فاز فيلم «نساء بدون هوية» للمخرج الأسترالية من أصل مغربي محمد العبودي على بالجائزة الكبرى فرانس تلفزون رهانات متوسطية ضمن فعاليات الدورة السابعة عشرة للجائزة الدولية للفيلم الوثائقي والروبورتاج المتوسطي (بريماد) بمارسيليا الفرنسية. وقد حصل فيلم «نساء بدون هوية»، الذي شارك به محمد العبودي، والمقيم بفنلندا، في مسابقات (بريماد) التي اختتمت فعالياتها نهاية الاسبوع الماضي والذي ينظمه سنويا المركز المتوسطي للتواصل السمعي والبصري، إلى جانب فيلم «تنغير جوروزاليم: أصداء الملاح» للمخرج المغربي كمال هشكار، وفليم «الشاي أم الكهرباء» للمخرج البلجيكي جيروم لومار، حصل على جائزة مالية وصلت قيمتها إلى 6 ألاف أورو. وتوجد من بين الدول المشاركة في المسابقة أربعة بلدان عربية هي المغرب، مصر وتونس وفلسطين، وقد بلغ عدد الأشرطة المتسابقة في هذه الدورة رقما قياسيا جديدا وصل 440 فيلما من 36 بلدا. وكان المهرجان فرصة للالتقاء والنقاش بين مهنيي وسائل الإعلام، وذلك بحضور رؤساء الهيئات التلفزيونية من البحر الأبيض المتوسط، بناء على دعوة من تلفزيون فرنسا والمركز المتوسطي. ويقدم شريط «نساء بدون هوية» قصة «هند»، الفتاة التي اغتصبت في الخامسة عشرة من عمرها لتبدأ رحلة ضياع عرفت فيها قسوة الأهل قبل الغريب. وتعمل «هند» راقصة ومومسا لا تحلم سوى بسقف يحميها، ولكنه صعب المنال، وتناضل هند من أجل إستخراج بطاقة هوية تثبت أنها «مواطنة» في ظل بيروقراطية مقيتة وقسوة غير مبرّرة من عائلتها التي تمتنع عن تسليمها شهادة ميلادها. وعن الشريط يقول المخرج محمد العبودي «حين عرضت الفيلم على الفنلنديين رفضوه بشكل قاطع، وبطريقة مباشرة قيل لي لماذا سنمول فيلما مغربيا من أموال متأتية من دافعي الضرائب؟ ما هي مصلحتنا؟»، ويضيف «حتى المنتج الذي كان معي تراجع وقال لي لن أعمل معك، شعر بأنه تلقى إساءة برفض مشروع الفيلم خاصة وأن السيدة التي توجهنا إليها وهي مسؤولة على التمويل تحدثت بنبرة قاسية وجارحة، قلت له لست الأخير، أنا متعود على الرفض»، وفي الخامسة والنصف صباحا من يوم الغد، يحكي المخرج محمد العبودي، «إستيقظ من نومه وبعث لي رسالة إلكترونية قال لي فيها إنه غير رأيه وبأنه سيقف معي وسينتج الفيلم وسيبذل قصارى جهده من أجل أن يرى الفيلم النور». والمخرج محمد العبودي هو واحد من أبناء مدينة وازان حيث قام بتصوير أحداث الشريط «نساء بدون هوية» جده كان من فقهاء المنطقة وعمه كان قاضيا، أما والده فكان معلما. درس العبودي سيميولوجيا المسرح بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، قبل أن يغادر المغرب سنة 1997،، ويقول في هذا الصدد، «حين سافرت كان همي الأساسي أن أعود إلى المجتمع المغربي وأضع إصبعي على جزء من معاناته». بدأ مساره الدارسي في فرنسا دون أن يتم ما اختاره من تخصص، لينتقل إلى فنلندا لمواصلة الدراسة. و«لكني واجهت صعوبة التواصل باللغة الفنلندية، وظلت تلك الحرقة داخلي لمواصلة دراستي وهو ما قمت به في أستراليا وهناك تخصصت في التلفزيون والسينما في إختصاص الإخراج الروائي»، يقول المخرج محمد العبودي. ليعود من جديد المخرج محمد العبودي إلى فرنسا. «كنت أظن أني سأكون قريبا من المغرب، كان كل همي أن أشتغل في وطني، ولكني اكتشفت أن المسافة مازالت بعيدة بين الواقع وما أحلم به»، يشير المخرج محمد العبودي، «آنذاك اقترحت علي زوجتي الفنلندية العودة إلى فنلندا وهو ما كان وحصلت على عمل في التلفزيون ومكثت هناك سبع سنوات». أخرج محمد العبودي ما يوازي 35 فيلما وثائقيا قصيرا للتلفزيون الفنلندي، و يقول المخرج محمد العبودي «اكتشفت بعد ذلك أن العمل روتيني، كان هدفي إنجاز فيلم في المغرب ولكن ذلك لم يكن يهمهم، أنجزت فيلما وثائقيا طويلا عن ملاكم فنلندي اعتنق الإسلام، نجح الفيلم جماهيريا ، فبادرت باقتراح موضوع فيلمي الثاني »نساء بدون هوية». وتجدر الإشارة إلى أن مهرجان المتوسط في صور الذي تحتضنه مدينة مرسيليا، العاصمة الأوروبية للثقافة 2013، صار منذ سنة 1996 موعدا هاما يتيح الفرصة لاكتشاف أفضل الانتاجات السمعية البصرية الدولية التي يقع تصويرها في مناطق حوض المتوسط والتي تخصص للتعريف بحاضر المتوسط وتاريخه وثقافته ورهاناته.