في البداية تم التطرق إلى السياق الدولي المطبوع بالأزمة التي ابتدأت منذ 2008 والتبعية التي مازالت مستمرة لأن النظام الرأسمالي استنفد كل مهامه، حيث تحدث المشاركون في الندوة عن هيمنة الأسواق المالية على الاقتصاد الدولي والتي تحركها الرغبة في الربح السريع والمضاربة. كما تطرقوا إلى وكالات التنقيط المالي التي جعلت القرار السيادي يتآكل حيث انعكس على الاجتماعي وبالتالي النقابي. وهو ما أدى إلى مجموعة من الاحتجاجات في العديد من الدول نظرا للتراجعات الملحوظة اجتماعيا ونظرا أيضا للهشاشة التي عرفتها. وقالوا بأن بعض المنظمات أصبحت تراقب حقوق الانسان ، حيث أن بعض الدول أضحت تساهم في تكريس هيمنة سلطات رب العمل على الحق النقابي. وتحدثوا عن التنافس الجيوسياسي انطلاقا من بعده الاقتصادي، فنسبة النمو تنزل الى تحت الصفر في منطقة اليورو، في مقابل انبعاث اقتصاديات جديدة كالصين والبرازيل و تركيا وجنوب افريقيا، وذلك لريادة العالم اقتصاديا. اذن هناك تنافس جيوسياسي نعيشه الآن مرتبط بالقرارات السياسية العالمية . واشارت التدخلات الى ان احتجاجات الشارع دفعت بالبعض الى المطالبة بتحسين الوضع ورفع «الحكرة «عن طبقة اجتماعية بعينها. في المقابل تحاول أمريكا ادماج الاسلاميين في الحكم للتطبيع معهم ، واليوم نعيش مجموعة من التراجعات من مطالب الثورات، حيث الإسلاميون ليست لديهم إرادة حقيقية لمسايرة تطلعات الشباب. وأكدت المداخلات أنه يقبل استبدال استبداد شمولي باستبداد شمولي من نوع آخر. وأكد المشاركون أنه في المغرب نتوفر على بنية استقبال لاحتجاجات الربيع الديمقراطي كحركة 20 فبراير وهي امتداد لمطالب الحركة الديمقراطية والتقدمية منذ سنوات، وهو ما لقي تجاوبا مع المؤسسة الملكية وتوج بخطاب 9 مارس. كما أن تحمل المركزيات النقابية لمسؤوليتها الوطنية توج هو الآخر باتفاق 26 أبريل وبمكاسبه المهمة. وهناك دستور جديد أسس لمبادئ مهمة لفصل السلط وأعطى حيزا مهما للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في ما يخص الديمقراطية التشاركية والتأطير والاحتجاج والولوج الى مناصب الشغل والصحة ...الخ. وقال المتدخلون إن هذا المخاض نتج عنه ميلاد حكومة ترأسها حزب يحكم لأول مرة، أتت عبر شعارات مهمة ك 7 في المئة نسبة النمو والرفع من أجور الموظفين و محاربة الرشوة والفساد، ...الخ اليوم تم التراجع عن الرفع من الحد الأدنى للأجور وإصلاح أنظمة التقاعد والاقتصار على حفاظ التوازن المالي لهذه الصناديق ، إصلاح العدالة، حيث أن التصريح الحكومي جاء فضفاضا ولا يلبي حاجيات المواطنين. وأبرز المشاركون فشل الحكومة في تدبير الشأن العام رغم ما لها من صلاحيات لم تعط لسابقاتها، فتبين انعدام مبدأ الاستمرارية لدى العمل الحكومي وبناؤها على فرضيات هشة أبرزت فشلها على تخمينات الأسواق الدولية، وحكمتها التوازنات المحاسباتية وليس الماكرو اقتصادية. نظام الراميد الصحي وهو برنامج وضع أسسه الأخ عبد الرحمان اليوسفي في ولايته الحكومية، طبق اليوم بعشوائية حيث لم تسايره تجهيزات بنيوية صحية وطاقة استيعابية لإنجاح هذا البرنامج. خطابات وتصريحات بعض الوزراء جعلت المستثمرين ينتظرون نظرا لغياب قيادة اقتصادية واقعية لهذه الحكومة، وهو ما توج بسحب 15 مليارا بعد ثلاثة أشهر من تفعيل القانون المالي ما انعكس سلبيا ومباشرة على المقاولات المغربية، نظرا لتقليص طلبات العروض في الاستثمار