارير، الأول حول السجون، والثاني حول مراكز حماية الطفولة ، والثالث خاص بالأمراض العقلية ، فمن ايجابيات هذه التقارير ، تؤكد الأستاذة سميشة، تم تقديم توصيات على مستوى هذه المجالات، فمثلا التقرير الذي تم تقديمه حول الأمراض العقلية جعل الجهات المسؤولة المختصة بهذا المجال توليه أهمية قصوى وتعمل على تحسينه . و بخصوص مجال النهوض بثقافة حقوق الإنسان ، كان هدفنا الاشتغال على الوقاية وتعليم مبادئ حقوق الإنسان و النهوض بها ، أما بالنسبة لمجال إثراء الفكر فقد تم العمل على إقامة أيام دراسية وندوات من شأنها إثراء الفكر حول قضايا حقوق الإنسان ، و بخصوص السؤال الأساسي : أية علاقة بين عمل المجلس و عمل اللجنة ؟ فالعلاقة بينهما هي أن المجلس آلية وطنية ، في حين اللجنة هي آلية جهوية هدفها العمل عن قرب مع المواطنين ، أما في ما يخص المشتغلين على مستوى اللجنة، فيتم اختيارهم تبعا لمعايير دولية كالمصداقية والقدرة والكفاءة على العمل وكذا التنوع على مستوى جل المجالات، وكذا على المستوى الجغرافي، فدور اللجنة على المستوى الجهوي هو نفسه دور المجلس على المستوى الوطني، ومن بين منجزات اللجنة تم وضع خطة عمل استراتيجية بشكل تشاركي عن طريق القيام بلقاءات تواصلية وشراكات مع عدة جهات كالشاوية ورديغة والآن نستعد لتوقيع شراكة مع أكاديمية الجديدة بهدف الانفتاح والتشارك والمشاركة والتعاون ، مسعانا هو الوقوف بجانب المواطن وخدمته هدفنا بالدرجة الأولى. الدكتور عبد السلام لمريني بدوره أبرز أهمية حقوق الإنسان في التنمية المحلية، معتبرا العمل الذي قام به المجلس الوطني هو موضوع تثمين خاص ، ربط التنمية بصيانة الحقوق ، متسائلا كيف يمكن حماية هذه الحقوق ؟ لأننا إذا كنا نبحث عن الفعالية ، ففي ميدان حقوق الإنسان لا نتكلم عن أفكار نظرية و لكن عن إجراءات فعلية لأجل صيانة الحقوق ، لأننا حين نتساءل ما هي الآليات التي يمكن أن تكون بيد الدولة أولا ثم الجمعيات فالمجتمع المدني، بيد السادة القضاة و السادة وكلاء الملك، لكي نشكل هذا البناء الذي يمكنه أن يحمي و أن يعزز حقوق الإنسان و الحريات كما هو منصوص عليها في المواثيق الدولية و الدستور المغربي في الديباجة و باقي النصوص، لماذا ذلك؟ لأننا حين حددنا إطارا استراتيجيا لعمل اللجنة الجهوية، كانت الرؤية هي بناء مجتمع ديمقراطي يجسد قيم حقوق الإنسان في شموليتها و كونيتها و يضمن على قدم المساواة لجميع المواطنين كامل الحريات و الحقوق المتعارف عليها دوليا، نحن الإطار الذي نأتي فيه اليوم هو ربما موضوع تساؤل، فالآليات الإقليمية لحماية حقوق الإنسان و تعزيزها في إطار مبادئ باريس، هي الإضافة التي يمكن أن تشكل حجر الزاوية لا في عمل المجلس الوطني و لا في عمل لجنه الجهوية، مبادئ باريس هي منبثقة عن قرار اللجنة العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 20 ديسمبر 1993 وهي تؤكد على وجوب منح الأولوية لوضع ترتيبات ملائمة على الصعيد الوطني لضمان تنفيذ فعال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، و بالتالي هي تشجع على تبني المبادئ التوجيهية المتعلقة بهيكل و أداء المؤسسات الوطنية و المحلية، ثانيا حماية تعزيز حقوق الإنسان كما وردت في إعلان برنامجنا والتي عرفت انعكاسها الإجرائي في مبادئ باريس التي تدعو جميع الدول المنخرطة إلى دسترة المؤسسات الوطنية التي تعمل في ميدان تعزيز و حماية حقوق الإنسان و هذا هو الالتزام الذي قام به المغرب حين نص على دسترة المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية، مؤسسة الوسيط كمؤسسة وطنية، هيئة المناصفة كمؤسسة وطنية، بحيث أن النقلة التي عرفها المغرب خلال 2011 هي ليست قضية ديباجات وكلاما، هذه إجراءات حمائية، كما نقول بأن وكيل الملك يمكنه أن يتخذ إجراءات حمائية بالضرب على يد الانتهاكات، أو أن القاضي يمكن أن يكون آلية حمائية، لردع الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الإنسان، كذلك حينما نتحدث عن المجلس الوطني، فإننا نبحث عن الجانب الإجرائي الذي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة بالفعل و هذا هو المهم ، يؤكد الأستاذ لمريني.. الأستاذ صلاح الدين مدار تناول في عرضه مقتضيات الفصل 66 من المسطرة الجنائية، و ما يعرفه من إخلال في عملية التطبيق و حرمان المتهم من المساعدة و من المحامي أثناء الاستنطاق ، كما أثار موضوع بطلان محاضر الضابطة و الذي لا يستجيب القضاء لذلك ما يخالف مقتضيات الدستور : الفصل 24 و 37 ، الأستاذ مدار أكد الأضرار التي تلحق المواطنات و المواطنين بسيدي بنور جراء حرمانهم من حقهم في العيش في بيئة نظيفة و التمتع بالسلامة و الصحة الجيدة ، مشيرا إلى ما تلحقه آليات اللاقط الخاص بالهاتف النقال و التي تنصب فوق سطوح المنازل وسط الساكنة، حيث تتعرض بذلك صحة الإنسان إلى الضرر . كما أشار في مداخلته إلى المنع الذي يطال بعض الجمعيات في تسلم وصل الإيداع دون مبرر يذكر، مما يعد ضربا لمبادئ حقوق الإنسان و عملا منافيا لما جاءت به مقتضيات الدستور و الذي جعل جميع المواطنين سواسية في الحقوق .