العمومي. والخطير في هذه الحكومة أن وزراءها يعتبرون التراجعات، إصلاحات يقول المشاركون كما نعيش اليوم هجوما على الطبقة الوسطى وهي عنصر حيوي للمجتمع، وذلك بالزيادة على الضريبة على الدخل وذلك بزيادات كارثية ، فيما الطبقات العليا لم تتجرأ على ملامستها وبالتالي الريع الاقتصادي لا يزال. وأكد المشاركون ان المغرب يعيش اليوم هجوما على القدرة الشرائية بالزيادة في الأسعار بشكل جنوني، حيث تم خنق السوق الداخلي فيما الطلب الخارجي منهك وفي تراجع، نتيجة الأزمة بالبلدان المستقبلة لمنتوجاتنا وتقلص مهم للصادرات الوطنية، كما أن الحكومة كرست الأزمة بافتقارها لأدنى مقومات التدبير الاقتصادي وتعيش تقاذف المسؤوليات وانحطاط الخطاب السياسي. هذا الخطاب يجب أن يكون في مستواه العالي وليس بالسب والقذف وهو ما يشوه صورة التدبير بالمغرب الذي يصبح عرضة للانتقاء. ووقف المشاركون بعمق عند الأزمة التي يعيشها المغرب من حيث أن الحكومة ليست لها القدرة على المحافظة على التزاماتها كاتفاق 26 أبريل 2011 ، حيث امتنعت عن تنفيذ المقتضيات التي تقتضي ما هو مؤسساتي ومسطري وليس مطالب مالية.. وأن البعد الاجتماعي هو آخر ما تفكر فيه الحكومة ، حيث أن تقوية الجبهة الداخلية جعل الحكومة تواجهه بخروقات وبعدم مصادقتها على الاتفاقية الدولية رقم 87 وهو ما بشكل إحراجا لها في مؤتمر جنيف مطلع يونيو الجاري. وأشارت المداخلات الى أن هناك ربطا جدليا بين إصلاح المقاصة والتقاعد والضريبة وهي ملفات ثقيلة، وتحظى بالاستعجالية. فالضريبة على الفلاحة التسويقية ستساهم في تحريك المنافسة الشريفة، وبالتالي مساهمتهم في الاقتصاد الوطني..ف 2 في المئة من الشركات فقط هي التي تؤدي حصتها الضريبية، حيث التصريح بالعجز أصبح موضة التصريحات الضريبية لدى مجموعة من الشركات. وهذا تحايل على الميزانيات العامة للبلاد، حيث أصبح التملص رهين عقليات تحاول نهب الدولة: المهن والحرة والموظفين والعمال هم الذين يؤدون الضريبة للدولة في حين أن اختلاف مداخيلهم وتفاوتها يشكل عرقلة لمبدأ تكافؤ الفرص. القطاع غير المهيكل أصبح يشكل ازدواجية مع نظيره المهيكل، حيث يتم تطعيم غير المهيكل للسوق والتهريب ويتملص من واجباته الاجتماعية والضريبية وهو تحايل على الدولة. إذن الحكومة ليست لها القدرة على اتخاذ قرارات جريئة لمحاربة هذا النوع من التملص وهي بذلك تساهم في تنميته وتتحايل على المواطن. وشدد المشاركون على أن نظام التعويضات يستوجب منا هيكلة حقيقية وذلك تحت غطاء تضامني والدستور أسس على هذا المنطلق. والحكومة كرست هشاشة البنية السكانية بعدم إشراك فئات عريضة من المجتمع ودفعها للاستفادة من صناديق اجتماعية للتقاعد، مما سيؤمن لها تقاعدا مريحا. وأضافوا أن بن كيران ليست له الرؤية السياسية على اعتبار أن بعض التوصيات التي مازالت في اطار المناقشة، قام بتبنيها والتصريح بها أمام مجلس المستشارين، وهو ما جعل الجميع ينبذ ذلك ولا علاقة لها بالعمل السياسي . فرئيس الحكومة هو رجل دولة وهو إطار يفرض التحلي بالعقلنة والرزانة. وخلص المشاركون إلى أن المغرب يعيش أزمة دولية لها انعكاساتها، و حكومة بن كيران لم تستطع إخراج البلد من بوتقة الأزمات المتتالية وذلك لانعدام المقاربة التشاركية مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعية وهو ما جعل الحكومة تخلق جوا من انعدام الثقة بالإجهاز على الحقوق الاجتماعية.